رواية/الملعونة

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
الفصل الثامن...


"جامعة فيصل ، حلم الصديقات الثﻼ‌ث نسرين وأمل وكاميليا . ظلت نسرين معهما ولم تفلح محاوﻻ‌ت أمها في جعلها تدرس الطب خارج المملكة . افتقدن سماح بعد أن سافرت مع زوجها إلى "ميتشغان" للدراسة . أصبحن ثﻼ‌ثة فقط كما كنّ قبل أن يتعرفن عليها في الصف الثاني ثانوي . ارتبطت بهن كثيرا خﻼ‌ل العامين الماضيين وما أن ابتعدت حتى خف وهج هذه الصداقة . كانت تتصل بهن بين وقت وآخر وسرعان ما تناقصت مكالماتها تدريجيا حتى انقطعت بعد مرور ستة أشهر على سفرها .

أحست كاميليا بالغربة في عالم منفتح ومختلف عن المدرسة ووجودها مع صديقتيها خفف من وطأة هذا الشعور عليها . بدأت تتغير يوما عن يوم ونسرين وأمل ﻻ‌حظتا تغيرها وقالتا لها عدة مرات (نرى عينيك ترقصان يا ملعونة والسبب إما الحب ،أو الهبل ). كانت تتساءل دائما وهل ترقص العينين على إيقاعات القلب ؟ .. يا لهاتين العينين الفاضحتين والثرثارتين . أخبرتا الجميع دون إذن صاحبتها بما حدث في ذلك القلب الصغير، لم تكونا أمينتين عليها وعلى قلبها أبدا . كانت تتساءل باستمرار ، ما الذي حدث لها وكيف غزا عماد قلبها وأقتحمه بهذه السهولة . لماذا لم تقاومه كما يقوم أبناء الوطن اﻷ‌وفياء الغزاة الغاشمين . كيف وصل لقلبها وعقلها وأحتلهما ورفع راياته على حياتها بهذه السرعة. ما هي قدرة أسلحته التي لم تستطيع التصدي لها فهو لم يستخدم غير اللطف واللباقة وجاذبيته العجيبة وعينين سوداويين غامضتين وآسرتين .

توطدت عﻼ‌قتها بعماد أكثر ، وأصبح يتصل بها مرتين يوميا في اليوم يخبرها عن يومياته وعن عمله وعن حياته التي تغيرت منذ سمع صوتها ﻷ‌ول مرة، وتخبره هي عن دراستها ومحاضراتها . كان يجلب لها الكتب الدراسية الغير متوفرة في المكتبات المحلية يطلبها من الرياض أو اﻷ‌ردن وأحيانا من أمريكا ﻷ‌خته وابنة عمه ولها. وسرعان ما زادت عدد المكالمات وبدأ يخبرها عن حياته وأفكاره وخططه المستقبلية . كانا يتحدثان عن نفسيهما وشخصيتهما . تعرفت عليه أكثر وأخبرته عن حياتها ووالديها وأختيها .فهي ابنة عائلة نصف متحررة كعائلته بالنسبة لعموم مجتمع القطيف المغلق أبو وجه ووجه ، تبيح أمور وﻻ‌ تغفر أمورا أخرى . والدها أحد وكﻼ‌ء اﻷ‌جهزة اﻻ‌لكترونية يسمح لها بالخروج مع سائقها ﻷ‌ي مكان تريده وحدها أو مع أختها أو مع صديقتيها حسب مزاجه . يسمح لها بكشف وجهها والتنزه في اﻷ‌سواق والذهاب إلى المطاعم والمقاهي التي بدأت تنتشر في الخبر و الدمام ، وﻻ‌ يسألها عن مكان ذهابها . والدها المتفتح في الكثير من اﻷ‌مور ، لن يغفر لها لو تعرفت على أحدهم وارتبطت به بأي عﻼ‌قة مهما كانت . كان يحذرها دائما من العﻼ‌قات المختلطة وخاصة بعد التحاقها بكلية العلوم الطبية وهو مجال تحتك فيه بالرجال العاملين في الحقل الطبي،ويردد على مسمعها هي وأختها بأن الذئب ﻻ‌ يؤتمن على الغنم أبدا . كانت دائما ما تفكر بأن والدها لو عرف بشأن اتصاﻻ‌تها بعماد ﻷ‌خرجها من الجامعة وحبسها في المنزل .
أحبت دودي (عماد) كثيرا كما تحب أن تدلّله ، من شدة تأثرها بقصة حب اﻷ‌ميرة ديانا والمصري عماد الفايد والتي أدت لمقتلها . لم تكن سعيدة فقط بوجوده في حياتها ، بل كانت منتشية والسعادة ﻻ‌ تستوعب ما تشعر به . كانت تحبه كل يوم أكثر كلما أثبت لها صدق نواياه وجديته معها وأبعد عنها طيفا من شكوكها الطبيعية التي تنتاب أي فتاة تتعرف على شاب في مجتمع مغلق بشبكة حديدية أكلها صدأ أبهرها برقته ورجولته وتفتحه لم تستطيع غير الوثوق به وتصديقه ولم يبقى في عقلها أي نوع من الشكوك . كيف تشك به وهو الذي ساعدها في القبول في الجامعة . وعندما أخبرته عن بيت اﻷ‌حﻼ‌م الذي تريد العيش فيه ، أرادت بيت أسطوري على هيئة بنائين متداخلين تفصلها حديقة داخلية ووافقها وذهب ﻻ‌ستشارة العديد من المهندسين لتنفيذ هذه الفكرة وكان مستعدا لجلب مهندسين من الخارج لو لزم اﻷ‌مر.

أحبته بطريقة لم تتخيلها وﻻ‌ تستوعبها وﻻ‌ تصدقها . لم يطرأ على بالها بأنها ستحب رجﻼ‌ يوما ما بهذا القدر. كانت متيقنة بأنها ستتزوج من رجل تعرفه منذ أن يتقدم لخطبتها ، وإن عرفته قبﻼ‌ فستراه بالصورة المثالية التي يحاول إي شاب سعودي رسمها لنفسه . رجل طموح ومثالي يقدر المرأة ويقدس الحياة الزوجية وتنكشف صورته الحقيقة المختلفة مع الوقت . في فترة الخطوبة سيختار صورة السوبرمان صاحب البطوﻻ‌ت الخارقة والقدرات العجيبة في الحياة والمواقف ، والشهم والنبيل والمستعد بالتضحية بحياته من أجل حبيبته .أو الدون جوان صاحب العﻼ‌قات الكثيرة ترتمي الفتيات بين قدميه وهو يختارها من بينهن كقصة حب سخيفة لم يسمع عن غيرها في حياته .
"

"كانت تتمنى أن تحظى على اﻷ‌قل بالمثالي وتحبه منذ أن يتقدم لخطبتها كما كانت ترى البنات التي تعرفهن ، حيث يصبح أسمه الحبيب منذ أول يوم تراه فيه . وبعد عقد القرآن تنشأ قصة حب خرافية وغريبة بين يوم وليلة ، وترغم نفسها على التصرف كعاشقة في فترة الخطوبة . كانت تكره صاحب البطوﻻ‌ت المزيفة كما تكره الﻼ‌هث وراء النساء . كانت مؤمنة بأن قصص الحب الحالمة التي تشاهدها في اﻷ‌فﻼ‌م وتقرأ عنها في الروايات ﻻ‌ يمكن أن توجد في السعودية وفي القطيف تحديدا.

اشد ما تكره الزواج برجل ازدواجي كغالبية الرجال الذي يظنون أنفسهم حراسا للفضيلة . يثابرون على صﻼ‌ة الجمعة ، ويحرمون الغناء ، ويلوكوا عرض الفتيات كل حسب هواه ويتحكموا بلباسهن ، فمنهم من يرفض عباءة الكتف ومنهم من يرفض كشف الوجه ، أو عمل الفتاة المختلط بحجة العادات والتقاليد التي يجب أن تداس بحذاء ذو كعب عالي برأيها . وما أن يصبحوا في الخارج تجدهم يتلذذون الشرب في المراقص ، وينثرون الورد على أجساد الراقصات ، ويلعبون القمار في الكازينوهات ويرتادوا الفنادق المشبوهة ، حتى عندما يسافرون إلى سوريا لزيارة السيدة زينب نهارا تكون للسهرات والحفﻼ‌ت نصيب في الزيارة أيضا ولكن في آخر الليل ، بعد أن ينام الدين والعادات والتقاليد المطبقة على النساء فقط داخل البلد .

كانت تشك بوجود حب في بﻼ‌دها ، تشك بوجود مشاعر تجتاح قلب اﻹ‌نسان وتغير أفكاره وحياته . مشاعر قوية وغير مفهومة كالتي أصابتها منذ رأت عماد في ذلك اليوم . لم تدرك وقتها بأنه الرجل الذي سيلغى كل أفكارها القديمة وسيحيل كفرها بالحب إلى إيمان ﻻ‌ تشوبه شائبة من الشك ، فهو سحر لم تستطيع فهمه وتفسيره وفكه . وعندما فاجأها بأولى هداياه عطر "ألور " وعبرت له عن إعجابها به أصبح يضيفه ﻷ‌ي هدية أخرى يجلبها . لديها العديد من زجاجات العطر وآخرها أحضرها في علبة أنيقة ضمت زجاجات العطر وساعة ثمينة أخرجتهما من بين أوراق الورد الملونة في تلك اللعبة . بدت متغيرة ، ساهمة وابتسامة الحب البلهاء تزين وجهها دائما ، وتتحدث طويﻼ‌ عبر الجوال وكلما اتصلتا بها صديقتها تخبرها النغمة بأنها تتحدث . كانت سعيدة وتغني لفيروز دائما وهي التي تحب نجوى كرم بصوتها الجبلي ومواويلها وعنفوانها ، وكثيرا ما سألتاها صديقاتها إن كانت تعرف أحدا ، أو تحب أحدا ..تنفي ذلك ولكن انفعاﻻ‌تها وتصرفاتها تكذبانها على الدوام . أصرت على جعل عﻼ‌قتها بعماد سرية ليكون لها طابعا خاصا . لم تخبر أحدا غير ناهد التي باركت لها هذا الحب لم ترد اكتساب سمعة سيئة كالبنات الﻼ‌تي يتفاخرن بمعرفتهن فﻼ‌ن وعﻼ‌ن .أو تسجيل نفسها في موسوعة زميلتهن سعاد الذي تجمع فيها اسم كل فتاة بخويها أو صاحبها .أرادت جعل حبها مثاﻻ‌ جيدا لما يجب أن يكون عليه الحب في القطيف والسعودية ، فليست كل العﻼ‌قات عبثية ومصيرها الفشل أو الوقوع في اﻷ‌خطاء وتجاوز الخطوط الحمراء . كانت فرحة ﻷ‌ن حبها طاهر وهي تغالب نفسها ولهفتها لحبيبها وترفض لقاءه في أي مكان عام.
"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
الفصل التاسع...



"يوم شتائي بارد من أيام شهر فبراير والسماء ملبدة بالغيوم وكاميليا جالسة مع صديقاتها بسعادة في كافتيريا الجامعة المتواجدة في الطابق الثاني من المطعم . نظرت إلى الطالبات وهن يتحركن في جميع اﻻ‌تجاهات ويدخلن إلى المباني المختلفة بعد أن بدأت السماء تلقي بالقليل من قطرات المطر المنعشة . احتست الشاي الساخن الذي تتلذذ به شتاءا وقالت بابتسامة :
- هذا أول شتاء لنا في الجامعة ..وأريد أن أمشي تحت هذا المطر المنعش.
- ستبتلين ..وربما تمرضين أيضا .
وضعت دفترها وأقﻼ‌مها في حقيبتها وقالت لهما بابتسامة وهي تنظر لنفسها في المرآة بأن المطر ﻻ‌ يبللها . وضعت القليل من عطر "ألور" خلف أذنيها ونزلت بسرعة لتستمتع بهذه الزخة المنعشة من قطرات المطر . وحالما ابتعدت عنها شربت أمل رشفة من الشاي وقالت لنسرين بتعجب:.
-ﻻ‌ يبللها المطر .. بعلمي إنها ﻻ‌ تحب كل ما هو شتائي .. هي غربية اﻷ‌طوار وتخفي عنا شيئا ما ..
وافقتها نسرين وذكرتها بأن عماد ولد في يوم ممطر ولذا هو يحب الخروج تحت زخات المطر الخفيفة والمنعشة دائما يقول بأن المطر ﻻ‌ يبلله . كانت متأكدة وهي تقول :
-أصبحت أﻻ‌حظ عينيها وهما سعيدتين والحب هو السبب .. ولكن تحب من يا ترى ؟.. فهي ﻻ‌ تطيق أبناء عمها ..حتى ناصر الذي يريد الزواج بها ..وليست لها أي قرابة أخرى وأشقاء ناهد كلهم كبار ومتزوجون ..أراهن بأنها واقعة في حب أحدهم .

ظلت كاميليا تتمشى وحدها والسماء ترشها بقطرات مطر خفيفة وهي تفكر بعماد وقلبها يرقص من حبها له . كانت سعيدة وﻻ‌ تجرؤ على البوح بمشاعرها الصادقة لصديقتيها المقربتين ، وتود لو تصرخ تحت المطر بذلك دون أن يعتبرها أحد مجنونة . توقفت السماء فجأة عن إنعاشها بقطرات المطر ، فنظرت إلى ساعة يدها المشيرة إلى العاشرة وهو وقت المحاضرة . مشت ببطء متجهة نحو المبنى الرئيسي . استوقفتها أمل ونسرين اللتين جاءتا خلفها بسرعة ، وقالت لها أمل بخبث :
- لقد تبلل شعرك ..لم أعهدك تحبين المطر هكذا !
ابتسمت وقالت وفي عينيها بريق خاص :
- أنا أحب المطر وكنت أتمنى لو ولدتني أمي في يوم ممطر .

تبادلت نسرين وأمل النظرات باندهاش ،ورفعت كاميليا شعرها البني الداكن وذهبت معها إلى القاعة بعد أن خبأت صورة عماد في قلبها بدﻻ‌ من عينيها حتى ﻻ‌ يراه أحد. تذكرت كيف كان ينظر لها عندما كانت في سيارته وصوت فيروز يصدح بسعادة ، وراحت تدندن :
- كان الزمان وكان في دكانة بالفيّ ..وبنيات وصبيان نجي نلعب ع الميّ.
فتحت ذراعها لعناق لفحة هواء باردة وهي تغني :
- ﻻ‌ﻻ‌ﻻ‌ ﻻ‌ ..ﻻ‌ﻻ‌ﻻ‌ ﻻ‌ أوعى تنسيني وتذكري حنا السكران..
تبادلت نسرين وأمل النظرات باستغراب من تصرف صديقتها ، فسألتها أمل :
- ومنذ متى تحبين فيروز وتغنين لها ؟.. وحنا السكران بعد ."


"
ضحكت وأجابتها :
- أحبها من زمان .
ابتسمت أمل وقالت بمكر :
- بعلمي تحبين نجوى كرم ..ولم تكوني تغنين غير "ما بسمحلك "و"روح روحي "ومؤخرا "عيون قلبي" ..ستغضب منك نجوى كثيرا . ظلت كاميليا ساكتة وعلى وجهها ابتسامة غامضة ، فضحكت نسرين وقالت:
- يا لعينة أنتِ متغيرة وتخفين عنا شيئا ما.
وراحت كاميليا تكمل دندنتها بنشوى:
- حلوة فبيت الجيران راحت في ليلة عيد ..وأنهدت الدكان وأتعمر بيت جديد.. وبعدو حنا السكران على حيطان النسيان .. عم بيصوّر بنت الجيران.
أمسكت نسرين بذراعها وقالت :
- دعينا نذهب للمحاضرة فالدكتورة جويرية ﻻ‌ تتأخر ..بﻼ‌ حنا السكران بﻼ‌ خرابيط.

جلست في آخر القاعة وهي تردد اسم عماد في قلبها . تحبه وتراه جاد في حبها وﻻ‌ تستطيع التشكيك في صدقه، كانت تحبه كثيرا وتتساءل دائما إذا كان يحبها بالقدر الذي تحبه هي أو أقل أو ربما أكثر . عماد الذي أخبرها بأنه يراها حبيبية وزوجته وأم أوﻻ‌ده ، وشرع في بناء المنزل الذي أرادته . كانت فرحة سعيدة جدا لموافقته على فكرتها ووعدها بتنفيذها بﻼ‌ تردد.تأكدت من حبه لها وهي سعيدة بهذا الحب ودائما تتساءل عندما تنفرد بنفسها ليﻼ‌ على الوسادة (ألهذا الدرجة تكون
الحياة كريمة معي فتمنحني رجﻼ‌ يحبني بهذا القدر؟!..ومنذ وعده لي بانتظاري حتى انتهاء دراستي وهو ﻻ‌ يتواني عن اﻻ‌تصال بي والسؤال عني ومساعداتي بالقدر الذي يمكنه بعيدا عن عيون جميع الناس . آه يا عماد .. كم أنت رجل نبيل وكم أحبك وفخورة بك .. لم تتوانى عن بناء منزل الزوجية الذي أردته أنا وﻻ‌ روابط رسمية بيننا ..الروابط التي يعترف بها الناس وأنا متأكدة أن ما بيني وبينك أقوى من كل الروابط فبيننا حب كبير لم اقرأ عنه ولم أسمع عنه قبﻼ‌ .. وهذا يكفي ).

" "تنبهت والدكتورة جويرية تناديها وتطلب منها اﻹ‌جابة على سؤال طرحته . تلعثمت وسكتت بخجل والدكتورة تقول لها بلهجتها السودانية المحببة :
- الظاهر أنك وصلتِ للغريقة ..وأنا عمالة أشرح من الصبح وأنتِ مو معايا .
أحست بخجل وزميﻼ‌تها ينظرن إليها وهن يضحكن ، فعماد أخذ الجزء اﻷ‌كبر من تفكيرها .
"
 

المزن

¬°•| روح حلوة |•°¬
إنضم
18 أغسطس 2011
المشاركات
4,139
العمر
24
الإقامة
England ♡
قصة مثيرة بالفعل
الأحداث غير متوقعة
وإبداع الكاتبة واضح للغاية
ماشاء الله انتقاء جميل عزيزتي
بانتظآر تتمت الحكاية
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
قصة مثيرة بالفعل
الأحداث غير متوقعة
وإبداع الكاتبة واضح للغاية
ماشاء الله انتقاء جميل عزيزتي
بانتظآر تتمت الحكاية





حياك أختي الفاضله
حفظك الله ووفقك ..شــٍَّـٍَّـٍَّـٍَّــٍَّـٍَّـٍَّـكراٍَّ لمتابعتك
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
الفصل العاشر



""عندي ثقة فيك.. عندي أمل فيك.
وبكفي شو بدك يعني أكثر بعد فيك ؟!
عندي حلم فيك .. عندي ولع فيك.
وبكفي شو بدك انو يعني موت فيك ؟!"

استلقت كاميليا على سريرها بعد منتصف الليل تستمتع لﻼ‌سطوانة التي أهداها إياها عماد . كانت تفكر بما قاله لها البارحة في مكالمتها الرابعة أو الخامسة أو ربما أكثر فهي غير متأكدة من عدد المكالمات بيتهما في اليوم والليلة . طلب منها اللقاء بعيدا عن اتفاقهما باﻻ‌كتفاء بالهاتف كرابطة الوصل الوحيدة ..

قال لها بشوق بالغ ( أرجوكِ وافقي ودعينا نلتقي في أي مكان عام كأي متحابين على هذه اﻷ‌رض..لن أكلكِ ولن أخطفكِ).

ترددت كثيرا ، كانت تريد لقاءه والخوف يمنعها . تخاف من والدها لو علم عن عﻼ‌قتها به فماذا سيفعل . تخاف من المغامرة والدخول في متاهة اللقاءات العاطفية ، وتذكرت ما قاله أحد رجال الدين في إحدى محاضراته عن هذا الموضوع ..

قال بأن الحب كعاطفة ومشاعر قلبية أمر مباح ، ويصبح محرما عندما يتحول إلى أفعال وممارسات ، كلمسة اليد والقبلة والعناق فربما يؤدي إلى ارتكاب معصية ﻻ‌ تحمد عقبها . كانت تريد لحبهما أن يبقى طاهرا وحﻼ‌ﻻ‌ بﻼ‌ ريبة ..

ولكن بلوغ هذا الحب عامة اﻷ‌ول أصبح عماد يطلب منها اللقاء في اﻷ‌ماكن العامة ولو مرة كل شهر ،فرؤيتها من بعيد عند باب البيت أو في السيارة ﻻ‌ تكفيه .

ظلت تفكر بنشوى في هذه العاطفة التي تتملكها نحو عماد وتجهل كيف بدأت وأثرت بها بهذه القوة حتى أخرجها عمادها من دوامة اﻷ‌فكار باتصاله . أجابته وهي مستلقية على فراشها وعينيها تتجوﻻ‌ن في جدار غرفتها الزهرية ، قالت له بنعومة :

- كنت أفكر بك.

- أخبرني حدسي ولذا اتصلت بك .

ضحكت وسألته :

- ومنذ متى حدسك يخبرك عني ؟

سكت للحظات مترددا فيما يود قوله . كان مشتاقا لرؤيتها فطلب منها مﻼ‌قاته في أي مكان هي تريده ، وأقترح عليها تناول العشاء في أحد المطاعم العائلية أو أحد المقاهي في الخبر فرفضت بحجة المسافة ، وعندما عرض عليها اللقاء في مطعم المجمع التجاري على اﻷ‌قل سألته بدﻻ‌ل :

- وكيف نذهب سويا ؟!

حاول أقناعها فراح يخبرها بأن جلساته العائلية هادئة وسينتظرها في مواقف السيارات وتأتي في الموعد ويدخﻼ‌ سويا . سكتت فقال لها:

- ﻻ‌ تعتذري حبيبتي ..سأنتظرك مساء الغد في الساعة الثامنة.


لم تنم تلك الليلة وهي تفكر بعماد وبلقائهما اﻷ‌ول وتخاف لو رآها أحد أو علم والدها بأي طريقة فهو قادر على ذبحها .

أوصلها سائقها قبل الموعد وجلست تنتظره في سيارتها . كان قلبها يدق بقوة وهي تنتظره وتفكر في والدها لو عرف بأنها جالسة في هذا المكان لتواعد حبيبها ، تنتظر عمادها الذي أفقدها صوابها . أقصت والدها عن أفكارها وفتحت حقيبتها وأخرجت المرآة وراحت تصحح الكحل اﻷ‌سود ، وتضع على شفتيها أحمر الشفاه الﻼ‌مع . رشت القليل من عطر "ألور " على جانبي حجابها وفي معصميها ..

جاء عماد على الموعد فترجلت من سيارتها ﻻ‌ستقباله والدخول معه في قسم العائﻼ‌ت في الطابق الثاني من المجمع. كانا صامتين وساكنين وأول ما فعله هو اﻹ‌مساك بيدها برقة أظهرت حبه و اشتياقه لها ، فمنذ أكثر من سنة وهو ﻻ‌ يراها سوى من بعيد في منزلهم ، وأحيانا تمر عدة أيام ﻻ‌ يراها فيضطر إلى انتظارها بالقرب من منزلهم ليراها وهي تهبط من السيارة وتدخل متظاهرة بعدم رؤيتها له.تذكرت كﻼ‌م الشيخ ، وأرادت أن تبعد يديها عن يديه ولكنها لم تستطيع ..

شعرت بأنها معه مسيرة ﻻ‌ مخيرة . قال لها بابتسامة :

- أنا أحبكِ كاميليا.. وسعيد جدا لوجودنا معا.ِ

أكتفت بابتسامة خجولة فقال لها وعينيه السوداويين تتفحصان وجهها بشوق:

- أنتِ جميلة جدا .

وبصوت منخفض وخجول قالت:

- دودي ..وكأنك تراني ﻷ‌ول مرة .

كانت هذه أول مرة يراها بهذا القرب بعد سنة وعدة أشهر . بدت عينيها ذابحتين والكحل يعطي نظراتها عمقا خاصا . توقفت عن الكﻼ‌م للحظة واﻻ‌بتسامة تعلو وجهه ثم قال:

- عندما سمعت صوتك ﻷ‌ول مرة رسمت لكِ صورة مختلفة ..وعندما عرفت بأنك كاميليا تذكرتكِ وأنتِ طفلة ..أنتِ اﻵ‌ن أجمل بكثير . استرسل في غزله:
" "- وحبة الخال في زاوية فمك تقتلني .. أنتِ تبدين كقطعة سكر .

".
"""

هددته بدﻻ‌ل بأنه ستخرج من المطعم إذا واصل كﻼ‌مه وغزاله الذي لم يفتعله ويقوله بتلقائية .. سكت وهو يتفحص وجهها الحبيب بلهفة ، ويمسك بيدها بحب ورقة ، وعندما رفع يده وقربها لشفتيه ليقبّلها ، سحبت يدها فهذا ما كانت تخشاه . لمسات وقبﻼ‌ت ويصبح الحب الطاهر الذي تتفاخر به نوع آخر . قال لها بابتسامة :

- حتى لو لم تسمحي لي بطبع قبلة على يدك الناعمة فأنا أضمكِ وأعانقكِ بعينيّ.
وجاء النادل يجلب لهما الكوﻻ‌ المثلجة وقطعتين من الكعك ..

بسط عماد يده على الطاولة فأمعنت النظر ليده ولفت نظرها أصبعه الخنصر المزين بخاتم فضي به حجر أحمر اللون . سألته :

- خاتمك جميل .. ما اسم هذا الحجر الكريم ؟

أجابها وهو يحرك خاتمه المزين بالياقوت اﻷ‌حمر الذي يلبسه دائما ويتفاءل به، ويعتقد بأنه يقوي القلب ويعدّل المزاج كما قال أرسطو فطلبت منه بدﻻ‌ل واحد مثله . أبتسم وقال:

- غدا أذهب لزوج عمتي فهو تاجر مجوهرات كبير واﻷ‌حجار الكريمة تخصصه وسأشتري لكِ أجود حجر ياقوت وأصوغه خاتما جميﻼ‌ ليدك الحبيبة ..

وبمزيد من الدﻻ‌ل أكملت :

- أريده في خنصر يدي اليمنى ليتصل بخاتمك وأحدثه ويخبرني عنك.

ضحكت وأردفت ممازحة :

- وليتجسس عليك وينتقل لي أخبارك أيضا .

قال لها بحماس :

- أمهليني يومين فقط ويكون الخاتم على باب منزلك..

ضحكت وقالت :

- شكرا..

طلب منها أن ﻻ‌ تشكره فلها فضل كبير عليه . أصبحت حياته جميلة منذ أن سكنت فيها ،وأصبح ينام دون أن تبتلعه دوامة اﻷ‌فكار والتفكير في الماضي والهموم واﻷ‌حزان . عندما يضع رأسه ليﻼ‌ على الوسادة ﻻ‌ يفكر إﻻ‌ بالمستقبل وهي بجانبه . ضحك وأردف :

- أتخيل نفسي أنام على سرير وأنتِ بقربي وبعد دقائق يبكي أحد أطفالنا ..وأحيانا أتخيل نفسي عائدا من الشركة وأنتِ في استقبالي.

أغمضت عينيها للحظة وفتحتهما عندما أودع يديها بين يديه ورجف قلبها وهو يضغط عليها ، وسألها بابتسامة وهو يلثم يديها بشفتيه :

- كم طفﻼ‌ ستنجبين لي؟

أخرجت يديها من بين يديه بلطف ،وقالت له بأنها تتمنى أن تنجب ثﻼ‌ثة صبية وجميعهم يشبهونه ولهم عينيه السوداويين وشعره الفاحم الحريري ، وشخصيته الجذابة ولطفه ولباقته . ابتسم ومرر أصابعه في شعره وقال:

- أنا أريدهم فتيات ليشبهنكِ.. ولهن عينيك الذابحتين ورقتك .وسأكون أسعد رجل في الدنيا إذا استيقظت من النوم ورأيتك مباشرة والصغيرات يلعبن هنا وهناك.

ضحكت وسألته :

- والحل ؟.. بنات أم صبيان .

- ثﻼ‌ث بنات وثﻼ‌ث صبيان لنتعادل.

ضحكت وهي تقول له بأن هذا مستحيل . كان مفتونا بها وهي تضحك أمامه وتتحدث ولم تشعر بالوقت وهو يمر بسرعة . وعندما اتصلت بها أختها تعلمها بضرورة عودتها إلى المنزل ، استأذنته . خرجا سويا من المطعم وكأنهما زوجين أو خطبين أمام الناس ، وخارج المجمع افترقا . ركبت سيارتها وذهبت، وركب سيارته ومشى خلفها إلى أن وصلت إلى بيتها بسﻼ‌م.

*****.
ظلت ذكريات اللقاء اﻷ‌ول بكل لحظاته الجميلة في ذاكرة كاميليا وﻻ‌ تريد لها مفارقة خيالها . صورة عماد وعينيه ويده القوية وكلماته وحبه . بعد ليلتين أحضر لها الخاتم مصحوب بالورود البيضاء وعطر " ألور " وضعت الخاتم في خنصر يدها واتصلت به تشكره فهذا الخاتم هو أثمن هدية تلقتها في حياتها . استلقت على السرير وهي تحدثه والسعادة تغمرها ..

أغمضت عينيها وقلبها يخفق بقوة وهي تستمع لصوته وهو يقول لها بأنه يحبها حتى الموت . فتحت عينيها ووجدته بجانبها وعلى سريرها في غرفتها الزهرية والشموع المضاءة في كل زاوية .ظلت ساكتة بذهول ويده تلثم وجهها . كانت يده ففي أصبعه خاتمه الياقوتي ، وعينيه السوداويين هما نفسهما .

أرادت أن تسأله كيف دخل إليها وهي في منزل والديها ولم تستطع . ظلت ساكتة ولم تنبس ببنت شفة وعماد يقترب منها أكثر.أصبح قريبا ، وتشعر بدفء أنفاسه ، وتستنشق عطره ورجولته ولطفه . مد يده أسفل وسادتها وأخرج منها تفاحة ..

ظلت ساكتة بذهول وهو يقربها لشفتيها ويدعوها لتأكل منها . عندما نطقت وحذرته بأنهما سيطردان من الجنة . لم يبالي ودعاها مجددا لتأكل منها ، فرضخت لطلبه .قضمت التفاحة وهو يقضمها من جانبها اﻷ‌خر ، وفجأة أحست بأنها تهوي من السماء السابعة . صرخت بقوة واستيقظت فزعة . لم تجد عماد بجانبها ولم تجد الشموع في غرفتها فلقد كان حلم ..
"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
الفصل الحادي عشر


"سنتين من الصدفة والوعد انقضتا وأواصر الحب تقوى وتكبر بين كاميليا وعماد ، اﻵ‌ن هو يحبها أكثر ومتعلق بها أكثر ويريدها قريبة منه على الدوام . يريد أن يلقاها باستمرار ليبثها حبه وشوقه ، لكنها ترفض وتطلب منه اﻻ‌كتفاء بوصل الهاتف بعد اللقاءات المعدودة لهما في مطعم المجمع التجاري على فترات متباعدة .

لم يلتقيا منذ ما يزيد على شهرين عندما لمحت كاميليا إحدى زميﻼ‌تها تدخل المطعم الذي كانت فيه مع عماد وخافت بأن تكون قد رأتها معه فهي تخشى على حبها أن تشوبه شائبة ،أو تنالها تهمة أو شائعة في شخصها أو سمعتها . تخاف أن تلوكها أفواه القطيفيين المعتادة على مضغ الفتيات وبصق شرفهن ، فالمجتمع بمجمله مهما اختلف تياراته وثقافته مجتمع فضائحي وهذه القصص لها نصيب كبير في أحاديثهم ومناقشاتهم واجتماعاتهم فليس لديهم ما يتحدثون عنه سوى الحديث عن الناس والفتيات خاصة .

طلب منها مﻼ‌قاته ليقدم لها هدية بمناسبة عيد ميﻼ‌دها ، ورفضت فاضطر لوضع الهدية في كيس ورقي أنيق ووضعه أمام باب منزلها عصر ذلك اليوم وتسللت هي وأخذتها دون أن يلحظها أحد . كانت الهدية عبارة عن زجاجة عطر"ألور"وقرطين ماسيين رائعين ، جعﻼ‌ها تعيد التفكير بلقائه في أي مكان عام من جديد.

عرض عليها اللقاء في القلعة الترفيهية فرفضت ، فلقد سمعت الكثير من القصص التي تحدث هناك ، اتفقا على الذهاب إلى المطعم التجاري . استمتعت بشرب العصير وهو يحدثها عن البيت ، وأخرج لها كتالوج جلبة من محل اﻷ‌دوات الصحية لتختار السيراميك وأطقم الحمام والمغاسل . اختارت ما أعجبها وقالت له:

- سيصبح البيت تحفة فنية فخمة .

هز رأسه وقال بثقة :

- هذا ما يقوله المهندس أيضا .. لقد عرض عليّ فكرة استقدام رسام إيطالي ليرسم لوحات جميلة في أسقف المنزل بالكامل .. ما رأيكِ بالفكرة ؟

- مدهشة .. ولكنها مكلفة بالتأكيد .

- أنا عماد الغانم .

- بدأت تتفاخر بعائلتك !

ضحك وقال:.

- من حقي أن أعيش بسعادة مع قطعة السكر التي أحبها في بيت يليق بها ويرضيها .

ضحكت وهو يخبرها بأنه سيشتري جميع أجهزة المنزل من محﻼ‌ت والدها المنتشرة في المنطقة الشرقية . ثم أخبرها بنيته شراء مزرعة فلطالما أحب الطبيعة والهدوء , والمزرعة ستصبح مكانا جيدا لﻼ‌ستجمام والضيافة . تلفتت لساعتها فقد اتفقت مع أمها أن ﻻ‌ تتأخر فهي استأذنتها بالخروج إلى القرطاسية لنسخ محاضرة هامة لﻼ‌متحان ..

عادت لبيتها وأضاءت الشمعة المعطرة وأدخلت شريط نجوى كرم في المسجل ، وبدأت نجوى تصدح بصوتها ..

" يا عيون قلبي كيف بدي نام.
لمحة بصر هالعمر واللي بحب ما بينﻼ‌م.
هالكون صار صغير حملني حبيبي وطير.
على عالم تاني يكون كلو غرام "

ظلت تفكر بعماد وهي ممسكة بالمحاضرة وتعرف بأنها ستحصل على عﻼ‌مة منخفضة فهي ساهمة طوال محاضرات الكيمياء الحيوية وخصوصا عندما تلقي المحاضرة الدكتورة منى بهدوئها الغريب فتنام أحيانا ، وإذا ظلت مستيقظة فيكون عقلها وتفكيرها معه.

*****
أشترى عماد مزرعة في "الجيش" إحدى قرى القطيف الجميلة . كانت مزرعة ببعض أنواع النخيل كالخﻼ‌ص والخنيزي والغرى ، وعدد من شجر الكنّار واللوز وأشجار الليمون والكثير من أشجار الزينة . بها استراحة مجهزة بغرفتين نوم وحمامين ومطبخ صغير ومجلس كبير به جلسة عربية أنيقة وغرفتين للحارس والعاملين . بها إسطبل صغير للخيول كان صاحب المزرعة اﻷ‌ول يربي فيه ثﻼ‌ثة خيول عربية أصلية اشتراهم مع المزرعة وقرر اﻹ‌شراف على تربيتهم والعناية بهم واكتساب هواية جديدة.

أصبح يقضي وقت فراغه في المزرعة بهدوء وبعيدا عن الناس والعمل ، وينام هناك نهاية اﻷ‌سبوع ويتمتع بامتطاء الخيل والعناية بهم رغم كونه لم يفعل ذلك قبﻼ‌ ، وكثيرا ما يزوره ماجد ويتسلى معه . تغيرت حياته الرتيبة ، أصبح فيها امرأة يفكر بها على الدوام ، يحبها ويرى فيها زوجته وشريكه في مشوار الحياة ، وعمله وهذه المزرعة التي يستريح فيها نهاية اﻷ‌سبوع .

ذات نهار ربيعي مشمس جلس في استراحة مزرعته يراقب الحقول عبر النافذة والعمال يقومون بري اﻷ‌شجار والمزروعات في الصباح الباكر من يوم الجمعة ، وتناول فطوره الذي أعده بنفسه ، فاصوليا حمراء مع الفلفل اﻷ‌سود وعصير الليمون والخبز وعددا من حبات الرطب التي قطفها بنفسه . شعر بالهدوء وقمة التصالح مع نفسه وأصوات الطيور هي وحدها المسموعة في هذا المكان البعيد عن ضوضاء المدينة ..

خرج يتمشى بين أشجار الليمون وهو يفكر في السنتين اللتين انقضتا سريعا ، سنتين من اﻹ‌نجازات على الصعيدين العاطفي والعملي .ظل يفكر بكاميليا التي كانت منذ البداية حافزا مهما له في كل جوانب حياته ، جعلته متفائﻼ‌ وسعيدا وﻻ‌ يهدأ ليﻼ‌ ونهارا من العمل والتخطيط والتفكير بالمستقبل ، وكما يقول الجميع بأنه رجع لسابق عهده ولكنهم ﻻ‌ يعرفون السبب..

أحس بشوق كبير لصاحبة الصوت الرقيق . ظل ينتظر الوقت ليتقدم أكثر ويتصل بها ، وعندما أشارت الساعة إلى العاشرة أتصل بها ليقول لها عما يشعر به في تلك اللحظة . رن الهاتف الرنة اﻷ‌ولى والثانية والثالثة والرابعة وبعد الخامسة استيقظت من نومها وأجابته ..

" يتبع...
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
يتبع..الفصل الحادي عشر



.
"""

قال لها بشوق :

- أحبك كثيرا .. وﻻ‌ أعتقد بوجود رجل على اﻷ‌رض يحب امرأة كما أحبك أنا .

ضحكت بسعادة وقالت وهي تتثاءب:

- صباح الخير دودي.

- صباح النور يا قطعة السكر ..أنا جالس وحدي في المزرعة وليس لدي ما أفعله غير التفكير بك.

عاتبته بدﻻ‌ل ﻷ‌نها تعرف بأن عائلته ستذهب لزيارته في المزرعة ولم يدعوها ، وأغلقت السماعة بعد أن طلبت منه أن ينتظر قدوم نسرين فستجلب له رسالة منها . ظل ينتظر والديه وأخته في المزرعة على أحر من الجمر ويحصل على رسالتها ..

أراد أن يتحايل على الوقت ليمر بسرعة فأشرف على العمال وهم يضعون ثمار الليمون والرطب الناضجة في صناديق فلينية ليأخذها معه مساءا ويوزعها على عائلته ، ثم ذهب ﻹ‌سطبل الخيول وامتطى أحب هذه الخيول إلى نفسه ، الخيل اﻷ‌صلية السمراء اللون بشعر وذيل أشقر وراح يتمشى في أرجاء المزرعة .

في الواحدة ظهرا لمح سيارة والده العائلية تدخل من بوابة المزرعة ويقودها السائق فاتجه نحوها . حيا والديه الذين نزﻻ‌ من السيارة ولمح كاميليا جاءت بصحبة نسرين وأمل ولم يكن مصدقا بأنها فعﻼ‌ أمام عينيه فهي لم تخبره بقدومها عندما اتصل بها صباحا .

ارتسمت اﻻ‌بتسامة على وجهه وهو يحاول أن يخفي أثر المفاجأة السارة ، وبسرعة نزلت كاميليا وهي تخفي عينيها بنظارتها الشمسية ومرت بجواره دون أن تلتفت إليه . لم يكن مستغربا من قدومها مع عائلته فهي صديقة مقربة ﻷ‌خته وﻻ‌بنة عمه ولكنها تعمدت عدم إخباره.

اقتربت منه أمل ونسرين تتحدثان معه وتطلبان منه أن يساعدهما على امتطاء الخيل ﻻ‌حقا ، واقتربت منهم كاميليا وهي مازالت تتحاشى النظر لعينيه دخلن اﻻ‌ستراحة بينما هو يتحدث مع أحد العمال ، وأمه مع الخادمة تستعدان لتجهيز الطعام .

جلسوا سويا على اﻷ‌رض حول السفرة لتناول الطعام كبسة اللحم ، ونسرين توزع صحون السلطة ، وعماد يقطع البطيخ وكاميليا تسترق النظر إليه . لم تأكل كثيرا واكتفت بعدد قليل من مﻼ‌عق اﻷ‌رز ، ومن ثم أكلت السلطة والبطيخ .أعد عماد الشاي وسكب للجميع ..

شرب وهو يتحدث مع والده الذي أحتسى كوبه ونام مباشرة . أستند عماد على أحد المساند ممدا رجليه على اﻷ‌رض ، وممسكا بالجريدة وعينيه على كاميليا الجالسة بين أمه وأخته وابنة عمه يتحدثون بصوت منخفض ، فظنهن يتحدثن بأمور نسائية ﻻ‌ يجب أن يسمعها ،أو حشّ (نميمة) من الوزن الثقيل على أحد ..

نهض وخرج من اﻻ‌ستراحة وعينيّ كاميليا وراءه ، فلحقت به أمل تطلب منه أن يحضر الفرس ويساعدهن في ركوبها خرجت كاميليا مع نسرين وأمل خارج اﻻ‌ستراحة ينتظرن قدوم عماد، لكنها أحست بالغيرة من أمل لقربها من عماد وهي تمازحه وتحدثه عن الفارسية ..

وﻻ‌ تعرف كيف طرأ ببالها لحظة بأن أمل تحمل في قلبها عاطفة ما نحوه ، وربما تحبه أيضا وتتمنى الزواج به . اقترحت على صديقتيها المشي بين أشجار الليمون المتقاربة .أرادت اﻻ‌بتعاد عنه حتى ﻻ‌ يرى وجهها وآثار الغيرة واضحة عليه .غطت عينيها بنظارتها الشمسية عندما أحست بدمعه تتأرجح على رمشيها ، وعندما سمعن صهيل الخيل خرجن من بين اﻷ‌شجار ووقفن عند نخلة متوسطة الطول وجاء عماد ..

امتطت نسرين الفرس بمساعدة عماد ، وابتعدا تاركين كاميليا تتحدث مع أمل ، وبعد دقائق عادا لنقطة اﻻ‌نطﻼ‌ق حيث نزلت نسرين واقتربت أمل من الفرس وركبت وسار عماد معها .

ابتعد تاركا كاميليا تغلي غيرة ﻻ‌ تستطيع اﻹ‌فصاح عنها ، فهي ﻻ‌ تريد احد أن يقترب منه .أخذت نفسا عميقا وهي تقول في سرها ( هذا الرجل لي وﻻ‌ أسمح ﻷ‌حد أن يقترب منه) ، وبعد دقائق عادات أمل وعماد خلفها ممسكا بلجام الفرس . دعتها لركوب الفرس فأجابت بنبرة غاضبة بأنها ﻻ‌ تحب الحيوانات ..

قالت جملتها واستدارت لنسرين وأمل وطلبت منهما المشي بين اﻷ‌شجار، وذهبن مبتعدين عن عماد الذي امتطى الفرس واتجه لﻺ‌سطبل ثم عاد إلى اﻻ‌ستراحة ليجلس بصحبةأمه .وعندما بدأت الشمس تستعد للغروب استأذنها للخروج لرؤية الشمس وهي تذوب بين أحضان السماء ، كان يعشق غروب الشمس ومنظر شروقها ويرى فيهما إعجازا إلهيا كبيرا ..

خرج يتمشى ببطء ويراقب الشمس الغاربة وتفكيره محصور بكاميليا . أحس بأن حبه لها ليس عاديا وبأن قلبه الصغير يحمل حبا كبيرا ولهفة يشعر بها للمرة اﻷ‌ولى في حياته . تمنى لو يصرخ باسمها ويسمعه الجميع ويعرفون بحبه، تمنى لو يذهب إليها ويضمها بين ذراعيه لتذوب بين أحضانه كما تذوب الشمس بين أحضان السماء أمام أعين الناس جميعا بدون خجل .

عاد لمنزله بعد يوم ممتع قضاه في مزرعته وما أسعده أكثر هو المفاجأة السارة التي أعدتها له كاميليا عندما جاءت مع عائلته . تناول عشاءه مع والديه وصعد لغرفته وبدأ يستعد للنوم ، وقبل أن ينام أمسك بالهاتف ليحادث كاميليا ، كان يريد إخبارها بأنه غارق في حبها حتى أذنيه ، لكن لهجتها في الحديث بدت متغيرة ..

لم تكن قادرة على منع نفسها من الشعور بالغيرة رغم اقتناعها بأن عماد وأمل كاﻷ‌شقاء تماما . أخبرته بذلك وطمأنها وأكد لها بأن أمل مثل نسرين وندى تماما وأستسلم للنوم بعد حديث طويل ..

أستيقظ خائفا قبل شروق الشمس بلحظات عندما رأى كاميليا في المنام تتمشى على شاطئ البحر واﻷ‌مواج تفصلها عنه وهي تهرب من رجل بشع المنظر ،كانت تناديه وتطلب مساعدته وهي تبكي بحرقة وهو ﻻ‌ يستطيع مساعدتها وبعدها سقطت الحجارة من فوقه ..

بلع ريقه وتعوذ من الشيطان ونهض من السرير وشرب كوبا من الماء وعاد إلى سريره مجددا وهو يفكر بهذا الحلم الذي يراه للمرة الثالثة ويتكرر بنفس تفاصيله .
"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
كل الشكر لمن مر ‏​مَـٍﮯـَِنِ هنا

يسعدني متابعتكم أحداث الرواية

حفظكم الله
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
الفصل الثاني عشر



"استيقظت كاميليا من نومها قرابة الخامسة عصرا ، غسلت وجهها بالماء البارد ووضعت الكريم المرطب برفق. كانت تنتظر اتصال عماد بعد ما ينتهي من زيارة المهندس المشرف على التصميم المنزل داخليا ..

أخرجت من حقيبتها محاضرة مادة اﻷ‌حياء الدقيقة وبدأت تقرأها وهي تتذكر صورة الدكتور عبد الرحمن وهالة الرعب التي يحيط بها نفسه . كان يخيفهن ويهددهن بأنهن لن يتمكن من اﻹ‌جابة على أسئلته في اﻻ‌متحان ، وحالما رن هاتفها وعماد هو المتصل ألقت المحاضرة جانبا وأجابته ..

أخبرها باتفاقه مع المهندس في تأثيث المنزل بطابع إيطالي كﻼ‌سيكي بفخامة فوافقته . حدثا ككل يوم وطلب منها مﻼ‌قاته فاعتذرت برصانة وذكرته بأنهما يعيشان في القطيف وليسا في باريس . سألها عن الفرق بين الحب في القطيف وباريس ، فأخبرته بأن الفرنسيين هم أكثر شعوب اﻷ‌رض حرية في التعبير عن مشاعرهم ، والسعوديين أقلهم . لم يقتنع بكﻼ‌مها فالحب بالنسبة له ﻻ‌ يتأثر بالجنسية ..

قالت له بعفوية:

- لقد زرت باريس مرة وأنا في المرحلة المتوسطة وذهلت عندما رأيت عاشقان يتطارحان الغرام تحت ظل شجرة في إحدى الحدائق وودت لو طلبت لهما الشرطة .

لم يكن عماد يحب السفر كثيرا . زار القاهرة وسوريا وبيروت مع عائلته ، وقبرص وأثينا في طفولته .أصبح السفر مع عائلته هو اﻷ‌فضل بالنسبة إليه ، فسمعة الرجال السعوديين الذين يسافرون لوحدهم بالخارج سيئة ويعتبرها تهمة ﻻ‌ يريد أن تلتصق به ، كان يذهب إلى دبي للمشاركة في اﻻ‌ستثمارات العقارية والمالية بين وقت وآخر.سكت للحظات وتذكر الموضوع الذي كانا يتحدثان به قبل الحديث عن السفر ،.

فسألها:

- ولماذا ﻻ‌ تودين لقائي ؟

بلعت ريقها وقالت:

- هربا من عيون المتلصصين ..فهم .. يعتقلون الحب .. وربما يغتالونه أيضا .

سكت للحظة وهو يفكر بما قالته وأحس بأن عبارتها قاسية ، وأكملت :

-إنها الحقيقة ولذا أريد أن أجعل حبنا سرا .. يقولون بأن أصعب حب هو الذي ﻻ‌ تستطيع البوح به .. في مدينتنا هو عيب وقلة أدب وعلينا أن نخفيه .

فلحت هذه المرة في التملص من لقاءه برغم اشتياقها إليه . تريد من هذا الحب أن يكبر أكثر ويبقى حرا وطاهرا ونقيا . ﻻ‌ تريده كالحب الذي تسمع عنه ..

شاب مراهق يلقي برقم هاتفه في ورقة على مجموعة فتيات وأي واحدة تلتقطه وتحادثه تكون حبيبته .أو حب فتاة تعجب بشاب يدرس معها كما يحصل لزميﻼ‌تها وتختاره حبيبا وتبدأ قصة حب بائسة تحسدها عليها طالبات اﻷ‌قسام النظرية وكليات البنات الﻼ‌تي ضاعت من بين أيديهن فرصة التعرف بشاب قد يصبح زوج المستقبل . حبها لعماد مختلف فلقد التقت عيونهما وأرواحهما في نقطة واحدة ، كنقطة التقاء السماء بالبحر .


كان عماد في طريق عودته إلى المنزل عندما أتصل بكاميليا مباشرة وأخبرته بأنها ستذهب مع شذى إلى المكتبة لشراء جهازيّ كمبيوتر محمول لكل منهما . عرض عليها فكرة الذهاب إلى هناك ليراها فرفضت ﻷ‌نها ستمر بنسرين وستذهب معها ..

تنهد واكتفى ببعض التوصيات بشأن مواصفات الجهاز المناسبة وأنهى المكالمة وفكرة الذهاب لرؤيتها هناك تداعب تفكيره . سيذهب وإذا رأته نسرين وسألته سيلفق لها أي إجابة . حسم أمره وذهب إلى المكتبة الواقعة في كورنيش الدمام .أوقف سيارته في الموقف ودخل متجها بسرعة لقسم الكمبيوتر.

بحث عنها بعينيه وهو يصطنع النظر باهتمام لبعض اﻷ‌جهزة المعروضة وينتقل من جهاز ﻵ‌خر حتى وجدها وهي تتحدث مع أحد الموظفين الفلبينيين وبصحبتها نسرين وشذى . أقترب منهن أكثر وراح يسأل أحد الموظفين عن برنامج حماية جيد للكمبيوتر ..

التفتت كل من نسرين وكاميليا له في اللحظة ذاتها ابتسم وهو يتصنع المفاجأة . سأل أخته إذا ما كانت بحاجة لشيء ما فأخبرته بأنها جاءت من أجل كاميليا التي أشاحت بوجهها عنه وذهبت مع أخته لقسم المحاسبة . اشترى البرنامج الذي سأل عنه ودفع ثمنه وخرج دون أن يحظى بكلمة أو نظرة..

عاد لمنزله وجلس على مكتبه وهو ينتظر اتصالها . لم ينم كالمعتاد ولم يقرأ جريدته وظل ينتظرها . اتصلت به في التاسعة ووبخته للحاقه بها فهو لم يجد فرصة مناسبة ليكلمها وسرعان ما هربت منه عندما رأته ..

أعتذر منها فهو لم يتمكن من لجم عنان نفسه عن الذهاب إلى المكان الذي توجد فيه ليراها ولو للحظة .أخبرها بأنه يحبها ومستعد لرؤيتها حتى لو كانت ثانية واحدة . ظل يتحدث معها حتى نام دون أن يتناول غذاءه وعشاءه .
"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
الفصل الثالث عشر


"
تمددت كاميليا على سريرها في غرفتها المظلمة ، ونور الشمعة المعطرة برائحة الخزامى تبعث بضوء خافت ورائحة عطرة تركت أثرها في أرجاء الغرفة . كانت تفكر بعماد وكيف ستسافر عنه وتتركه ﻷ‌سبوعين . تمنت لو أن هذا السفر يلغى ﻷ‌ي سبب. تمنت لو يتأخروا عن موعد الطائرة وتقلع عنهم لتبقى هنا وﻻ‌ تبتعد عنه أبدا ،.

حتى ولم تراه فيكفي بأن تحسه قريبا منها وتجمعهما مدينة واحدة . لم تتخيل أنها ستسافر خارج البﻼ‌د بعيدة عنها وتفصلها عنه آﻻ‌ف اﻷ‌ميال ، وكيف ستقضي أربعة عشر يوما في مدينة العشق والرومانسية وحبيبها بعيد عنها . ستحسد باريس بالتأكيد وعشاقها يأتوها من كل مكان وهي وحيدة ومن تحبه سيبقى بعيدا عنها . أحست تلك الليلة بأنها ﻻ‌ تحبه فالحب قليل ، وهي تعشقه ومجنونه بهواه لدرجة ﻻ‌ تصدقها .

تلك الليلة بالذات أقرت واعترفت بخشوع وطمأنينة أمام نفسها وأمام شمعة التي تراقص لهيبها بسبب لفحات هواء المكيف بأنها تحب عماد بشكل يخرق حدود الطبيعة . حب هي لم تتوقعه ولم تفكر به . حب خارج عن المألوف كمن تحبه تماما فهو رجل غير عادي في كل شيء ، بتفكيره وبأخﻼ‌قه ونبله ..

ظلت تنتظر اتصاله وهي تعد الساعات المتبقية لها قبل أن تقلع الطائرة في التاسعة صباحا . ظلت تنتظر اتصاله والوقت يتقدم والشمس توشك أن تشرق . نهضت من سريرها ورفعت ستارة نافذتها لتنظر إلى الشمس وهي تبعث نورها تدريجيا على كل الدنيا.وعندما فقدت اﻷ‌مل في اتصاله بها أمسكت بهاتفها واتصلت به عدة مرات ولم يجبها . تساءلت إذا ما كان نائما ، ولكن كيف يستطيع النوم بدون سماع صوتها وخصوصا أنها مسافرة للخارج .

رجعت إلى فرشفها وظلت تتقلب وهي تراقب الشمعة التي بدأت تذوب تدريجيا . أحست بقبلها يذوب مثلها والقلق بدأ يزداد في نفسها .. تتساءل عن سبب عياب عماد وعدم اتصاله وهو الذي لم يفعلها يوما . ثﻼ‌ث سنوات وهو يتصل بها صباحا ، وبين المحاضرات ، وبعد عودتها من الجامعة وقبل أن تنام .

ظلت يقظة حتى استيقظ الجميع فرحين بالسفر لقضاء إجازة الصيف في باريس بعد انقطاع السفر منذ خمس سنوات . جاءتها الصغيرة هديل تدعوها لتناول الفطور معهم . لم تكن كاميليا قادرة على التفكير باﻷ‌كل وهي ﻻ‌ تعرف عن عماد منذ اﻷ‌مس . ذهبت إلى غرفة شذى بقلقها ، وقالت لها والدموع مترددة في الخروج من عينيها المتعبتين من السهر :

- هذه المرة اﻷ‌ولى التي يتصرف معي بهذه الطريقة ..أنا خائفة وﻻ‌ أعرف ما الذي حدث له ؟..أخشى أن مكروها قد أصابه.

اقترحت شذى عليها اﻻ‌تصال بنسرين فإذا كان عماد مصابا بأذى ﻻ‌ سمح الله ستخبرها ،واتصلت بها وردت عليها بمرحها المعتاد وأخبرتها بأنها في المنزل تشاهد فيلما مع أمل . تمنت لو تسألها عن عماد لتطمأن عليه ولكنها ﻻ‌ تستطيع فهي ﻻ‌ تعلم شيئا عن عﻼ‌قتها به ..

مضت الساعة اﻷ‌خيرة بسرعة وبدأت تستعد للخروج وهي تنتظر لهاتفها كل حين لتتأكد من عدم وجود مكالمات لم يرد عليها ، فربما أتصل بها عماد وهي لم تنتبه . ركبت السيارة وتوجهوا إلى مطار الدمام وبدأ والدها بإجراءات السفر وهي وأمها وأختيها جالسات على المقاعد ، وفجأة رن هاتفها فأخرجته بسرعة من حقيبتها إﻻ‌ أن المتصلة كانت أمل . تحدثت معها ومع نسرين وبدأت تنتظر اتصال عماد فقد كان آخر حديث بينهما عصر اﻷ‌مس .

ذهبت مع عائلتها إلى صالة المسافرين وجلسوا ينتظرون موعد ركوب الطائرة ، وهي مازلت مشغولة الفكر فأخرجت هاتفها ولتصلت بعماد لم يرد أيضا . ركبت الطائرة وجلست بجانب شذى في الجانب ايمن من الطائرة ، والديها وهديل في المقاعد الوسطى ، وبدأ المضيف بطلب من الركاب ربط أحزمة اﻷ‌مان وإغﻼ‌ق جميع أجهزة الجوال ، فأغلقت هاتفها مرغمة بعد أن يئست من اتصال عماد .

مضت ساعة على إقﻼ‌ع الطائرة وكاميليا مازالت قلقة وتفكر بعماد وتحاول إيجاد مبرر لتصرفه الغريب معها ، وبعد قليل جاء المضيف يوزع عليهم سماعات اﻷ‌ذن والصحف فأخذت منه نسخة من جريدة اليوم علها تمنع نفسها من التفكير ولو قليﻼ‌ . قرأت الصفحة اﻷ‌ولى فقط ووضعتها في جيب الكرسي الذي أمامها . وضعت سماعة اﻷ‌ذن وراحت تتسلى بسماع اﻷ‌غاني ، وعندما بثت أغنية السيدة فيروز ، تذكرت عماد الذي فاجأها بهذا الجفاء . دعت ربها أن يكون بخير ونذرت باﻻ‌ستغفار ألف مرة إن كان عماد يخير ولم يهجرها .

" بعدك على بالي يا قمر الحلوين.
يا سهر بتشرين يا ذهب الغالي
بعدك على بالي يا حلو يا مغرور.
يا حبق ومنتور على سطح العالي"

تذكرته رغما عنها والدمعة الحائرة مازالت ترقص بين رمشيها حتى غفت ، واستيقظت على صوت شذى وهي تعلمها بنزول الطائرة في مطار بيروت قبل إكمال الرحلة إلى باريس. أمضت ساعتين مع عائلتها في صالة اﻻ‌نتظار بالتفكير والقلق بعكس أختها التي ظلت تبحث عن فنان أو فنانة للتصوير معهم .

جلست ساهمة وأفكارها في القطيف تسأل عن عماد وعن سبب الجفاء المفاجئ . هبّت مسرعة من مقعدها وأختها تقترب منها وتقول لها بأنها رأت نجوى كرم في صالة كبار الشخصيات ، وابتسمت والديها وأختها يضحكون عليها فلقد شربت المقلب بسهولة ..

مضت الدقائق اﻷ‌خيرة وهاهم اﻵ‌ن يستعدون لركوب الطائرة من جديد متجهين إلى باريس . دخلت الطائرة وأعطت المضيفة تذكرة الصعود لتدلها على مقعدها ..

يتبع ...
"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
"مشت قليﻼ‌ إلى الداخل رأته يجلس في مقعد خلفها بأربعة مقاعد ينظر إليها بابتسامته وبجاذبيته وسحره . لم تكن مصدقة بأنها تراه اﻵ‌ن في الطائرة بعد طول اﻻ‌نتظار والقلق والحيرة والخوف من إصابته بمكروه . تمنت لو تضربه بأي شيء بعد ما فعله لكنها ﻻ‌ تستطيع حتى إطالة النظر له والديها بقربها ..

كانت تريد أن تعرف كيف لحق بها ولماذا لم تراه في مطار الدمام . لم تعرف بأنه كاد يجن عندما لم يراها وعائلتها على متن الطائرة المغادرة من الدمام فلقد أراد أن يفاجئها وخاف أن ينقلب السحر على الساحر . ظل قلقا وتنفس الصعداء عندما لمحها في صالة اﻻ‌نتظار في مطار بيروت بعد أن خفت زحمة المسافرين .

هبطت الطائرة في مطار " شارل ديغول" في باريس ، وركبت كاميليا مع عائلتها في سيارة أجرة متوجهين للفندق وكانت الشمس توشك على الغروب . تشتت نظرها بين باريس المفعمة بالحركة والممتدة على ضفاف نهر السين الذي يقسمها لضفتين ، وبين عماد الذي يتبعهم بسيارة أجرة أخرى. خافت أن ينتبه لها والدها ، فسخرت عينيها للنظر إلى شوارع باريس الفسيحة ومعالمها السياحية وجسورها ومنتزهاتها وأبنيتها الفخمة والعريقة ..

وصلت مع عائلتها إلى "فندق كوست" القابع في شارع " سانت اونوريه " الواقع على مسافة قصيرة من ساحة " الفاندوم" اﻷ‌نيقة في ذلك الحي المحاط بالمتاجر الفخمة .

دخلت إلى الجناح الذي حجزه والدها والمكون من صالة وغرفتين نوم وشرفة صغيرة تطل على الشارع . رتبت مﻼ‌بسها في الدوﻻ‌ب مع شذى وفرحتا ﻷ‌ن هديل ستنام مع والديها ولن تزعجهما . كانت تريد اﻻ‌تصال بعماد لتتحدث معه ولتعرف إذا ما كان سيقيم معهم في الفندق ذاته فهي لمحته وهو ينزل حقيبته من سيارة اﻷ‌جرة ويتوجه إلى موظف اﻻ‌ستقبال . ظلت مع أختها تتحدثان في غرفتهما حتى اتصل بها عماد ..

كادت تطير من الفرح وهي تسمع صوته ، قال لها بدفء بأنه فعل المستحيل لكي يكون قريبا منها ويقطن في الغرفة المﻼ‌صقة لجناحهم . ضحكت بدﻻ‌ل وقالت له:

- فاجأتني .. وحتى هذه اللحظة لست مصدقة بأنك معي في باريس .

- جئت ﻷ‌علن لكِ حبي.. ومن أعلى برج إيفل سأصرخ أمام الناس جميعا بأني أحب كاميليا الناصر .. وسأجدد وعدي لكِ فأنتِ الملكة وهواكِ سلطان على قلبي.

سألته عن مدة إقامته فهي تعرف بأنه ﻻ‌ يحب السفر ، أخبرها بأنه سيبقى ﻷ‌سبوع فلديه الكثير من العمل كما أن رحلته لم يكن مخططا لها . سألها بشوق :

- هل ستخرجون لتناول العشاء في الخارج ؟..أريد أن أراكِ.

- والدي متعب قليﻼ‌ ويفضل تناول العشاء في مطعم الفندق .. وغدا سنبدأ جولتنا في المدينة.

وعدها بأن تجده أقرب من ظلها إليها فهو سيتبعها ﻷ‌ي مكان تزوره. وعندما نزلت مع عائلتها إلى المطعم وجدته أمامها يراقبها وهي خائفة أن يكتشف والدها أمرهما .

انتصف ليل باريس وكاميليا مازالت يقظة تفكر بعماد وهي مستلقية على سريرها . شعرت بسعادة تغمرها للحاقه بها ، كانت واثقة من أن الشوق والحب هما الدافع . رن هاتفها الجوال واتصل بها من تفكر به يطلب منها مﻼ‌قاته في بهو الفندق ..

رفضت في بادئ اﻷ‌مر وسرعان ما رضخت ﻹ‌لحاحه ، وبعد أن تأكدت من نوم والديها وشقيقتيها وضعت الحجاب المزركش على رأسها ولبست عباءتها التي قررت اﻻ‌ستغناء عنها في باريس فلم تحبذ أن يراها بمﻼ‌بس النوم . توجهت ببطء اللصوص نحو باب الجناح وقلبها يخفق بقوة وكأنها ترتكب جريمة وسيحكم عليها باﻹ‌عدام عندما يفتضح أمرها ..

وما أن فتحت الباب وتقدمت خطوة واحدة خارج الجناح الخاص بهم حتى رأته أمامها يقف على بعد خطوات يمسك بورود بيضاء . اقترب منها وأعطاها إياها ، قال لها بابتسامة :

- حتى ورود الكاميليا الباريسية ..أنتِ أجمل منها . شكرته بابتسامة حب ممزوجة بالوجل ،.

وقالت له هامسة :

-سأدخل اﻵ‌ن ..أنا خائفة وقلبي ينبض بقوة ..أشعر بأن صوته مسموع في باريس كلها .

حاول أن يقاوم نفسه وهو يرغب بضمها إليه ، فاقترب منها وأمسك بكتفيها وقال لها برقة :

- أنا أحبكِ .. وتعبت من طول اﻻ‌نتظار.

كان وجهه قريبا منها وﻷ‌ول مرة تراه بهذا القرب . راحت تتأمل عينيه السوداويين وهما تتفحصان وجهها بشوق وتشعر بحرارة أنفاسه . أغمضت عينيها وهو يقترب منها أكثر ويلثم وجنتيها برقة ..

شعرت بأنها ستفقد الوعي وهو يقبل زاوية فمها بشغف ، فابتعدت عنه بسرعة ودخلت وأقفلت الباب بدون أن تنطق بكلمة وتودعه .

استلقت على سريرها وغطت نفسها باللحاف وهي تتذكر نفسها بين يديه وكيف قطف منها أول قبلة . لم يعد حبهما طاهرا كما قال الشيخ ،و لكنها أصرت على أن حبهما طاهر رغما عن الشيخ والمجتمع ورغما عن الدنيا بأسرها ، ما دامت هي مقتنعة بأنها لم تخطئ . خبأت الورود تحت لحافها وأغمضت عينيها لتجبرهما على النوم بعد هذه المفاجأة والورود والقبلة .
"
 

حكاية حرف

¬°•| تَرْجَـِoـِةُ إحْـِωـِآسُ |•°¬
إنضم
22 مايو 2010
المشاركات
2,429
الإقامة
في قرية التوت
رواية جداً جميله

أنتظر التكملة بشغف

تحياتي وشكري لكِ red-crab1
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
رواية جداً جميله

أنتظر التكملة بشغف

تحياتي وشكري لكِ red-crab1





حياك الله أختي فــٍَّـٍَّـٍَّـٍَّي الله
شــٍَّـٍَّـٍَّـٍَّــٍَّـٍَّـٍَّـكراٍَّ جزيلا لمرورك الكريم
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
"الفصل الرابع عشر

مياه السين هادئة في هذا النهار المشمس والقوارب تحمل السائحين في نزهات نهرية لرؤية معالم المدينة بشكل واسع ، والمنظر خﻼ‌ب من على جسر "ألكسندر الثالث" المذهب ، أو جسر العشاق كما يسميه الباريسيون ..

وقفت كاميليا تراقب القوارب والناس وهي تلمح عماد واقف على مسافة بعيدة منها حتى ﻻ‌ يلحظه والدها ، يراقبها من بعيد ويتحين الفرصة لﻼ‌قتراب منها . وأثناء التقاطها لبعض الصور التذكارية تعمدت أن تلتقط له عددا من الصور وهو واقف ينظر إلى النهر من على الجسر وبعيدا عنها .

جلست مع عائلتها على أحد مقاهي الجسر المنتشرة تشرب القهوة الفرنسية وقلبها مع عماد القريب والبعيد في الوقت نفسه ، كانت تتمنى لو تمسك بيده وتتمشي على هذا الجسر كبقية العشاق الذين يظهرون حبهم أمام جميع الناس بالقبﻼ‌ت والعناق والورود . تريد أن يكونا قريبين من بعضهما أكثر ويتقاسمان كل شيء حتى نسمات الهواء التي تدخل لرئتيهما ..

تريد أن تكون معه في رحلة بحريه واحدة بدﻻ‌ أن تقضي ساعة من الوقت وهي في قارب وهو قارب آخر يراقبها ويحرسها بقلبه المتلهف . تمنت أن تجلس معه في طاولة واحدة في جادة الشانزلزيه تشرب القهوة بدﻻ‌ من أن تجلس في طاولة وهو في طاولة أخرى ويتواصﻼ‌ بالنظرات . تمنت لو تستمع لحديثه وغزله وهو يجلس معها بين اﻷ‌زهار الزاهية والتماثيل التي تخلد شخصيات تاريخية بارزة في حدائق "اللوكسمبورغ"

كانت تتمنى أن تصعد معه لقمة برج إيفل في ساعة الغروب كما فعلت ذلك اليوم ، وتستمع له وهو يصرخ بأنه يحبها . لكنها كانت في قمة البرج وهو بعيد ﻻ‌ يستطيع اﻻ‌قتراب منها وعائلتها تحيط بها كحراس يحرسون ملكتهم . تمنت لو كان بصحبتها وهي تتسوق في أسواق الزينة والعطور واﻷ‌زياء واﻷ‌ناقة ..

أرادت أن تكون في باريس معه فقط. ولكن ﻻ‌ فائدة فها هو اﻷ‌سبوع سينقضي ولم يستطيع عماد أن يكلمها وجهه لوجه سوى تلك الليلة التي قبّلها ﻷ‌ول مرة ولم تتكرر رغم طلبه منها . كانت خائفة وتريد لحبها أن يبقى بعيدا عن الفعل لكي تكون مرتاحة البال ..

كان يتحدث معها يوميا ويتغزل بها من بعيد ، ويعشق عينيها العسليتين المزينتين بالكحل اﻷ‌سود دائما ، وحبة الخال الصغيرة بجوار زاوية فمها لها مكانة خاصة في قلبه . كان معها بعيدا وقريبا ، يراها وﻻ‌ يستطيع أن يقترب منها كثيرا كما يتمنى . يود أن يقول لها بأنه معجب بجمالها وأناقتها أكثر في باريس وبأنه سيفقد عقله كلما رأى خصرها يتمايل أمامه ولكنه يؤجل الحديث لحين عودته إلى الفندق.

كل ليلة يطلب منها مﻼ‌قاته أمام باب جناحهم الخاص وهي ترفض فﻼ‌ تريد لما حدث في تلك الليلة أن يتكرر . ومضى اﻷ‌سبوع وحان موعد عودته ، ووافقت على لقاءه في بهو الفندق في ليلته اﻷ‌خيرة .

خرجت للقائه وحجابها المزركش على رأسها بعد أن تعمدت جعله ينتظرها ﻷ‌كثر من نصف ساعة . وجدته مستندا على الجدار وما أن رآها حتى اقترب منها . أمسك يدها وهي تتلفت وراءها كل دقيقة . حاول أن يضمها إليه فقاومته بادئ اﻷ‌مر وسرعان ما استسلمت له وهو يحيطها بذراعه ويشمها . همس في أذنها بأنه يحبها وينتظرها في القطيف . طلبت منه أن يتصل بها حالما تحط طائرته في أرض المطار لتطمأن عليه أخرجت نفسها من بين ذراعيه وودعته ودعتّ أن يصل بالسﻼ‌مة .

******

يتبع ....
"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
""بكتب اسمك يا حبيبي ع الحور العتيق
تكتب اسمي يا حبيبي ع رمل الطريق.
ولما بيدور السهر تحت قناديل المسا.
يبقى اسمك يا حبيبي واسمي بينمحى "

قاد سيارته التي تركها في المطار عائدا إلى منزل والديه الذي وجده خاليا كالعادة . دخل لغرفته واستحم واتصل بأخته نسرين وأخبرته بوجودها مع والديها في منزل ندى لتناول الغذاء فذهب إليهم هناك ..

نهضت أمه بسرعة تعانقه وكأنه غلب عنها ﻷ‌شهر وعانقه والده وأختيه وابن عمه وابنتيّ أخته الصغيرتين فهم لم يتعودوا على غيابهم عنهم . تناول غذاءه وهو يتحدث معهم عن رحلته القصيرة وكيف أفادته في تجديد نشاطه وكيف استمتع في باريس التي يزورها للمرة اﻷ‌ولى وبالطبع حذف اسم كاميليا من حديثه ، ولكن نسرين أخبرته بأنها سافرت مع عائلتها في اليوم ذاته ..

قالت ندى مخاطبة زوجها :

- سأخطط لرحلة طويلة في الصيف القادم ..أريد أن أذهب ﻹ‌يران ومن ثم أعرج بيروت وأختم الرحلة في جنيف أو مدريد فأنا لم أسافر منذ سنوات .

- ﻻ‌ أستطيع ترك العمل .

وقالت اﻷ‌م ﻻ‌بنتها :

- الناس يحسدونا على الفاضي .. سنسافر إلى شرم الشيخ لمدة أسبوع وهذا أضعف اﻹ‌يمان .. سافري معنا ودعي عماد يحجز لكِ مع الطفلتين .

وأكملت وهي تضحك :

- ماذا نفعل بأزواجنا إذا كانوا ﻻ‌ يحبون السفر ويفضلون العمل .. علينا أن نتركهم ونسافر مع أوﻻ‌دنا..

أستمر الحديث الودي بين عماد وعائلته حتى غادر الجميع منزل ندى قبل غروب الشمس وعادوا إلى المنزل وأخرج لهم عماد الهدايا التي أشتراها للجميع ..

أخرج معها اللوحات الزيتية والتحف التي اشتراها من باريس ليضعها في منزله ومنها مجسم نحاسي لبرج إيفل يبلغ ارتفاعه متر اشتراه ليكون ذكرى لﻸ‌سبوع جمعه بكاميليا في باريس ، وقرر أن يضعه في صالة منزله في ركن فرنسي خاص يمثل هذه الذكرى.

***.
أستيقظ عماد من النوم في الساعة التاسعة والنصف على صوت رسالة نصية وردت في هاتفه ، وبعثت بها كاميليا.

( بونجور دودي .. اشتاق لك كثيرا وتمنيتك معي وأنا أزور متحف اللوفر .. تجولنا في المتاحف اﻻ‌نتيكا والخزف والمجوهرات .. صدقني بأن باريس بانتعاشها وحيويتها وسحرها بدت كئيبة بعد سفرك ) ، وجاءت الرسالة الثانية لتكمل حديثها وقرأها واﻻ‌بتسامة تعلو شفتيه ( والدي يفكر في تمديد إقامتنا ﻷ‌سبوع ثالث وأمي تشجعه وأنا ﻻ‌ أريد .. وغدا سنذهب إلى دزني ﻻ‌ند الباريسية وسنقضي ثﻼ‌ثة أيام هناك ومن ثم سنعود لقلب باريس ) ..

نهض من فراشه وغسل وجهه وحلق ذقنه وارتدى مﻼ‌بس صيفية مريحة بعيدا عن المﻼ‌بس الرسمية التي يلبسها في العمل ، قرر عدم الذهاب إلى الشركة ذهب لمنزله ليطمأن على سير العمل وخصوصا أنه سافر إبان قدوم الرسام اﻹ‌يطالي ومعاونيه الذين أتى بهم لرسم اللوحات الخاصة بسقف المنزل ..

كان المنزل في المرحلة اﻷ‌خيرة وبقي إنهاء عمل اللوحات في السقف ومن ثم صبغ المنزل من الداخل وإكمال تثبيت الواجهة الحجرية للمنزل من الجهة الخلفية والسور . وبعدها تبدأ مرحلة التأثيث .

"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
"
الفصل الخامس عشر

رتبت كاميليا مﻼ‌بسها الجديدة التي أشترتها من باريس في الدوﻻ‌ب وهي تشعر بفرح لعودتها بعد ثﻼ‌ثة أسابيع من السفر . شعرت بحنين إلى الوطن وحنين لعماد بشكل خاص . أحست بالشوق يدغدغها وبالحاجة الماسة لﻺ‌تصال به والتحدث معه مطوﻻ‌ . اتصلت به وتحدثت معه لمدة جاوزت الساعة ، وأخبرته بشوقها الذي بدأ يكوي أضلعها فحاول أن يطفئ حرارة لهيب الشوق بإخبارها بحبه وشوقه لها ولليوم الذي يجتمع فيه شملهما ..

اخبرها بأن الحب قي قلبه يزداد يوما عن يوم وبدأ يخشى تأثيره على روحه ..

طلب منها اللقاء في أي مكان عام ، قال لها برقة :

- أنا مشتاق إليكِ وأريد رؤيتك ..أرجوكِ ﻻ‌ تعتذري ﻷ‌ي سبب .

أرادت أن تكون رزينة فاعتذرت منه وأردفت :

- قريبا نتزوج ونصبح لبعضا وأرجوك ﻻ‌ تلح عليّ كثيرا .

رضخ لرغبتها وإنتهى الحديث .

ومن ثم أخرجت دفترها الخاص بكتاباتها وأشعارها وخواطرها وأشواقها ورسائلها وأمسكت بالقلم وبدأت تكتب ..

"أحبك في كل اﻷ‌حوال.
في الحل والترحال.
في الليل والنهار.
وعندما تشرق الشمس وعندما تغرب.
أنا أحبك دائما .."

ثم كتبتها في جوالها وأرسلتها له في رسالة نصية وخبأت الدفتر في درج مكتبها ونزلت إلى المطبخ لترى أمها إذا كانت بحاجة إلى المساعدة أم ﻻ‌ فعمها عبد العزيز سيأتي لتناول الغذاء معهم ..

كان كل شيء جاهزا وبقيت السلطة فتطوعت شذى بإعدادها بسرعة قبل أن يأتي والدها ويغضب إذا وجد الغذاء لم يجهز بعد . جاء اﻷ‌ب وبصحبته العم عبد العزيز وابنه ناصر وكان لهذا الخبر وقعا قاسيا ومفاجئا عليها ..

بلعت ريقها وهي تفكر وتتساءل بينها وبين نفسها ( متى عاد ناصر من أمريكا ؟.. ﻻ‌بد انه عاد أثناء سفرنا إلى باريس .. عاد ليجثم كابوسا على قلبي .. ولكن ﻻ‌ يستطيعون إجباري على القبول به مهما فعلوا .. فلدي من أحارب من أجله ).

بدأت تساعد والدتها وأختها في ترتيب طاولة الغذاء بﻼ‌ رغبة وهي تشعر بالقلق ، وراحت تأكل ببطء وبﻼ‌ شهية وهي تﻼ‌حظ ناصر وهو يرمقها بنظراته المزعجة ..

شعرت بالغثيان وهي تجبر نفسها على البقاء على المائدة كي ﻻ‌ يغضب والدها العصبي المزاج والذي يغضب ﻷ‌ي سبب . وما أن إنتهوا من الغذاء حتى صعدت لغرفتها وبدأت تستعد ﻻ‌ستقبال صديقتها نسرين وأمل اللتين ستأتيان لزيارتها .

ارتدت بنطلون أسود وقميص حريري شفاف باللون ذات وتزينه دوائر بيضاء ، وربطت حول عنقها إيشاربا حريريا أبيض ورشت القليل من عطر "ألور" حول معصمها وخلف أذنيها ، والياقوت اﻷ‌حمر يزين إصبعها وبقيت في غرفتها تنتظر صديقتيها اللتين جاءتا في الساعة الرابعة ..

عانقتهما ،وبدأت تخبرهما عن رحلتها وكيف وجدت باريس تلك المدينة الرومانسية الحالمة بليلها الساحر ونهارها المفعم بالحركة والنشاط . راحت تحكي لهما عن الرحلة وكيف كانوا يشعرون بالسعادة لدرجة أن والدها مدد الرحلة أسبوعا ثالثا ، وأعطتهما الحقائب التي اشترتها لهما من متجر شانيل في باريس ..

انتقل مجرى الحديث إلى أهم اﻷ‌حداث أثناء غيابها ، ومن أهم ما حصل هو خطبة نسرين إﻻ‌ أن أمها رفضت العريس ﻷ‌نه من قرى القطيف . وبرغم من رفض نسرين فكرة الزواج قبل الثﻼ‌ثين ، إﻻ‌ أنها حمدت ربها ﻷ‌ن العريس لم يكن بالمستوى المطلوب ، فلو كان طبيبا متخرج من أمريكا ، أو أحد أبناء كبار العائﻼ‌ت لزوجتها به رغم عنها ولن يمنعها أحد.

*****.

يتبع ..

"__________________
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
"
عادت نسرين إلى منزلها بعد أن قضت وقتا طويﻼ‌ مع صديقاتها وجلست في الصالة بصحبة أمها وشقيقها يشاهدون التلفزيون بصوت منخفض وهم يأكلون الفاكهة وبعد دقائق جاءت ندى وحدها ،.

وقالت لهم بابتسامة :

- لدي خبر طازج .

سألتها أمها بفضول كبير عن فحوى الخبر ، فأخبرتهم بأن عصام يريد الزواج بأمل وتكلم مع فيصل وغدا ستذهب العمة نورة وزوجها من أجل خطبتها . بلعت اﻷ‌م ريقها وأخذت نفسا عميقا واستدارت نسرين قائلة :

- جيد ..أمل تستحق الزواج بابن عائلة .. الحمد الله بأنني لم أوافق على النخﻼ‌وي (القروي ) الذي تقدم لخطبتك .

بلعت ريقها وأردفت تقول ﻻ‌بنها:

- لقد كانت سلوى تلمح دائما برغبتها ورغبة زوجها بزواجك من ابنتها ..

ولكن سرعان ما وافقت على عصام فهو عريس لقطة .

تبادلت نسرين النظرات مع عماد وهما يبتسمان بصمت ، لكن اﻷ‌م قالت لنسرين :

- وهل يعقل بأنكِ ﻻ‌ تعرفين بهذا اﻷ‌مر ؟

ضحكت وأخبرتهم بالجزء الذي ﻻ‌ يعرفونه من الخبر وهو أن عصام تحدث مع أمل وأخذ منها الضوء اﻷ‌خضر ..

استدارت سميرة وجهها متجهم وقالت ﻻ‌بنها :

- عصام يصغرك بخمسة أعوام وهاهو سيتزوج ...

أما أنت فتريد أن تكون من جماعة العوانس من الرجال ..

تدخلت ندى عندما استشعرت غضب شقيقها وقالت:

- ما هذا الكﻼ‌م ياأمي .. عماد سيتزوج قريبا بكل تأكيد .

تأفف عماد منزعجا فقالت له ندى بابتسامة :

- ما رأيك يا أخي لو نبدأ بالبحث عن العروس ...

وفي الحقيقة هناك واحدة تعجبني وهي زميلة لي في المدرسة وهي جميلة وراقية ومن عائلة محترمة و تناسبك .

صرخت أمها فيها بصوت مرتفع ونفاذ صبر :

- ولماذا نبحث بين الفتيات والعروس المناسبة موجودة ؟..

حسب ونسب وجمال ودﻻ‌ل وذوق وأدب ..

ومنذ أن عادت من كندا وأنا أدعوا الله أن تكون من نصيب عماد .

وأكملت بنبرة أقل حدة تخاطب ابنها الساكت :

- صدقني يا ولدي .. ريم عروس مناسبة .. هي طبيبة وتعمل في مستشفى القطيف المركزي وستخصص في النساء والوﻻ‌دة ولن تتعامل مع الرجال المرضى ...

هي جميلة ورزينة ولن تجد أفضل منها أبدا .. كما أن عمتك أخبرتني بأن عادل ابن عم ريم قد تقدم لخطبتها للمرة الثانية ورفضته .

تأفف وقال لها بأنه ﻻ‌يريد الزواج حاليا ، وإذا غير رأيه مستقبﻼ‌ فهو سيختار المرأة التي يريدها وحتى ذلك الوقت سيبقى عانسا ..

قال جملته اﻷ‌خيرة وصعد لغرفته تاركا أنه تتذمر ، فلحقت به ندى مسرعة وبقيت نسرين تستمع لكﻼ‌م أمها فهي ﻻ‌ تجرؤ على الذهاب ﻷ‌ي مكان وهي غاضبة .

جلست ندى بجانب عماد والضيق باد على مﻼ‌مح وجهه الهادئة وقالت له بتفهم وهدوء كبيرين :

- ﻻ‌ تنزعج من كﻼ‌م أمي فهي ﻻ‌ تقصد إغضابك ولكن هذا هو أسلوبها .. هي تريد أن تراك متزوجا وسعيدا كبقية الشبان الذين في مثل سنك .. ماذا تنتظر يا أخي فالعمر يجري .

تنهد وقال بغضب وحدة :

- أمي باتت تزعجني ..أخبرتها مرارا بأني سأتزوج عندما أريد أنا ذلك ولكنها ﻻ‌ تفهم .. وتظل تتكلم وتعيد وتزيد في الموضوع وبأسلوب ساخر أيضا ..إذا أردت أن أتزوج بفتاة ما فﻼ‌ يهمني عائلتها وعملها أو تخصصها حتى ولو كانت طبيبة ذكورة .

ابتسمت وغمزته بعينيها وسألته :

- وهل هناك فتاة ما في بالك وتريد الزواج بها ؟..أخبرني .

ابتسمت عينيه السوداويين عندماﻻ‌حت صورة كاميليا أمامهما وأراد أن يخبرها وأصبح أسم كاميليا على طرف لسانه ،لكنه تذكر وعده لها بكتمان اﻷ‌مر فتراجع وقال ﻷ‌خته المنتظرة لجوابه بأن الوقت لم يحن بعد .

وتفاجأ عندما قالت بأنها تذكرت عﻼ‌ء الذي كان يقول بأنه سيتزوج أمل عندما يكبر . ترحم على أخيه وهو ينظر لخاتمه الياقوت وقال :

- قالها لي أكثر من مرة .

أمسكت بيده وطلبت منه وعدا بالزواج بعد أن ينتهي من تأثيث منزله مباشرة . قال لها مبتسما :

- أعدك .. وعد رجل لرجل .

ضحكت وطلبت منه أن يحجز لها وﻻ‌بنتيها معهم إلى شرم الشيخ وأصرت على أن يسافر معهن ، ولم تخرج من غرفته قبل أن تأخذ منه وعد آخر .


"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
"

الفصل السادس عشر.

علموني هنّ علموني.
على حبك فتحولي عيوني.
والتقينا وأنحكى علينا.
علموني حبك وﻻ‌موني ..


قاد سيارته متجها إلى "المجيدية "وهو يستمع لفيروز ، بعد أسبوع قضاه مع أمه وشقيقتيه في مدينة شرم الشيخ الساحرة ..

قضاه في مياه البحر يسبح ويحمل طفلتي أخته على ظهره ويلهو معهما ، ويركض مع نسرين على الشاطئ ، وندى وأمه منشغﻼ‌ت بمراقبة النساء بمﻼ‌بس السباحة ..

وذهلتا عندما وجدتا عدد من السعوديات الﻼ‌تي يسبحن بالبيكيني ومن ثم يجففن أجسادهن ويرتدين عباءاتهن . كم كان الشاطئ ساحرا وكأنه في مكان آخر من هذا الكوكب ..

تمنى لو كانت كاميليا معه في شرم . يسبحان سويا ويركضان على رمال الشاطئ ، وتغمرها أمواج البحر اﻷ‌بيض المتوسطة الرائعة ..

قرر أن يلف معها العالم كله عندما يتزوجان ، ليتركا أثرا منهما في كل أرجاء المعمورة .

صعد لغرفته وأتصل بكاميليا لكنها لم ترد عليه ، فأرسل لها رسالة نصية يطلب منها اﻻ‌تصال به للضرورة . يريد أن يقول لها بأنه يحبها ويشتاق إليها كثيرا وهذا أمر طارئ بالنسبة له ..

أستحم وأتصل بماجد يخبره بعودته من شرم ودعاه لزيارته .


نزل ليشرب الشاي مع والديه وأمه، وبسرعة استأذن والديه وصعد لغرفته وأمسك بجريدة " اليوم " وبدأ يقرأه وهو ينتظر اتصالها ، وعندما وصل إلى الصفحة الثقافية ، لفت نظره عنوان إحدى الزوايا (همسات من قلبي )..

((أحبك في كل اﻷ‌حوال
في الحل والترحال.
أحبك في الليل والنهار
وعندما تشرق الشمس وعندما تغرب.
أنا أحبك دائما ..

أحبك في وطني.
أحبك يا عزتي ويا أهلي ويا سندي.
أحبك كلما ابتعدت عنك.
وكلما اقتربت منك ..
أحبك في الغربة وفي الوطن.
أنا أحبك دائما ..

أحبك وعبير الورد يفوح.
وخيالك في قلب باريس يلوح.
أحبك بالقلب والعين وبالروح.
أنا أحبك دائما ..))
كاميليا الناصر.

راح يتأمل السم وتذكر مطلع هذه الكلمات فقد أرسلتها كاميليا له كرسالة نصية على جواله بعد عودتها من باريس . تأكد من ذلك واتصل بها لم ترد عليه وبعد مدة وجيزة اتصلت به ،.

قالت له برقة :

- لم أكن منتبهة لهاتفي عندما إتصلت .. حمد الله على السﻼ‌مة ..

ضحك وسألها :

- ومتى بدأتِ بالكتابة في جريدة "اليوم"؟.. سافرت ﻷ‌سبوع فقط وحدثت كثير من التغيرات .

- ساعدتني ناهد في نشر إحدى همساتي التي كتبتها لك .

وعدته بأن تكتب له همسة أخرى بين وقت وآخر ،.

وطلبت منه أن يتابع الصفحة الثقافية بإهتمام ..

كان معجبا بما كتبته ومشتاق إليها فدعاها للقائه واعتذرت فقال لها بنبرة مختلفة :

- أصبحتِ ترفضين لقائي باستمرار .

- وماذا أفعل؟.. عليك أن تتفهم وضعي .. بت أخاف أن يراني أحد معك.. هل ترضى لي ذلك ؟

وأخبرته بأن إحدى زميﻼ‌تها رأتها معه آخر مرة وتعرفت عليها رغم النقاب وراحت تسألها عنه . تنهد بقوة وطمأنها بأنه ﻻ‌ يريد أن يسيء لها أحد وإن كان ذلك على حسابه . أحست برغبته للقائها وبأنها قست عليه قليﻼ‌ فأخبرته بأنها ستحاول أن تنسق للقاء سريع في مطعم المجمع نهاية اﻷ‌سبوع .

ظل ينتظر نهاية اﻷ‌سبوع بفارغ الصبر ليراها . انتظرها في سيارته أمام المجمع وما أن لمح سيارتها تتوقف حتى نزل ووقف قرب البوابة ورآها تنزل من سيارتها وهي تضع النقاب على وجهها وطلبت من سائقها أن يذهب إلى الصيدلية ليشتري لها بعض الحاجيات ومن ثم يعود ﻻ‌صطحابها إلى البيت ..

اقتربت من البوابة وهي تمسك بحقيبتها ودخﻼ‌ إلى المطعم سويا .أزاحت نقابها أمامه فأنبهر بجمال عينيها وفهما البراق . أخبرها عن حبه وأشواقه فمنذ عودتها من باريس وهو لم يراها ..

طلب لها الكوﻻ‌ المثلجة وتفاجأت عندما أحضر لها كعكة التراميسو من محل الحلويات . ظل يراقبها وهي تأكل بلذة وضحكت وهو يقول لها بأنه يتمنى أن يكون مكان الشوكة التي تدخل فمها وتﻼ‌مس شفتيها ..

أخرجت من حقيبتها ميدالية زجاجية أنيقة محفور عليها آية الكرسي وتتدلى منها خرزة زرقاء صغيرة وطلبت منه تعليقها على مرآة سيارته لتحفظه من الشر والحسد . شكرها وقبل يدها ..

نهضت عندما أتصل بها سائقها يخبرها بأنه ينتظرها في الخارج . إتصل بها مجددا . طلب منها مﻼ‌قاته اﻷ‌سبوع القادم ولو لدقائق قليلة لكنها اعتذرت منه ، ففي الخميس المقبل سيعقد قرآن أمل بعصام وستحضر الحفلة لتحتفل مع صديقتها .

"
 

شاعرة الليل

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
11 أبريل 2012
المشاركات
377
الإقامة
ارض الله الواسعه
الفصل السابع عشر


غطت جسدها وعماد مستلقي بجانبها على العشب الأخضر ويده تتسلل بين وقت وآخر ليتحسس مكان ما تحت عباءتها . ضربته على يده موبخة فامسك بيدها وطبع قبلة رقيقة في باطنها . مدت له اليد الأخرى وهي ممسكة بتفاحة حمراء . قضمتها ويده تداعب كتفيها ، ثم سقطت في الماء وغاصت ولم تر عماد بقربها .

استيقظت فزعة وإستعاذت من الشيطان ومن هذا الهوى الذي غير مجرى أحلامها . كانت أحلامها رموزا غير مفهومة لا تجد لها تفسيرا ، ومنذ أن عرفت عماد وأحلامها حميمة .

عادت للنوم واستيقظت في الواحدة وبدأت تستعد للخروج مع صديقاتها إلى "الخبر " لتناول الغذاء . وبعد ساعة كن في السيارة يعبرن شارع الهدلة وهن يستمعن إلى موجة الإف أم .

تناولن الغذاء ثم ذهبن إلى المقهى في كورنيش الخبر. أحضر لهن العامل الفلبيني قهوتهن المفضلة وهن جالسات في القسم العائلي حيث يجلس الرجال والنساء سويا دون عوازل . استغربن وجود إحدى زميلاتهن في الجامعة بصحبة شاب يتلاطفان علنا رغم أنها غير مرتبطة .

- دعونا نحلل شخصية كل فتاة موجودة بناء على مظهرها .
قالت أمل ذلك تدعوهن لفتح باب النقاش في قضية الفتيات ، وابتدأن بامرأة مغطية بالسواد كليا وترتدي قفازات وجوارب سوداء سميكة وتجلس مع زوجها وطفلها . قالت كاميليا تعليقا عليها :

- مسكينة .. لو كنت مكانها لانتحرت ..الدين يسر .

ضحكت نسرين وقالت :

- ليس بالضرورة تدين .. ربما ترتدي هذه الأشياء رغما عنها أو للتستتر ..

ناقشن بالخصوص أوجه المرأة القطيفية من كل جوانبها . الفتاة التي تعرض نفسها في جميع المناسبات وحفل الزواج أمام الخاطبات . واللاتي يسجلن أسماءهن في الجمعيات الخيرية لدى الشيوخ .

واللاتي يبحن عن وظيفة إلى أن أصبح ثلاثة أرباع بنات القطيف مصورات وخبيرات تجميل على غفلة ، فامتلأت المدينة بالاستيوهات النسائية ومراكز التجميل التي أصبحت تنبت مثل الفطر . صرخت نسرين فجأة بشكل لفت إليها الأنظار ،

وبختها كاميليا عندما نظر لهن جميع الموجودين . قالت وعينيها ستخرجان من محجريهما :

- آخر خبر .. ابنة جيراننا ( اللي نحطهم تاج وقلادة) سافرت مع أمها وأختها إلى البحرين لتجهض البيبي وبعدها ستتزوج من والده .. وزوجة عمها أخبرت أمي بذلك .

- ولماذا يجهضونها مادامت ستتزوج به ؟

زمت نسرين شفتيها وقالت :

- والدها أصر على إجهاض الطفل الحرام .. وهنا حياة المرأة مرتبطة بولي أمرها ومالك هذا الجسد .. وهو سبب السعادة والنحس والشقاء والرفاهية .

انفعلت كاميليا وقالت :

- ولماذا تسكت النساء على هذا الحال ؟.. ويحاربن أي امرأة ترفع صوتها لتساعد بنات جنسها .

أجابت نسرين وأمل تهز رأسها باقتناع :

- لقد تعودن على التعاسة وعيشة الجارية التي تريد ملبسها ومأكلها وتنام مستورة .. لذا نحتاج ثورة ثقافية اجتماعية كبيرة .. أصبحنا نمجد القبيلة ونتحكم بشرائعها .. ونتمسك بالعادات والتقاليد على خلاف الدين .. العادات الجميلة تندثر والقبيحة تبقى .

__________________
 
أعلى