بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلّ على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم .
أخوة الكوثر ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أمّا بعد : ومع إطلالة أشهرِ النّور تطلّ علينا أخبارُ الأنوارِ المحمديةِ (صلّى الله عليهم أجمعين) حامِلَةً هدايةَ الإستبصار لِمَنْ حمى اللهُ من عبثِ الإنكار وكيدِ الفُجّار ونصبِ الكفّار والحمد لله الواحد القهّار .
عن أبي حمزة الثمالي، عن جابر بن عبد الله بن عمر بن حزام الانصاري، قال: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى بني قريظة، وأقمنا الى أن فتح الله على رسول الله وعلينا، فانطلقنا راجعين وكان في طريقنا رجل من اليهود، فلما قربنا من كنيسته تلقانا والتوراة على صدره منشورة مزينة، فلقي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرحب به وقربه، وقال له: يا أخا اليهود، ما لك قد سعيت إلينا بالتوراة العظيمة القدر في كتب الله المنزلة ؟ فقال له اليهودي: جعلتها وسيلتي اليك يا رسول الله لتنزل وتاكل من طعامي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لقد توسلت بعظيم، وانا مجيبك يا اخا اليهود. ثم نزل ونزلنا، فإذا بطعام اليهودي قد حضر وحضر معه من تولى اصلاحه من المسلمين، وقال اليهودي: يا ايها النبي أنا ما صنعت طعامك بيدي، بل قوم من أهل دينك لانا عرفنا انك تكره طعامنا أهل الملل قبلك، فجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان على الطعام خروف مشوي، فغسل النبي يديه وغسلنا أيدينا، ومددنا الى الطعام، ودعا بالبركة، وضرب بيده الى الخروف، فثغا الخروف واضطرب، فرفع رسول الله يده عنه ورفعنا أيدينا عنه، فقال رسول الله: يا اخا اليهود عرفنا توسلك وعرفنا التوراة حقا، وضيعت ما حفظناه فيك أغواك الشيطان حتى رأيت هذا الخروف وسمعت منك ما قد عرفته من نفسي. قال اليهودي: فان كنت رسول الله حقا فاسال الله أن ينطق هذا الخروف كما أحياه لك فيخبرك بقصتنا. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اللهم اني أسالك بقدرتك التي ذل لها ملكك الا ما انطقت هذا الخروف بهذه القصعة، فقال الخروف في وسط القصعة اشهد ان لا اله الا الله، وأنك محمد رسول الله، وأن الذي كان سمني لك عدوك عتيق وزفر صارا الى هذا اليهودي فدفعا إليه عشرين دينارا وعهدوا له ولقومه من اليهود ان لا يؤذوا، وأن لا يسخروا ولا يعشروا، ولا يكرهوا على شئ يريدونه، وأنه دس السم في الطعام وتلقاك به، وقالا له: القه في التوراة فانه يعظمها، واساله ان ينزل بك، وهاك هذا الخروف وهذه العشرين دينارا، فاتخذ بها خبز البر وفاخر أطعمة الاعاجم طبيخا ومشويا، ودس هذا السم بهذا الخروف ففعل ذلك. قال جابر بن عبد الله: والله لقد ظننا أن شنبويه وحبتر - لعنهما الله - قد ماتا، لانهما طاطا وجوههما. قال النبي (صلى الله عليه وآله): أرفعا رؤوسكما، لا رفع الله لكما صرعة، ولا اقالكما عثرة، ولا غفر لكما ذنبا ولا جريرة، وأخذ بحقي منكما، الى كم هذه الجرأة على الله ورسوله ؟ فاظهرا اختلاط عقل ودهشة حتى حملا رحليهما. وضرب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده الى الخروف وقال له: ارجع باذن الله مشويا كما كنت، فرجع الخروف كما كان. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) - وقد ضرب بيده الى لحمه - بسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء ولا غائله، واكل، ثم قال كلوا يرحمكم الله، فقال اليهودي: أنا أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأنك محمد عبده ورسوله حقا حقا، وإله موسى وهارون وما أنزل في التوراة لقد قص عليك الخروف القصة، ما نقص حرفا ولا زاد حرفا. وأسلم اليهودي وغزا ست غزوات واستشهد في ذات السلاسل، رحمه الله .