جريدة الخليج الاماراتية - الجمعة 14/10/2011 ص 18 تحقيق سياسي .
مزيد من الديمقراطية
ومن محافظة البريمي ، يقول المحامي مبارك بن عبد الله بن حمدان المقبالي (مرشح ولاية البريمي) بالنسبة لتضاعف أعداد المترشحين والمترشحات فإنني أعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى أن الشروط اللازمة للترشح تتوافر في فئة كبيرة من المواطنين، والتي حددتها المادة العاشرة من اللائحة التنظيمية لانتخابات مجلس الشورى، والمنصوص عليها في المادة الثانية والعشرين من المرسوم السلطاني في شأن مجلس عمان الذي يتكون من مجلسي الدولة والشورى . حيث يحق لكل عماني الجنسية بصفة أصلية طبقاً للقانون أكمل الثلاثين سنة ولم يحكم عليه بعقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وليس منتمياً لجهة عسكرية أو أمنية في السلطنة، ولم يحكم بشهر إفلاسه، وألا يكون محجوراً عليه بحكم قضائي أو مصاباً بمرض عقلي، فإذا اجتمعت هذه الشروط في الشخص أصبح له حق الترشح للعضوية .
أما بالنسبة للمكانة الاجتماعية والمستوى التعليمي والثقافي، فإن الشروط التي تضمنتها اللائحة جاءت لتشمل الكل تقريباً، حيث لم تضع حداً أدنى لمستوى تعليمي معين، وجاءت الشروط فضفاضة لا يمكن وضعها في قالب معين عملياً لا يحتمل التأويل، فنص أن يكون المترشح من ذوي المكانة والسمعة الحسنة في الولاية ولا يمكن حصره حيث تختلف المفاهيم والآراء من شخص إلى آخر، ولا توجد جهة تستطيع أن تحدد من هم الأشخاص أصحاب المكانة والسمعة الحسنة، ولا يمكن رفض ترشح شخص على ذلك الأساس ما لم يكن قد صدر ضده حكم قضائي، وذلك ما جرت معالجته بشرط آخر، فقد نص شرط آخر على أن يكون المترشح على مستوى مقبول من الثقافة، وأن يكون لديه خبرة عملية مناسبة . فالمستوى المقبول من الثقافة يكفي لانطباق هذا الشرط، ولا شك في أن شريحة من الأشخاص الذين بلغوا سن الثلاثين لديهم المستوى المقبول من الثقافة، وبذلك اتسعت الشريحة التي ينطبق عليها هذا الشرط .
ويمكن الإشارة هنا إلى أن المرسوم السلطاني في شأن مجلس عمان قد حدد في ديباجة إصداره هدفاً عاماً من إنشاء المجلس يتمثل في الاستفادة من خبرات أهل العلم وذوي الاختصاص وإسهاماً في تنفيذ استراتيجية التنمية الشاملة، ولكن الشروط التي تضمنها القانون وسارت اللائحة على هديها هي كما جرت الإشارة إليها . ويمكن الإشارة كذلك إلى أن أغلب الأنظمة المقارنة في منطقة الخليج سارت على ذات النهج وهو عدم اشتراط حد أدنى من المستوى التعليمي للمترشح لعضوية المجالس البرلمانية .
وربما كان ذلك يحقق مزيداً من الديمقراطية حسب ما يرى البعض، حيث إن لكل مواطن أن يختار من يمثله في هذا المجلس، ولكل شخص رؤية معينة يقتنع بها في الشخص الذي ينتخبه أو يختاره لتمثيله، وقد آثر المشرع احترام هذه الرؤية للمواطنين فجعل الترشح لأكبر شريحة ممكنة بغض النظر عن المستوى التعليمي .
أما بالنسبة للدوافع فإنها بلا شك تختلف من مترشح إلى آخر، حيث تختلف أهداف وغايات البشر عموماً، فهناك من يستهدف مصلحة الوطن والمواطنين والمصلحة العامة، وهناك من يسعى إلى أهداف أخرى سواء شخصية أو مالية أو سلطة، وهناك من المترشحين من يخوض التجربة للتجربة فقط . فكل هذه المعايير والمفاهيم التي توافقت مع عدم وجود قيود أو شروط أو متطلبات في الشخص المترشح أدت إلى تضاعف أعداد المترشحين .
وعن ضعف الاكتراث بالمشاركة من جانب الناخبين، يقول المقبالي: أعتقد أنه لا يمكن إنكار عدم وجود اكتراث من قبل شريحة كبيرة من المواطنين في المجلس وما يقدمه أو ما يمتلكه، بمعنى أصح، من صلاحيات في الفترات السابقة، حيث لا يتعدى دوره الدور الاستشاري فقط للحكومة ولا يوجد أي إلزام لقراراته في مواجهة الحكومة . حيث تنص المادة التاسعة والعشرون من قانون مجلس عمان على صلاحيات مجلس الشورى والتي عددها في تسعة بنود تضمنت الاقتراح والمشاركة وإبداء الرأي والنظر من دون أي إلزام لمشاركات المجلس أو اقتراحاته أو آرائه .
أما بالنسبة الوضع الراهن - وفي الدورة الحالية على وجه الخصوص- فإن الأوامر السلطانية صدرت في وقت سابق من هذا العام بتعديل القانون ليكون للمجلس دور رقابي وتشريعي، والمجتمع العماني في انتظار صدور المراسيم الخاصة بذلك لتحديد الصلاحيات التي ستمنح للمجلس . ولعل ذلك ما يتطلبه التطور الطبيعي للأمور، حيث إن عمر التجربة الديمقراطية إذا ما قورنت بعمر التجارب الأخرى فإنها حديثة، حيث كانت أول فترة انتخابية في العام ،1991 أي قبل عشرين سنة تقريباً، ولا شك في أن هذه الفترة قصيرة نوعاً ما في عمر الدول، حيث توجد تجارب زادت مدتها على مئة عام . ولكن الملاحظ وجود تطور من سنة إلى أخرى ومن فترة إلى أخرى، وسيكون القادم أفضل - إن شاء الله تعالى - مع إصدار المراسيم التي تكفل منح المجلس صلاحيات رقابية وتشريعية .
ويقول المقبالي أيضاً إن النظرة إلى العضوية في مجلس الشورى تختلف من مترشح إلى آخر، حيث يراها البعض وظيفة وراتباً وامتيازات شخصية، ولكن هناك من ينظر إليها بعين الحق والحقيقة بأنها مسؤولية وليست أمام القانون والناس فحسب، فهي مسؤولية أمام الله تعالى أولاً، أما من يتخذها سلماً للنفوذ والسلطة وجمع المال بواسطة الامتيازات الممنوحة للعضو “فهجرته إلى ما هاجر إليه”، وفي النهاية كل الدنيا إلى زوال، وأما من يراها مسؤولية أمام الله تعالى والقانون والناس، فإنه لا شك سيؤديها وفقاً لما يمليه عليه ضميره، وسيبذل ما في وسعه لتقديم أفضل ما يمكن لخدمة هذا الوطن العزيز وفقاً للصلاحيات المتاحة . فالأمانة لا بد أن تؤدى ليس في عضوية هذا المجلس فحسب بل في كل الوظائف والمهام والالتزامات المفروضة على الإنسان، فإما أن يتحملها على الوجه الصحيح وإلا يتركها لغيره أسلم له .
وعن التسويق الانتخابي ووسائله، يقول إنه ضروري للمترشح لكي يعرف الناس بشخصه، وإن العالم تطور والذي لا شك فيه أن فئة ليست بالقليلة من الناخبين يرتادون المنتديات الاجتماعية، ويمكن للمترشح الوصول لهذه الفئة عن طريق هذه المنتديات، وأرى أنه من الضروري للمترشح أن يكون مواكباً للتطور ولديه القدرة على الوصول إلى الفئات المختلفة في المجتمع كل في مكانها حيث سيكون صوتها في المجلس ولا يتأتى ذلك إلا بأن يكون بينها، وأعتقد أن للمنتديات والشبكة المعلوماتية بشكل عام دوراً كبيراً في التسويق الانتخابي، ولكنه في ذات الوقت لا يمكن الاستغناء عن التسويق الانتخابي بالطريقة المباشرة عن طريق المجالس والتواصل مع الناخبين بشتى طرق التواصل المتاحة، فهناك شريحة كبيرة من الناخبين لا تلج إلى المنتديات أو الشبكة المعلوماتية لسبب أو لآخر، ومن ثم كان على المترشح الوصول لهذه الشريحة كذلك .
وعن الملاحظات على سلوك الناخبين بشأن الوعي باختصاصات مجلس الشورى، وكذلك ما يتعلق بالتصويت على أساس الجنس رجل أو امرأة، يقول المقبالي: المواطن يبتغي من الحكومة بمختلف قطاعاتها أن توفر له الخدمات والاحتياجات في الجوانب الضرورية، والتي تتمثل على سبيل المثال لا الحصر الإسكان والصحة والتعليم وتوفير فرص العمل وما إلى ذلك، وأما بالنسبة للوعي باختصاصات مجلس الشورى بشكل خاص أو اختصاصات الحكومة بمختلف قطاعاتها ومؤسساتها بشكل عام، فإن هذه المسألة نسبية وتختلف من مواطن إلى آخر حسب ثقافة الشخص، فهناك من المواطنين من يعون ويعرفون الصلاحيات والاختصاصات ويدركون أن للعضو في هذا المجلس حدوداً معينة وصلاحيات لا يمكنه أن يتخطاها، وعلى العموم فإن سلوك الناخبين يختلف من ناخب إلى آخر من حيث النظرة إلى موضوع الترشح أو التصويت واختيار المترشح للعضوية .
أما بالنسبة للمرأة العمانية، فقد أصبحت تضطلع بدور كبير في مسيرة النهضة العمانية، وقد أثبتت الجدارة التي يشهد لها الجميع، فقد تقلدت المناصب الوظيفية ابتداءً من رأس الهرم الوزاري فما دون، ناهيك عن دورها في مجلس الشورى ذاته، كما أنها ترشحت في فترات سابقة، وحصلت على ثقة الناخبين ووصلت إلى المجلس، بل وكان لها الأثر الإيجابي الذي لا يمكن إنكاره في أعمال المجلس وفق الاختصاصات والصلاحيات الموجودة في تلك الفترات .
وعلى كل حال، فإنني أرى أن مسألة التفرقة بين الرجل والمرأة أقرب إلى المعدومة في السلطنة، فتوجد المرأة في كل مكان وفي جميع الوظائف والمناصب تقريباً سواء الحكومية منها أو الخاصة، وهذا الوجود بجدارة وليس للوجود فقط .
وعن نفوذ القبيلة وسلطة المال في الانتخابات القادمة، يقول: إن المجتمع العماني مجتمع قبلي في الأساس حاله حال بقية المجتمعات العربية، ولا شك أن للقبلية تأثيراً في جميع النشاطات الاجتماعية، لا سيما الانتخابات وذلك الأمر طبيعي . ولكن مع تطور الدولة وتطور المؤسسات واختلاط المواطنين بدأ هذا التأثير بالاضمحلال تدريجياً، فالتأثير القبلي في الدورة الأولى ليس كالتأثير في الدورة السابقة، والتأثير في الدورة السابقة لن يكون كالتأثير في الدورة الحالية، فهو يقل تدريجياً من دورة إلى أخرى مع تطور المؤسسات وسيادة القانون وزيادة الوعي لدى المواطنين .
أما بالنسبة لتأثير سلطة المال فإنه لا يمكن إنكار ذلك، حيث يلجأ بعض المترشحين إلى التأثير على الناخبين بالمال لكسب الأصوات، وذلك ما دفع المشرع إلى تعديل اللائحة التنظيمية لانتخابات مجلس الشورى لهذه الفترة، حيث جرت إضافة مادة للائحة تحمل الرقم 66 مكرر تنص على أن: “يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني أو بالعقوبتين معاً ويحرم من حق الترشح لعضوية مجلس الشورى للفترة المترشح عنها والفترة التالية لها، كل مرشح أعطى أو التزم أو تعهد بأن يعطي ناخباً منفعة لنفسه أو لغيرة مقابل صوته في الانتخابات”، وذلك يدل على وجود بعض التأثيرات، حيث إن التشريع ينبع أساساً من حاجة المجتمع، ووجود مثل هذا النص قرينة على وجود هذه الظاهرة، ولا شك في أن هذا التعديل سوف يؤدي إلى التقليل من هذه الظاهرة السلبية نوعاً ما .
التعديل الأخير: