نسبه:
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه الجعفي ولاء، البخاريٌ مولداً، واشتهر أكثر بمكان مولده فعرف بالبخاري – رحمه الله. ومعنى بردزبه بالفارسية: الفلاح، أو البستاني.
أسلم جده المغيرة على يد اليمان الجعفي والي بخارى فانتمى إليه. وبارك الله هذه الصلة بين الأسرتين، فكان عبدالله المسندي بن محمد بن جعفر بن اليمان – حفيد اليمان – شيخاً للإمام البخاري – حفيد المغيرة ، كما كان أُحَيْد بن أبي جعفر الجعفي – والي بخارى – راوياً للبخاري.
مولده وأسرته:
كان مولد الإمام البخاري في بخارى – وهي من أعظم مدن بلاد فارس وكانت في تلك الأيام تقع على بعد ثمانية أيام من سمرقند. وقد ولد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة المشرفة (194 هـــــ).
وكان والده إسماعيل عالما تقيا عاملاً ورعاً، تقابل مع إمام المدينة مالك بن أنس سنة (179 هـــ) حينما خرج إسماعيل حاجا، كذلك رأى حماد بن زيد، وصافح عبدالله بن المبارك بكلتا يديه، وحدث عن أبي معاوية بن صالح وجماعة.
وروى عنه أحمد بن حفص وجماعة من أهل العراق.
وكان إسماعيل – والد البخاري – راوياً للحديث، ثقة، ترجمه ابنُ حبان في كتاب (الثقات).
نبوغه المبكر:
ظهرت علامات النجابة وآيات الذكاء ودلائل العبقرية واضحة جلية على الإمام في وقت مبكر، وكان من آيات ذلك:
حفظ الحديث بإتقان:
يحدث محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي يقول:
( قلت لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال أُلهمتُ حفظ الحديث وأنا في الكُتّاب . قال: كم أتى عليك إذ ذاك؟ قال: عشر سنين، أو أقل).
وحين بلغ سن الحادية عشرة كبرت همته وسمت، فبعد أن قرأ الكتب طلب آفاقا أرحب لتغنى نفسه، وتُشبعَ نهمه الجارف للعلم، فبدأ يتردد على أئمة الحديث لينهل من مواردهم، ويقف من هؤلاء الأئمة مواقف تدل على ثقته بنفسه، فيصحح لأستاذ له ما يخطئ فيه، مما يجعل أستاذه يسلم له ويصحح ما عنده، معترفا له بالدقة والإتقان.
ومما يدل على شدة حفظه، وتيقظ ذاكرته، وما آتاه الله من قدرة على الاستيعاب والحفظ والفهم والإدراك، ما ذكر في طبقات الشافعية جـ2 ص 6 يقول السبكي:
( دفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا العدة للمجلس، فحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها من البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله، انتدب إليه رجلُ من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم، ثم انتدب آخر من العشرة فسأله والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب ثالث ورابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من المائة الحديث المقلوبة والبخاري يجيبهم: لا أعرفه، فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، والثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متن، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها، فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا له بالفضل).
بعض مؤلفاته:
للإمام البخاري غير الجامع الصحيح مؤلفات أخرى، لها قيمتها العلمية، سواء في تواريخ الرجال، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وتابعي التابعين أو غير ذلك من فروع العلم. نذكر منها:
1- التاريخ الكبير – وهو كتاب ضخم، استوعب فيه الرواة من الصحابة فمن بعدهم إلى طبقة شيوخه.
2- التاريخ الصغير – مختصر من تاريخ النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار، وطبقات التابعين، ووفاتهم، ونسبهم وكناهم.
3- كتاب الضعفاء الصغير.
4- كتاب الكنى، فيم غلبت كنيته على اسمه.
5- كتاب الأدب المفرد، ذكر فيه جملة من الأحاديث الداعية إلى مكارم الأخلاق.
6- رفع اليدين في الصلاة.
7- التاريخ الأوسط.
8- خير الكلام في القراءة خلف الإمام.
9- كتاب الأشربة.
10- أسامي الصحابة.
11- بر الوالدين.
12- خلق أفعال العباد.
13- قضايا الصحابة والتابعين.
14- كتاب المسند الكبير.
15- كتاب الوحدان، وهو ليس له إلا حديث واحد.
16- كتاب المبسوط.
17- كتاب الهبة.
18- الجامع الصحيح.
وفاته:
توفي - رحمه الله – ليلة السبت، عند صلاة العشاء ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر، لغرة شوال سنه 256 هــ، بعد عمر دام اثنين وستين عاما وثلاثة عشر يوما، ملأ فيها الدنيا نوراً بأحاديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رحمه الله رحمةً واسعة وجزاه عن الإسلام والمسلمين بقدر ما قدم من خير، وجعل كتابه الصحيح وكتبه الأخرى في ثواب أعماله من العلم الذي ينتفع به الناس في الدنيا وينتفع به هو في الآخرة – إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
دمتم في حفظ الله ورعايته.
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه الجعفي ولاء، البخاريٌ مولداً، واشتهر أكثر بمكان مولده فعرف بالبخاري – رحمه الله. ومعنى بردزبه بالفارسية: الفلاح، أو البستاني.
أسلم جده المغيرة على يد اليمان الجعفي والي بخارى فانتمى إليه. وبارك الله هذه الصلة بين الأسرتين، فكان عبدالله المسندي بن محمد بن جعفر بن اليمان – حفيد اليمان – شيخاً للإمام البخاري – حفيد المغيرة ، كما كان أُحَيْد بن أبي جعفر الجعفي – والي بخارى – راوياً للبخاري.
مولده وأسرته:
كان مولد الإمام البخاري في بخارى – وهي من أعظم مدن بلاد فارس وكانت في تلك الأيام تقع على بعد ثمانية أيام من سمرقند. وقد ولد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة المشرفة (194 هـــــ).
وكان والده إسماعيل عالما تقيا عاملاً ورعاً، تقابل مع إمام المدينة مالك بن أنس سنة (179 هـــ) حينما خرج إسماعيل حاجا، كذلك رأى حماد بن زيد، وصافح عبدالله بن المبارك بكلتا يديه، وحدث عن أبي معاوية بن صالح وجماعة.
وروى عنه أحمد بن حفص وجماعة من أهل العراق.
وكان إسماعيل – والد البخاري – راوياً للحديث، ثقة، ترجمه ابنُ حبان في كتاب (الثقات).
نبوغه المبكر:
ظهرت علامات النجابة وآيات الذكاء ودلائل العبقرية واضحة جلية على الإمام في وقت مبكر، وكان من آيات ذلك:
حفظ الحديث بإتقان:
يحدث محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي يقول:
( قلت لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال أُلهمتُ حفظ الحديث وأنا في الكُتّاب . قال: كم أتى عليك إذ ذاك؟ قال: عشر سنين، أو أقل).
وحين بلغ سن الحادية عشرة كبرت همته وسمت، فبعد أن قرأ الكتب طلب آفاقا أرحب لتغنى نفسه، وتُشبعَ نهمه الجارف للعلم، فبدأ يتردد على أئمة الحديث لينهل من مواردهم، ويقف من هؤلاء الأئمة مواقف تدل على ثقته بنفسه، فيصحح لأستاذ له ما يخطئ فيه، مما يجعل أستاذه يسلم له ويصحح ما عنده، معترفا له بالدقة والإتقان.
ومما يدل على شدة حفظه، وتيقظ ذاكرته، وما آتاه الله من قدرة على الاستيعاب والحفظ والفهم والإدراك، ما ذكر في طبقات الشافعية جـ2 ص 6 يقول السبكي:
( دفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا العدة للمجلس، فحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها من البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله، انتدب إليه رجلُ من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم، ثم انتدب آخر من العشرة فسأله والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب ثالث ورابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من المائة الحديث المقلوبة والبخاري يجيبهم: لا أعرفه، فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، والثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متن، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها، فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا له بالفضل).
بعض مؤلفاته:
للإمام البخاري غير الجامع الصحيح مؤلفات أخرى، لها قيمتها العلمية، سواء في تواريخ الرجال، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وتابعي التابعين أو غير ذلك من فروع العلم. نذكر منها:
1- التاريخ الكبير – وهو كتاب ضخم، استوعب فيه الرواة من الصحابة فمن بعدهم إلى طبقة شيوخه.
2- التاريخ الصغير – مختصر من تاريخ النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار، وطبقات التابعين، ووفاتهم، ونسبهم وكناهم.
3- كتاب الضعفاء الصغير.
4- كتاب الكنى، فيم غلبت كنيته على اسمه.
5- كتاب الأدب المفرد، ذكر فيه جملة من الأحاديث الداعية إلى مكارم الأخلاق.
6- رفع اليدين في الصلاة.
7- التاريخ الأوسط.
8- خير الكلام في القراءة خلف الإمام.
9- كتاب الأشربة.
10- أسامي الصحابة.
11- بر الوالدين.
12- خلق أفعال العباد.
13- قضايا الصحابة والتابعين.
14- كتاب المسند الكبير.
15- كتاب الوحدان، وهو ليس له إلا حديث واحد.
16- كتاب المبسوط.
17- كتاب الهبة.
18- الجامع الصحيح.
وفاته:
توفي - رحمه الله – ليلة السبت، عند صلاة العشاء ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر، لغرة شوال سنه 256 هــ، بعد عمر دام اثنين وستين عاما وثلاثة عشر يوما، ملأ فيها الدنيا نوراً بأحاديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رحمه الله رحمةً واسعة وجزاه عن الإسلام والمسلمين بقدر ما قدم من خير، وجعل كتابه الصحيح وكتبه الأخرى في ثواب أعماله من العلم الذي ينتفع به الناس في الدنيا وينتفع به هو في الآخرة – إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
دمتم في حفظ الله ورعايته.
التعديل الأخير: