شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
لجأ كثير من الناس في هذا الزمان إلى الحمية والوقاية من المهالك في الأبدان والأموال، وسلكوا كل سبيل ينجي أبدانهم
وأموالهم وأولادهم، وغفل كثير منهم عن حمية الروح، ووقاية النفس ,فلجأ كثير منهم أبواب
الغي، وأتوا بالذنوب وعجائب الآثام في شتى شئون حياتهم،وتأتيهم الموعظة من ربهم من كل مكان
عبر خطبة يسمعونها،أو عبرة من حادث، أو موت قريب، أو صديق,يسمع كل فترة عن موت
فلان، وحادثة لفلان، فيصيب الموت زوجه أو أخاّ أو ابناّ له، حتى يشعر بفقد هذا القريب كأنه سلب شيئًا من جسده، ويبدأ
في العظة والاعتبار، وينظر لنفسه ,فلعله ينتفع بالموعظة ويصلح الله حاله وهو القائل سبحانه وتعالى(إن الله لا يغير ما
بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وإنما هي أيام ويعود إلى سيرته الأولى، وتلك هي الغفلة,وإذا نظر كل منا في حاله
وجد نفسه غافلاً؛ فقد تمر عليه أوقات طويلة ربما ساعات لم يحرك فيها لسانه بذكر ربه، وقد يضيع الساعات أمام
الشاشات والملهيات،مما يزيده غفلة،قال الله تبارك وتعالى(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون)
فأعظم النسيان,أن ينسى العبد نفسه،وأمور دينه، وتصيبه الغفلة، فيترك الذكر ويضّيع الفرائض، وكثيرًا ما يغفل عن
صيام يوم تطوعًا، وينسى الصدقة والصبر والبر وحسن الخلق,وكم من شهر مر عليه دون أن يختم قراءة القرآن,قال
سيد قطب رحمه الله تعالى(إنه عتاب مؤثر من المولى الكريم , فبعث فيها الرسول يدعوها إلى الإيمان بربها، ونزل عليه الآيات ليخرجها من الظلمات إلى النور,لما يغشى القلوب من الصدأ حين يمتد بها الزمن بدون جلاء،حين
تغفل عن ذكر الله، وحين لا تخشع للحق,إن هذا القلب البشري سريع التقلب، سريع
النسيان,فإذا طال عليه الأمد بلا تذكير ولا تذكر تبلد وقسًا,وأظلم وأعتم, فلا بد من تذكير هذا القلب حتى يذكر
ويخشع،ويرق,كي لا يصيبه التبلد والقساوة,ولكن لا يأس من قلب خمد وجمد وقسا وتبلد,فإنه يمكن أن تدب فيه الحياة، وأن
يشرق فيه النور، وأن يخشع لذكر الله, فالله يحيي الأرض بعد موتها، فتنبض بالحياة، وتمنح الأكل والثمار,كذلك القلوب
حين يشاء الله,من صور نسيان الله تعالى,ضعف صلة المسلم بربه، وتبلد أحاسيسه ومشاعره نحو خالقه جل وعلا،يقول
سيد قطب ,عند هذه الآية(كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم )فالذي ينسى الله يهيم في هذه الحياة بلا رابطة تشده إلى أفق
أعلى، وبلا هدف لهذه الحياة يرفعه,وفي هذا نسيان لإنسانيته)قال ابن القيم رحمه الله(الغفلة تتولد عن المعصية،
وجلاءه بالذكر، وإن القلب ليمرض كما يمرض البدن وشفاؤه بالتوبة ، ويعرى كما يعرى الجسم، وزينته التقوى، ويجوع
ويظمأ كما يجوع البدن، وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل,لقد مات عند الكثير من أهل الغفلة الشعور بالذنب،
ومات عندهم الشعور بالتقصير، حتى ظن الكثير منهم أنه على خير عظيم، ونسي المعاصي والمخالفات التي يستهين
بها,وقال(خراب القلب من الغفلة، وعمارته من الخشية والذكر)