فديت روحي
¬°•| عضو مميز |•°¬
السخاء عند الشيخ احمد بن حمد الخليلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الخشية من الله عند الشيخ الخليلي-نوَّر الله صدره-:
(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً* وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) (الإسراء:107-109)
من المعلوم أن الخشية أمر معنوي لا يعرف إلا بآثاره وتجلياته ومن هذه التجليات الحرص على العبادة في شتى صورها وأنواعها من صلاة وصيام وقيام وتلاوة للقرآن ومن ذلك التأثر المهيمن على الجوارح أثناء هذه العبادات أو من خلال بروز بعض المواقف التي تكشف عن جوهر هذه الخشية في النفس كالبكاء من خشية الله وانهمال الدموع أو القشعريرة التي تهز البدن ومنها الصمود على الحق والثبات عليه دون أن يخشى الإنسان قوى الأرض مجتمعة فكيف بلوم اللائمين وعذل العاذلين
وتجليات هذه الخشية في حياة الشيخ كثيرة وقد لازمته الخشية منذ طفولته وهو بزنجبار وذلك واضح مما تحكيه عنه والدته ، فقد كان ورعا شديد الورع في هذه المرحلة وقبلها ، فهناك من المواقف ما يشهد على ذلك دون أن يكون هناك تحديد دقيق لزمن حدوثها :
* فمن ذلك ما حدثت به أمه قالت : " كان لنا ثور وحدث مرة أن أكل ذلك الثور ربما شيئا من المهوجو أو الفندال ( نوعان من الأشجار التي تثمر تحت الأرض) وأخذ الشيخ يحوقل ويسترجع لما صنع الثور حين كان يتعهده ، فما كان منه بعد ذلك إلا أن جمع مبلغا من النقود وذهب ليدفعه إلى صاحب ذلك المال ولكنه أعفاه ولم يقبل منه ".
* ويقول الشيخ سليمان بن سيف الخليلي : كان للشيخ أحمد خال يقال له ناصر بن حمود وكان يكبر الشيخ بعشر سنوات تقريبا وكان يقطف بعض الثمار من الأشجار العامة بزنجبار فيسأله عن مصدرها ومن أين قطفها ؟ وينصح خاله بعدم العودة لمثلها ، لأنه لا يدري لمن هي ، والأكل من أموال الناس بغير إذنهم حرام ويأبى الشيخ أن يأكل من تلك الثمار كل الإباء .
* ومن خشيته لله : " أنه كان إذا سمع صوت الرعد ورأى البرق تراه خائفا وجلا يدخل داخل البيت ويمكث فيه" .
* ومن مظاهر الخشية بعد ذلك ما رأيته بعيني رأسي في إحدى ليالي رمضان المبارك من تفاعل عجيب مع آيات القرآن واستجابة ظاهرة من جوارحه مع قوارع نذره : فقد صليت ذات مرة قيام رمضان على يسار الشيخ في جامع السلطان قابوس بروي ، فلما قرأ الإمام قول الله تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23) انتفض جسد الشيخ انتفاضة شديدة ثم سكنت جوارحه وعاد إلى ما كان عليه بعد مجاوزة الإمام لتلك الآيات.
بكاء الشيخ الخليلي من خشية الله:
أما عن شدة بكائه من خشية الله فحدث عن ذلك بلا حرج : وربما بكى أثناء إلقاء محاضرة تبدو للإنسان عادية في موضوعها ولكنه – حفظه الله – يتفاعل مع الكلمات فيعي أبعاد مدلولاتها وذلك ما يهز وجدانه هزا عنيفا من الداخل ، ففي عرفات – مثلا – لم يخطب قط إلا حبسه البكاء عن مواصلة الخطبة والاستمرار في الدعاء ولذلك يلحظ على خطبه بعرفات أنها قصيرة للغاية بسبب ما يتخللها من غلبة البكاء عليه مع أنه – حفظه الله – يكتم بكاءه ولا يسترسل فيه وذلك بقطع دواعيه والبعد عن مهيجاته ..ويقف بجانب خطب عرفات خطب الإستسقاء فلا يتمالك الشيخ أثناء الدعاء وهو يستشعر آلاء ذي الجلال والإكرام حتى ينخرط في بكاء حاد تشفق عليه منه ، وهكذا الشأن في دعائه عقب المحاضرات خصوصا عندما يمر بذكر مصائب المسلمين وما أصابهم من قهر عدوهم لهم كما هو الحال في فلسطين ، كثيرا ما يتأثر فيبكي وخصوصا عندما يدعو على أعداء الله تعالى ، وكذلك بعد ركعتي الطواف في الحرم المكي يجتمع الشباب خلفه فيدعو دعاء جماعيا ويبكي حتى لا يكاد يقوى على إكمال دعائه ومن ذلك أيضا تذكره لعذاب الله تعالى في الدار الآخرة وربما يمنعه ذلك من مواصلة الحديث .
يقول الشيخ حميد اليحمدي : روى لنا الشيخ الخليلي قصة رجل متعلم ويعد نفسه شيخا من شيوخ العلم ، دخل إلى صحن إحدى المساجد بحذائه حيث لا يدخل الناس إلى ذلك المكان من المسجد بأحذيتهم فلقيه المؤذن فقال له : أيها الشيخ هذا المكان مصلى المسلمين ، فاخلع حذاءك . فقال الرجل : إن حذائي هذا أكرم من وجهك ، فبكى المؤذن وهو يقول : إن كان مصير وجهي إلى النار فإن حذاءك أكرم من وجهي ، وينخرط الشيخ هنا في بكاء حاد لا يستطيع أن يكمل بقية القصة، ويمتنع الحاضرون عن سؤاله إشفاقا عليه ، يقول الشيخ حميد اليحمدي : وما قص الشيخ علينا هذه القصة إلا وتوقف عند هذا المقطع وقد منعه البكاء عن مواصلة الحديث فهو – حفظه الله – من البكائين الذين عرفهم التأريخ في مداره .
* ومن المواقف التي تتجلى فيها الخشية من الله والورع معا: إذ سأله سائل مرة وكنا في مجلسه عن معنى قوله الله تعالى ( وفاكهة وأبا ) ما معنى الأب ، فقال الشيخ : لقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني وأين أذهب إذا قلت في كتاب الله بغير ما أنزل الله ، وقال عمر بن الخطاب : قد عرفنا الفاكهة فما الأب . ثم قال : لعمرك با ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف ، فكيف تريد مني أن أقول في شيء توقف فيه أبو بكر وعمر ؟!
* ومن ملحوظات الشيخ عيسى بن يوسف البوسعيدي : أن الشيخ إذا سئل عن شيء في القرآن ولو كان إعرابا نحويا توقف وفكر وتأمل ولو كانت الإجابة – فيما يبدو – حاضرة لديه ولكنه لا يتسرع أبدا في الحديث عن القرآن بشيء ولذلك تجد سماحته يفرغ نفسه يوما كاملا من المشاغل يوم الثلاثاء لأجل أن يفسر آية أو بعض آية أحيانا من كتاب الله تعالى خوفا من الله سبحانه أن يقول في كتابه بغير ما أنزله.
ر
بسم الله الرحمن الرحيم
الخشية من الله عند الشيخ الخليلي-نوَّر الله صدره-:
(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً* وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) (الإسراء:107-109)
من المعلوم أن الخشية أمر معنوي لا يعرف إلا بآثاره وتجلياته ومن هذه التجليات الحرص على العبادة في شتى صورها وأنواعها من صلاة وصيام وقيام وتلاوة للقرآن ومن ذلك التأثر المهيمن على الجوارح أثناء هذه العبادات أو من خلال بروز بعض المواقف التي تكشف عن جوهر هذه الخشية في النفس كالبكاء من خشية الله وانهمال الدموع أو القشعريرة التي تهز البدن ومنها الصمود على الحق والثبات عليه دون أن يخشى الإنسان قوى الأرض مجتمعة فكيف بلوم اللائمين وعذل العاذلين
وتجليات هذه الخشية في حياة الشيخ كثيرة وقد لازمته الخشية منذ طفولته وهو بزنجبار وذلك واضح مما تحكيه عنه والدته ، فقد كان ورعا شديد الورع في هذه المرحلة وقبلها ، فهناك من المواقف ما يشهد على ذلك دون أن يكون هناك تحديد دقيق لزمن حدوثها :
* فمن ذلك ما حدثت به أمه قالت : " كان لنا ثور وحدث مرة أن أكل ذلك الثور ربما شيئا من المهوجو أو الفندال ( نوعان من الأشجار التي تثمر تحت الأرض) وأخذ الشيخ يحوقل ويسترجع لما صنع الثور حين كان يتعهده ، فما كان منه بعد ذلك إلا أن جمع مبلغا من النقود وذهب ليدفعه إلى صاحب ذلك المال ولكنه أعفاه ولم يقبل منه ".
* ويقول الشيخ سليمان بن سيف الخليلي : كان للشيخ أحمد خال يقال له ناصر بن حمود وكان يكبر الشيخ بعشر سنوات تقريبا وكان يقطف بعض الثمار من الأشجار العامة بزنجبار فيسأله عن مصدرها ومن أين قطفها ؟ وينصح خاله بعدم العودة لمثلها ، لأنه لا يدري لمن هي ، والأكل من أموال الناس بغير إذنهم حرام ويأبى الشيخ أن يأكل من تلك الثمار كل الإباء .
* ومن خشيته لله : " أنه كان إذا سمع صوت الرعد ورأى البرق تراه خائفا وجلا يدخل داخل البيت ويمكث فيه" .
* ومن مظاهر الخشية بعد ذلك ما رأيته بعيني رأسي في إحدى ليالي رمضان المبارك من تفاعل عجيب مع آيات القرآن واستجابة ظاهرة من جوارحه مع قوارع نذره : فقد صليت ذات مرة قيام رمضان على يسار الشيخ في جامع السلطان قابوس بروي ، فلما قرأ الإمام قول الله تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23) انتفض جسد الشيخ انتفاضة شديدة ثم سكنت جوارحه وعاد إلى ما كان عليه بعد مجاوزة الإمام لتلك الآيات.
بكاء الشيخ الخليلي من خشية الله:
أما عن شدة بكائه من خشية الله فحدث عن ذلك بلا حرج : وربما بكى أثناء إلقاء محاضرة تبدو للإنسان عادية في موضوعها ولكنه – حفظه الله – يتفاعل مع الكلمات فيعي أبعاد مدلولاتها وذلك ما يهز وجدانه هزا عنيفا من الداخل ، ففي عرفات – مثلا – لم يخطب قط إلا حبسه البكاء عن مواصلة الخطبة والاستمرار في الدعاء ولذلك يلحظ على خطبه بعرفات أنها قصيرة للغاية بسبب ما يتخللها من غلبة البكاء عليه مع أنه – حفظه الله – يكتم بكاءه ولا يسترسل فيه وذلك بقطع دواعيه والبعد عن مهيجاته ..ويقف بجانب خطب عرفات خطب الإستسقاء فلا يتمالك الشيخ أثناء الدعاء وهو يستشعر آلاء ذي الجلال والإكرام حتى ينخرط في بكاء حاد تشفق عليه منه ، وهكذا الشأن في دعائه عقب المحاضرات خصوصا عندما يمر بذكر مصائب المسلمين وما أصابهم من قهر عدوهم لهم كما هو الحال في فلسطين ، كثيرا ما يتأثر فيبكي وخصوصا عندما يدعو على أعداء الله تعالى ، وكذلك بعد ركعتي الطواف في الحرم المكي يجتمع الشباب خلفه فيدعو دعاء جماعيا ويبكي حتى لا يكاد يقوى على إكمال دعائه ومن ذلك أيضا تذكره لعذاب الله تعالى في الدار الآخرة وربما يمنعه ذلك من مواصلة الحديث .
يقول الشيخ حميد اليحمدي : روى لنا الشيخ الخليلي قصة رجل متعلم ويعد نفسه شيخا من شيوخ العلم ، دخل إلى صحن إحدى المساجد بحذائه حيث لا يدخل الناس إلى ذلك المكان من المسجد بأحذيتهم فلقيه المؤذن فقال له : أيها الشيخ هذا المكان مصلى المسلمين ، فاخلع حذاءك . فقال الرجل : إن حذائي هذا أكرم من وجهك ، فبكى المؤذن وهو يقول : إن كان مصير وجهي إلى النار فإن حذاءك أكرم من وجهي ، وينخرط الشيخ هنا في بكاء حاد لا يستطيع أن يكمل بقية القصة، ويمتنع الحاضرون عن سؤاله إشفاقا عليه ، يقول الشيخ حميد اليحمدي : وما قص الشيخ علينا هذه القصة إلا وتوقف عند هذا المقطع وقد منعه البكاء عن مواصلة الحديث فهو – حفظه الله – من البكائين الذين عرفهم التأريخ في مداره .
* ومن المواقف التي تتجلى فيها الخشية من الله والورع معا: إذ سأله سائل مرة وكنا في مجلسه عن معنى قوله الله تعالى ( وفاكهة وأبا ) ما معنى الأب ، فقال الشيخ : لقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني وأين أذهب إذا قلت في كتاب الله بغير ما أنزل الله ، وقال عمر بن الخطاب : قد عرفنا الفاكهة فما الأب . ثم قال : لعمرك با ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف ، فكيف تريد مني أن أقول في شيء توقف فيه أبو بكر وعمر ؟!
* ومن ملحوظات الشيخ عيسى بن يوسف البوسعيدي : أن الشيخ إذا سئل عن شيء في القرآن ولو كان إعرابا نحويا توقف وفكر وتأمل ولو كانت الإجابة – فيما يبدو – حاضرة لديه ولكنه لا يتسرع أبدا في الحديث عن القرآن بشيء ولذلك تجد سماحته يفرغ نفسه يوما كاملا من المشاغل يوم الثلاثاء لأجل أن يفسر آية أو بعض آية أحيانا من كتاب الله تعالى خوفا من الله سبحانه أن يقول في كتابه بغير ما أنزله.
ر