رحآيل
¬°•| مُشْرِفة سابقة |•°¬
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد سألني بعض إخواننا والذي رمز لاسمه بالغزي السلفي وأظنه من فلسطين عن حديث قد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (ج:17 ص:297 ) برقم( 821 ) قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري ثنا سعيد بن أبي مريم أنا نافع بن يزيد حدثني بكر بن عمرو أنه سمع مشرح بن هاعان يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيخرج أقوام من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن )، ما معناه ؟!
فأقول جوابا على سؤال أخي :
أولا:- من جهة ثبوته وتعليق العلماء عليه فقد قال صاحب مجمع الزوائد ج:6 ص:229 عن عقبة ابن عامرقال قال رسول الله ( سيخرج ناس من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن ) رواه الطبراني ورجاله ثقات قلت والحديث حسنه الألباني حديثرقم 1886 السلسلةالصحيحة المجلد الرابع صفحة 507 فرحمه الله من مجدد لعلم الحديث ، وهو كما قال، فالسند أخرجه الطبراني في معجمه الكبير فقال حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري ثنا سعيد بن أبي مريم أنا نافع بن يزيد حدثني بكر بن عمرو أنه سمع مشرح بن هاعان يقول سمعت عقبة بن عامر يقول قال رسول الله فذكره، فيحي بن أيوب قال عنه بن حجرصدوق ربما أخطأ، وسعيد بن أبي مريم ثقة ونافع بن يزيد الكلاعي ثقة عابد وبكر بن عمرو المعافري صدوق ومشرح بن هاعان وثقه بن معين وقال بن عدي لا بأس به ومن أجل مرتبة يحيى بن أيوب وبكر بن عمرو وهي الصدق فيحكم على إسناده بالحسن ..
ثانيا:- من جهة معناه قال صاحب فيض القدير ج:4 ص:118
سيخرج أقوام من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن أي يسلقونه بألسنتهم من غير تدبر لمعانيه ولا تأمل في أحكامه بل يمر على ألسنتهم كما يمر اللبن المشروب عليها بسرعة ( طب) عن عقبة بن عامر قال الهيثمي رجال ثقات وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول عجيب فقد خرجه مسلم باللفظ المزبور عن أبي هريرة وهكذا عزاه له في مسند الفردوس وغيره .. إنتهى.
وأقول بهذه المناسبة كما قال أبو بكر الطرطوشي المالكي صاحب كتاب الحوادث والبدع: إن مما ابتدعه أهل هذا الزمان أنهم صاروا يقرئون القرآن من غير أن يتدبروا معانيه أو يتفقهوا فيه، فيتعلموا أحكامه حلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه بل صار الوحد منهم لا يختم إلا في رمضان همه آخر السورة، ولذلك فلا ترى أثر القرآن عليهم في سلوكهم، كغض البصر وقد قال تعالى: " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ " (النور:30) وفي أخلاقهم كالصياح عند الخصومه مع قوله تعالى: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) (لقمان:19) بل أطلقوها بالنظر في صور المتبرجات الكاسيات العاريات في الأسواق والقنوات وأعرضوا عن طلب العلم مع كون النبي لم يُطلب منه التزود من شيء إلا من العلم، فقال تعالى: ( وَقل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا )(طه:114) فتركوا التفقه وانشغلوا بالقيل والقال مع كونهم يقرؤون القرآن .
ولقد كان ذلك خلق بعض بني إسرائيل فليخشوا من دخولهم في قول نبيهم من تشبه بقوم فهو منهم كما جاء في الحديث وقد قال تعالى: ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ ) (البقرة:78) وأماني أي: تلاوة؛ فلا يعلمونه منه إلا القراءة ربما أتقنوها وأما معانيه فلإعراضهم عن تعلمها عن علماء السلف كابن عباس وابن مسعود وعطاء ومجاهد وطاووس وسعيد ابن جبير وترك تدبرها صاروا يظنون معانيه بالرأي بلا ركن وثيق من العلم بالسنة يستندون إليه حتى ضيعوا دينهم، كمنع بعض العامة من الحلف ظنا أن قوله تعالى: ( وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ )(البقرة:244) دليلا على ذلك تفسيرا بلا علم مع أن الله قد بين متى يكون ذلك فآخر الآية يفسرها وهو قوله تعالى: ( أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ) أي: لا تجعلوا أيمانكم مانعة من البر والتقوى،كقولهم والله ما عاد أزور عمتي أو أبي ونحو ذلك بل لهم حظ أحيانا من الإقتباس المشين كقولهم عن الشرط فأخذوني بلا تحقيق خذوه فغلّوه !!!! مع اختلاف الآخذتين فأخذة الله أخذة عدل وأخذة من يصف أخذة ظلم، وهؤلاء اليوم تشابهت قلوبهم بهم مع أن الله قد بين الآيات الآمرة بالتدبر ولكن ما استفاد منها إلا أتباع سلفنا الصالح أهل الحديث فهم كما قال الإمام أحمد خير من تكلم في العلم الذين جعلوا إنتمائهم للكتاب وسنة على فهم الصحابة وعلماء سلف الأمة لا الذين كان إنتمائهم لجماعة مرجعها الرأي والهوى والتحزب في الدين وترك الدعوة للتوحيد والسنة والولاء والبراء فيهما، كالتي قالت نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه حتى عذروا الرافضة وصادقوا القائلين أن القرآن ناقص الذي بين أيدينا والجهمية نفاة صفات الرب، وشعنوا على أهل الحق من أهل الحديث السلفيين الدعاة للتوحيد والسنة وهم يقرؤون قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (الروم/32) .. ولكن لايفقهون لأنهم عن فهم كتاب ربنا على فهم السلف معرضون وعلى الإنتماء لغير الكتاب والسنة بفهم السلف من الجماعات مقبلون فقال تعالى: ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) وما قال أنزلناه للقرآءة المجردة دون العلم به والعمل، وإلا فما فائدة إنزاله وقال: ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) الآية . نعم القارئ موعود بكل حرف حسنة، كما دلّت على ذلك السنة، ولكنهم غفلوا عن حكمة ذلك وأن من الحكمة في ذلك أنه قد يكون ذلك الأجر بمثابة الجائزة المرغبة في القراءة المؤدية للعمل.. والله أعلم، مع أننا نقول هو متعبد بمجرد تلاوته ولكن لو قدر أن قوما أعطوا كتابا في الطب ليتعلموه فصاروا يتلونه صباح مساء، ولا يفهمونه لما كانت في تلك القراءة المجردة عن الفهم علاجا للأمراض المهلكة إذا نزلت بهم، قال الطرطوشي - رحمه الله -: ولقد قرأ ابن عمر البقرة في ثمانية سنوات قلت مع كونه عربيا حافظا للحديث حتى عده أهل العلم من المكثرين من رواية الحديث، حتى قال الناظم:
والمكثرون بحرهم "وأنس" "عائشة" "وجابر" مقدس، "صاحب دوس" وكذا "بن عمر" ربي قني والمكثرين الضرر
فعلّة ذلك كما قال الطرطوشي المالكي لأنه يتعلم أحكامها حلالها وحرامها ناسخها ومنسوخها ...إلخ، أو كما قال - رحمه الله -، قال الحسن أو غيره: يقول أحدهم والله قرأت القرآن ما أسقطت منه حرفا ولقد أسقطه كله ما يُرى أثره عليه ) .. أو كما قال، وليس الشأن في كثرة الختمات والتلاوة ولكن الشأن في التدبر والعمل الذي من أسبابه كثرة القراءة المتّبعة، ولقد روى الدارمي في مسنده بسنده إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن ابن مسعود قال لأولئك الذين عبدوا الله ولكن على غير طريقة رسول الله والصحابة فرآهم يسبحون بالحصى وداعٍ يقول سبِّحوا مائة هلِّلوا مائة .. أو كما قال، ولقد حدثنا رسول الله عن أقوام يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وما أظنكم إلا منهم، فمع كونهم يكثرون من قراءة القرآن ولكن لا يجاوز تراقيهم، قيل في شرحه أي لا يفهمونه .
ونقيد هنا قيدا مهما للغاية وهو فهم السلف مع كون الذين أنكر عليهم ابن مسعود عربا قريبي عهد من صدر الإسلام،أو هم فيه وهو عصر الإحتجاج باللغة قبل أن يتغير اللسان ولكنهم لايمكنهم فهمه بظاهر لغة اللسان من غير رجوع إلى فهم الصحابة الكرام، ولذلك ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن فهم القرآن على مقتضى كتب اللغة والأدب إعراضا عن فهم السلف طريقة الملاحدة والعياذ بالله، فإنك تلمس ذلك الإعراض عن فهمهم بترك قراءة كتب التفسير بالمأثور كالطبري والبغوي وابن كثير، والدر المنثور، والإقبال على كتب تفسيره بالرأي المذوم كتفسير سيد قطب وعبدالمجيد الزنداني، والإعجاز العلمي للقرآن لمس اليد فسيد قطب يفسر آية الاستواء على العرش بالكناية عن الهيمنة، والسيطرة معطلا بذلك صفة الاستواء الحقيقي الموروث عن السلف بإجماع والذي يليق بجلال الله، إثبات بلا تشبيه ونفي بلا تعطيل إثبات للمعنى وهو الاستعلاء وتفويض لكيفيته لله سبحانه.. ويفسر الزنداني قوله: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ)(الانشقاق :19) بالصاروخ يصعد إلى السماء فينفصل طبقا عن طبق، مخالفا بذلك قول رسول الله فيما رواه عنه البخاري عن ابن عباس في قوله: (لتركبن طبقا عن طبق) أي: حالا بعد حال، قالها له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الخوارج المعرضون منذ القديم إلى عصرنا عن تلقي العلم على أيدي كبار العلماء حتى ذهب إليهم ابن عباس وهم في عزلتهم وناظرهم ولم يأتوا هم عنده لتلقي العلم بل كانوا ولا يزالوا مسيئين للظن فيهم حتى أعرضوا عن فهمهم رضي الله عنهم للكتاب وقنعوا بفهومهم السقيمة، والتي كان إستدلالهم من كتاب الله للإعتضاد لا للإعتماد فعمدوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوا يكفرون بها المسلمين ويستحلوا دمائهم فإذا رأيت الرجل يطعن في الأمراء ويسقط العلماء الكبار فاعلم أنه منهم أو فيه من لوثتهم التي فرقت جمع المسلمين على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فانظر إلى إعراضهم عن تفسير ابن عباس لقوله تعالى: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )[المائدة:44] فقد قال ابن عباس إذا جحد الحاكم حكم الله فهو الكافر وإذا لم يجحد فهو فاسق ظالم ولم يخلفه أحد من الصحابة ثم يأتون هؤلاء سفهاء الأحلام، حدثاء الأسنان يقولون هو رجل ونحن رجال، يمرقون من الدين بعد أن ابتدعوا تفسير القرآن بالهوى والرأي والحماسات الزائفة والإعراض عن فهم الصحابة واحتجوا على أهوائهم بالخلاف وهم يقرؤون قوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء:59]. ولكن هذا كهذ الشعر يشربونه من سرعة التلاوة وعدم الفهم، وترك التدبر والتعلم لإحكامه كما يشربون اللبن ولا يحتج بالخلاف كما قال ابن عبدالبر إلا جاهل، فأحتجوا بالخلاف على جواز التمثيل الإسلامي زعموا والأناشيد المطربة بلحون الفساق، وغير ذلك، ولقد قال الإمام أحمد سمعت يحيى ابن سعيد القطان يقول الذي يأخذ بمذهب أهل الكوفة في شرب النبيذ وأهل المدينة في جواز سماع الأغاني وأهل مكة في المتعة فهو فاسق، ويقول شيخ الإسلام إذا اختلف العلماء فلا يجعل قول عالم حجة على عالم إلا بالأدلة الشرعية، وقال لا يفتي أحد بقول أحد حتى يعرف وجه صحته، فكانت تلك القراءة السريعة والتي هي كشرب اللبن الخالية من التدبر والدراسة والفهم لطريقة السلف طريقا للهلاك وسفك دماء الموحدين وسرقة أموالهم واستباحة أعراضهم وفشوا البغضاء، والتنافر بينهم، فالباديء أظلم، فعمدوا يقرؤون آيات بلا تدبر نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين، فمن أعرض عن فهم الصحابة لكتاب الله كان ذلك المصير المخزي مصيره، قال صلى الله عليه وسلم: ( وكُتِبَتْ الذِّلة والصَّغار لمن خالف أمري ) .
فنذكر الآن صورا معاصرة من المخالفات مما له يتعلق بالإعراض عن تدبر معاني القرآن والإشتغال بمعانيه تلاوة وتجويدا وتطريبا... إلخ :
1- شغل الأوقات بحفظه والإعراض عن دراسته وفهمه على طرقة سلفنا الصالح رحمهم الله .
2- الإعتناء بتجويد حروفه والإنشغال بذلك حتى تقام ألفاظه كالقدح والغفلة والإستغناء بذلك عن تدبره وفهمه .
3- التطريب واستمالة القلوب لسماع الأنغام المحزنة للقراء وتتبع الأصوات الحسنة المطربة دون الإلتفات إلى المعاني العظيمة التي تتلى وقد قال تعالى: { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } [ الحشر: 21 ] .
4- ترك الرجوع إلى كتب التفسير بالمأثور كالطبر ي شيخ المفسرين وابن كثير ودراستها والإكتفاء عجزا أو كسلا أو إتباعا للهوى لتفسيره بالرأي، أو كتب التفسير بالرأي والتي لا تعتمد على النقل عن النبي علسه الصلاة والسلام والصحابة في تأويل القرآن كتفسير الشعراوي الصوفي والذي لا يثبت العلو للرحمان بل يُدَرِّس في مسجد يطاف فيه على بعض الأوثان ولا يُنكِر، والتي كذلك لا تُعتمد على مذهب السلف في تقرير صفات الرب كتفسير الصابوني الأشعري .
5- مع أنهم من الممكن رجوعهم إذا كسلوا أو عجزوا إلى مختصرات على طريقة السلف في التفسير نافعة كتفسير السعدي ومختصر تفسير ابن كثير وزبدة التفسير للأشقر وليحذر من الجلالين.. وليقرأ على عالم سلفي .
6- جعل كلام الله والعياذ بالله وسيلة للإرفاه القلبي بالتطريب وتقليد أصوات القراء المشهورين و أئمة الحرم في السيارة وفي الخلوة، دون قصد التعبد والخشوع في القرآءة طلبا للثواب والعمل بل يقرأه مقلدا مطربا وقلبه مسافر عند الأحباب والأقرباء وهو يطرب يتلذذ بذلك متمنيا الإسماع وأن الناس لو سمعوا قرائتي لعرفوا منزلتي وأني قاريء وتمني المنكر منكر، بل ربما هو طريق إليه وهو الرياء المذوم وكذلك من تلاعب الشيطان بالقراء ليصرفهم عن تدبره والعمل به، وفي الحديث أول من تسعر بهم النار ثلاثة منهم من يقرأ ليقال قارئ، فقد يعطي ويشهر وتنتشر أشرطته في التسجيلات وهو من حطب جهنم وبئس المصير، فالنجاة بالإخلاص وترك التكلف والتدبر والإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في طريقة القراءة مدّا ويقف على رؤوس الآيه، ففي ذلك إعانة على التدبر بعد قراءة التفسير ودراسته ولو مختصرا، وإعتقاد أن الله يسمعه، فسبحان الذي وسع سمعه الأصوات، وفي الحديث (ما أذِن الله لشيء ما أذِن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن)، قال تعالى: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) ( طه:46 ) وقال رسول الله الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القارئ هو الذي يحسن التطريب بل قال القارئ: ( من إذا سمعته علمت أنه يخشى الله ) .
وكتبه: الشيخ / أبو عبدالله ماهر بن ظافر القحطاني - حفظه الله تعالى -.
منقول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد سألني بعض إخواننا والذي رمز لاسمه بالغزي السلفي وأظنه من فلسطين عن حديث قد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (ج:17 ص:297 ) برقم( 821 ) قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري ثنا سعيد بن أبي مريم أنا نافع بن يزيد حدثني بكر بن عمرو أنه سمع مشرح بن هاعان يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيخرج أقوام من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن )، ما معناه ؟!
فأقول جوابا على سؤال أخي :
أولا:- من جهة ثبوته وتعليق العلماء عليه فقد قال صاحب مجمع الزوائد ج:6 ص:229 عن عقبة ابن عامرقال قال رسول الله ( سيخرج ناس من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن ) رواه الطبراني ورجاله ثقات قلت والحديث حسنه الألباني حديثرقم 1886 السلسلةالصحيحة المجلد الرابع صفحة 507 فرحمه الله من مجدد لعلم الحديث ، وهو كما قال، فالسند أخرجه الطبراني في معجمه الكبير فقال حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري ثنا سعيد بن أبي مريم أنا نافع بن يزيد حدثني بكر بن عمرو أنه سمع مشرح بن هاعان يقول سمعت عقبة بن عامر يقول قال رسول الله فذكره، فيحي بن أيوب قال عنه بن حجرصدوق ربما أخطأ، وسعيد بن أبي مريم ثقة ونافع بن يزيد الكلاعي ثقة عابد وبكر بن عمرو المعافري صدوق ومشرح بن هاعان وثقه بن معين وقال بن عدي لا بأس به ومن أجل مرتبة يحيى بن أيوب وبكر بن عمرو وهي الصدق فيحكم على إسناده بالحسن ..
ثانيا:- من جهة معناه قال صاحب فيض القدير ج:4 ص:118
سيخرج أقوام من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن أي يسلقونه بألسنتهم من غير تدبر لمعانيه ولا تأمل في أحكامه بل يمر على ألسنتهم كما يمر اللبن المشروب عليها بسرعة ( طب) عن عقبة بن عامر قال الهيثمي رجال ثقات وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول عجيب فقد خرجه مسلم باللفظ المزبور عن أبي هريرة وهكذا عزاه له في مسند الفردوس وغيره .. إنتهى.
وأقول بهذه المناسبة كما قال أبو بكر الطرطوشي المالكي صاحب كتاب الحوادث والبدع: إن مما ابتدعه أهل هذا الزمان أنهم صاروا يقرئون القرآن من غير أن يتدبروا معانيه أو يتفقهوا فيه، فيتعلموا أحكامه حلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه بل صار الوحد منهم لا يختم إلا في رمضان همه آخر السورة، ولذلك فلا ترى أثر القرآن عليهم في سلوكهم، كغض البصر وقد قال تعالى: " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ " (النور:30) وفي أخلاقهم كالصياح عند الخصومه مع قوله تعالى: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) (لقمان:19) بل أطلقوها بالنظر في صور المتبرجات الكاسيات العاريات في الأسواق والقنوات وأعرضوا عن طلب العلم مع كون النبي لم يُطلب منه التزود من شيء إلا من العلم، فقال تعالى: ( وَقل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا )(طه:114) فتركوا التفقه وانشغلوا بالقيل والقال مع كونهم يقرؤون القرآن .
ولقد كان ذلك خلق بعض بني إسرائيل فليخشوا من دخولهم في قول نبيهم من تشبه بقوم فهو منهم كما جاء في الحديث وقد قال تعالى: ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ ) (البقرة:78) وأماني أي: تلاوة؛ فلا يعلمونه منه إلا القراءة ربما أتقنوها وأما معانيه فلإعراضهم عن تعلمها عن علماء السلف كابن عباس وابن مسعود وعطاء ومجاهد وطاووس وسعيد ابن جبير وترك تدبرها صاروا يظنون معانيه بالرأي بلا ركن وثيق من العلم بالسنة يستندون إليه حتى ضيعوا دينهم، كمنع بعض العامة من الحلف ظنا أن قوله تعالى: ( وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ )(البقرة:244) دليلا على ذلك تفسيرا بلا علم مع أن الله قد بين متى يكون ذلك فآخر الآية يفسرها وهو قوله تعالى: ( أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ) أي: لا تجعلوا أيمانكم مانعة من البر والتقوى،كقولهم والله ما عاد أزور عمتي أو أبي ونحو ذلك بل لهم حظ أحيانا من الإقتباس المشين كقولهم عن الشرط فأخذوني بلا تحقيق خذوه فغلّوه !!!! مع اختلاف الآخذتين فأخذة الله أخذة عدل وأخذة من يصف أخذة ظلم، وهؤلاء اليوم تشابهت قلوبهم بهم مع أن الله قد بين الآيات الآمرة بالتدبر ولكن ما استفاد منها إلا أتباع سلفنا الصالح أهل الحديث فهم كما قال الإمام أحمد خير من تكلم في العلم الذين جعلوا إنتمائهم للكتاب وسنة على فهم الصحابة وعلماء سلف الأمة لا الذين كان إنتمائهم لجماعة مرجعها الرأي والهوى والتحزب في الدين وترك الدعوة للتوحيد والسنة والولاء والبراء فيهما، كالتي قالت نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه حتى عذروا الرافضة وصادقوا القائلين أن القرآن ناقص الذي بين أيدينا والجهمية نفاة صفات الرب، وشعنوا على أهل الحق من أهل الحديث السلفيين الدعاة للتوحيد والسنة وهم يقرؤون قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (الروم/32) .. ولكن لايفقهون لأنهم عن فهم كتاب ربنا على فهم السلف معرضون وعلى الإنتماء لغير الكتاب والسنة بفهم السلف من الجماعات مقبلون فقال تعالى: ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) وما قال أنزلناه للقرآءة المجردة دون العلم به والعمل، وإلا فما فائدة إنزاله وقال: ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) الآية . نعم القارئ موعود بكل حرف حسنة، كما دلّت على ذلك السنة، ولكنهم غفلوا عن حكمة ذلك وأن من الحكمة في ذلك أنه قد يكون ذلك الأجر بمثابة الجائزة المرغبة في القراءة المؤدية للعمل.. والله أعلم، مع أننا نقول هو متعبد بمجرد تلاوته ولكن لو قدر أن قوما أعطوا كتابا في الطب ليتعلموه فصاروا يتلونه صباح مساء، ولا يفهمونه لما كانت في تلك القراءة المجردة عن الفهم علاجا للأمراض المهلكة إذا نزلت بهم، قال الطرطوشي - رحمه الله -: ولقد قرأ ابن عمر البقرة في ثمانية سنوات قلت مع كونه عربيا حافظا للحديث حتى عده أهل العلم من المكثرين من رواية الحديث، حتى قال الناظم:
والمكثرون بحرهم "وأنس" "عائشة" "وجابر" مقدس، "صاحب دوس" وكذا "بن عمر" ربي قني والمكثرين الضرر
فعلّة ذلك كما قال الطرطوشي المالكي لأنه يتعلم أحكامها حلالها وحرامها ناسخها ومنسوخها ...إلخ، أو كما قال - رحمه الله -، قال الحسن أو غيره: يقول أحدهم والله قرأت القرآن ما أسقطت منه حرفا ولقد أسقطه كله ما يُرى أثره عليه ) .. أو كما قال، وليس الشأن في كثرة الختمات والتلاوة ولكن الشأن في التدبر والعمل الذي من أسبابه كثرة القراءة المتّبعة، ولقد روى الدارمي في مسنده بسنده إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن ابن مسعود قال لأولئك الذين عبدوا الله ولكن على غير طريقة رسول الله والصحابة فرآهم يسبحون بالحصى وداعٍ يقول سبِّحوا مائة هلِّلوا مائة .. أو كما قال، ولقد حدثنا رسول الله عن أقوام يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وما أظنكم إلا منهم، فمع كونهم يكثرون من قراءة القرآن ولكن لا يجاوز تراقيهم، قيل في شرحه أي لا يفهمونه .
ونقيد هنا قيدا مهما للغاية وهو فهم السلف مع كون الذين أنكر عليهم ابن مسعود عربا قريبي عهد من صدر الإسلام،أو هم فيه وهو عصر الإحتجاج باللغة قبل أن يتغير اللسان ولكنهم لايمكنهم فهمه بظاهر لغة اللسان من غير رجوع إلى فهم الصحابة الكرام، ولذلك ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن فهم القرآن على مقتضى كتب اللغة والأدب إعراضا عن فهم السلف طريقة الملاحدة والعياذ بالله، فإنك تلمس ذلك الإعراض عن فهمهم بترك قراءة كتب التفسير بالمأثور كالطبري والبغوي وابن كثير، والدر المنثور، والإقبال على كتب تفسيره بالرأي المذوم كتفسير سيد قطب وعبدالمجيد الزنداني، والإعجاز العلمي للقرآن لمس اليد فسيد قطب يفسر آية الاستواء على العرش بالكناية عن الهيمنة، والسيطرة معطلا بذلك صفة الاستواء الحقيقي الموروث عن السلف بإجماع والذي يليق بجلال الله، إثبات بلا تشبيه ونفي بلا تعطيل إثبات للمعنى وهو الاستعلاء وتفويض لكيفيته لله سبحانه.. ويفسر الزنداني قوله: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ)(الانشقاق :19) بالصاروخ يصعد إلى السماء فينفصل طبقا عن طبق، مخالفا بذلك قول رسول الله فيما رواه عنه البخاري عن ابن عباس في قوله: (لتركبن طبقا عن طبق) أي: حالا بعد حال، قالها له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الخوارج المعرضون منذ القديم إلى عصرنا عن تلقي العلم على أيدي كبار العلماء حتى ذهب إليهم ابن عباس وهم في عزلتهم وناظرهم ولم يأتوا هم عنده لتلقي العلم بل كانوا ولا يزالوا مسيئين للظن فيهم حتى أعرضوا عن فهمهم رضي الله عنهم للكتاب وقنعوا بفهومهم السقيمة، والتي كان إستدلالهم من كتاب الله للإعتضاد لا للإعتماد فعمدوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوا يكفرون بها المسلمين ويستحلوا دمائهم فإذا رأيت الرجل يطعن في الأمراء ويسقط العلماء الكبار فاعلم أنه منهم أو فيه من لوثتهم التي فرقت جمع المسلمين على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فانظر إلى إعراضهم عن تفسير ابن عباس لقوله تعالى: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )[المائدة:44] فقد قال ابن عباس إذا جحد الحاكم حكم الله فهو الكافر وإذا لم يجحد فهو فاسق ظالم ولم يخلفه أحد من الصحابة ثم يأتون هؤلاء سفهاء الأحلام، حدثاء الأسنان يقولون هو رجل ونحن رجال، يمرقون من الدين بعد أن ابتدعوا تفسير القرآن بالهوى والرأي والحماسات الزائفة والإعراض عن فهم الصحابة واحتجوا على أهوائهم بالخلاف وهم يقرؤون قوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء:59]. ولكن هذا كهذ الشعر يشربونه من سرعة التلاوة وعدم الفهم، وترك التدبر والتعلم لإحكامه كما يشربون اللبن ولا يحتج بالخلاف كما قال ابن عبدالبر إلا جاهل، فأحتجوا بالخلاف على جواز التمثيل الإسلامي زعموا والأناشيد المطربة بلحون الفساق، وغير ذلك، ولقد قال الإمام أحمد سمعت يحيى ابن سعيد القطان يقول الذي يأخذ بمذهب أهل الكوفة في شرب النبيذ وأهل المدينة في جواز سماع الأغاني وأهل مكة في المتعة فهو فاسق، ويقول شيخ الإسلام إذا اختلف العلماء فلا يجعل قول عالم حجة على عالم إلا بالأدلة الشرعية، وقال لا يفتي أحد بقول أحد حتى يعرف وجه صحته، فكانت تلك القراءة السريعة والتي هي كشرب اللبن الخالية من التدبر والدراسة والفهم لطريقة السلف طريقا للهلاك وسفك دماء الموحدين وسرقة أموالهم واستباحة أعراضهم وفشوا البغضاء، والتنافر بينهم، فالباديء أظلم، فعمدوا يقرؤون آيات بلا تدبر نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين، فمن أعرض عن فهم الصحابة لكتاب الله كان ذلك المصير المخزي مصيره، قال صلى الله عليه وسلم: ( وكُتِبَتْ الذِّلة والصَّغار لمن خالف أمري ) .
فنذكر الآن صورا معاصرة من المخالفات مما له يتعلق بالإعراض عن تدبر معاني القرآن والإشتغال بمعانيه تلاوة وتجويدا وتطريبا... إلخ :
1- شغل الأوقات بحفظه والإعراض عن دراسته وفهمه على طرقة سلفنا الصالح رحمهم الله .
2- الإعتناء بتجويد حروفه والإنشغال بذلك حتى تقام ألفاظه كالقدح والغفلة والإستغناء بذلك عن تدبره وفهمه .
3- التطريب واستمالة القلوب لسماع الأنغام المحزنة للقراء وتتبع الأصوات الحسنة المطربة دون الإلتفات إلى المعاني العظيمة التي تتلى وقد قال تعالى: { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } [ الحشر: 21 ] .
4- ترك الرجوع إلى كتب التفسير بالمأثور كالطبر ي شيخ المفسرين وابن كثير ودراستها والإكتفاء عجزا أو كسلا أو إتباعا للهوى لتفسيره بالرأي، أو كتب التفسير بالرأي والتي لا تعتمد على النقل عن النبي علسه الصلاة والسلام والصحابة في تأويل القرآن كتفسير الشعراوي الصوفي والذي لا يثبت العلو للرحمان بل يُدَرِّس في مسجد يطاف فيه على بعض الأوثان ولا يُنكِر، والتي كذلك لا تُعتمد على مذهب السلف في تقرير صفات الرب كتفسير الصابوني الأشعري .
5- مع أنهم من الممكن رجوعهم إذا كسلوا أو عجزوا إلى مختصرات على طريقة السلف في التفسير نافعة كتفسير السعدي ومختصر تفسير ابن كثير وزبدة التفسير للأشقر وليحذر من الجلالين.. وليقرأ على عالم سلفي .
6- جعل كلام الله والعياذ بالله وسيلة للإرفاه القلبي بالتطريب وتقليد أصوات القراء المشهورين و أئمة الحرم في السيارة وفي الخلوة، دون قصد التعبد والخشوع في القرآءة طلبا للثواب والعمل بل يقرأه مقلدا مطربا وقلبه مسافر عند الأحباب والأقرباء وهو يطرب يتلذذ بذلك متمنيا الإسماع وأن الناس لو سمعوا قرائتي لعرفوا منزلتي وأني قاريء وتمني المنكر منكر، بل ربما هو طريق إليه وهو الرياء المذوم وكذلك من تلاعب الشيطان بالقراء ليصرفهم عن تدبره والعمل به، وفي الحديث أول من تسعر بهم النار ثلاثة منهم من يقرأ ليقال قارئ، فقد يعطي ويشهر وتنتشر أشرطته في التسجيلات وهو من حطب جهنم وبئس المصير، فالنجاة بالإخلاص وترك التكلف والتدبر والإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في طريقة القراءة مدّا ويقف على رؤوس الآيه، ففي ذلك إعانة على التدبر بعد قراءة التفسير ودراسته ولو مختصرا، وإعتقاد أن الله يسمعه، فسبحان الذي وسع سمعه الأصوات، وفي الحديث (ما أذِن الله لشيء ما أذِن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن)، قال تعالى: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) ( طه:46 ) وقال رسول الله الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القارئ هو الذي يحسن التطريب بل قال القارئ: ( من إذا سمعته علمت أنه يخشى الله ) .
وكتبه: الشيخ / أبو عبدالله ماهر بن ظافر القحطاني - حفظه الله تعالى -.
منقول