هُوَ لا يكرههاَ ... ولكنهُ مع ذلك لا يحتملُ المسافة التي بينهماَ والتي تضيقُ كلما إقترَبَت منه لتهمسَ لهُ بسخرية طفولية ... "يا جبـاااان..!"
ولأنهُ يبذلُ قصارَ جهده ليُثبتَ رجولتهُ، هوَ الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، فإنهُ لا يهتمّ إن كانت ردةُ فعله ستُودي بأسنانهاَ الأمامية أو بأحد عينيهاَ .. أو حتى بشعرهاَ الذي لم ينمُ بعد على رأسهاَ الصغير...
فيضربهاَ ...ثم تبدأ سمفونية البكاء .. !
!!
هماَ ... علاء وأميرة ...
أشتاقهماَ بحدٍّ كبير كلماَ أخدتني الجامعة بعيدًا عنهما ...
شوقٌ يجعلني أستمتعُ بصراخهماَ وهرجهماَ في أرجاء البيت كلماَ عدتُ لهُ بعدَ غياب ..!
ولا أنسى أن أتوقعَ هذا الضجيج وأنا في طريق العودة ...
ضجيجٌ يستقبلني قبلَ أحضانِ أمي وكفِّ أبي الذي أطبعُ عليهِ قبلةَ الرجوع...!
اليوم .. مثلاً ..
حطّموا شيئًا من زجاج ... في عراكهما المعتاد ..
/
تمنيتُ لو أنني كنتُ أنا الفاعلة..لا هُما...!
فبقلبي الآن ... أشياءُ كثيرة ...
أحاديثُ طالَ إنتظارُ البوحِ بها... حتى تجمدت في داخلي ... وخنقتني ...!
ولأنني جربتُ أنواعَ البوح كلها...
لم يُرحني في كل ما جربت... غيرُ صوت الزجاج وهوَ يتهشم...!
صرتُ أحياناً أدّعي إنزلاقَ كأسٍ مني أو طبق ...بُغيةَ أن أستمعَ لصوتِ سقوطهِ على الأرض...!
ولأن الأرضَ لا ترحمُ الزجاج ... ولا ترحمُ كل من يسقطُ عليها ... فهي لا تقصّر بواجبها "التهشيمي"...!
تُهديني دومًا صوتًا يوحي بأن ماانكسرَ عليهاَ يستحيلُ إرجاعه ... يستحيلُ إحياءُه ..!
/
"نحنُ عاديون جدًّا ...
بعيدونَ عن الضوء كثيرًا...
وإن نحنُ إقتربناَ منه... لا يعكسنا.....!"