فلاسيات !!

[عتيق بن راشد الفلاسي]

دعيه في غفوته

هي أجمل الساعات! تلك التي أكتب فيها وأنت معي، تتابعين مواطن القطر من فيضي كلما تنفس الحرف مني التقطته محاضن عينيك برعاية النظر، والتقطته رعاية أناملك بأن تبوئه مكانة القمر بين النجموم، إلى مكان صارت فيه عطايا حرفي كريمة لكرم كفيك الراعيتين..بالله عليك ألا تغار الحشود من تدلل حرفي بين كفيك؟ من رقصه وحبيبته تميزه وتبرزه، وتعلن الوصاية الملكية عليه كأنما تقول هو لا غير!...دعيه في غفوته حيث أحضان راحتيك تهدهده بعد عناء، وتحضنه بعد يأس.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

كلما انتصف الليل

كلما انتصف الليل تحركت بي أمواج عشقي إليك، وكأننا على موعد مع العناق يختال فوق جمر من شوق القلوب المتلاحمة.

هل جربت مناجاة الليل عبر زفير الأنفاس المتلاحمة؟؟ هو سر يا حياتي لا تكشفه سوى وسادة عاشقين لا ينام أحدهما إلا على همس الآخر، ولا يعرف أحدهما معنى الليل إلا في صدر أمان الآخر.
هو الليل يا حبيبتي هو الليل..يتقاسم في ساعاته تزاوج اسمينا ، فيجعل منهما شيئا واحدا يحاكي بذلك عناقنا الصائر في حقيقته شيئا واحدا، لا هو بالإنس ولا هو بالجن..إنه خلقة تحيا بالحب وتموت به.
تعالي ولا تباعدي بيننا ووسادة الليل تتلاشى تحت رأسينا لأننا تعاهدنا على محو الفواصل من هامة الرأس إلى أخمص القدمين..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

أناديك بلغات الروح كلها

أإلى هذا الحد تشغلك التفاتاتك عني ؟ وأنا في مكاني أناديك بلغات الروح كلها، وأطوي أيامي أستعطف البريد يأتيني منك برسالة تغير من كبرياء رسائلك ، وتنزل منها لتصغي إلى صوت شكايتي بين حين وآخر..لكن الرسالة منك يلفها التمنع بعيدا عن تمثالي المنصوب في سويداء قلبك ، ومخيلتك يصحو على خواطري وأشعاري المبوبة بيديك يا منى عمري..

أتصدقين أنني أرد نفسي عن بابك كل لحظة، وأغالب طمعا يحملني لإيقاظك لندائي ، وأبيت بين خطوة ذاهبة وأخرى راجعة ، واستفهامات تطن في أذني وحقك لا أجد لها مستقرا ولا سكونا.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

مساء يغريني بمناجاتك

مساء يغريني بمناجاتك ، مساء مسفر الطلعة بهي الوضاءة يغشاك عدد ما تغرد حروفي فوق قناديل مملكتك..

وصباح أقبلت طيوره اليوم حاملة فوق أجنحتها رسالتك الغالية ..وكم تغريني رسائلك أن ألتمس منك القرب أكثر، أن أقرأ في كلماتها ماأخفى البعد المقيت عنك فوق ما أظهر..يا واحدة توزّع حبها في مفاصلي متعدد الطعوم لكل مفصل طعمه المعسول منك. وتوزع بالتالي الأمل فوق تصحر يأسي أن أراها يوما فأسمعها فأتملاها فأحياها حقيقة ينعدم ظلها ساعة التصاق مزجي كمزج جزيئات الماء لو انفصلت فلا ماء.. وأنت الماء الجاري في بساتين أشعاري يرويها حتى إذا ما اخضرّتْ وأينعتْ حلقتِ في أجوائها المخملية تعصف بك ريح الشباب في طي جنونها العاتي المارق من ربقة التأني والهدوء. وأنا لا أحبك إلا عاصفة، ولا أعرفك إلا طوفان جنون تتحطم العقول على أعتابه شأن الحب في بواكيره يتمرد على الحياة إعصارا، ليتجلى بين العاشقَين ساعة اللقاء سدا انفجرت حصاة مائه فأغرق كل ما في مقره وممره.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

سفر الخيال عبر رسالتك

و مع رسالتك سافرتُ بعيدا بعيدا تاركا خلفي دنيا خالية مني ومنك، وفوق السحاب هناك التقينا يدي بيدك، وبيننا ابتسامة متبادلة أهي فرحة المفاجأة؟ لست أدري!..فلعلها سخرية من حال تأخر في جمعنا، أم تلك ابتسامة النصر على كل ظرف، على مسافة حالت بيننا يوما! أم ماذا ؟ لست أدري! وعادت الابتسامة من جديد تحيل وجهك بين السحب قطعة من القمر أشرفت من علو على الأرض فأغضبت الظلام، واصطلحت مع وجه الأرض الكئيب ليولد من جديد بنور وجهك..بضحكة ثغرك..بعاصف شَعرك..بأمواج العقيق في شفتيك الغارقة فيها شفتاي ولا مخلص ولا منقذ. وكيف أطلب الخلاص ممن أغرقتني فيها لتحييني، وتيمتني في ذائل ثوبها وهو يتغشاني ليخفي بصري أن يمتد لغيره، وما أجده من كؤوس الصبر في بعدها يواسيني الرجاء هاتفا في خلدي: ستراها وستحقق غرقك في بحار قربها حتى تستهوي الغرق في قاع بحر لا إنس يجرؤ على غوصه، ولا جنٌّ يحتال ليصل إلى عمقه.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

سنكبر يوماً يا حبيبتي

سنكبر يوماً يا حبيبتي ، وسنترك في صفحة الأيام هذه آمالاً وآمالاً بعُد عليها إسعاد هذا العمر يوماً يتنفس كل منا فيه رائحة محبوبه إذا ضنت الدنيا بأنسامها النقية.

وسيمضي العمر، وحديثنا مكروب الحال، متعثر الخطى ، مقطوع الرجاء لولا برد اليقين، وحلاوة الإيمان بالقدر.
أترانا سنستذكر يومها عبث الصغار ونحن كبار كبار؟ أم ترى سننعم جبين الكبر يومها بتلك الفطرة البيضاء النقية التي نعيشها اليوم..كأني بك حينها تضحكين على خيبة الماضي المحصور في ورقة ولعاب قلم.. وقد تضحكين بشهية وبغير شهية على هذا العمر المستنفذ بين أصناف الجنون.

أنا الآن في خلوتي ، و بين أوراقي ، وأبحاثي ، وحولي من الضجيج ما يعينني على تصنيع الهدوء ضرورة ملحة..وأنتِ أمامي تقطعين علي خلوتي العلمية بخلوة أدبية تردينني إليها ، لأكون معك..فإن الأدب جريمتنا المنهكة بأيدينا، لا تلبث تئن لأنيننا ، وتضحك لشاردات ابتساماتنا..أحبك رغم أنفك، وأنفي.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لا تقولي هذه الساعة شيئاً، بل أنصتي لقلم عشقي وهو يضعك مع الثريا جنبا لجنب، فأنت أختها لولا عظمة إرسالك مع تتلمذ وميضها على أستاذ نورك يا نور قلبي، وظله.
وضعي القلم من يديك ، ولا تخطي شيئا حتى تسعري قلمي بشوق الليل فيسيل بك ذهباً، واقلام الأدباء تجري بمدادها.

لا تكتبي شيئا فإنني أحس بك وأنت تكتبين، وكأن قلمك ينقش على جدران روحي قبل أن ينقش على صفحة العشق المقروءة..وأحس به يا حياتي وهو يميد كما يميد الشجر من سكره بالهواء، ويميد قلمي من سكره بالهوى..وآه من سكر االهوى ، ليته كسكر الهواء ممدوداً، إذن لكان متكئاً على همزة النهاية بدلاً من إطلاقه مع هذه الألف المقصور بها، ومعها..أحبك يا نبع لغتي.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

اعتدت في كتابتي لكِ أن أمخر عباب اللغة ، وأحلق في أجواء البيان ملتمساً ما يليق بسمو عرشك العالي الغالي، حتى إذا ما زاحمتني عليك المفردات الجميلة قرعت بينها لأنتقي لسموك ما يخضع رقاب الأدب بين يدي سموك فتمدين يدك لتأخذي ما تشتهين، وتتركي مالا يملأ منك الحدقتين..ومع ذلك عنها وبغيرها تنشغلين!!!!!

ويحدث أحياناً أن أقرأ ما يكتبه البعض من الكتّاب فأقتبس منه فكرة جميلة أرصع بها تاجك الزمردي لأني أعجبت بتلك الفكرة، حتى إن بعض الكاتبات لتظن أنني بنقلي الفكرة أقصدها ، وأعنيها !! وهيهات هيهات أن يكون ذلك .

مالي كلما مررت على صورة جميلة استوحيتها لسموك، فأدخلتها معامل حرفي لتخرج بأنفاسي لك وحدك يا أميرة البيان، وجليلة القدر والمكان..فتلك صورة وردة جميلة أقتبس من جمالها لك ما به أدخل إلى ضحكة الورد في خديك، وتلك صورة يد منقوشة بالحناء سرعان ما يأخذني النقش إلى حرير كفيك فأكتب عن النقش في كفيك مقتبسا من الصورة...فبأي طريقة سأكتبك وأنا أراك في كل وجه جميل، وصفحة حلوة نضرة..ومع ذلك عنها وبغيرها تنشغلين !!!..اشتغلي بما شئت فلا ضيع الله لك شغلا!!.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

صرت أخلد إلى ذاتي أحيانا لا من باب الترصد لاصطياد فكرة أنسج وفقها عملا أرتضيه أدبا ، إنما أمنح النفس ساعة تأمل في حال الإنسان حينما يغيب من بين أوراق مفكرته نسق ترتيب الأولويات ، فإذا به يهدر وقته الغالي الثمين في صياغة هوامش يظنها لب الموضوع، وزاوية التركيز، ومرد الأمر ..لدرجة أنني أبكي أحيانا لهذا الحال الذي لا يقيم اعوجاجا، ولا يعدل مائلا، فضلا عن إنشاء مستقلٍ.

والضحية في ذلك وقت زائل، وجهد مهدر، وفكر لا يدور بصاحبه ولا يدور به صاحبه إلا حول محاولة رفع طن من قطن ظنه طنا من حديد "حتى إذا جاءه لم يجده شيئا".

ذاك هو أنا ؛ واقع جاثم على صدر لا يحتمله ولو كان بوزن الريشة ، فإن كان الأمر كذلك فدعي الحال على ما هو عليه حتى تتبعثر ذرات بقائي ، وتتناثر بعيدا بعيدا. .فما ضرك مني شيء كمحض وجودي، وقدَر تشكيلتي الغارقة فيك حد الخلقة من كيانها.

وما للضرر مقياس فكل على حسب تحمله، وأنا أعلم أن تحملك هنا لا يشترط جِرما، ولا جُرما، فأنت بياض لا يقبل تغييرا مرئيا أو غير مرئي، محسوس، أو فاقد .

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لا..بل دعي الأرواح تتناجى على أشرعة الحروف فتزبد حيث هيجان الآراء ،وتهدأ كلما اقتربت من مراسينا الهادئة الوادعة...وأنا وأنت -يا حبيبتي -في خضم هذا البحر المتلاطم مجدافنا واحد لأن رياح التحريك واحدة ،نبحر حتى إذا اكتظ البحر بتعددية المبحرين اتخذنا جانبا قصيا من مناجاة الروح للروح ،ومضينا نقلع من رضى ،ونسير في رضى ،ينسج النسيم من بسمتينا معاقيد اللقاء الأول ،ومن ضحكتينا مواويل اللقاء الأول .ومتى انقضى أول لقاء بيننا -يا مناي-إنه مازال في ألفيته لم يقض نوم الباء بعد.

وانطلقنا ..مالنا واختلاف الآخرين أو اتفاقهم إذا كنت لك أول حبيب ،وكنت لي أول ملاك ،بل إذا كنت لي رحم الحياة وكنت لك الحياة ذاتها .مالنا -يا حبي-وجدال الخلاف إذا كان خلافنا لايعدو خلاف دخول الكون الجميل من باب دون آخر واللقاء أخيرا فناء الكون إلا منا .أحبك اليوم أكثر.

 

[ألمـــاس]

قد نقرأ لكتّاب يهتمون بتنسيق كتاباتهم بكلمات قوية متناسين روح النص الأدبي وإحساسه وقد نضيع نحن كقراء في الفكرة العامة للنص والمغزى منه وغرض الكاتب .. لكنني وبمنتهى الصراحة حينما أقرأ حرفك .. أشعر بروح الكلمة وعاطفة الصياغة والسرد تطغى على النص بشكل سلس تجعلنا نعيد القراءة عدة مرات ولا يعترينا أدنى ملل .. مجمل كتاباتك الشعرية والنثرية تتعدى حدود القراءة بالنظر .. بل وكأنها تسحبنا من مقاعدنا أمام هذه الشاشة إلى عالم آخر من عوالم إبداعاتك .. تأخذنا في يخت ملكي الحرف فتبحر بنا في بحر واسع الإبداع .. نتهادى في مياهه الممتزجة بين الحقيقة والخيال .. نصغي مع أمواجه لصوت القلب وهو يحدثنا مع كل خفقة عن عمر وشاة الشوق .. ويظللنا سحاب من عاطفة تهمي في كل حين حباً وولعاً .. لنصل بعدها لجزيرة وارفة الظلال .. أشجارها كلماتك الرائعة.. وأوراقها أحرفك المضيئة .. وأنهارها إبداعك الرقراق .

فهنيئاً لنا مع كل يوم هكذا حرف وهكذا إبداع
دمت بخير وبتألق ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لست أدري يا ملاكي من فيكما القاسي عليّ ، أنتِ أم قلبك! ..أم كلاكما اتحد مع صاحبه في رجم القلب المذنب المتمادي في غي التعلق، وضلال العشق .

قولوا لها أيه الناس ..إذا استعصى على اللسان محو اسمها فهل ثمة إلا قطع اللسان الاثم المتمادي في إثارة الشغب؟؟
وإذا استحال على داخلي ترحيلها إلى خارجي، واستحال على خارجي دسها في داخلي ، ثم استحال الأمر على الاثنين أن يتخليا عن الرجف بها لحظة واحدة ..فهل بقي إلا فناء الوسطين العاشقين لامرأة لا تعرف معنى الفناء غير أنه فاء ونون وألف مهموزة !!

أحبها يا ناس ..تلك صرخة رددها الخافق فسمعتموها، وعلمتم معذبتي وقدر الغرام معها.
أحبها هي ..وليت في بنات حواء من أحاول معها نسيانها بها ، لكن هيهات هيهات ..فما أبين ما بين العرض والجوهر، والحقيقة والخيال..فكيف إذا ملكت بجبروتها الأنثوي الحقيقة وخيالها، والجوهر وعرضه...أحبها .

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لو ساغ لك سجني فلا تسجنيني بين مبهمات القلب ومفسرات القالب، وأمسكي بقواطع عقلك شوارد الكلمات مني لا تخاطبك في حضرة القرب الزفيري إلا وتتعثر ألف مرة عن جادة المرسوم مما ينبغي وما لا ينبغي، وما يصح وما لا يصح..ويحها تلك العثرات كم تدخل العاشق عنابر الجنون غير مرغم عليها كحالة جنوني بك حين تفاجئني رسالتك فلا أقرؤها رسالة إنما أتعاطها جنونا ينهي الحالة بحكم واحد لا ثاني له: أحبك!

وما ضر لو كفرنا يوما بقوالب العقول إيمانا بتلك الحرية المطلقة المسماة جنونا! أو ليس في طريق الحياة قطاع طرق باسم العقل مرة، وباسم النظام مرة أخرى؟ أو ليس في جبلة الآدمية هوامش تعبد، ومقابلها أصول تجحد؟ ..صدقيني لو قلت لك: بين الموت والحياة تشابه في سر الوحدة، يموت الإنسان وحيدا قدرا لصالحه، ولو أدرك لعاش تلك العزلة قدرا يعانق قدرا.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

وتسألينني لمن أسوق هُتن سُحبي كلما لاح سُهيلُ أشواقي في الليالي المقمرات، ومعي وحولي أوراق الشجر الليلي يواسيني بحفيفه الريّض ، وفنجان قهوتي بوجهها الأسمر عاكف في قيامه ليشكل مع سواد الليل "دويتو" أنشودة السهر الحالمة يطلقها الليل لتحتضنها رمادية الفنجان السمراء السارية بسوادها في عروق كتب اسمك على مجريات حركتها وسكونها.​

وتسألينني عن معزوفات الليل لمن أرسلها! وعن آهات الوجد لمن أنسجها! وعن سواكب الدمع لمن أرعش أصابعها في قبضة الشوق الجبار!
تسألينني عن حالي المولودة على قابلة حبك ولم تعرف مذ كان الهوى غِرّاً نسبة إلا إليك.. وتسألين!! حتامَ تسألين وتلك حياة لم أستثن منها شيئاً ملأتها ضحكا ولعبا..صبراً وعويلاً تكاد حروفها تنطق بلسان، وتسمع بأذن ..لأنها أحبتكِ بقلب، حتى صار لكل حرف قلب مستقل بحبك ..ومع ذلك تسألين!!​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

جَمعَ هذا اليوم في سجل حبي ما لم تجمعه سنيُّ عمري من أحقية الخلود الأبدي تحت جفن الحب الوادع الأمين. ومضى اليوم وبيننا أنفاس متلاحقة الوصلات كلما ركض بنا نفس ألقانا آخر حتى غربت الشمس وأنا أنتظرك، وأنت هناك تعلمين نار انتظاري، بل وتشغلين بي ..بذرات صبري اللاهثة في انتظار رسالتك الموعودة بغروب الشمس ، وقد غربت الشمس عن العالمين ولم تزل تحرقني بسعيرها وأنا أنتظر يد القدر تقول لي ها هي ذي أتت.

ورأسي مشتعل بألف ألف ظن.. ما الذي يشغلها عني تلك المسافرة مع خيوط الشمس إلى ما وراء الشمس، سفرا يتسخط على أكف الوداع الممدودة يأسا وقنوطا!!

ياهذه أوشكت الخطا على النهاية لكثرة ما أتبع ظلك من مكان لآخر....لله كم أنت مفصلة على قلبي شبرا شبرا ، لو أن نساء العالم حاولن التسامت على مقاسه لما وجدن إلى ذلك سبيلا..

يا هذه ..هو ذا أنا حقيقة من الصعوبة عليك أن تتقبليها، ومن اللامعقول أن تستسيغيها...وفلسفة طغت على خليات عقلك لتدهشها، هو ذا أنا كل متكامل منك أنت...نعم أنت لا غيرك ، فأنت وحدك سر جنوني المفرط ، وأنت وحدك طلسم عبثي الغامض، وأنت مهما كنت في حل مني ، ومن جنوني إلا أنك خارطة الوجود على شبكية عيني..فأين منك وعنك أذهب!!!

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

يقول لي عقلك لا!، وفي عينيك ترقد طفلةٌ لم تفتح عينيها بعدُ على مكر العقلاء، وتدليسهم! طفلة يداعب الهواء ضفائر شعرها بعيدا عن نمطية النسق، ورتابة النظام، وسماجة المنطق التقعيدي ..إذا قالت تجمعت الحروف على لسانها الصغير كاسرة ومحطمةً جميع القواعد الصرفية، ومع ذلك من خربشتها ينبغي أن تتعلم الإنسانية فن العبث وقد سئمت الحدود، والأرقام والمقاييس برهة من الزمن..

أنتِ طفلتي تلك فعيثي في عالمي على خلاف المفروض ؛ إذ مالنا ومسطرة العقل تزيدنا حدودا لتأسر حريتنا ونحن يا حبيبتي بحاجة إلى جرعات جنون فحبنا اليوم ضرب جنون، فلنمتْ في بعضنا جنونا، ولنفاخر غدا بفناء نعيشه جنونا، ولقاؤنا الموعود لا خير فيه لو مضى في قبضة التعقل..ألا مرحى به جنوناً!!!

تعالي يا منى خاطري لا أقل من أن نتلاشى في هوانا السرمدي ليعلم العشاق أنهم ما خلقوا بعقل، وتلك قبورهم "عليها تراب الجنون بين الخلائق".....

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

أنا أحبك بكل جنوني ، وأناجيك هنا لتقرأ الأجيال نوعا من شغف المناجاة لا يفصل إلا على مقياس رفيع المستوى، وكأن شطائر الكلم هنا لا تصوغها يدي إنما يمدني جمالك بخامها الطبيعي متدفقا في دواخلي المليئة بك فتدر حكمة، وتمطر غيثا أغلى من الذهب..

أحبك أنا فافتحي مسامع قلبك لرنين الكلمة ، وبأنفاسي الحرى ممزوجة بها فقد أصبح يأتيني منك أنفاس الحياة لا أنتفع بها مالم تمتزج بحر أنفاسك فأتنفسك بقدر ما أحبك..وأحبك بقدر ما أتنفسك..ألا فأسمعينيها مرة، مرة يا حبيبتي هي كل مرة في عمر وجودي على كوكب جمالك السافر..

قولي مرةً أحبك بقدر سؤالي عنك، وبقدر شغفي بالبحث عنك لو غبت عن إنسان عيني يوما أو بعض يوم..وما ضر لو قلتها وكم قرأتها في سؤالك، وأحسست بها في بريق عينيك المنهكتين من التجوال والبحث عني لو غيبتني الساعات عنك مرة..أحبك يا جنونا في ثياب عقل.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

القصد أنتِ لك الأشعار أنسجها
بذكرك العذب أشكالا وألوانا
طرّزْتُ باسمك أحلى ما تردده
أحلى الحسان على الأيام ألحانا
أميرة العرش فاض الكأس وامتلأتْ
روحي غراما فردي الكأس ملآنا



هي الأقدار ليس إلا يا حبيبتي شاءت حصرنا في بيت شعر، وفاصلة نثر، وزاوية صفحة من صفحات الحروف الباكية. آه كم يحزنني ألا ألقاك إلا في حدود هذا النطاق الضيق من أرض الله الواسعة، وأنت التي لم تخل منك بقعة في حياتي ، وذرة في تفكيري، وهمسة في مسمعي المرهف الواعي.

آه يا منى روحي كم هي الدنيا صغيرة صغيرة، لا يمكن أن تتسع لحي بعد أن شحّت عليَّ بشبر من الأرض تقفين على منتصفه، وأنا على النصف الآخر ما بين ناظرينا إلا حب يملأ الأفق، ويسد عنان السماء..

آه يا حبيبتي كم هي الظروف قاسية قاسية تفتح مصراعيها لتهيء نفسها لجميع المحيطين بها، وتضنُّ علينا بثوان هي مقدار ما تتشابك فيه أكفنا على مجمع الروحين ، والود الأكيد..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

تسابقني دعوتك الغالية على روحي مع أول لقمة إفطار تخالط جوفي :"إفطارا هنيئا وقبل الله صيامكم "..دعوة تتحدر مع المزن الهامي لترويني ويبتل بها كل عرق فيّ تصحبها ملائكية الزمان، والمكان في ساعة من أعظم ساعات الزمان تحتفل الأرض بها في عرس رمضان البهي الفرح..

وتمضي دعوتك أتذوق هناءها في فمي، وسمعي ، وبصري ، وكأن فرحة الإفطار توزعت معها لتشمل جميع مساحات جسدي، وأرجاء روحي، لأنني أعلم أنك ما دعوت بها إلا وهي مرسلة منك إلى كل شيء فيّ بما في ذلك فرحتي التي تلقتها من حركة أناملك كما تتلقى الأرض بجميع مساحاتها أولُ ابتسامة للمطر لتضحك به عيونا وأنهارا..

ولا عجب أن أجد منك حضورا في لقمة الإفطار يساكنني مع غيث دعوتك الغالية ، وكأنك بكليتك تهيمنين على كليتي كما هيمن حبك على بقاع قلبي، من يدك الرقيقة وهي تلامس شفتي تصيبني بأهنأ ما أفطر به الصائم إلى نظرة عينيك الذابلتين السابحتين في بحار أدبي كل يوم لا تنام عينك إلا وحزمة أشعاري وأنثاري في حضنها رقدة طفل أو إغفاءة مدلل ..

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

اشتقت هذه الساعة إلى ندائك، وتموج اسمك البلوري على لساني أكثر من مرة، فإن كل مرة من ندائه استشعار لذة مختلفة عن الثانية. إن في اسمك الغالي سمة التجديد كما هي في قفزات فنك ، وعشقك المفتول من وشم الطبيعة، وكم أعشق الطبيعة في زوايا عدستك لأن اختيارك عندي هو الأول على بنات حواء فيما يفاخرن فيه من اختيار..إن كل شيء فيك يحمل طفولة جديدة وخاصة اسمك المجتزأ من جمال الكلمات كما تجتزأ وريقة الورد من دائرة لفافتها، وبين اسمك والورد سهولة النطق غير أن العطر الفواح من اسمك يخجل الورد أن يزاحمه يوما إلا اللهم في معسول اللفظ، وسهولة الورود.

آه من اسمك حينما أتلوه في صفحة ينبعث العطر من جنباتها، وآه حينما أرسمه فوق منضدة مكتبي أكسب منه إحدى الحسنيين ..الرسم الرشيق ، والنغمة الساحرة..أحبك يا أحلى من باسمه سحرني.