رحآيل
¬°•| مُشْرِفة سابقة |•°¬
بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابن عبَّاس -رضيَ الله عنهُما-، عن النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنه قال: «لَتركَبُنَّ سَنَنَ مَن كان قبلَكم شِبرًا بِشِبرٍ وذِراعًا بِذِراع، حتى لو أنَّ أحدَهُم دخلَ جُحرَ ضَبٍّ لدَخلتُم، وحتَّى لو أنَّ أحدَهُم جامَع امرأتَه بالطَّريقِ؛ لَفعلتُموهُ».
رواه البزَّار بسندٍ جيِّد، والحاكم في «مُستدركه» وصحَّحه، ووافقهُ الذَّهبي في «تلخيصِه».
قال النَّووي -رحمهُ الله تعَالَى-: (السَّنن) بفتح السِّين والنُّون، وهو الطَّريق.
وقال الحافظ ابنُ حجرٍ: بفتحِ السِّين للأكثر. وقال ابنُ التِّين: قرأناهُ بضمِّها.
وقال المهلَّب: بالفتحِ أَولَى؛ لأنَّه الذي يستعمل فيه الذِّراع والشِّبر، وهو الطَّريق.
قال الحافظ: وليس اللفظُ الأخير ببعيدٍ من ذلك. انتهى.
قال عياض: الشِّبر والذِّراع والطريق ودخول الجُحر تمثيلٌ للاقتِداءِ بهم في كلِّ شيءٍ مما نهى الشَّرعُ عنه وذمَّه.
وكذا قال النَّووي -رحمهُ اللهُ تَعالى- قال: وفي هذا معجزة ظاهرة لرسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ فقد وقع ما أخبر به -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ: قد وقعَ معظم ما أنذرَ به -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، وسيقعُ بقيَّة ذلك.
وقال المناويُّ في «شرح الجامِع الصَّغير»: هذا مِن معجزاتِه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فقد اتَّبع كثيرٌ من أمَّته سَنن فارِس في شِيمهم، ومراكِبهم، وملابِسهم، وإقامة شِعارهم في الحُروب وغيرها، وأهلِ الكتابَين في زخرفةِ المساجدِ، وتعظيمِ القُبور، حتى كادَ أن يعبدَها العوامُّ، وقبول الرِّشا، وإقامةِ الحُدود على الضُّعفاء دون الأقوياء، وترك العمل يوم الجُمعة، والتَّسليم بالأصابع، وعدم عيادة المريضِ يوم السَّبت، والسُّرور بخميس البيض، وأن الحائضَ لا تمس عجينًا.. إلى غيرِ ذلك مما هو أشنع وأبشع. انتهى.
[قال الشيخ حمود التُّويجريُّ -رحمهُ اللهُ-]:
وفي زمانِنا لم يبقَ شيءٌ مما يفعله اليهودُ والنَّصارى والمجوس وغيرهم من أمم الكُفرِ والضَّلال إلا ويُفعل مثلُه في أكثر الأقطار الإسلاميَّة، ولا تجد الأكثرين مِن المُنتسِبين إلى الإسلامِ إلا مُهطِعين خلفَ أعداءِ الله يأخذون بِأخذِهم، ويحذون حذوَهم، ويتَّبعون سننَهم في الأخلاق والآداب واللِّباس والهيئات والنظامات والقوانين، وأكثر الأمور -أو جميعها!-؛ فلا حولَ وقوَّة إلا بالله العلي العظيم.
[المصدر: «غربة الإسلام» للشيخ العلامة حُمود التُّوَيجري -رحمهُ الله-، (110-111)].