??
=-?.. [ بين العنبِ والشرابْ ]
يروي الأستاذ عادل أبو شنب حكاية المَأدبة
التي أقامها المفوّض السامي الفرنسي
أيام الإحتلال ودعا إليها بعض وجهاء
دمشق ومشايخها ,
وكان بين المدعّوين شيخ بلحية بيضاء وعمامة بيضاء ؛ رآه المفوض السّامي يأكُل بيديه ولا يستخدم الشّوكة والسكّين ؛ فامتعض إلا أنه كظم غيظه , ثُم سأله عبر ترجمَان :-
- لماذا لا تأكل مثلنا يا شيخ ..؟
قال الشّيخ :-
- وهل تراني آكل بِـ أنفي ! ..
قال المفوّض السامي :-
أقصد: لماذا لا تستخدم الشوكة والسكين ؟
قال الشيخ :-
- أنا واثق من نظافة يدي , فهل أنت واثق
من نظَافة سكينك وشوكتك !..
* أفحم الجواب المفوض السامي فأسكته ,
لكنه بيّت أن ينتقم من الشيخ بسبب جوابه
الفظ في نظره .. ـ
وكانت تجلس زوجة المفوض السامي
إلى يمينه وابنته إلى يساره ..
وبعد قليل طلب المفوض السامي شراباً
مسكراً متحدياً الشيخ وتقاليد البلاد , خاصّة
في مأدبة يحضرها رجال دين , فصبّ من الشراب لنفسه ولزوجته وابنته , وراح
يشرب على نحو يستفز الشيخ,
وهنا قال له :-
- اسمع يا شيخ , أنت تحب العنب
وتأكله أليس كذلك ؟ قال الشيخ: نعم .
وعندئذٍ قالَ المفوّض مشيراً إلى العنب :-
- هذا الشراب من هذا العنب , فلماذا تأكل العنب ولا تقرب الشراب ! ..
وشخصت أنظار المدعويّن جميعاً إلى الشيخ , لكنه ظل على ابتسامته التي لا تفارق شفتيه وقال موجهاً الكلام للمفوض السامي :-
- هذه زوجتك وهذه ابنتك ,
وهذه من هذه, فلماذا أُحِلّتْ لك تلك ,
وحرمت عليك هذه ! ..
[ ويقال إن المفوض السامي الفرنسي أمر
بعد ذلك مباشرة , برفع الشراب عن المائدة
في الحال ]
(*) قال تعَالى : -
(ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا )
ربي أرزقني الحكمة و انتقاء الجواب