بدأت التجارب في الثمانينيات عندما قام العلمـاء بتغطية عيون عدد من طلاب كلية الطب، وأركبوهم سيارة قطعت 50 كيلو متراً، ثم أزالوا الغطاء بعد وقوف السيارة في منطقة ريفية، وطلبوا منهم تحديد موقع منازلهم .. وتمكن غالبية الطلبة من الإجابة الصحيحة
ثم تكررت التجربة بأساليب مختلفة وأكدت نفس النتيجة. وعندما اعترض علماء آخرون على هذه النتيجة، اتجه البحث نحو أدلة جديدة تقبل أو تحتمل الشك
وبدأت قصة البحث عن هذه الحاسة الغريبة عند الإنسان .. لقد كان العلماء يعرفون من قبل أن الحمام والسحالي ولعض الكائنات الأخرى تمتلك حاسة مغناطيسية تساعدها على تعيين اتجاهاه .. فهل يمكن العثور على هذه الحاسة في مخ البشر
وبعد بحث طويل .. جاءت الإجابة الحاسمة .. حيث عثر العلماء في مجموعة الجيوب الواقعة خلف الأنف في مقدمة الجمجمة الإنسانية على مادة مغناطيسية بعد تشريح جماجم لأناس ماتوا حديثاً وكانت عظام الجيوب الأنفية لأربعة منهم، تحتوي على هذه المادة المغناطيسية القوية .. بينما افتقد الجمجمة الخامسة هذه المادة
وبعد أبحاث جديدة، بين أن السبب عدم وجود المغناطيس فيها، يرجع إلى أن صاحبها كان مصاباً بفقر الدم (أنيميا)، مما يفسر عدم وجود هذه المادة. وما زال العلماء يبحثون وراء سر الحديد المغناطيسي .. وهو من النوع الشديد القوة
ومما يؤكد أهمية هذا الاكتشـاف، أن فريقاً من العلماء في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، اكتشف أيضاً وجود نفس المادة في عظام الجيوب الأنفية للفئران .. الأمر الذي يدعم قيمة هذا الاكتشاف
وما زالت هناك أسئلة كثيرة ترتبط بهذا الاكتشاف، من بينها
هل يمكن القول بأن هذه المادة، كانت ذات يوم شديدة الفعالية عند الإنسان ثم تراجعت بالتدريج أمام الزحف الحضاري؟
وهل يمكن أن تكون هي المسئولة هن اهتداء الطيور وبعض الحيوانات إلى الأماكن التي تريدها أثناء هجرتها التي تقطع خلالها آلاف الأميال؟
المسـتقبل وحده سيجيب على هذه التساؤلات .. لكن الشيء المؤكد، هو أن هذه ا المادة المغناطيسية، هي حاسة سـادسة مجهولة .. تمكن الإنسان .. مثل الطيور .. من معرفة موقعه الجغرافي .. دون الحاجة إلى أجهزة حديثة
