نبراس الهدى
¬°•| عضو مبتدى |•°¬
ثمار الاستغفار وفوائده :
للاستغفار فوائد عظيمة ، وثمار جمة ، منها :
أولاً / من فوائد الاستغفار :
أنه سبب لمغفرة الذنوب ، وتكفير السيئات :
قال تعالى : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } [ النساء110 ] .
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : " يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلاَ تَظَالَمُوا ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئاً ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ " [ أخرجه مسلم ،وقَالَ سَعِيدٌ _ أحد رواة الحديث _ : كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ] .
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ : " يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي ، فَإِنِّي سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ ، وَلَوْ لَقِيتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ، لَلَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ، وَلَو عَمِلْتَ مِنَ الْخَطَايَا حَتَّى تَبْلُغَ عَنَانَ السَّمَاءِ مَا لَمْ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي لَغَفَرْتُ لَكَ ثُمَّ لاَ أُبَالِى " [ أخرجه أحمد ].
وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ : " يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِى ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِى ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً " [ أخرجه الترمذي وغيره ] .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " [ رواه والبخاري ومسلم ] .
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما قَالاَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ ، نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ " .
--------------------------------------------
ثانياً / من ثمار الاستغفار :
أنه أمان من العقوبة والعذاب :
قال الله تعالى : { وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الأنفال33 ] .
وعَنْ أَبِى مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ : " أَمَانَانِ كَانَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، رُفِعَ أَحَدُهُمَا _ وهو النبي صلى الله عليه وسلم _ وَبَقِىَ الآخَرُ : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } .
فأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى ، والاستغفار كائن فيكم إلى يوم القيامة .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الاستغفار على نحوين : أحدهما في القول ، والآخر في العمل .
فأما استغفار القول : فإن الله يقول : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول } .
وأما استغفار العمل : فإن الله يقول : { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } ، فعنى بذلك أن يعملوا عمل الغفران ، ولقد علمت أن أناساً سيدخلون النار وهم يستغفرون الله بألسنتهم ، ممن يدعي بالإسلام ومن سائر الملل .
--------------------------------------------
ثالثاً / من فوائد الاستغفار :
أنه سبب لتفريج الهموم ، وجلب الأرزاق ، والخروج من المضائق :
ففي سنن أبي داود وابن ماجة ، ومسند الإمام أحمد وحسنه العلامة الشيخ / عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً ، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ " .
كلمات قليلة ذات تأثيرات عجيبة ، فالله سبحانه يرضى من عباده بالقليل ، ويجزيهم عليه بالكثير ، فأكثروا من الاستغفار ، أكثروا من الاستغفار ، والهجوا بألسنتكم لله الواحد القهار ، واعلموا أن فضائل الاستغفار لا تكون إلا للمستغفرين الله حقاً وصدقاً ، فليس الاستغفار أقوال ترددها الألسن ، وعبارات تكررها الأفواه ، إنما الاستغفار الحق ما تواطأ عليه القلب واللسان ، وندم صاحبه على ما بدر منه من ذنوب وآثام ، وعزم على ترك سفيه الأحلام والأوهام ، فهذه أركان التوبة النصوح التي أمر الله تعالى بها العباد ، ووعد عليها بتكفير الخطيئات ، والفوز بنعيم الجنات ، فقال عز شأنه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } .
فمن استغفر بلسانه ، وقلبه مصرّ على معصيته ، فاستغفاره يحتاج إلى استغفار ، قال الفضيل بن عياض رحمه الله : " استغفار بلا إقلاع ، توبة الكذابين " ، وقال بعض العلماء : " من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب ، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه " .
فحذاري أن تتخذوا ربكم هزواً ، ودينكم لعباً ، فقد قال الله جل وعلا : { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [ الجاثية9 ] .
--------------------------------------------
رابعاً / من ثمار الاستغفار :
أنه سبب لنزول الغيث وتوفر المياه ، والقوة في الأرض :
قال تعالى عن هود عليه السلام أنه قال لقومه : { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } [ هود52 ] .
فانظروا إلى عظيم رحمة الله بنا ، ومزيد فضله علينا ، أن رتب على الاستغفار عظيم الجزاء ، وسابغ الفضل والعطاء .
--------------------------------------------
خامساً / من فوائد الاستغفار :
أن كثرة الاستغفار والتوبة من أسباب تنزل الرحمات الإلهية ، والألطاف الربانية ، والفلاح في الدنيا والآخرة :
كما قال سبحانه : " لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " [ النمل 46 ] .
وقال عز وجل : " وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ، فرتب المولى جل وعلا ، الرحمة والفلاح ، والنجاة والصلاح ، على مداومة الاستغفار والتوبة من الذنوب .
للاستغفار فوائد عظيمة ، وثمار جمة ، منها :
أولاً / من فوائد الاستغفار :
أنه سبب لمغفرة الذنوب ، وتكفير السيئات :
قال تعالى : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } [ النساء110 ] .
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : " يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلاَ تَظَالَمُوا ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئاً ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ " [ أخرجه مسلم ،وقَالَ سَعِيدٌ _ أحد رواة الحديث _ : كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ] .
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ : " يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي ، فَإِنِّي سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ ، وَلَوْ لَقِيتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ، لَلَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ، وَلَو عَمِلْتَ مِنَ الْخَطَايَا حَتَّى تَبْلُغَ عَنَانَ السَّمَاءِ مَا لَمْ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي لَغَفَرْتُ لَكَ ثُمَّ لاَ أُبَالِى " [ أخرجه أحمد ].
وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ : " يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِى ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِى ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً " [ أخرجه الترمذي وغيره ] .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " [ رواه والبخاري ومسلم ] .
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما قَالاَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ ، نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ " .
--------------------------------------------
ثانياً / من ثمار الاستغفار :
أنه أمان من العقوبة والعذاب :
قال الله تعالى : { وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الأنفال33 ] .
وعَنْ أَبِى مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ : " أَمَانَانِ كَانَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، رُفِعَ أَحَدُهُمَا _ وهو النبي صلى الله عليه وسلم _ وَبَقِىَ الآخَرُ : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } .
فأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى ، والاستغفار كائن فيكم إلى يوم القيامة .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الاستغفار على نحوين : أحدهما في القول ، والآخر في العمل .
فأما استغفار القول : فإن الله يقول : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول } .
وأما استغفار العمل : فإن الله يقول : { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } ، فعنى بذلك أن يعملوا عمل الغفران ، ولقد علمت أن أناساً سيدخلون النار وهم يستغفرون الله بألسنتهم ، ممن يدعي بالإسلام ومن سائر الملل .
--------------------------------------------
ثالثاً / من فوائد الاستغفار :
أنه سبب لتفريج الهموم ، وجلب الأرزاق ، والخروج من المضائق :
ففي سنن أبي داود وابن ماجة ، ومسند الإمام أحمد وحسنه العلامة الشيخ / عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً ، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ " .
كلمات قليلة ذات تأثيرات عجيبة ، فالله سبحانه يرضى من عباده بالقليل ، ويجزيهم عليه بالكثير ، فأكثروا من الاستغفار ، أكثروا من الاستغفار ، والهجوا بألسنتكم لله الواحد القهار ، واعلموا أن فضائل الاستغفار لا تكون إلا للمستغفرين الله حقاً وصدقاً ، فليس الاستغفار أقوال ترددها الألسن ، وعبارات تكررها الأفواه ، إنما الاستغفار الحق ما تواطأ عليه القلب واللسان ، وندم صاحبه على ما بدر منه من ذنوب وآثام ، وعزم على ترك سفيه الأحلام والأوهام ، فهذه أركان التوبة النصوح التي أمر الله تعالى بها العباد ، ووعد عليها بتكفير الخطيئات ، والفوز بنعيم الجنات ، فقال عز شأنه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } .
فمن استغفر بلسانه ، وقلبه مصرّ على معصيته ، فاستغفاره يحتاج إلى استغفار ، قال الفضيل بن عياض رحمه الله : " استغفار بلا إقلاع ، توبة الكذابين " ، وقال بعض العلماء : " من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب ، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه " .
فحذاري أن تتخذوا ربكم هزواً ، ودينكم لعباً ، فقد قال الله جل وعلا : { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [ الجاثية9 ] .
--------------------------------------------
رابعاً / من ثمار الاستغفار :
أنه سبب لنزول الغيث وتوفر المياه ، والقوة في الأرض :
قال تعالى عن هود عليه السلام أنه قال لقومه : { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } [ هود52 ] .
فانظروا إلى عظيم رحمة الله بنا ، ومزيد فضله علينا ، أن رتب على الاستغفار عظيم الجزاء ، وسابغ الفضل والعطاء .
--------------------------------------------
خامساً / من فوائد الاستغفار :
أن كثرة الاستغفار والتوبة من أسباب تنزل الرحمات الإلهية ، والألطاف الربانية ، والفلاح في الدنيا والآخرة :
كما قال سبحانه : " لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " [ النمل 46 ] .
وقال عز وجل : " وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ، فرتب المولى جل وعلا ، الرحمة والفلاح ، والنجاة والصلاح ، على مداومة الاستغفار والتوبة من الذنوب .