غريب الدار
¬°•| مشرف سابق|•°¬
العقار لم يعد "دجاجة تبيض ذهباً" والخليج يبحث عن "هوس" جديد
دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- رغم الطفرة النفطية التي تعيشها منطقة الخليج، والتي انعكست قفزات كبيرة على صعيد البناء والتطوير العقاري، يزداد القلق حيال قدرة هذا القطاع على الصمود وتجنّب الوقوع في حبائل تصحيح قوي، وخاصة مع الارتفاع الكبير في أسعار الشقق والمواد الأولية، مقارنة بالقدرات الشرائية لمتوسطي الدخل.
وتبدو الإمارات وقطر وبعض مناطق بالسعودية، الأكثر عرضة لهذه الأزمة، بينما تبدو مناطق أخرى وكأنها قادرة على امتصاص فورة الأسعار بفعل الركود التي سيطر طويلاً عليها، علماً أن الوحدات السكنية في عدة دول خليجية تمتاز بفخامتها وطابعها الاستثماري، مقابل ندرة المشاريع المخصصة لذوي الدخل المحدود، إضافة إلى أن معظم الدول الخليجية، ليس فيها قوانين ناظمة للقطاع.
وقد أظهر مسح أخير أعدته شركة "سي بي ريتشارد إليس" العقارية، أن إمارة دبي دخلت مؤخراً ضمن قائمة أغلى 10 أسواق مكتبية في العالم، بينما تلاحقها عن بُعد العاصمة الإماراتية أبوظبي، التي احتلت المركز الخامس والعشرين.
وفي الواقع، فإن حالة النمو العقاري غير المسبوق باتت "سمة خليجية" إن صح التعبير، حيث أصبح المستثمرون الخليجيون يبحثون عن فرص للاستثمار العقاري خارج دولهم، سواء في الأسواق العربية أو الغربية.
وقد دفع هذا معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" جون دفتريوس، إلى الإشارة لهذه القضية في إحدى مقالاته الأسبوعية، حين دعا إلى "زيادة الإنفاق على مشاريع بناء المصانع والمدارس" و"تنمية القدرات البشرية."
وكشف تقرير أعدته شركة تعمل في مجال إدارة العقارات في دبي، أن علامات التباطؤ، الذي كثر الحديث عنها في قطاع العقارات بالإمارة، قد بدأت بالظهور، وخاصة في مناطق محددة لم تظهر تبدلاً في أسعار الإيجار خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالربع الأول من العام الماضي.
ويضاف إلى ذلك ما يشير إليه البعض من دخول مصادر تمويل غير مشروعه إلى القطاع. إذ قال الخبير الأمني السابق، ديفيد كنومي، لموقع CNN بالعربية إن عمليات تبييض الأموال في عدد من الدول الخليجية، وفي الإمارات على وجه التحديد، بلغ حداً كبيراً، ويتركز نشاطه في القطاع العقاري بسبب نقص التشريعات، حيث صمد "طوال سنوات دون تعرضه لأي موجات تصحيحية."
وكان صندوق النقد الدولي واضحاً في مجال توجيه الاتهام نحو القطاع العقاري وتحميله مسؤولية توليد التضخم في المنطقة، مشيراً إلى ضخامة دوره في هذا الإطار، ومقارنة بالربط بالدولار الذي استحوذ على الكثير من الاهتمام مؤخراً.
وقال محسن خان، مدير الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، خلال عرض قدمه في دبي في مايو/ أيار الماضي، إن التضخم في الخليج ناجم بشكل رئيسي عن ارتفاع أسعار العقارات وإيجارات المساكن.
بالمقابل، كانت الدراسة الأخيرة التي أعدتها مؤسسة "الكونفرنس بورد،" وهي منظمة عالمية للأبحاث والأعمال، بالتعاون مع "مؤسسة الخليج للاستثمار" الأشد وقعاً، حيث اعتبرت أن نمو الخليج ككل "مصطنع" وناجم عن ارتفاع أسعار النفط وازدياد عدد العمال الأجانب.
إلا أن الأخطر كان اعتبار الدراسة أن دول المنطقة تنوّع اقتصادياتها باتجاه قطاعات غير منتجة، كالبناء والخدمات التي "تعطي انطباعاً ظاهرياً بالرفاه"، إذ دعتها إلى إجراء إصلاحات سريعة في هياكل المؤسسات وأسواق العمل تحت طائلة الفشل في مواصلة النمو.
وإلى جانب أسعار المواد الأولية وأسعار الوحدات السكنية الباهظة التي تأتي في وقت تتراجع فيه أعداد العمالة الأجنبية الوافدة إلى الخليج بسبب التضخم وتآكل الأجور، تبرز عوامل أخرى قد تلعب دوراً في توجيه ضربة للقطاع العقاري الخليجي، وفي مقدمتها أزمة المساكن في الغرب، وما تفرّع عنها من أزمة ائتمان.
ورغم أن خسائر الشركات والمصارف الخليجية ظلت منخفضة "رسمياً" مقارنة بسواها من المؤسسات، نظراً لقدراتها المالية الضخمة وضعف ارتباطها النسبي بالغرب في هذا القطاع، إلا أنه من الملاحظ أن عمق الأزمة أقلقها، حيث غابت بشكل شبه كامل أنباء عمليات الاستحواذ الكبرى منذ مطلع العام تقريباً.
كما يبرز في هذا الإطار المعطى الأمني الذي عاد إلى الواجهة مؤخراً مع التحذير الذي أصدرته السفارة البريطانية لرعاياها في الإمارات، ولحقتها الولايات المتحدة، ورفعت فيه فرص تعرض البلاد إلى حادث أمني.
على أن بعض شركات العقارات والتطوير بدأت تعمل لتنويع محفظتها الاستثمارية، والاستحواذ على شركات في قطاعات متنوعة لضمان الاستمرارية في حال تعرّض النشاطات الأساسية لها لـ"خضة" ليست في الحسبان.
فقد توقع منصور العثيمين، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ"بكة القابضة" أن تكون عمليات تنويع الاستثمار السمة الأبرز للشركات الخليجية في المرحلة المقبلة، وذلك بسبب فائض السيولة الموجود من جهة، وخطر تعرض السوق عامة، والقطاع العقاري خاصة، لعمليات تصحيح مستقبلاً.
ورأى العثيمين، في حديث لموقع CNN بالعربية الاثنين، إنه "من الطبيعي أن تكتظ القنوات الاستثمارية عندما يندفع جميع المستثمرين إلى ضخ أموالهم في قطاعات محددة."
وقال: "فعندما نسأل البعض عن استثماراتهم تراهم يقولون إن لديهم أسهماً، لكن هذا ليس الحل."
ولدى سؤاله عما إذا كان التنويع سببه الفائض المالي أم القلق من وجود تصحيحات قادمة، قال العثيمين: "هناك وجود الفائض المالي الكبير من جهة، وضرورة عدم الاقتصار على قطاع واحد في السوق من جهة أخرى."
وأضاف:" فالسوق العقارية باتت إحدى الأسواق الرائدة، ولكن يجب أن تنمو أسواق أخرى بموازاتها، لأن هناك تصحيحات قادمة فيها."
وأكد أن شركته تواصل دراسة الفرص في المجال العقاري، وفي الوقت عينه، تتحسب لانتكاسة، كتلك التي حصلت في الأسواق العالمية، والتي قد تنتقل لأسواق أخرى.
أعد التقرير: مصطفى العرب
منقـــــــــــوول