رحآيل
¬°•| مُشْرِفة سابقة |•°¬
قال ابن قيّم الجوزيّة - رحمه الله تعالى وجعل منزلته في عليّين - :
( أن المحبة والإخلاص والإنابة ؛ لا تقوم إلا على ساق الرضى ؛ فالمحب راضٍ عن حبيبه في كل حاله ، وقد كان عمران بن حصين - رضى الله عنه - استسقى بطنه فبقي ملقى على ظهره مدة طويلة لا يقوم ولا يقعد ، وقد نقب له في سريره موضع لحاجته ، فدخل عليه مطرف بن عبدالله الشخير ، فجعل يبكي لما رأى من حاله ، فقال له عمران : لم تبكي ، فقال : لأني أراك على هذه الحال الفظيعة ، فقال: لا تبكِ ؛ فإن أحبَّه إليَّ أحبه إليه ، وقال : أخبرك بشيء لعل الله أن ينفعك به واكتم علي حتى أموت ؛ إن الملائكة تزورني فآنس بها وتسلم علي فأسمع تسليمها ، ولما قدم سعد بن أبي وقاص - رضى الله عنه - إلى مكة وقد كُفَّ بصره ، جعل الناس يهرعون إليه ليدعو لهم ، فجعل يدعو لهم ، قال عبدالله بن السائب : فأتيته وأنا غلام فتعرفت إليه فعرفني ، فقلت : يا عم أنت تدعو للناس فيشفون فلو دعوت لنفسك لرد الله عليك بصرك ، فتبسم ثم ، قال : يا بني قضاء الله أحب إليَّ من بصري ، وقال بعض العارفين : ذنب أذنبته أنا أبكي عليه ثلاثين سنة ، قيل : وما هو ؟ ، قال : قلت لشىء قضاه الله : ليته لم يقضه أو ليته لم يكن ، وقال بعض السلف : لو قُرِّضَ لحمي بالمقاريض كان أحب إلي من أن أقول لشيء قضاه الله : ليته لم يقضه ، وقيل لعبد الواحد بن زيد : هَهنا رجل قد تعبّد خمسين سنة فقصده ، فقال له : حبيبي أخبرني عنك هل قنعت به ؟ ، قال : لا ، قال : فهل أنست به ؟ ، قال: لا ، قال : فهل رضيت عنه ؟ ، قال: لا ، قال : فإنما مزيدك منه الصوم والصلاة ، قال : نعم ، قال : لولا أني أستحي منك لأخبرتك أن معاملتك خمسين سنة مدخولة . يعني أنه لم يقربه فيجعله في مقام المقربين فيوجده مواجيد العارفين بحيث يكون مزيده لديه ، أعمال القلوب التي يستعمل بها كل محبوب مطلوب لأن القناعة ، حال الموفق والأنس به ، مقام المحب والرضى ، وصف المتوكل ، يعني أنت عنده في طبقات أصحاب اليمين فمزيدك عنده مزيد العموم من أعمال الجوارح وقوله : إن معاملته مدخولة يحتمل وجهين :
أحدهما : أنها ناقصة عن معاملة المقربين التى أوجبت لهم هذه الأحوال .
الثاني : أنها لو كانت صحيحة سالمة لا علة فيها ولا غش ؛ لأثمرت له الأنس والرضى والمحبة والأحوال العلية ، فإن الرب تعالى شكور إذا وصل إليه عمل عبده جمّل به ظاهره وباطنه ، وأثابه عليه من حقائق المعرفة والإيمان بحسب عمله ، فحيث لم يجد له أثرا في قلبه من الأنس والرضى والمحبة ، استدل على أنه مدخول غير سالم من الآفات ) .
فائدة من كتاب / مدارج السالكين ،، للإمام / ابن قيّم الجوزيّة - رحمه الله تعالى - .
( أن المحبة والإخلاص والإنابة ؛ لا تقوم إلا على ساق الرضى ؛ فالمحب راضٍ عن حبيبه في كل حاله ، وقد كان عمران بن حصين - رضى الله عنه - استسقى بطنه فبقي ملقى على ظهره مدة طويلة لا يقوم ولا يقعد ، وقد نقب له في سريره موضع لحاجته ، فدخل عليه مطرف بن عبدالله الشخير ، فجعل يبكي لما رأى من حاله ، فقال له عمران : لم تبكي ، فقال : لأني أراك على هذه الحال الفظيعة ، فقال: لا تبكِ ؛ فإن أحبَّه إليَّ أحبه إليه ، وقال : أخبرك بشيء لعل الله أن ينفعك به واكتم علي حتى أموت ؛ إن الملائكة تزورني فآنس بها وتسلم علي فأسمع تسليمها ، ولما قدم سعد بن أبي وقاص - رضى الله عنه - إلى مكة وقد كُفَّ بصره ، جعل الناس يهرعون إليه ليدعو لهم ، فجعل يدعو لهم ، قال عبدالله بن السائب : فأتيته وأنا غلام فتعرفت إليه فعرفني ، فقلت : يا عم أنت تدعو للناس فيشفون فلو دعوت لنفسك لرد الله عليك بصرك ، فتبسم ثم ، قال : يا بني قضاء الله أحب إليَّ من بصري ، وقال بعض العارفين : ذنب أذنبته أنا أبكي عليه ثلاثين سنة ، قيل : وما هو ؟ ، قال : قلت لشىء قضاه الله : ليته لم يقضه أو ليته لم يكن ، وقال بعض السلف : لو قُرِّضَ لحمي بالمقاريض كان أحب إلي من أن أقول لشيء قضاه الله : ليته لم يقضه ، وقيل لعبد الواحد بن زيد : هَهنا رجل قد تعبّد خمسين سنة فقصده ، فقال له : حبيبي أخبرني عنك هل قنعت به ؟ ، قال : لا ، قال : فهل أنست به ؟ ، قال: لا ، قال : فهل رضيت عنه ؟ ، قال: لا ، قال : فإنما مزيدك منه الصوم والصلاة ، قال : نعم ، قال : لولا أني أستحي منك لأخبرتك أن معاملتك خمسين سنة مدخولة . يعني أنه لم يقربه فيجعله في مقام المقربين فيوجده مواجيد العارفين بحيث يكون مزيده لديه ، أعمال القلوب التي يستعمل بها كل محبوب مطلوب لأن القناعة ، حال الموفق والأنس به ، مقام المحب والرضى ، وصف المتوكل ، يعني أنت عنده في طبقات أصحاب اليمين فمزيدك عنده مزيد العموم من أعمال الجوارح وقوله : إن معاملته مدخولة يحتمل وجهين :
أحدهما : أنها ناقصة عن معاملة المقربين التى أوجبت لهم هذه الأحوال .
الثاني : أنها لو كانت صحيحة سالمة لا علة فيها ولا غش ؛ لأثمرت له الأنس والرضى والمحبة والأحوال العلية ، فإن الرب تعالى شكور إذا وصل إليه عمل عبده جمّل به ظاهره وباطنه ، وأثابه عليه من حقائق المعرفة والإيمان بحسب عمله ، فحيث لم يجد له أثرا في قلبه من الأنس والرضى والمحبة ، استدل على أنه مدخول غير سالم من الآفات ) .
فائدة من كتاب / مدارج السالكين ،، للإمام / ابن قيّم الجوزيّة - رحمه الله تعالى - .