دبلوماسي المحافظه
¬°•| فخر المنتدى |•°¬
العُمانيون يستعدون لإقامة مظاهرة يتوقع أن تُحييها أعداد غفيرة من المواطنين بمختلف شرائحهم واتجاهاتهم.يحين موعد المظاهرة غدًا الجمعة 18 فبراير
وفي الأيام القليلة الماضية كثرت الكتابة عن المظاهرة التي دعي إليها عبر الفيس بوك والمنتديات والمدونات. وخلال فترة وجيزة انطلق خطاب سلمي واضح الملامح يطالب بإصلاح النظام ومكافحة الفساد وحرية التعبير وتحسين أوضاع العُمانيين.
شدَّد بعض من كتب في مواقع الإنترنت على الضرورة الماسة لأن لا تَمُسَّ قوات الأمن والشرطة هدف المظاهرة، فلهذا السبب تحديدًا ولتأكيد سلميتها سُمِّيت "المسيرة الخضراء 2". وفي 17 يناير الماضي أقيمت "المسيرة الخضراء" الأولى بخروج عدد قدر بـ200 متظاهر هتفوا مطالبين بعدد من حقوقهم، وعدت المظاهرة حدثًا استثنائيًّا في بلد منذ أربعين عامًا يبث خطابه الإعلامي مختلف أشكال الدعاية والإعلان لـ"إنجازات" و"مكارم" السلطة على المواطنين حتى بات الناس محملين بالجمائل والأفضال والمكارم وهم يرزحون تحت وطأة مختلف أشكال المهانة والإذلال والأوضاع المزرية التي تُغيِّب وسائل الإعلام وجودها وتحاول فرض حقيقة أخرى غير هذه الحقيقة الواقعة التي يعيشها المواطنون.
وتحت عنوان "عفوًا يا مالك المعمري من أمر هذا الملازم بترويع المواطن" كتب الكاتب نبهان الحنشي يسرد حادثة اتصال ملازم أول من شرطة عُمان السلطانية به ليطلب منه الحضور في الحين، وكان اتصال الملازم عبر هاتف محمول وليس من هاتف مكتب، وفي الساعة العاشرة و45 دقيقة ليلة 14 فبراير الجاري. وعندما رفض نبهان الحنشي الحضور في الحال هدده الشرطي. وذكر الحنشي في مقاله أن هناك آخرين من كتاب مواقع الإنترنت تم استدعاؤهم أيضًا، وذكرهم بأسمائهم المستعارة التي يكتبون بها في المنتديات الإلكترونية: "وبعد أخذ "سيف القلم" و"أنا عماني مدريدي" اتصلوا فجأة ليخبروني، أن لا حاجة لقدومي وإن احتاجوا لي سيتواصلون معي. أما عماني مدريدي، جعلوه ينتظر لــ 30 دقيقة، ثم أقبل عليه م.المقبالي وهو يقول: حبيت أتعرف عليك فقط. أما "سيف القلم" فقالوا له شكرا لمجيئك وأشربوه القهوة". ويعقب الحنشي على الحادثة قائلًا: "من يتحمل هذا التصرف وهل جهة الأمن في البلد تتعامل بأسلوب التهويل والتخويف من أجل إيصال رسالة أننا مراقبون لما يحدث.. من هنا... أنا أسائل معالي مالك المعمري... مسؤولية من الذي حدث؟؟ إزعاج آخر الليل... تخويف وترهيب.. اتصال من رقم موبايل شخصي.. ثم رقم مكتب آخر .. ثم وثم.. هل نحن أداة للالتهاء تقضون فيها وقت فراغكم...".
والحنشي وزملاؤه الثلاثة هم منظمو المظاهرة، وهم من جيل الشباب المولود بعد أواسط السبعينيات الماضية، وفي الآونة الأخيرة بعد ثورتي تونس ومصر كثر نشاط الحنشي وزملائه على صفحات الفيس بوك ومدوناتهم الشخصية.
وحذر بعض كتاب الإنترنت من ردة الفعل الأمنية على مظاهرة الغد، وفي موقع "الحارة العُمانية" كتب الشاعر محمد الحارثي: "الله الله في العُمانيين ورقيّ وتحضُّر مسيرتهم الخضراء - لأن حدوث العكس، لن يزيد الطين إلا بلّة لن ينفع بعدها عضُّ الأصابع ندماً. لا تشعلوا النار، فبرميل البارود الصامت أربعين سنة قد ينفجر، ليس في وجوه المُتظاهرين سِلمياً، بل في وجوهكم أنتم!. إنْ أخطأتم، هذه المرّة، حساب الرَّمل وحساب الإلكترون". يأتي هذا في خضم تصاعد المظاهرات في ربوع الوطن العربي الذي يخلو من حاكم منتخب بصفة شرعية منذ ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم، أي منذ رحيل الاستعمار الغربي عن المنطقة، حيث تعتبر الشعوب العربية أن جميع الحكام العرب هم عملاء ومستعمرون جدد أفسدوا وطغوا وتحالفوا مع الغرب وإسرائيل ولعبوا دورًا خطرًا جدًّا في إبادة مقدرات الأوطان والمواطنين بتخويفهم وغسل أدمغتهم وتحويلهم إلى أدوات للمدح والتبجيل وتنفيذ أجندات بيروقراطية تبقي الحكام وزمرتهم في كراسيهم وتفقر المواطنين وتعادي بعضهم بعضًا وتستعملهم أبواقًا لقمعها كل أشكال الثورة على الظلم وتعطيل الطاقات ورفض التخلف.
وخلال فبراير الجاري تظاهر قرابة 400 عُماني في محافظة البريمي المتاخمة لحدود دولة الإمارات، ودعا المتظاهرون إلى تعميم المظاهرات على مختلف محافظات وولايات السلطنة. وفي الشهر نفسه اعتصم عدد من المدرسين في مدارس البلاد وطالبوا بإصلاح نظام التعليم وتحسين أوضاع المعلمين. وقالت وكالات أنباء إن الحكومة العُمانية رضخت لمطالب المواطنين ورفعت الحد الأدنى لرواتب القطاع الخاص بنسبة 43% (من 140 ريالًا إلى 200 ريال عُماني)، وهو ما عده مراقبون ومواطنون وناشطون لا شيء إزاء الواقع المزري المعيش، فمن ذا الذي يستطيع العيش اليوم بـ200 ريال؟!. وقال مواطنون إن 200 ريال يمكن أن تعتبر معقولة في بداية التسعينيات الماضية أما في هذا الوقت فإجرام في حق كل من تصرف له.
وقال عامل في محطة وقود: "هذه الزيادة لا تبالي بأوضاعنا. إنني أسأل هذه الحكومة الفاسدة: هل تكفي 200 ريال اليوم للأكل والسكن والمواصلات والاتصالات؟". وعن حجم الزيادة مقارنة بالسابق قال: "لا تكفي لا في السابق ولا الآن. هل يرضى هؤلاء المسؤولون بأن يتقاضى أولادهم هذا الراتب المهين؟. أنا في التاسعة والعشرين من عمري. مستقبلي شديد الغموض، لا أعرف ماذا أفعل، هل أعيل والدي وإخوتي الصغار أم أعيل نفسي!. بهذا الراتب لن أستطيع الزواج، وكل ما في الأمر أن أوضاعي وأوضاع أسرتي ستتفاقم".
ورأى مواطنون ومراقبون ومدونون أن أعداد قضايا السرقة زادت في السنوات الماضية نتيجة لقرارات الحكومة وعدم إيجادها حلولًا عملية للرواتب المتدنية والبطالة. وقالوا إن نسبة ممن يتقاضون 200 ريال وأقل وحتى أكثر منها بقليل فقدوا الأمل نهائيًّا في عيش حياة حرة فاتجهوا نحو السرقة وتعاطي المخدرات، والحكومة هي السبب الأساسي لذلك.
وقال آخرون إن بعض الموظفين الكبار من الجنسية الآسيوية في الشركات يستغلون الفتيات العُمانيات لممارسة الجنس مقابل توظيفهن. وعلق موظفون في فنادق صغيرة وشقق فندقية بأن حصيلة استئجار الغرف تؤكد استغلال عدد من الموظفين من الجنسية الهندية للفتيات العُمانيات، فهن يمارسن معهم الجنس مقابل ما يسد رمقهن أو يغررون بهن مقابل وظيفة أو شيء من هذا القبيل، وهذا في الحقيقة مصير طبيعي تسببت فيه الحكومة وأصحاب الشركات والتجار. وعقب آخرون بأن الدعارة تنتشر بين الجنسين بسبب الحاجة المادية، وأن الحكومة تعرف ذلك لكنها تتصرف بغض النظر عنه، برغم أن الأوضاع عبرت الحدود في كثير من الأحيان.
وعلق كتاب بأن الحكومة العُمانية تنتهج ردود الأفعال نفسها التي انتهجها النظامان التونسي والمصري المخلوعان اللذان أديا إلى انفجار شعبي عارم لم يسبق له مثيل في الوطن العربي. إن الوضع الآن يستدعي إصلاحات سياسية واقتصادية على نحو لا يحتال على الأوضاع ويلف ويدور، فالأوضاع تتفاقم بالفعل وحدة الرفض والمطالبات تزيد، ويجب على الحكومة أن تعي ذلك قبل أن تسحب الأيام المقبلة البساط من تحتها، فالاستهتار سيسد جميع الطرق.
وبخصوص زيادة رواتب القطاع الخاص قال بعض المواطنين: إن المنطق يقتضي أن لا يقل أدنى راتب لأصغر مهنة عن 600 ريال عُماني، وأصحاب الشركات والأعمال والحكومة أيضًا يعلمون ذلك وهم يكسبون بجشع غير معقول، كما يعلمون أن الاستهتار بالمواطنين وحرمانهم العيش الكريم والتلاعب بهم هكذا سيقلب الأمور رأسًا على عقب، فاليوم تغيرت الأوضاع العربية كثيرًا فهي ليست نفسها قبل شهر مثلًا فما بالك بما ستؤول إليه بعد شهر آخر؟!.
وقال مواطنون آخرون: تتلاعب الحكومة العُمانية بأعصاب مواطنيها، وتقوم بذلك بعدة وسائل، بنشر الأكاذيب والإشاعات والتخويفات من خلال رسائل الهواتف المحمولة والإيميلات والمواقع الإلكترونية، وفي الفترة الأخيرة انتشرت إشاعة مؤداها أن رواتب الحكومة ستزاد بنسبة 30%، وفي الحقيقة فإن حساب هذه النسبة بناء على الرواتب الضعيفة أساسًا يعني ممارسة احتيال لن يصمد طويلًا في ظل غموض الأيام الآتية.
ولا توجد أي إحصائيات رسمية لأعداد العاطلين عن العمل، وفي 24 يناير الماضي أعلن وزير القوى العاملة إحصائيات كذَّبها المواطنون وشن بعض المدونين وكتاب الإنترنت حملة عليها. وأعلن وزير القوى العاملة أن عدد العاملين في الحكومة يبلغ 127351 ذكورًا وإناثًا. وعلق بعض المراقبين على هذا قائلًا: إن إعلانًا بهذا الشكل يجعل الحكومة تتخبط ولا تعي أنها تستخف علنًا بمواطنيها، لأن العدد لا يصل حتى إلى ربع مليون، وهو ما يعني أن الفساد مستشر في البلاد إلى حدٍّ لا يُحتمل ولا توليه الحكومة ذرة اهتمام. في الحقيقة إن هذا العدد جدير بأن يكون في محافظة أو ولاية عُمانية واحدة فقط وليس في البلاد كاملة!. هذا يجعل موقف الحكومة أشد حرجًا أمام أعداد العاطلين عن العمل التي تتردد أنباء غير موثقة بأنها تجاوزت 300 ألف عاطل. وتحت عنوان "رسالة المثقف في يوم المسيرة الخضراء الثانية كتب المدون الدكتور زكريا المحرمي في موقع "الحارة العُمانية": "حضرت المسيرة الخضراء الأولى وسأحضر -بعون الله- المسيرة الثانية. المسيرة الأولى كانت عفوية في تنظيمها وفي مطالبها والشعارات التي رفعت فيها، بيد أن أهم ما ميزها هو الحضور اللافت لأفراد يمثلون الطبقة الوسطى، ومناداتهم بوقف الفساد، وتنحية عبد النبي مكي ومقبول علي سلطان، ووقف إهدار المال العام الذي تمارسه مؤسسة الديوان".
أما مظاهرة الغد فكتب المحرمي أنها تعكس "أولا: لا مبالاة من قبل الحكومة العمانية لتحرك الشعب ومطالبه. ذلك أنه لو تم تحقيق بعض من مطالب المسيرة الأولى لما سمعنا عن مسيرة ثانية، ولا عن مسيرات مناطقية في صحار والبريمي وغيرها!. ثانيا: استشعار الشعب ضرورة (إصلاح) النظام في عمان.
فلا يخلو بيت عماني من فرد/أفراد (عاطل) عن الدراسة (باحث) عن عمل! ولا تخلو روح عمانية من تذمر وقرف وانكسار نتيجة الفساد المستشري والمحسوبية المنطلقة بلا خطام ولا زمام، وأخبار خلية التجسس التي تضم أناساً كانوا يتغنون بالوطنية ونصبوا أنفسهم قضاة تفتيش على (وطنية) الشعب!!".
وربط المحرمي بين مظاهرة الغد التي سيقيمها العمانيون وبين الثورتين التونسية والمصرية، وتوقع أن يحييها عدد كبير بسبب ما وصفه بـ"ازدياد القناعة لدى أفراد الشعب العماني أن الحقوق لم ولن تأتي من خلال (المكرمات) وإنما يتحصل عليها بواسطة السعي والمطالبة والتضحية وعدم التنازل عن الكرامة
جريدة الجدار
http://jidar.net/node/5853
وفي الأيام القليلة الماضية كثرت الكتابة عن المظاهرة التي دعي إليها عبر الفيس بوك والمنتديات والمدونات. وخلال فترة وجيزة انطلق خطاب سلمي واضح الملامح يطالب بإصلاح النظام ومكافحة الفساد وحرية التعبير وتحسين أوضاع العُمانيين.
شدَّد بعض من كتب في مواقع الإنترنت على الضرورة الماسة لأن لا تَمُسَّ قوات الأمن والشرطة هدف المظاهرة، فلهذا السبب تحديدًا ولتأكيد سلميتها سُمِّيت "المسيرة الخضراء 2". وفي 17 يناير الماضي أقيمت "المسيرة الخضراء" الأولى بخروج عدد قدر بـ200 متظاهر هتفوا مطالبين بعدد من حقوقهم، وعدت المظاهرة حدثًا استثنائيًّا في بلد منذ أربعين عامًا يبث خطابه الإعلامي مختلف أشكال الدعاية والإعلان لـ"إنجازات" و"مكارم" السلطة على المواطنين حتى بات الناس محملين بالجمائل والأفضال والمكارم وهم يرزحون تحت وطأة مختلف أشكال المهانة والإذلال والأوضاع المزرية التي تُغيِّب وسائل الإعلام وجودها وتحاول فرض حقيقة أخرى غير هذه الحقيقة الواقعة التي يعيشها المواطنون.
وتحت عنوان "عفوًا يا مالك المعمري من أمر هذا الملازم بترويع المواطن" كتب الكاتب نبهان الحنشي يسرد حادثة اتصال ملازم أول من شرطة عُمان السلطانية به ليطلب منه الحضور في الحين، وكان اتصال الملازم عبر هاتف محمول وليس من هاتف مكتب، وفي الساعة العاشرة و45 دقيقة ليلة 14 فبراير الجاري. وعندما رفض نبهان الحنشي الحضور في الحال هدده الشرطي. وذكر الحنشي في مقاله أن هناك آخرين من كتاب مواقع الإنترنت تم استدعاؤهم أيضًا، وذكرهم بأسمائهم المستعارة التي يكتبون بها في المنتديات الإلكترونية: "وبعد أخذ "سيف القلم" و"أنا عماني مدريدي" اتصلوا فجأة ليخبروني، أن لا حاجة لقدومي وإن احتاجوا لي سيتواصلون معي. أما عماني مدريدي، جعلوه ينتظر لــ 30 دقيقة، ثم أقبل عليه م.المقبالي وهو يقول: حبيت أتعرف عليك فقط. أما "سيف القلم" فقالوا له شكرا لمجيئك وأشربوه القهوة". ويعقب الحنشي على الحادثة قائلًا: "من يتحمل هذا التصرف وهل جهة الأمن في البلد تتعامل بأسلوب التهويل والتخويف من أجل إيصال رسالة أننا مراقبون لما يحدث.. من هنا... أنا أسائل معالي مالك المعمري... مسؤولية من الذي حدث؟؟ إزعاج آخر الليل... تخويف وترهيب.. اتصال من رقم موبايل شخصي.. ثم رقم مكتب آخر .. ثم وثم.. هل نحن أداة للالتهاء تقضون فيها وقت فراغكم...".
والحنشي وزملاؤه الثلاثة هم منظمو المظاهرة، وهم من جيل الشباب المولود بعد أواسط السبعينيات الماضية، وفي الآونة الأخيرة بعد ثورتي تونس ومصر كثر نشاط الحنشي وزملائه على صفحات الفيس بوك ومدوناتهم الشخصية.
وحذر بعض كتاب الإنترنت من ردة الفعل الأمنية على مظاهرة الغد، وفي موقع "الحارة العُمانية" كتب الشاعر محمد الحارثي: "الله الله في العُمانيين ورقيّ وتحضُّر مسيرتهم الخضراء - لأن حدوث العكس، لن يزيد الطين إلا بلّة لن ينفع بعدها عضُّ الأصابع ندماً. لا تشعلوا النار، فبرميل البارود الصامت أربعين سنة قد ينفجر، ليس في وجوه المُتظاهرين سِلمياً، بل في وجوهكم أنتم!. إنْ أخطأتم، هذه المرّة، حساب الرَّمل وحساب الإلكترون". يأتي هذا في خضم تصاعد المظاهرات في ربوع الوطن العربي الذي يخلو من حاكم منتخب بصفة شرعية منذ ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم، أي منذ رحيل الاستعمار الغربي عن المنطقة، حيث تعتبر الشعوب العربية أن جميع الحكام العرب هم عملاء ومستعمرون جدد أفسدوا وطغوا وتحالفوا مع الغرب وإسرائيل ولعبوا دورًا خطرًا جدًّا في إبادة مقدرات الأوطان والمواطنين بتخويفهم وغسل أدمغتهم وتحويلهم إلى أدوات للمدح والتبجيل وتنفيذ أجندات بيروقراطية تبقي الحكام وزمرتهم في كراسيهم وتفقر المواطنين وتعادي بعضهم بعضًا وتستعملهم أبواقًا لقمعها كل أشكال الثورة على الظلم وتعطيل الطاقات ورفض التخلف.
وخلال فبراير الجاري تظاهر قرابة 400 عُماني في محافظة البريمي المتاخمة لحدود دولة الإمارات، ودعا المتظاهرون إلى تعميم المظاهرات على مختلف محافظات وولايات السلطنة. وفي الشهر نفسه اعتصم عدد من المدرسين في مدارس البلاد وطالبوا بإصلاح نظام التعليم وتحسين أوضاع المعلمين. وقالت وكالات أنباء إن الحكومة العُمانية رضخت لمطالب المواطنين ورفعت الحد الأدنى لرواتب القطاع الخاص بنسبة 43% (من 140 ريالًا إلى 200 ريال عُماني)، وهو ما عده مراقبون ومواطنون وناشطون لا شيء إزاء الواقع المزري المعيش، فمن ذا الذي يستطيع العيش اليوم بـ200 ريال؟!. وقال مواطنون إن 200 ريال يمكن أن تعتبر معقولة في بداية التسعينيات الماضية أما في هذا الوقت فإجرام في حق كل من تصرف له.
وقال عامل في محطة وقود: "هذه الزيادة لا تبالي بأوضاعنا. إنني أسأل هذه الحكومة الفاسدة: هل تكفي 200 ريال اليوم للأكل والسكن والمواصلات والاتصالات؟". وعن حجم الزيادة مقارنة بالسابق قال: "لا تكفي لا في السابق ولا الآن. هل يرضى هؤلاء المسؤولون بأن يتقاضى أولادهم هذا الراتب المهين؟. أنا في التاسعة والعشرين من عمري. مستقبلي شديد الغموض، لا أعرف ماذا أفعل، هل أعيل والدي وإخوتي الصغار أم أعيل نفسي!. بهذا الراتب لن أستطيع الزواج، وكل ما في الأمر أن أوضاعي وأوضاع أسرتي ستتفاقم".
ورأى مواطنون ومراقبون ومدونون أن أعداد قضايا السرقة زادت في السنوات الماضية نتيجة لقرارات الحكومة وعدم إيجادها حلولًا عملية للرواتب المتدنية والبطالة. وقالوا إن نسبة ممن يتقاضون 200 ريال وأقل وحتى أكثر منها بقليل فقدوا الأمل نهائيًّا في عيش حياة حرة فاتجهوا نحو السرقة وتعاطي المخدرات، والحكومة هي السبب الأساسي لذلك.
وقال آخرون إن بعض الموظفين الكبار من الجنسية الآسيوية في الشركات يستغلون الفتيات العُمانيات لممارسة الجنس مقابل توظيفهن. وعلق موظفون في فنادق صغيرة وشقق فندقية بأن حصيلة استئجار الغرف تؤكد استغلال عدد من الموظفين من الجنسية الهندية للفتيات العُمانيات، فهن يمارسن معهم الجنس مقابل ما يسد رمقهن أو يغررون بهن مقابل وظيفة أو شيء من هذا القبيل، وهذا في الحقيقة مصير طبيعي تسببت فيه الحكومة وأصحاب الشركات والتجار. وعقب آخرون بأن الدعارة تنتشر بين الجنسين بسبب الحاجة المادية، وأن الحكومة تعرف ذلك لكنها تتصرف بغض النظر عنه، برغم أن الأوضاع عبرت الحدود في كثير من الأحيان.
وعلق كتاب بأن الحكومة العُمانية تنتهج ردود الأفعال نفسها التي انتهجها النظامان التونسي والمصري المخلوعان اللذان أديا إلى انفجار شعبي عارم لم يسبق له مثيل في الوطن العربي. إن الوضع الآن يستدعي إصلاحات سياسية واقتصادية على نحو لا يحتال على الأوضاع ويلف ويدور، فالأوضاع تتفاقم بالفعل وحدة الرفض والمطالبات تزيد، ويجب على الحكومة أن تعي ذلك قبل أن تسحب الأيام المقبلة البساط من تحتها، فالاستهتار سيسد جميع الطرق.
وبخصوص زيادة رواتب القطاع الخاص قال بعض المواطنين: إن المنطق يقتضي أن لا يقل أدنى راتب لأصغر مهنة عن 600 ريال عُماني، وأصحاب الشركات والأعمال والحكومة أيضًا يعلمون ذلك وهم يكسبون بجشع غير معقول، كما يعلمون أن الاستهتار بالمواطنين وحرمانهم العيش الكريم والتلاعب بهم هكذا سيقلب الأمور رأسًا على عقب، فاليوم تغيرت الأوضاع العربية كثيرًا فهي ليست نفسها قبل شهر مثلًا فما بالك بما ستؤول إليه بعد شهر آخر؟!.
وقال مواطنون آخرون: تتلاعب الحكومة العُمانية بأعصاب مواطنيها، وتقوم بذلك بعدة وسائل، بنشر الأكاذيب والإشاعات والتخويفات من خلال رسائل الهواتف المحمولة والإيميلات والمواقع الإلكترونية، وفي الفترة الأخيرة انتشرت إشاعة مؤداها أن رواتب الحكومة ستزاد بنسبة 30%، وفي الحقيقة فإن حساب هذه النسبة بناء على الرواتب الضعيفة أساسًا يعني ممارسة احتيال لن يصمد طويلًا في ظل غموض الأيام الآتية.
ولا توجد أي إحصائيات رسمية لأعداد العاطلين عن العمل، وفي 24 يناير الماضي أعلن وزير القوى العاملة إحصائيات كذَّبها المواطنون وشن بعض المدونين وكتاب الإنترنت حملة عليها. وأعلن وزير القوى العاملة أن عدد العاملين في الحكومة يبلغ 127351 ذكورًا وإناثًا. وعلق بعض المراقبين على هذا قائلًا: إن إعلانًا بهذا الشكل يجعل الحكومة تتخبط ولا تعي أنها تستخف علنًا بمواطنيها، لأن العدد لا يصل حتى إلى ربع مليون، وهو ما يعني أن الفساد مستشر في البلاد إلى حدٍّ لا يُحتمل ولا توليه الحكومة ذرة اهتمام. في الحقيقة إن هذا العدد جدير بأن يكون في محافظة أو ولاية عُمانية واحدة فقط وليس في البلاد كاملة!. هذا يجعل موقف الحكومة أشد حرجًا أمام أعداد العاطلين عن العمل التي تتردد أنباء غير موثقة بأنها تجاوزت 300 ألف عاطل. وتحت عنوان "رسالة المثقف في يوم المسيرة الخضراء الثانية كتب المدون الدكتور زكريا المحرمي في موقع "الحارة العُمانية": "حضرت المسيرة الخضراء الأولى وسأحضر -بعون الله- المسيرة الثانية. المسيرة الأولى كانت عفوية في تنظيمها وفي مطالبها والشعارات التي رفعت فيها، بيد أن أهم ما ميزها هو الحضور اللافت لأفراد يمثلون الطبقة الوسطى، ومناداتهم بوقف الفساد، وتنحية عبد النبي مكي ومقبول علي سلطان، ووقف إهدار المال العام الذي تمارسه مؤسسة الديوان".
أما مظاهرة الغد فكتب المحرمي أنها تعكس "أولا: لا مبالاة من قبل الحكومة العمانية لتحرك الشعب ومطالبه. ذلك أنه لو تم تحقيق بعض من مطالب المسيرة الأولى لما سمعنا عن مسيرة ثانية، ولا عن مسيرات مناطقية في صحار والبريمي وغيرها!. ثانيا: استشعار الشعب ضرورة (إصلاح) النظام في عمان.
فلا يخلو بيت عماني من فرد/أفراد (عاطل) عن الدراسة (باحث) عن عمل! ولا تخلو روح عمانية من تذمر وقرف وانكسار نتيجة الفساد المستشري والمحسوبية المنطلقة بلا خطام ولا زمام، وأخبار خلية التجسس التي تضم أناساً كانوا يتغنون بالوطنية ونصبوا أنفسهم قضاة تفتيش على (وطنية) الشعب!!".
وربط المحرمي بين مظاهرة الغد التي سيقيمها العمانيون وبين الثورتين التونسية والمصرية، وتوقع أن يحييها عدد كبير بسبب ما وصفه بـ"ازدياد القناعة لدى أفراد الشعب العماني أن الحقوق لم ولن تأتي من خلال (المكرمات) وإنما يتحصل عليها بواسطة السعي والمطالبة والتضحية وعدم التنازل عن الكرامة
جريدة الجدار
http://jidar.net/node/5853
التعديل الأخير: