(VIP..!)
المصدر: عبدالله الشويخ التاريخ: 18 أبريل 2011
هذه الأحرف الثلاثة اللطيفة تعني في كل مكان في العالم مصطلح «شخصية مهمة جداً»، أي أنك لست شخصية عادية، ولست شخصية مهمة فقط، بل شخصية مهمة ومهمة جداً أيضاً، أي أنها شخصية ثقيلة الوزن يقف الناس لرؤيتها ويعزف السلام الوطني لدى قدومها، وتمشي على البساط الأحمر، وتمثل غالباً جهة رسمية أو دولة أو منظمة ما، لذا يمكنك ببساطة أن تستنتج مدى سعادتي عندما أهدت إلي إحدى المؤسسات الإعلامية «ستيكر» يحمل الأحرف الثلاثة لوضعه على سيارتي للدخول إلى أحد المعارض المحلية.
عندما وصلت إلى المعرض أخذت أستخدم بوق السيارة بشكل مبالغ فيه كأي «محدث نعمة» لكي يسمع رجال الأمن المسؤولون عن إدخال السيارات، ولكي يسمع بقية «الناس العاديين»، ويرى الجميع هذا الملصق بوضوح، ولكن أحداً منهم لم يعرني أي اهتمام، ولم يسمح لي بالدخول، وتم إيقاف سيارتي على «مواقف القرقره»، ومشيت كيلومترات عدة كأي شخصية «في آي بي»، لأنني اكتشفت بعد فوات الأوان أن المواقف لدى المعرض المذكور تنقسم إلى ثلاث فئات، هي «VIP» و «VVIP» و«VVIP+»، وهذه حقيقة، والمعرض معروف لدى الكثيرين منا، أي أنني وحَمَلة الملصق إياه كنا في ذيل القائمة.
أصبت بالإحباط كأي «محدث نعمة زالت عنه النعمة»، ولكن ما خفف عني الصدمة هو أنني انتبهت إلى مدى انتشار هذه الـ«ستيكرات» والملصقات وبرعاية دوائر حكومية وخاصة مختلفة، فيندر أن تجد في دولة الإمارات العربية المتحدة سيارةً ما لا تحمل ملصقاً أسود مزوداً بشعار الدولة ويحمل الأحرف الثلاثة بوضوح، خصوصاً لدى فئة المراهقين وطلبة الجامعات، ولن ترى زائراً للقرية العالمية في دبي لا تحمل سيارته الملصق الذي يمثل العائلة السعيدة مع الأحرف الثلاثة ذاتها، وإن لم يكن هذا ولا ذاك فستراها وقد دقت بحرفية على أحد أركان السيارة أو مباشرة تحت ملصق «لا تنس ذكر الله»!
باختصار نحن دولة من «الشخصيات المهمة جداً»، والجميع يبحث عن «واو» للحصول على بطاقة دخول أو ملصق موقف أو «كارت دعوة» لهذا النوع، والجميع يحصل عليه فعلاً، ما جعل الجهات المعنية تضطر إلى اختراع مصطلح «VVIP» و«VVIP+» لكي تهيئ البروتوكولات والضيافة للشخصيات المهمة فعلاً، وبالتقادم وبالمثل ربما تضطر الفنادق وقاعات المؤتمرات إلى استحداث فئات جديدة في المستقبل، بعد أن تنتشر هذه الأخيرة بين الناس، مثل «Multi Ultra VIP» أو «VIP +2 مع ملطف»، وغيرها. مصطلح «شخصية مهة جداً»، هو مصطلح متفق عليه دولياً، يحتاج فعلاً من الجهات الرسمية والأمنية إلى تقنين استخدامه لكي لا يصاب زوار الدولة من الخارج باللبس، ولتوفير جهد كبير من الناحيتين التنظيمية والإدارية في المعارض والمؤتمرات.
أما عقدة الاحترام والتميز التي يرغب الجميع في الحصول عليها فتحتاج إلى توعية خاصة لدى الأجيال المقبلة، ليعلموا أن النور والأهمية، كما يقول الصينيون «ينبع من داخلك».
م\ن
:2253446f49dd40fbf5e