ود البريمي
¬°•| عضو مميز |•°¬
- إنضم
- 16 يناير 2011
- المشاركات
- 332
بسم الله الرحمن الرحيم
وزير التربية . . حقائق ووقائع
المستشار التربوي د.فهد القاضي
الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
أما بعد فإسهاماً في إصلاح التعليم وتقويم مسيرته أورد في هذا المقال بعض ما يحضرني مما يتعلق بمسئوله الأول (الوزير) مما يناسب نشره . وليس الهدف إن شاء الله قصد التجريح أو التشهير، إنما القصد توضيح الصورة، ليسهم الجميع في المعالجة. ولقد كان من الدوافع لأن أسلك هذا المسلك أسلوبه في استقبال الناصحين والتعامل معهم وعدم تشجيعه على التواصل المباشر معه. وعلى أي حال فلقد اجتهدت ألا أذكر هنا عنه إلا ما سمعته بنفسي أو ما سمعه من باشر الأمر بنفسه (فبئس مطية الرجل قالوا وزعموا).
أولاً – إحدى الملحوظات البارزة على سموه عدم رحابة صدره للحوار وسماع وجهات النظر. فالغالب أنه يستقبل من أتاه بملحوظة أو نصيحة بوجه معبس وجبين مقطب، هذا إذا استقبله، حيث قد يتردد المرء على مكتبه مرات عديدة ولا يجده. ثم إنه كثيراً ما يكلم هؤلاء الناصحين وهو واقف، استعجالاً للحديث، وأحياناً وهو ماش، رغم أن بعض هؤلاء قدموا من مناطق المملكة و محافظاتها، ومع هذا يرجع بعضهم بقدر من الإحباط لهذا الأسلوب في الحوار أو لعدم تمكنه من مقابلته. وينضاف إلى تعبيس الوجه وتقطيب الجبين رفع الصوت. وشواهد هذا كثيرة. منها- مما رأيته بنفسي- أنه قدم إلى مكتبه أستاذان فاضلان للحديث معه فيما ينفع التعليم ويخدم الصالح العام، أحدهما رجل من رجال التعليم صلته بالوزارة متعلماً أو معلماً تجاوز نصف قرن، والآخر ستيني يحمل أعلى درجة علمية، كما يحوز خبرة وتجربة تربوية استقاها من الميدان من خلال عدة مناصب تقلدها في التعليم، ومع كل هذا فسنهم وفضلهم و وقارهم لم يشفع لهم أن يمنحهم دقائق يسمع منهم بهدوء، بل كلمهم على استعجال وهو واقف و بلهجة فيها حدة، ثم لم يكمل الحوار معهم، بل تركهم وانصرف!
وقد تكرر منه مثل هذا الموقف مع كثيرين، من أواخرها ما حصل منه يوم السبت 19/5/1432، والذي تداولت تفاصيله عدة مواقع إخبارية.
والذي يظهر أن أحد دوافعه إلى هذا الأسلوب: إساءته الظن بالناصحين، واتهامه إياهم أنهم أعداء لكل جديد، بل قد صرح بهذا في إحدى المناسبات! ومن كان هذا ظنه بالناصحين مهما كانت رتبهم وخبراتهم ودرجاتهم العلمية فلا ينتظر منه والحالة هذه إلا رفض كل ما يطرحونه، بل يجعل معياره في النجاح صموده وتصلبه في وجه هؤلاء.
ثانياً-عدم مراعاة الأولويات:
من بدهيات علم الإدارة البدء بالأهم فالمهم، وعند مراجعة القرارات والإجراءات التي اتخذها الوزير تجد تقصيراً في هذا المبدء. فالمتطلبات الحيوية لعملية التعليم كإصلاح البيئة المدرسية، ومشكلة المباني المستأجرة، ورفع المستوى الأدائي للمعلمين والمعلمات، ونحوها من قضايا التعليم الكبرى مازالت دون المستوى المأمول بكثير.
ثالثاً-صدور القرارات على غير آلية واضحة:
الملاحظ من خلال عدد من القرارات والإجراءات التي اتخذها من حين عين وزيراً أنها تفتقد الآلية المهنية المطلوبة عند اتخاذ مثل هذه القرارات، فهي إلى النظرات الفردية والقناعات المسبقة أقرب منها إلى الإجراءات المدروسة المنطلقة من لجان متخصصة، والمستندة إلى دراسات علمية، أو استبانات ميدانية، ونحو ذلك.
رابعاً- تخطي الأنظمة المعتمدة والتعليمات السارية:
ومن أمثلة ذلك:
أ- اعتماد اللغة الانجليزية في مؤتمر (الجودة الشاملة للتعليم) المقام في الرياض (4-7/2/1432). مع أن النظام الأساسي للحكم قد نص في مادته الأولى أن (المملكة العربية السعودية . . لغتها هي اللغة العربية).
ب- تشجيع الطلاب السعوديين على الالتحاق بالمدارس الأجنبية:
من الإجراءات الأخيرة التي اعتمدتها الوزارة توسيع دائرة قبول الطلاب السعوديين في المدارس الأجنبية فبعد أن كانت الموافقة مرتبطة بالوزير ووفق ظروف خاصة . .أسند القبول لمديري إدارات التعليم وأصبح هناك تساهل واضح في القبول، مع أن لائحة المدارس الأجنبية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 26 وتاريخ 4/2/1418 قد نصت في مادتها الخامسة على أنه " لا يجوز قبول الطلاب السعوديين في المدارس الأجنبية, عدا من تقضي الضرورة التحاقهم فيها من الطلاب القادمين من الخارج الذين لا تمكنهم ظروفهم الدراسية من الالتحاق بالمدارس السعودية, فللوزير النظر في الموافقة على قبولهم مدة تحددها ظروف كل طالب في كل سنة، بما لا يتجاوز ثلاث سنوات" .
وفي فتح المجال لأبنائنا وبناتنا في الالتحاق بهذه المدارس من الأخطار، على عقيدتهم، وفكرهم، وولائهم، ما لا يخفى.
ثم إن في هذا التخطي لهذه المادة ما يشير إلى اهتزاز الثقة في تعليمنا: في مناهجه و ومقرراته ولوائحه.
ج- دمج إدارات تعليم البنين وإدارات تعليم البنات في إدارة واحدة مع مخالفة هذا الإجراء للأمر الملكي ذي الرقم أ/2 وتاريخ 28/2/1424 والذي جاء فيه ما نصه: [ يكون لوزير التربية والتعليم نائبان، أحدهما لتعليم البنين والثاني لتعليم البنات. ويكون لوزارة التربية والتعليم ميزانيتان، إحداهما لتعليم البنين، والأخرى لتعليم البنات]. ومع كون هذا الإجراء مخالفاً نظامياً، فإنه يؤثر على الجانب الأدائي، فإذا كانت كل إدارة تعليم -على حدتها-مثقلة بأعبائها الجسيمة، فكيف إذا دمجتا وتضاعف العبء؟
د- الإذن للمدارس الأهلية بتدريس البنين في مدارس البنات (في المرحلة الأولية)، فمع مخالفة ذلك لفتاوى علمائنا الأجلاء المستندة إلى الأدلة الشرعية المعتبرة، والقاضية بمنع ذلك، فهو مخالف أيضاً لما نصت عليه سياسة التعليم في مادتها رقم (155) ونصها: [ يمنع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم إلا في دور الحضانة ورياض الأطفال].
ولما نصت عليه لائحة تنظيم المدارس الأهلية في ماداتها (5/هـ) ونصها: [ أن تضم -المدرسة الأهلية-أحد الجنسين فقط، ويستثنى من ذلك رياض الأطفال].
ومخالف أيضاً لتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب رئيس اللجنة العليا لسياسة التعليم في الخطاب الصادر بتاريخ 19/1/1409 والموجه للرئيس العام لتعليم البنات جواباً على طلبه التوجيه حيال طلب بعض المدارس الأهلية تولي النساء تعليم الأطفال من البنين دون سن الثامنة، فكان جواب سموه:[ نرغب صرف النظر عن هذه الطلبات وعدم الاستجابة لها] .
وزيادة على كون هذه الخطوة تفاقم مشكلة بطالة الخريجين- حيث رُحِّل عدد من وظائفهم إلى مدارس البنات- فإن هذا الإجراء لم يُبْنَ على دراسات تربوية، أو استبانات ميدانية، كما لم ينبثق عن استشارات متخصصة.
بل إن التجارب التربوية في عدد من دول العالم تنادي بالتراجع عن التعليم المختلط، وتؤكد على العودة إلى التعليم أحادي الجنس.
ومن المؤسف أن الوزير حين يواجه بأنه مخالف للتعليمات الرسمية يجيب إجابة غير مهنية حيث يردد: (أنا مرجعي خادم الحرمين) ولا شك أنه مرجعه ومرجع غيره من مسئولي الدولة وموظفيها, لكن الملك قد أحال المسئوليات وأناط المهام بهم لينفذوها على وفق ما هو صادر من قرارات وتعليمات. ثم إن من المعلوم في علم الإدارة أن القرار الرسمي لا ينقضه إلا قرار مثله في القوة أو أقوى منه. فالمرسوم الملكي لا ينقضه أمر ملكي، وتعديل أي نظام قائم لا يتم إلا بالطريقة نفسها التي صدر فيها ذلك النظام. ومن هنا يتضح أن جواب الوزير في (منتدى الغد) المنعقد في الرياض بتاريخ 28/5/1432 حين قال: (إن القرارات بخصوص دمج الطلاب في المرحلة الابتدائية، وجميع القرارات الأخرى محل التنفيذ.. هي قرارات عليا يجب أن تنفذ) جواب غير موفق.
فمنع الاختلاط في التعليم المنصوص عليه في سياسة التعليم، الصادر بمرسوم ملكي متوج بقرار رئيس مجلس الوزراء لا ينقض أو يعدل إلا بقرار مثله في القوة.
وأنا لا أستبعد أن سموه ينطلق من قراراته التي تخالف تعليمات رسمية من منطلق الفرض بالقوة، فلقد سمعته بنفسي في أول يوم قدم فيه إلى الوزارة وقد جاءه مسئولو الوزارة وغيرهم للسلام عليه سمعته يقول: ( ذا الحين كل من جاء قال: الله يعينك، الله يعينك ! على إيش ؟ إذا كانت – يعني تعيينه – إرادة ولي الأمر ؟) !!!
خامساً- الدفع بمجتمع التعليم نحو الاختلاط، وذلك في صور كثيرة، منها:
أ- الاجتماعات الرسمية.
ب- اللجان والمجالس التي تشكلها الوزارة، ومن أمثلتها: لجنة ذوي الظروف الخاصة، والمجالس الاستشارية المرتبطة بإدارات التعليم(بعد أن كانت خاصة بالرجال ونظيراتها خاصة بالنساء).
كل ذلك والعالم يخطو نحو الحكومات الالكترونية، فكان بإمكان الوزارة -عند وجود ضرورة تقضي باجتماع رجال ونساء-أن يتم ذلك عن طريق الشبكة، أو الدائرة التلفزيونية المغلقة أو نحو ذلك من الخيارات المتاحة.
ج- الاحتفالات والمناسبات، ومن أمثلتها حفل تكريم المعلمين والمعلمات المتميزين عام1431، وحفل الموْهوبين الذي عقد يوم 6/12/1431
د- الوفود التي تسافر داخل المملكة أو خارجها: فقد صار عرفاً من أعراف الوزارة ألا يسافر وفد إلا وضمنه نساء.
ه- الدورات التي ترتب في دول خارجية، ومن أمثلتها الدورة التي رتبت لمنسوبات الوزارة في كوالالامبور شهر ذي الحجة الماضي أيام عيد الأضحى وكانت أشبه ما تكون بالنزهة، وقبلها دورة في أكسفورد ضمت بعض منسوبي ومنسوبات الوزارة في آن واحد.
ولم يقتصر إشراك النساء في الرحلات الخارجية على الإداريات والموظفات أو حتى المعلمات بل شمل الطالبات!
و- دعوته الطالبات لحضور سباق الخيل يوم الجمعة 15/1/1431، وحينها سخّرت الوزارة حافلاتها لنقل من يرغب من الطالبات وآبائهن أو أمهاتهن لهذا الغرض.
ثم كررت الدعوة للطالبات هذا العام لحضور السباق المقام يوم 25/1/1432.
ز- توجيهه نائبةَ تعليم البنات بزيارة مدرسة للبنين في محافظة الزلفي(شهر رجب 1431)، ومن ثم دخولها المدرسة وفيها الإداريون والمعلمون والطلاب. ومن المؤسف أنه جاهر بهذا فقال في إحدى المناسبات العامة: ( أنا من وجه نائبة الوزير بزيارة مدرستين للبنين في الزلفي) جريدة عكاظ 29/4/1432.
ح- دخوله مدرسة للبنات أثناء الدوام الرسمي للمعلمات،(وكان ذلك يوم السبت 14/10/1430 في الثانوية "67" في محافظة جدة).
ط- مؤتمر (جودة التعليم) المنعقد في الرياض في الفترة من 4-7/2/1432 وما حفل به من صور صارخة للاختلاط والسفور.
ي- الحوار المباشر الذي ضم طلاباً وطالبات من المرحلة الثانوية في قاعة واحدة وذلك يوم السبت 19/5/1432.
هذا و من الجدير بالذكر هنا التنويه بأن الولاة طمأنوا الناس حين تم دمج رئاسة تعليم البنات في وزارة المعارف بتاريخ10/1/1423 بأن هذا مجرد إجراء إداري فقط، وأكدوا لهم ذلك. فمثل تلك الممارسات المشار إليها آنفاً تهز ثقة الناس بوعود ولاة الأمر.
سادساً- مستجدات الوزارة في عهده والقاسم المشترك بينها :
إضافة إلى ما تقدم ذكره :
· دمج إدارات تعليم البنين والبنات .
· السماح للطلاب السعوديين بالالتحاق بالمدارس الأجنبية .
· الإذن لمدارس البنات الأهلية بتدريس البنين .
يضاف إلى ذلك :
· التحمس لإقرار حصة للرياضة في الجدول الدراسي للطالبات .
· استحداث النشاط الكشفي في مدارس البنات .
· استحداث صالات رياضية في المباني الجديدة لمدارس البنات.
· سعيه لاستصدار قرار من مجلس الوزراء بتدريس اللغة الإنجليزية ابتداء من الصف الأول في المرحلة الابتدائية، وتشوفه لتدريس لغات أجنبية أخرى. جريدة الوطن 29/5/1432.
· مشروع (تصميم مدارس المستقبل) "لم يعتمد بعد" تضمن توحيد نماذج مدارس البنين والبنات (في الأفنية الخارجية والصالة الرياضية وغيرها)، وذُكر فيه : ضرورة توفير صالات رياضية للبنين والبنات مع غرفة لمدرس ومدرسة الرياضة ومستودع للأدوات وغرفة لتبديل الملابس وحمامات... إلخ
أما القاسم المشترك بين هذه فأتركه لفطنة القارئ ، فاستنتاجها لا يحتاج إلى كثير عناء .
سابعاً- وحيث إن المقصود من هذا المقال عرض الحقائق مجردة عن العواطف الكاذبة رغبة في تحقيق المصلحة فلعل من المفيد هنا إيراد عبارات صدرت أو تصدر من سموه، من المصلحة ذكرها:
1. تكراره : ( لا تعيدونا إلى الوراء ألف وأربعمائة سنة) !!
2. نوقش مرة عن إحدى الممارسات وقيل له إن هذا من الاختلاط المحرم، فرد هذا الكلام. فقيل له إذن لماذا لا ترجع إلى الجهة الرسمية المخولة بالإفتاء والتي هي محل قبول لدى الجميع. فقال: ( لنا من نستفتيهم)!!
3. إبداؤه الاستياء من عدم إبراز صورة نورة الفايز على غلاف إحدى إصدارات الوزارة ضمن صورة جمعته وبعض مسئولي الوزارة في إحدى المناسبات، وقوله وين صورة نورة الفايز؟) أنظر جريدة الرياض 16/4/1431
4. تنقّصه تجربة المملكة في استقلالية تعليم المرأة ممثلة في رئاسة تعليم البنات. مع كونها تجربة ناجحة أثنت عليها منظمات دولية، فقد جاء في تقرير الوفد الأوروبي من هيئة اليونسكو أثناء اطلاعهم على تجربة تعليم البنات في المملكة – ما نصه – :[إن تجربة تعليم البنات لديكم نموذجية وفريدة، ولولا الحرج في اختلاف نمط الحياة الأوروبية لقلنا إن هذه الصيغة هي الأنسب لتعليم وتربية الفتاة حتى في أوروبا].
كما أجمع قناصل دول مجلس التعاون الخليجي – في إحدى المناسبات- على نجاح التجربة السعودية في مجال التربية والتعليم بفصل البنين عن البنات وأن يتولى المعلمون تدريس الطلاب وتتولى المعلمات تدريس الطالبات، واعتبر قنصل الكويت لدى المملكة علي سليمان الهيفي ( أن تخصيص معلمين للبنين ومعلمات للبنات في مجال التربية والتعليم أحد أسباب نجاح العملية التعليمية وقال : إن بعض المدارس في دولة الكويت اختارت المعلمات لتدريس طلاب المرحلة الابتدائية، لكنه بعد التجربة اتضح فشل هذا النهج وعاد كثير من أولياء الأمور يختارون المدارس التي يدرّس فيها معلمون رجالٌ الطلابَ مكاناً لإلحاق أبنائهم الذكور) .
[صحيفة المدينة 9/6/1430]
ختاماً أكتفي بما تقدم ذكره، ولا أملي على القارئ وجهة نظر معينة، لكني أقترح عليه أن يرسم خطاً بيانياً لما يتوقع أن يئول إليه تعليمنا في ظل هذه الممارسات . وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، ومن سلك سبيله..
وزير التربية . . حقائق ووقائع
المستشار التربوي د.فهد القاضي
الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
أما بعد فإسهاماً في إصلاح التعليم وتقويم مسيرته أورد في هذا المقال بعض ما يحضرني مما يتعلق بمسئوله الأول (الوزير) مما يناسب نشره . وليس الهدف إن شاء الله قصد التجريح أو التشهير، إنما القصد توضيح الصورة، ليسهم الجميع في المعالجة. ولقد كان من الدوافع لأن أسلك هذا المسلك أسلوبه في استقبال الناصحين والتعامل معهم وعدم تشجيعه على التواصل المباشر معه. وعلى أي حال فلقد اجتهدت ألا أذكر هنا عنه إلا ما سمعته بنفسي أو ما سمعه من باشر الأمر بنفسه (فبئس مطية الرجل قالوا وزعموا).
أولاً – إحدى الملحوظات البارزة على سموه عدم رحابة صدره للحوار وسماع وجهات النظر. فالغالب أنه يستقبل من أتاه بملحوظة أو نصيحة بوجه معبس وجبين مقطب، هذا إذا استقبله، حيث قد يتردد المرء على مكتبه مرات عديدة ولا يجده. ثم إنه كثيراً ما يكلم هؤلاء الناصحين وهو واقف، استعجالاً للحديث، وأحياناً وهو ماش، رغم أن بعض هؤلاء قدموا من مناطق المملكة و محافظاتها، ومع هذا يرجع بعضهم بقدر من الإحباط لهذا الأسلوب في الحوار أو لعدم تمكنه من مقابلته. وينضاف إلى تعبيس الوجه وتقطيب الجبين رفع الصوت. وشواهد هذا كثيرة. منها- مما رأيته بنفسي- أنه قدم إلى مكتبه أستاذان فاضلان للحديث معه فيما ينفع التعليم ويخدم الصالح العام، أحدهما رجل من رجال التعليم صلته بالوزارة متعلماً أو معلماً تجاوز نصف قرن، والآخر ستيني يحمل أعلى درجة علمية، كما يحوز خبرة وتجربة تربوية استقاها من الميدان من خلال عدة مناصب تقلدها في التعليم، ومع كل هذا فسنهم وفضلهم و وقارهم لم يشفع لهم أن يمنحهم دقائق يسمع منهم بهدوء، بل كلمهم على استعجال وهو واقف و بلهجة فيها حدة، ثم لم يكمل الحوار معهم، بل تركهم وانصرف!
وقد تكرر منه مثل هذا الموقف مع كثيرين، من أواخرها ما حصل منه يوم السبت 19/5/1432، والذي تداولت تفاصيله عدة مواقع إخبارية.
والذي يظهر أن أحد دوافعه إلى هذا الأسلوب: إساءته الظن بالناصحين، واتهامه إياهم أنهم أعداء لكل جديد، بل قد صرح بهذا في إحدى المناسبات! ومن كان هذا ظنه بالناصحين مهما كانت رتبهم وخبراتهم ودرجاتهم العلمية فلا ينتظر منه والحالة هذه إلا رفض كل ما يطرحونه، بل يجعل معياره في النجاح صموده وتصلبه في وجه هؤلاء.
ثانياً-عدم مراعاة الأولويات:
من بدهيات علم الإدارة البدء بالأهم فالمهم، وعند مراجعة القرارات والإجراءات التي اتخذها الوزير تجد تقصيراً في هذا المبدء. فالمتطلبات الحيوية لعملية التعليم كإصلاح البيئة المدرسية، ومشكلة المباني المستأجرة، ورفع المستوى الأدائي للمعلمين والمعلمات، ونحوها من قضايا التعليم الكبرى مازالت دون المستوى المأمول بكثير.
ثالثاً-صدور القرارات على غير آلية واضحة:
الملاحظ من خلال عدد من القرارات والإجراءات التي اتخذها من حين عين وزيراً أنها تفتقد الآلية المهنية المطلوبة عند اتخاذ مثل هذه القرارات، فهي إلى النظرات الفردية والقناعات المسبقة أقرب منها إلى الإجراءات المدروسة المنطلقة من لجان متخصصة، والمستندة إلى دراسات علمية، أو استبانات ميدانية، ونحو ذلك.
رابعاً- تخطي الأنظمة المعتمدة والتعليمات السارية:
ومن أمثلة ذلك:
أ- اعتماد اللغة الانجليزية في مؤتمر (الجودة الشاملة للتعليم) المقام في الرياض (4-7/2/1432). مع أن النظام الأساسي للحكم قد نص في مادته الأولى أن (المملكة العربية السعودية . . لغتها هي اللغة العربية).
ب- تشجيع الطلاب السعوديين على الالتحاق بالمدارس الأجنبية:
من الإجراءات الأخيرة التي اعتمدتها الوزارة توسيع دائرة قبول الطلاب السعوديين في المدارس الأجنبية فبعد أن كانت الموافقة مرتبطة بالوزير ووفق ظروف خاصة . .أسند القبول لمديري إدارات التعليم وأصبح هناك تساهل واضح في القبول، مع أن لائحة المدارس الأجنبية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 26 وتاريخ 4/2/1418 قد نصت في مادتها الخامسة على أنه " لا يجوز قبول الطلاب السعوديين في المدارس الأجنبية, عدا من تقضي الضرورة التحاقهم فيها من الطلاب القادمين من الخارج الذين لا تمكنهم ظروفهم الدراسية من الالتحاق بالمدارس السعودية, فللوزير النظر في الموافقة على قبولهم مدة تحددها ظروف كل طالب في كل سنة، بما لا يتجاوز ثلاث سنوات" .
وفي فتح المجال لأبنائنا وبناتنا في الالتحاق بهذه المدارس من الأخطار، على عقيدتهم، وفكرهم، وولائهم، ما لا يخفى.
ثم إن في هذا التخطي لهذه المادة ما يشير إلى اهتزاز الثقة في تعليمنا: في مناهجه و ومقرراته ولوائحه.
ج- دمج إدارات تعليم البنين وإدارات تعليم البنات في إدارة واحدة مع مخالفة هذا الإجراء للأمر الملكي ذي الرقم أ/2 وتاريخ 28/2/1424 والذي جاء فيه ما نصه: [ يكون لوزير التربية والتعليم نائبان، أحدهما لتعليم البنين والثاني لتعليم البنات. ويكون لوزارة التربية والتعليم ميزانيتان، إحداهما لتعليم البنين، والأخرى لتعليم البنات]. ومع كون هذا الإجراء مخالفاً نظامياً، فإنه يؤثر على الجانب الأدائي، فإذا كانت كل إدارة تعليم -على حدتها-مثقلة بأعبائها الجسيمة، فكيف إذا دمجتا وتضاعف العبء؟
د- الإذن للمدارس الأهلية بتدريس البنين في مدارس البنات (في المرحلة الأولية)، فمع مخالفة ذلك لفتاوى علمائنا الأجلاء المستندة إلى الأدلة الشرعية المعتبرة، والقاضية بمنع ذلك، فهو مخالف أيضاً لما نصت عليه سياسة التعليم في مادتها رقم (155) ونصها: [ يمنع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم إلا في دور الحضانة ورياض الأطفال].
ولما نصت عليه لائحة تنظيم المدارس الأهلية في ماداتها (5/هـ) ونصها: [ أن تضم -المدرسة الأهلية-أحد الجنسين فقط، ويستثنى من ذلك رياض الأطفال].
ومخالف أيضاً لتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب رئيس اللجنة العليا لسياسة التعليم في الخطاب الصادر بتاريخ 19/1/1409 والموجه للرئيس العام لتعليم البنات جواباً على طلبه التوجيه حيال طلب بعض المدارس الأهلية تولي النساء تعليم الأطفال من البنين دون سن الثامنة، فكان جواب سموه:[ نرغب صرف النظر عن هذه الطلبات وعدم الاستجابة لها] .
وزيادة على كون هذه الخطوة تفاقم مشكلة بطالة الخريجين- حيث رُحِّل عدد من وظائفهم إلى مدارس البنات- فإن هذا الإجراء لم يُبْنَ على دراسات تربوية، أو استبانات ميدانية، كما لم ينبثق عن استشارات متخصصة.
بل إن التجارب التربوية في عدد من دول العالم تنادي بالتراجع عن التعليم المختلط، وتؤكد على العودة إلى التعليم أحادي الجنس.
ومن المؤسف أن الوزير حين يواجه بأنه مخالف للتعليمات الرسمية يجيب إجابة غير مهنية حيث يردد: (أنا مرجعي خادم الحرمين) ولا شك أنه مرجعه ومرجع غيره من مسئولي الدولة وموظفيها, لكن الملك قد أحال المسئوليات وأناط المهام بهم لينفذوها على وفق ما هو صادر من قرارات وتعليمات. ثم إن من المعلوم في علم الإدارة أن القرار الرسمي لا ينقضه إلا قرار مثله في القوة أو أقوى منه. فالمرسوم الملكي لا ينقضه أمر ملكي، وتعديل أي نظام قائم لا يتم إلا بالطريقة نفسها التي صدر فيها ذلك النظام. ومن هنا يتضح أن جواب الوزير في (منتدى الغد) المنعقد في الرياض بتاريخ 28/5/1432 حين قال: (إن القرارات بخصوص دمج الطلاب في المرحلة الابتدائية، وجميع القرارات الأخرى محل التنفيذ.. هي قرارات عليا يجب أن تنفذ) جواب غير موفق.
فمنع الاختلاط في التعليم المنصوص عليه في سياسة التعليم، الصادر بمرسوم ملكي متوج بقرار رئيس مجلس الوزراء لا ينقض أو يعدل إلا بقرار مثله في القوة.
وأنا لا أستبعد أن سموه ينطلق من قراراته التي تخالف تعليمات رسمية من منطلق الفرض بالقوة، فلقد سمعته بنفسي في أول يوم قدم فيه إلى الوزارة وقد جاءه مسئولو الوزارة وغيرهم للسلام عليه سمعته يقول: ( ذا الحين كل من جاء قال: الله يعينك، الله يعينك ! على إيش ؟ إذا كانت – يعني تعيينه – إرادة ولي الأمر ؟) !!!
خامساً- الدفع بمجتمع التعليم نحو الاختلاط، وذلك في صور كثيرة، منها:
أ- الاجتماعات الرسمية.
ب- اللجان والمجالس التي تشكلها الوزارة، ومن أمثلتها: لجنة ذوي الظروف الخاصة، والمجالس الاستشارية المرتبطة بإدارات التعليم(بعد أن كانت خاصة بالرجال ونظيراتها خاصة بالنساء).
كل ذلك والعالم يخطو نحو الحكومات الالكترونية، فكان بإمكان الوزارة -عند وجود ضرورة تقضي باجتماع رجال ونساء-أن يتم ذلك عن طريق الشبكة، أو الدائرة التلفزيونية المغلقة أو نحو ذلك من الخيارات المتاحة.
ج- الاحتفالات والمناسبات، ومن أمثلتها حفل تكريم المعلمين والمعلمات المتميزين عام1431، وحفل الموْهوبين الذي عقد يوم 6/12/1431
د- الوفود التي تسافر داخل المملكة أو خارجها: فقد صار عرفاً من أعراف الوزارة ألا يسافر وفد إلا وضمنه نساء.
ه- الدورات التي ترتب في دول خارجية، ومن أمثلتها الدورة التي رتبت لمنسوبات الوزارة في كوالالامبور شهر ذي الحجة الماضي أيام عيد الأضحى وكانت أشبه ما تكون بالنزهة، وقبلها دورة في أكسفورد ضمت بعض منسوبي ومنسوبات الوزارة في آن واحد.
ولم يقتصر إشراك النساء في الرحلات الخارجية على الإداريات والموظفات أو حتى المعلمات بل شمل الطالبات!
و- دعوته الطالبات لحضور سباق الخيل يوم الجمعة 15/1/1431، وحينها سخّرت الوزارة حافلاتها لنقل من يرغب من الطالبات وآبائهن أو أمهاتهن لهذا الغرض.
ثم كررت الدعوة للطالبات هذا العام لحضور السباق المقام يوم 25/1/1432.
ز- توجيهه نائبةَ تعليم البنات بزيارة مدرسة للبنين في محافظة الزلفي(شهر رجب 1431)، ومن ثم دخولها المدرسة وفيها الإداريون والمعلمون والطلاب. ومن المؤسف أنه جاهر بهذا فقال في إحدى المناسبات العامة: ( أنا من وجه نائبة الوزير بزيارة مدرستين للبنين في الزلفي) جريدة عكاظ 29/4/1432.
ح- دخوله مدرسة للبنات أثناء الدوام الرسمي للمعلمات،(وكان ذلك يوم السبت 14/10/1430 في الثانوية "67" في محافظة جدة).
ط- مؤتمر (جودة التعليم) المنعقد في الرياض في الفترة من 4-7/2/1432 وما حفل به من صور صارخة للاختلاط والسفور.
ي- الحوار المباشر الذي ضم طلاباً وطالبات من المرحلة الثانوية في قاعة واحدة وذلك يوم السبت 19/5/1432.
هذا و من الجدير بالذكر هنا التنويه بأن الولاة طمأنوا الناس حين تم دمج رئاسة تعليم البنات في وزارة المعارف بتاريخ10/1/1423 بأن هذا مجرد إجراء إداري فقط، وأكدوا لهم ذلك. فمثل تلك الممارسات المشار إليها آنفاً تهز ثقة الناس بوعود ولاة الأمر.
سادساً- مستجدات الوزارة في عهده والقاسم المشترك بينها :
إضافة إلى ما تقدم ذكره :
· دمج إدارات تعليم البنين والبنات .
· السماح للطلاب السعوديين بالالتحاق بالمدارس الأجنبية .
· الإذن لمدارس البنات الأهلية بتدريس البنين .
يضاف إلى ذلك :
· التحمس لإقرار حصة للرياضة في الجدول الدراسي للطالبات .
· استحداث النشاط الكشفي في مدارس البنات .
· استحداث صالات رياضية في المباني الجديدة لمدارس البنات.
· سعيه لاستصدار قرار من مجلس الوزراء بتدريس اللغة الإنجليزية ابتداء من الصف الأول في المرحلة الابتدائية، وتشوفه لتدريس لغات أجنبية أخرى. جريدة الوطن 29/5/1432.
· مشروع (تصميم مدارس المستقبل) "لم يعتمد بعد" تضمن توحيد نماذج مدارس البنين والبنات (في الأفنية الخارجية والصالة الرياضية وغيرها)، وذُكر فيه : ضرورة توفير صالات رياضية للبنين والبنات مع غرفة لمدرس ومدرسة الرياضة ومستودع للأدوات وغرفة لتبديل الملابس وحمامات... إلخ
أما القاسم المشترك بين هذه فأتركه لفطنة القارئ ، فاستنتاجها لا يحتاج إلى كثير عناء .
سابعاً- وحيث إن المقصود من هذا المقال عرض الحقائق مجردة عن العواطف الكاذبة رغبة في تحقيق المصلحة فلعل من المفيد هنا إيراد عبارات صدرت أو تصدر من سموه، من المصلحة ذكرها:
1. تكراره : ( لا تعيدونا إلى الوراء ألف وأربعمائة سنة) !!
2. نوقش مرة عن إحدى الممارسات وقيل له إن هذا من الاختلاط المحرم، فرد هذا الكلام. فقيل له إذن لماذا لا ترجع إلى الجهة الرسمية المخولة بالإفتاء والتي هي محل قبول لدى الجميع. فقال: ( لنا من نستفتيهم)!!
3. إبداؤه الاستياء من عدم إبراز صورة نورة الفايز على غلاف إحدى إصدارات الوزارة ضمن صورة جمعته وبعض مسئولي الوزارة في إحدى المناسبات، وقوله وين صورة نورة الفايز؟) أنظر جريدة الرياض 16/4/1431
4. تنقّصه تجربة المملكة في استقلالية تعليم المرأة ممثلة في رئاسة تعليم البنات. مع كونها تجربة ناجحة أثنت عليها منظمات دولية، فقد جاء في تقرير الوفد الأوروبي من هيئة اليونسكو أثناء اطلاعهم على تجربة تعليم البنات في المملكة – ما نصه – :[إن تجربة تعليم البنات لديكم نموذجية وفريدة، ولولا الحرج في اختلاف نمط الحياة الأوروبية لقلنا إن هذه الصيغة هي الأنسب لتعليم وتربية الفتاة حتى في أوروبا].
كما أجمع قناصل دول مجلس التعاون الخليجي – في إحدى المناسبات- على نجاح التجربة السعودية في مجال التربية والتعليم بفصل البنين عن البنات وأن يتولى المعلمون تدريس الطلاب وتتولى المعلمات تدريس الطالبات، واعتبر قنصل الكويت لدى المملكة علي سليمان الهيفي ( أن تخصيص معلمين للبنين ومعلمات للبنات في مجال التربية والتعليم أحد أسباب نجاح العملية التعليمية وقال : إن بعض المدارس في دولة الكويت اختارت المعلمات لتدريس طلاب المرحلة الابتدائية، لكنه بعد التجربة اتضح فشل هذا النهج وعاد كثير من أولياء الأمور يختارون المدارس التي يدرّس فيها معلمون رجالٌ الطلابَ مكاناً لإلحاق أبنائهم الذكور) .
[صحيفة المدينة 9/6/1430]
ختاماً أكتفي بما تقدم ذكره، ولا أملي على القارئ وجهة نظر معينة، لكني أقترح عليه أن يرسم خطاً بيانياً لما يتوقع أن يئول إليه تعليمنا في ظل هذه الممارسات . وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، ومن سلك سبيله..