فلاسيات !!

[عتيق بن راشد الفلاسي]

المبسم الفيروزي

يا مساء المبسم الفيروزي المحتضن لفائف الورد القاني ، لا يهدأ من ثورة الوهج حتى يملأ ليلتي نداءً هامس الأنفاس، ويعبق في دنيا يومي الجديد بأحلى ما جادت به ليالي الأعراس....أحبه من بين قسماتك الفاتنة كلها ، أتدرين لماذا؟؟؟....لأنه أعجز العوالم كلها أن تسكر اسمي كما سكر به، وأتعب الإناث جميعا أن تصل إلى سر روحي المصون كما وصل ثغرك الغالي إليه مابين انطباقه وانفراجه ساعة ولهٍ جبارة.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

عندك حق

عندك حق... فقد تعبتِ مني بمقدار خلوّكِ مني ، أنتِ تحاولين طي البساط وأنا لا أزيد البساط إلا انبساطا، ولا أنوي للفراش إلا افتراشا، وكلما أنهيتِ خاطرة الشرود قرأتُها لك من الغد رابطة الخلود، وكم بين الشرود ورابطة الخلود من بونٍ يجمع كلَّ بونِ في بون لا شبيه له إلا مفترق طريقي السماء والأرض.

عندك حق في ردك الظالم ..فإن مالا تسده الكلمات لا غنى له عن سد الطعنات، ومالا يقف به رادع التبلد من طرفه المقابل لن يقف به عند حده إلا قصد التسديد، وتسديد القصد.
أنا لا أنكر أن حبك علمني تكثر الحاسدين على حرفي ، فهو حرف حي بذاته لسريان حياتك فيه، وما ذنبي أنا وهم يقرؤونك فيه كغرة الهلال ، ناطق باشق باسق أنه لك وحدك. ولا يختلف اثنان مهما مكروا أن مملكة حرفي لم تتسع فتوحاتها إلا حينما جعلتْك لها النصر الموعود يا سلاف قلبي وقلمي.
اسأليهم سيجيب لسانهم أنك أنتِ حرفه، ونزفه، وقلمه وسيفه.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

عندك حق... فأنا لا أحسن فهم الآخرين أحيانا، وقد أتعثر في أولى خطواتي القلبية نحو حسن الظن...فإذا بها خيبة الظن ليس إلا .

وعندك حق في أن لكل بداية لا توفق نهاية حاسمة أو تمييع قاتل على مراحل..وهنا تثبتين لي شموخك القوي أمام زوابع التغير ، وكم مرة كان تصريحك واضحا جليا وأنت تثبتين فيه خلوّك من دعاياتي الواهمة، وتعولين على فهمي أن يردني إلى ذاتي قليلا فقد شبعتْ مساماتي من الأوهام وأكاذيب الهوى.

تمنيتِ مرة لو قدمت إليك هجرك هدية عيد ميلادك، وسعيت ببشريات رحيلي بين يديك لتستريحي من إصرار الوهم حينا من الدهر يتحول كذلك أبدية الدهر. فكانت آخر ضربة قاسية تعرضت لها منك لم تصب إلا المقاتل مني ..لقد كنت موفقة هذه المرة، مسددة الرمية ، ثاقبة الطعنة ، فرحم الله الأيام لا ذنب لها سوى أنني كنت قدرك يوما!!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

حقا نسيتك

تعالي خذي مني هذه البشرى ..لقد نسيتُك، ونسيَك مني كل شيء ما عدا عقلي الشارد، وقلبي المحب الوله، ومقلتيَّ الساهرتين في مراقبة مجرات ، ومجريات الفلك، نسيتك لكن لم ينسك مني حلم منامي، ويقظة أحلامي، لم ينسك مني لساني وهو يفضحني كل مرة في سبق النداء باسمك إذا حلا له التخاطب عن بعد أو قرب.

نعم نسيك مني كل شيء! لكن ذكرتْك أذناي إذ يتوارد سمعهما لكل صوت قادم في يقين الجازم أن ذاك الصوت صوتك..إي وربي إنه همسك!

نسيك مني كل شيء عدا شعيرات التنفس في رئتي وهي تصعد ، وتهبط بك يا روحي كلما مد الوجد حبله بين الأذين والبطين، معلناً حضورك الحبيب الشافي الكافي.

لعلك فرحت أنني نسيتك، حقا نسيتك ! لكن لم تنسك أناملي ساعة ما تكتبك لعيون الأدباء والبلاغة مدادها، والحب حياة حركتها، وقدر التعلق آخر تعلقها... وحقك يا رجائي لقد أعيتني أناملي ، بل أيأستني أن تخط خطاً، أو كلمة تعلم أنها ليست لك روحها، وانقيادها..

أعلمت كيف نسيتك؟؟؟
هل هدأتْ ثائرة غضبك حينما أدركت نسياني لك؟؟
هلا استراحت دواخلك الآن بعد هذا ؟؟

وسأنساك كثيراً كثيراً...بل سأعتمد النسيان هذا وصلة ما بيننا، وركيزة معرفتنا، والزاوية الحرجة التي سيقبع تحتها نسياني لك يا حبيبتي.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

البحر الملهم

ذكرتك وأنا أمام البحر فتحرك في خلدي الحديث الآتي:
بين البحر والقلب غمرة السر الدفين، ووصلة الحياة الكامنة في العمق المكين،القلب سر المعاني الإنسانية ،والبحر سر الثورة الحسية المتربصة بكل كائن لا يتفق مع قانونه.البحر محل صراع الأشباح الحائمة،والقلب محل صراع النوازع الكامنة..وكلاهما ناطق صامت ،فالبحر ناطق بغضب ،والقلب ناطق بحب ثائر سموه مجازا غضبا.

لقد وقفت هنا فطال بي التأمل حتى رأيت البحر أمامي كقطرة انسلت من فم السقاء فلم تصب مما أصابت شيئا..ورأيت قلبي يمتد عرضا وطولا كالمحيط اللاهادي ،يستعلي بأسراره عن البحر مهما علا هديره.يالله من قلب أدهش بحرا ووسعه صدر ابن آدم الذي يضيق بأتفه الأشياء ،ولو أراد لاتسع لرحابة الفضاء.

مالك شاخصة بناظريك ترى هل رابك البحر أم شدك القلب؟هل رأيت نقطة ماء أخذها طائر بمنقاره من عرض المحيط؟ذاك هو البحر الخضم نقطةضئيلة أمام قلبي يا نبض قلبي !!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

الصمت لغة ما لا يحمله الكلام

الصمت لغة من استغنى عن الحديث فرأى البوح أقدس من أن تلوكه الألسن ،فأرسل العيون تصوغ من الهمس الخافت لغة موجهة..وللعيون مرافيء تسرح عليها لتبدو في الناظر الآخر لغة مفهومة.

ومتى ما استغنى الإنسان عن الحديث وأرسل مالديه عن طريق الصمت استرسل في الحكمة من حيث لا يدري ،(ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) ..
وللصمت في لغة الحب ما يصل بالحال إلى محاكاة أنامل الأثنين وهي تنساب في بعضها لتلغي حدود الرقابة في ذلك ..فيصمت أحدهما ليناجي حبيبه مناجاة الأنامل ساعة الإختلاس ...لكن إلى متى يظل الصمت معراجا لكثير مما لا تحمله لغة الكلام ؟؟

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

قبر الوهم

ما أشنع الوهم حينما يبدأ يقبر شخصية الإنسان شيئا فشيئا ،وما أشد كلمات ذلك الوهم خاصة حينما تبدأ تضيع في هلامياتها حقيقة الإنسان ليجد نفسه بعد حين صفر اليدين من كل شيء.

وليس أدل على اضطراب الإنسان حينما تفرغ ذاته من كل مضمون نافع من التمرد على العقل خاصة، فإذا به كالسكران لا يبحث إلا عن جدار يصدمه ليفيق، أو كأس يزيده اضطرابا...
ألا ما أشنع المغالاة في الشيء حينما لا يعرف أوله من آخره!!!
وقاتل الله الوهم كم يري الإنسان السماء أرضا، والبئر الغائر فضاء وجوا!!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

بين الكاتب والقاريء

لا فرق ولا مشاحة حين ينطلق الحرف من محيط الذات وكينونتها إلى توأمها المنفصل اشتباها لا مصيرا وأصالة . وما من كاتب رضع لبانة فكره ،وعصارة إنسانيته إلا وينصب أمامه ساعة الولادة الحرفية ميزانا إحدى كفتيه تحمل قارئه والأخرى تحمل مالم يسم فاعله من خيالاته ومشاعره الخاصة به ،وكينونة همه الضاربة بأطنابها على عرش الكون ..حتى إذا زفر بالحرف خرج ومعه قطعة من أحشائه هي تلك التي يراها بعض القراء شمسا ويراها البعض ليلا. وهي هي يتحساها البعض ماء فراتا ،والبعض ملحا أجاجا...فهل فقهت بعض الأقلام سر هذا الازدواج!!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

أحسن الحب أم أساء

صباح الخير يامن تعاركني جميع جوارحي في حبها كل جارحة تحبها أكثر من الأخرى، ويا من أحبُّها ظالماً في حبها روحي التي نسيتُ مجرد الالتفات إليها وهي سواد عينيّ، وكمال عقلي، ونهاية إراداتي.

صباح الخير يا من لا أجافيها لأنها قستْ، ولا أنساها لأنها بعُدتْ، ولا أقلاها لأنها قلتْ، بل أستجمع كل ذرات الهوى لأوحّدها في هواها، وأجلب إسفارات النهار لأهتدي بها إلى ضحاها، وأستمري في قسوتها لي مضغ الحجارة لعلها تكسبني جميل رضاها.

صباح الخير يا من ناديت جميع النساء لأجلها نساءً، وانبرى قلمي يناديها مولاتي رفعةً، وثناءً، ولو كُتب لي من عمر جوارها بُلْغةُ توفيق لأعلمتها إفرادها بين طيات آدابي حقيق، وحق ، ولا منٌّا عليها لأنها محبوبتي الوحيدة أحسن الحب أم أساء.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

كالصباح أنتِ

كالصباح أنتِ خفيفة ظلٍ ، حبيبةُ وفادةٍ ، ثريةُ عمقٍ، نسيبةُ عرقٍ، تنثرين في محيط حدقتيَّ لون القرار، والاستقرار ببساطك المورق فتهدأ لديّ ثائرة العيون بعد ليلٍ جرّح الجفن حيث التحديقُ في مغبات السهر...وكذلك الصبحُ وهو الوجه الوحيد المتفضل على الدنيا بمباركة جنانها وهي في عيدها الصباحي الأخضر ، بعد ليلٍ الأنفاس الكئيبة تنشط من عقالها الليلي لتغني مع الصبح أنشودة الخلود الأخضر على لحن الطير الغادي في طلب الرزق ولا وجهة له غير مستودع الصباح الأمين .

وكالصبح أنتِ لحبيبات الذهب الشمسية المطلعية ناثرا، وكأن يده وشذرات الشمس تلمع في راحتها نثار عروسٍ تسابقت الأيدي إلى حضرة كوكبتها إذ تحار العين بين نثار الذهب ، وذهب النثار المتوهج حمرة في خديها ساعة إشفاق الشوق عليها ألا يزيد على الخدود فتحترق، ولا يُنقص الوجه الصبوح فيختنق.

كالصبح أنتِ يا ملاكي ، وأنا بلبلك الغرّيد صبحاً، لا يروق له غصن يشدو عليه مالم يكن مطلا على نافذة أنتِ خلف ستارها قمر الليل ، وسراج النهار.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

يا سارحات الأصيل

يا سارحات الأصيل بين مفالج الغدران ، والنسمة ترنيمة ماجت باسمها الغالي على مشارف سمعي ..هل عندكن نبأ عن الشوق وهو يصنع حياة الواله من جديد كأنها النفخة الأولى في حسبان الزمان؟؟

آآآآه لو رُقى المحب بتعاويذ الوجد ماأصابت منه إلا نسيان العالم في سبيل تذكرها ، والخلود إلى نعيمها.

يا سارحات الأصيل والدنيا ارتسمت على شفير الجداول بعض ابتسامة افترًّ بها مبسم إحداكن فجلا عن وجه الدنيا كآبة الفراق، ودكانة الوداع .....هل أدركتنَّ يوما صورة اللحم والدم ومن خلفها روح لا استقرار لها، وقلب لا مخدع له إلا ظل اثر محبوبه ؟؟؟..ألا بل هل وقفتنّ ساعة على زفرات الشوق وهي تمتحن الحشا فيبردها بالذكرى أليمها ، وهنيئها، وحينما يكل الشوق من الفوران تعمل الآهات المتلاحقة عملها كنتيجة لاحتراق جوفي لا يعرف أمامه احتمالا من عدمه..

كأنكنَّ يا سارحات الأصيل وأنا أوقف خيلي على مشارف الورد بعض من إحساسي، وقرب من ناري، ويد حانية تدرك طيران قلبي فتفهمه على أقل تقدير.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

انظري ماذا فعلتِ بهنَّ!

انظري ماذا فعلتِ بهنَّ يا مولاتي وأنتِ تختالين بينهن في قصائدي ورياض نثري !! لقد قتلتهنَّ الغيرة حنقاً وغيظاً ، حتى صارت الواحدة منهن تستبسل بسالة المنهزم في الميدان بسلاح تصطنعه اصطناعاً، وتتقلده تمثيلا بالشجاعة. إنهن لا يفتْرن عن قراءتكِ في همسي فيتطايرن غيرةً منكِ تنفثُ مابهن من غليان..حتى إن الواحدة لتترنح مضطربة اضطراب الفكرة في راس الثمل لا تأوي إلى قرار، ولا تستند إلى استقرار.

وإذا ما قرأنَك في فيض أدبي وأنتِ تبزين بها الطير في شدوه حاولن التماسك من الغيرة فلم يجدن إلا الإيواء إلى ركن السكون حتى تهدأ النار ..وأنتِ يا أميرتهن لا تصطفين القصائد بل هن من يصطفينك، كلما حلّقتُ بك في قصيدة ناداها الفضاء والتمس منها عدم العودة إلى الأرض لأن سكناك قصائدي نوع علويٍّ تعجز الأنوثة أن تباريه حتى تطلب منه منة التعطف والرضا.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

أحبك أنتِ يا

أحبك أنتِ يا من أقلقتك نبرة الحزن في مقطوعاتي على غير عادتها! فلقد اعتادت المثول بين يديك في كامل كمالها، وكامل جمالها..تراقص النجم من فوقك وكأن النجم يسّاقط في هالتك يستجديك نظرةً، ويستسعفك بسمة ليلية من نوع عقيقي الأُطر.

أحبك اليوم بقدر حرصك..بقدر قلقك وشوقك..بقدر استرسالك معي بلغة لا إرادية منك لأنها غلبتك على أمرها فكادت تلغي المكان، والزمان لتقولي لي حينها.."أقبلْ فقد اشتقت إليك شوق قلق.."

أتدرين ماسر نبرة الحزن في روائي ليلة البارحة؟؟ إنني قست ما بيننا من مسافات فرأيت أقربها منك أبعدها مني، مللت حينها تصبيرة حروفي وأنا لا أخطها إلا وأعيشك حال الصياغة لا ينقص منك شيء، ولا تبخل علي رؤى المستحيل أحيانا أن تستثني لي ثغرة من خلال سدودها المنيعة أراك من خلالها بقدر جبروت حبك المبني منه عظمي ولحمي.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

ما أطيبك!!

ما أطيبك ، وما أرحب سعة خلقك ، وما أشفَّ هذه الروح التي تتمتعين بها.. كأنها لكثرة مايظللها من احتياطات الإنسانية الفطرية أجنحة اليمام لا تهوي حتى يقلّها التحليق ثانية ، فإن نزلتْ توخاها التوازن المتمكن حتى تنزل في سمو التحليق، وترتفع في خفة النزول ..
..هذا ما يسمّرني أمام باذخ خلقك أصفه سجية سجية ، وأعتمده في مادة أدبي مكوّناً أساسياً يمدني دوماً بكل جميل، ورفيع .

لا تتعجبي من حالي وأنا لا أضع نصب عيني إلا رسالة قلمي ، وترجمة دواخلي ، وشرح مكنوناتي ..وتأكدي أن كل فكرة تستدعي اهتمامي في حياتي أزنها قبل الأخذ بها ، فإن وجدتها صغيرة خفيفة استثقلت أن أمد إليها طرفي ناظرا ، لأنها دون مقاسي ، وأصغر من شأو تطلعي وغاية مرادي. ولست ممن توقف عجلة سيره تصرفات جانبية قد لا يريد منها صاحبها إلا خيرا ، لذا فإن من الخير الذي أعتمده قانونا لحياتي إحسان الظن بكل من جافاني، أو عاداني، أو شغل باله بي ، وما نمت ليلة إلا وقلت: اللهم سامح من ظلمني، واعف عمن أساء إليّ، واشغلني بعيوب نفسي قبل شغلي بعيوب الآخرين ..فإن لكل إنسان عندي عذره الذي من خلاله لا أصافحه في غيبته إلا بيد من تسامح وغفران.. وما يشغلني أكثر شيء واحد لا ثاني له ، هو خوفي من غشمي، وظلمي، وإساءتي لمخلوق يبطن في نفسه عتابا لا أعلم عنه شيئا ..

فليسامحني كل من أسأت إليه ، أو تجشمت في إيذائه كلمة لا أذكرها ، فإني - والله- لا أعول إلا على صدر أعيش به سليما، خاليا ، يتسع لاحتواء الكون كله ..
وكل إنسان له عتاب عليّ، أو شرهة، أو مؤاخذة لم أفطن لها يوما من الأيام ..فإنني أستسمحه بكل أسف الدنيا واعتذاراتها، وأرجو من يديه الكريمتين بذل العفو ، والغفران لي .(.وما أبريء نفسي ، إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي..)..
ومن لم يسامح فسيظل دينه في رقبتي أرجو الله تعالى أن يغفر لنا وله.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

اعذريني!!

اعذريني لقد أطلتُ الوقوف اليوم شادياً بحبك كالملهم القاطن بين غيض البحر وفيضه، فإن غاض انفتحتْ عليه سحب حضورك ، وإن فاض استقبلته مني أسارير غرامك فعشت الغيض والفيض لا أعرف وأنا معك إلا المحيطات سقيا أشعاري، وغيث أنثاري..

ولو أني وقفت من موقفي هذا مستلهما من ضي حضورك إسعاف قريحتي لذهب الزمان وما جفت عروق إمدادك لقلمي وهي تغذوك براهين الغرام على تسلطن الذات منك يا عرشها العملاق..وها أنا أخلي الساحة من كل شاعر، أو ناثر فكر يوما أن يحلي محبوبته ولو بلون اللمعان من حلية هذا المنجم المغدق بك ومعك أحلى ما تفوه به حرف عاشق.
أنا هنا في مركز طردي بين حضورك وفلسفة نبضي الماطر، ألقاك فلا تقنعني فيك كلمات الأرض ، وأفتقدك فلا تكفيني في رسم معالم شوقي بحور الشعر، وجوانب النثر، فما أنت بقلة يكفيها القليل، ولا زاوية أنثوية يسكت الشوق إليها كفاية النزر اليسير، أنتِ مملكة حبي تصبحين في ثوب وتمسين في آخر، وبينهما حياتي وموتي.

اعذريني وما أراك إلا مللت الوقوف اليوم على شاطيء نزفي فاشتغلت بغيري شغلا حملني على طيّ ما لدي لأرحل حاملا حرفا لك، وقلبا هو لك لا محالة، علّ ذكريات المكان تعانق ذكريات الوجدان فتصبح حروفي ساعة رحيلي رموزا ناطقة لا يعي لغتها غيرك.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

خصومة قاضية بقتلي

منذ أيام وأنا مع قلبي الشارد أعيش خصومة قاضية بقتلي، ومع القتل حياة لو أدرك القلب الشارد في متاهات السراب كم للعقل من مزية في مثل هذه الحالات!!..وليته يدرك ليتحرر من رق سراب لا يعرف الصدق، ووهم لا يعرف باب الحقيقة...

يا قلبي الموسوم بحبها ..من تكون تلك الساحرة النافثة بين بطينك وأذينك سكرة العشق الأبدية فتجافيت عن مساس ذاتي لتعيش فكرة سرابية وهمية ، وحدك مَن يفكر..وحدك من يحب ويهيم..وحدك من يبني من بريق السراب بحارا من نسج عنكبوتي التماسك...

الآن أدركت أن حبا عظيما ينشأ من الوهم ، ويترعرع فوق سماوات من خيال كأحلى ما فكر عاشق، وأجمل ما تحلى به هائم..لكن يظل وهما لأنه وبين غمضة عين وانتباهتها يفتح كفيه ليقرأ في راحتيهما وجوده المتفرع اثنين وهْما وزورا وضلالا..

كانت أقرب لحركة رمشي من فكرة التحديق ليقل النظر جفنيه ناظرا ، وأقرب لخصائص حواسي من وظيفة الحس ذاتها إلى حال أجدها فيه تسابق أنفاسي لحظة خلود إلى الزفير، واستسلام لهيمنة الشهيق الجبري..أنت من خلقتها كذلك يا قلبي ، وعشتها بهذا الكيان تكيفه تتحدى به التكوين الأول لها..ولا تعلم أنك منها فكرة من آلاف الفِكَر العابرة صفاء سمائها كل يوم، وما أنت لها إلا كلمة قرأتْها لا مدلول لها في مخزونها المعرفي لأن الأمر لا يهمها لتهرع إلى مدلوله المعرفي.

وأنت يا قلبي الشارد ما أنت لها إلا كواقع المجهول يزهد عقلها في الانتباه إليه زهادة الروح في جدب لا ينبت ولا يروي.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

أقدار قتل العشاق

تتعدد أقدار قتل العشاق ، وليس على قلب العاشق من قدر يقضي على مادة حياته المتشعبة كتلك الأحادية التي يقتات منها وهم الحب مخلوقا في رحمه دون أن تكون له خطوة يخطوها على أرض الواقع..عجبا والله لكأن العشق نسيج أحادي القدر لا ينتقل إلى ذات المحبوبة حتى تفسد مادة بقائه أو تتحول خلا حامضا فاسد المذاق..مساكين هم من يعيشون أكذوبة الحب بيد أنك تقرؤه في عيونهم أرقى مراقي الصدق ، وتجسه في ملمسهم أغلى أردية الإخلاص..لكنه صدق أحادي وإخلاص أحادي.

وأنت أيها الوهْم المسمى "حبيبتي" اعذريني على نسبتي لك الموهومة وأنت بريئة منها. وذلك الذنب الذي لن تغفريه لي مهما صدقت توبتي لأنه ذنب خلقك في كينونتي الواهمة خلقا آخر ، خلقا شكّلتْه كيفما أهوى وأريد وأحب ، حتى إذا ما اصطدمت بالحقيقة رأيتك لا يربطك بي سوى أنني في مكاني، وأنت هناك تنكر قدماك كل الإنكار سلوك السبيل إليّ.

 

[ألمـــاس]

( الآن أدركت أن حبا عظيما ينشأ من الوهم ، ويترعرع فوق سماوات من خيال كأحلى ما فكر عاشق، وأجمل ما تحلى به هائم..لكن يظل وهما لأنه وبين غمضة عين وانتباهتها يفتح كفيه ليقرأ في راحتيهما وجوده المتفرع اثنين وهْما وزورا وضلالا..)

ترى هل الحب حقاً وهم .. ونحن فقط نكتب عن وهم أوجدناه في حنايانا لنشعر بلذة الحياة مع لا شيء سوى سراب نلهث خلفه ظامئين لرشفة حياة تحييى يباس أرواحنا وتعيد صلتنا بواقع جعل من الحب أكذوبة صدقها حدس الصدق فينا وكذبها نبض قلب بطيء الخفقان .

وما الحب في أرواح خرجت عن نطاق هذا الواقع الأليم إلا ضرباً من جنون مطلق .. ما الحب في زمن ضيع معادلات التوأمة بين قلبين إلا نتيجة مغلوطة .. ما الحب في سطور نزف حرفها أسى وألماً إلا أنين صامت على جثمان قلب .. ما الحب في عصر اللا حب ؟؟؟​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

امرأة تجيد فن التماسك

أنت أعظم امرأة تجيد فن التماسك الطبيعي أمام زوابع أعاصيري مهما عتتْ، واستشاطت عقما في هبوبها الزاحفة الجارفة. ولا أدل على ذلك من هذه اللغة القوية من الصمت التي ترسلينها لي لتقولي فيها: إن سدي المنيع أعتى من عتاة حروفك، وجيوش عشقك المعسكرة فوق متنه العظيم..وأنا أقر لك بذلك فإن غيابي عنك علمني كثيرا، بل وأقرأني كثيرا دلالات الغرام الواهم ولا ذنب لك لأنك لا تذكرينني إلا إذا ذكّرتِ، ولا تفتقدينني إلا برؤية حضوري لو لاح لوني الباهت في ناظرك صدفة وما أكثرني في حياتك صدفاً لا غير. وما أقلني في شبكية بصيرتك حضورا ، وما أولاني إزاءك التزام رجوعي إلى خطوطي الأولى لألمح فيها حقيقة وضعي قبل تنقلي في سراديب وهمك فترة من الزمان..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

أنفاس رمضانية

مساء بأنفاس رمضانية، وصيام يغسل الأحشاء من درن العوالق ، جميع ذلك يجمعنا يا حبيبتي أنا وأنت خارج صخب الوجود العابث، وبعيدا عن صغائر بشرية عاشت وماتت صغيرة صغيرة في تصوراتها الصغيرة..وأنت من أنت سوى ذلك العالم الرمضاني الطاهر كلما لاح اسمك في ناظري أبَيت إلا الاستقرار حيث اسمك، فإن مستقر اسمك هو مستقر ذاتك في وجودي الكائن في سويداء وجودك.
أنت من أهديتني ذاتك قبل رؤيتها، فرأيتها تسد ما بين خافقيّ لتملأني لك حبا فوق كل لون، وفوق كل طعم، وفوق كل رائحة..ولتملأني عليك عتابا، وغيظا من نوع "رحماك لا أصبر"، ولتملأني منك بك فلا يكاد يخلو عضو من جسدي إلا ولك فيه معلم قائم بك، فأي حب يولع به صاحبه لمن يهوى كما هي فلسفة الولع بذاتي تزدادين عني بعدا وتزيدني إليك ذوبانا.