قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
فصل
ومنها ان الحكمة الالهية اقتضت تركيب الشهوة والغضب في الانسان وهاتان القوتان فيه بمنزلة صفاته الذاتية لا ينفك عنهما وبهما وقعت المحنة والابتلاء وعرض لنيل الدرجات العلى واللحاق بالرفيق الاعلى والهبوط الى اسفل سافلين.
فهاتان القوتان لا يدعان العبد حتى ينيلانه منازل الابرار او يضعانه تحت اقدام الأشرار ولن يجعل الله من شهوته مصروفة الى ما اعد له في دار النعيم وغضبه حمية لله ولكتابه ولرسوله ولدينه كمن جعل شهوته مصروفة في هواه وامانيه العاجلة وغضبه مقصور على حظه ولو انتهكت محارم الله وحدوده وعطلت شرائعه وسننه بعد ان يكون هو ملحوظا بعين الاحترام والتعظيم والتوقير ونفوذ الكلمة وهذه حال اكثر الرؤساء اعاذنا الله منها فلن يجعل الله هذين الصنفين في دار واحدة فهذا صعد بشهوته وغضبه الى اعلى عليين وهذا هوى بهما الى أسفل سافلين.
والمقصود ان تركيب الانسان على هذا الوجه هو غاية الحكمة ولا بد ان يقتضي كل واحد من القوتين اثره فلا بد من وقوع الذنب والمخالفات والمعاصي فلا بد من ترتب آثار هاتين القوتين عليهما ولو لم يخلقا في الانسان لم يكن انسانا بل كان ملكا فالترتب من موجبات الانسانية كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" أخرجه احمد (3/198) والترمذي (2501) وابن ماجه (4251) وحسنه الألباني.
فأما من اكتنفته العصمة وضربت عليه سرادقات الحفظ فهم اقل افراد النوع الانساني وهم خلاصته ولبه.
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة/الجزء الأول/ الصفحة (296)
طبعة دار الكتب العلمية - بيروت
دمتم في حفظ الله ورعايته.
فصل
ومنها ان الحكمة الالهية اقتضت تركيب الشهوة والغضب في الانسان وهاتان القوتان فيه بمنزلة صفاته الذاتية لا ينفك عنهما وبهما وقعت المحنة والابتلاء وعرض لنيل الدرجات العلى واللحاق بالرفيق الاعلى والهبوط الى اسفل سافلين.
فهاتان القوتان لا يدعان العبد حتى ينيلانه منازل الابرار او يضعانه تحت اقدام الأشرار ولن يجعل الله من شهوته مصروفة الى ما اعد له في دار النعيم وغضبه حمية لله ولكتابه ولرسوله ولدينه كمن جعل شهوته مصروفة في هواه وامانيه العاجلة وغضبه مقصور على حظه ولو انتهكت محارم الله وحدوده وعطلت شرائعه وسننه بعد ان يكون هو ملحوظا بعين الاحترام والتعظيم والتوقير ونفوذ الكلمة وهذه حال اكثر الرؤساء اعاذنا الله منها فلن يجعل الله هذين الصنفين في دار واحدة فهذا صعد بشهوته وغضبه الى اعلى عليين وهذا هوى بهما الى أسفل سافلين.
والمقصود ان تركيب الانسان على هذا الوجه هو غاية الحكمة ولا بد ان يقتضي كل واحد من القوتين اثره فلا بد من وقوع الذنب والمخالفات والمعاصي فلا بد من ترتب آثار هاتين القوتين عليهما ولو لم يخلقا في الانسان لم يكن انسانا بل كان ملكا فالترتب من موجبات الانسانية كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" أخرجه احمد (3/198) والترمذي (2501) وابن ماجه (4251) وحسنه الألباني.
فأما من اكتنفته العصمة وضربت عليه سرادقات الحفظ فهم اقل افراد النوع الانساني وهم خلاصته ولبه.
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة/الجزء الأول/ الصفحة (296)
طبعة دار الكتب العلمية - بيروت
دمتم في حفظ الله ورعايته.