مبارك يرضخ لضغوط المتظاهرين.. والجيش يؤكد أنه ليس بديلاً عن الشرعية
Sat, 12 فبراير 2011
غادر إلى شرم الشيخ بصحبة عائلته - القاهرة - «وكالات»: تنحى الرئيس المصري حسني مبارك وكلف الجيش بتولي السلطة في اليوم الثامن عشر لانتفاضة غير مسبوقة طالبت منذ اليوم الاول برحيله واصرت على مطلبها وأخذت تتسع يوما بعد يوم حتى بلغت ذروتها امس مع نزول حشود لا حصر لها الى الشوارع.
واعلن نائب رئيس الجمهورية اللواء عمر سليمان في بيان مقتصب اذاعه التلفزيون انه «في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون لبلاد».
وكان المتحدث باسم الحزب الوطني الحاكم محمد عبد الله اكد ان الرئيس المصري حسني مبارك موجود «في شرم الشيخ».
وكان مصدر مقرب من الحكومة قال في وقت سابق ان مبارك غادر القاهرة بصحبة عائلته كلها.
وأكد متحدث عسكري مصري ان القوات المسلحة في مصر «ليست بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب وقال المتحدث في بيان بثه التلفزيون المصري انه « في لحظة تاريخية فارقة في تاريخ مصر،بعد تنحي الرئيس مبارك وتكليفه المجلس الاعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد» تدرك القوات المسلحة «جسامة هذا الامر وخطورته أمام مطالب شعبنا العظيم، في كل مكان لاحداث تغيرات جذرية».
واضاف «ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة يتدارس هذا الامر، وصولا لتحقيق امال شعبنا العظيم ، وسيصدر المجلس الاعلى للقوات المسلحة لاحقا بيانات تحدد الخطوات والاجراءات والتدابير التي ستتبع».
كما توجه المجلس الاعلى «بكل التحية والتقدير للرئيس محمد حسني مبارك على ما قدمه في مسيرة العمل الوطني، حربا وسلما، وعلى موقفه الوطني في تفضيل المصلحة العليا للوطن».
وقال المتحدث العسكري «وفي هذا الصدد يتوجه المجلس الاعلى للقوات المسلحة بكل التحية والاعزاز لارواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لقضيتهم وامن بلادهم ولكل افراد شعبنا العظيم».
وكان مئات الالاف من المتظاهرين نزلوا الى الشوارع امس في القاهرة والاسكندرية ومعظم المحافظات للمطالبة مجددا برحيل مبارك رافضين الاكتفاء بتفويضه صلاحياته الى نائبه عمر سليمان وتعهدات الجيش ب»ضمان» تنفيذ الاصلاحات السياسية التي وعد بها الرئيس المصري.
وفي ميدان التحرير، الذي بات رمز الانتفاضة غير المسبوقة المطالبة باسقاط مبارك الذي يتولى السلطة منذ ثلاثة عقود، تدفق مئات الالاف من المتظاهرين منذ الصباح لاعلان اصرارهم على رحيل مبارك بعد ان دعوا الجيش الى اخذ موقف هاتفين «الجيش لازم يختار الشعب او النظام».
وتدفقت الحشود في العاصمة المصرية الى حد ان حركة السير توقفت في شارع رمسيس، احد اكبر شرايين القاهرة الذي يربط وسط المدينة بمصر الجديدة، بسبب امتلائه بالمتظاهرين.
وافاد مراسلون ان تظاهرات خرجت من عدة احياء في القاهرة باتجاه ميدان التحرير بينما كان ما يزيد على عشرة الاف شخص يحتشدون امام قصر الرئاسة في مصر الجديدة (شرق القاهرة) لحظة اعلان تنحي مبارك.
وكان الجيش، وهو العمود الفقري لنظام مبارك، احبط المتظاهرين صباح امس رغم الامال الكبيرة التي كانوا يعقدونها عليه والدعوات التي اطلقوها الى تدخله لتحقيق مطلبهم برحيل مبارك الذي اكد مساء امس الاول انه سيظل في منصبه حتى نهاية ولايته في سبتمبر وانه سيبقى في مصر الى ان «يوارى الثرى» فيها.
واعلن الجيش في ما اسماه «البيان رقم 2»انه «فى إطار ما تقرر من تفويض للسيد نائب رئيس الجمهورية من اختصاصات وإيمانا من مسئولياتنا الوطنية بحفظ واستقرار الوطن وسلامته قرر المجلس الاعلي للقوات المسلحة ضمان تنفيذ» الاصلاحات التي تعهد بها الرئيس المصري.
وعدد البيان الاجراءات والاصلاحات التي سيضمنها وابرزها.
-»إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة فى ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية».
-»الفصل فى الطعون الانتخابية وما يلى بشأنها من اجراءات» اي في الطعون في انتخابات مجلس الشعب المصري.
-»عدم الملاحقة الأمنية للشرفاء الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالاصلاح».
- «انهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية».
ودعا الجيش المصري الى «انتظام العمل بمرافق الدولة وعودة الحياة الطبيعية حفاظا على مصالح وممتلكات شعبنا العظيم».
و»حذر» بيان المجلس الاعلى للقوات المسلحة من «المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين».
وفي محاولة لبث الطمأنية خصوصا في نفوس المتظاهرين أكد الجيش «التزامه برعاية مطالب الشعب المشروعة والسعى لتحقيقها من خلال متابعة تنفيذ هذه الاجراءات فى التوقيتات المحددة بكل دقة وحزم حتى يتم الانتقال السلمى للسلطة وصولا للمجتمع الديمقراطى الحر الذى يتطلع إليه أبناء الشعب».
وكان مبارك اعلن مساء امس الاول تفويض صلاحياته الى نائبه عمر سليمان طبقا للدستور بعد ان طلب من مجلس الشعب ادخال تعديلات على بعض مواد الدستور المتعلقة خصوصا بالانتخابات الرئاسية.
غير ان التفويض، الذي رآه المتظاهرون شكليا، لا يمنح نائب الرئيس، طبقا لنص المادة 82 من الدستور، حق تعديل الدستور او حل مجلسي الشعب والشورى او اقالة الحكومة.
وفور اذاعة البيان، ظهر الغضب على متظاهرين محتشدين امام القصر الرئاسي المحاط بحراسة مشددة في حي مصر الجديدة بشرق القاهرة.
ففيما كان التلفزيون المصري يذيع البيان الذي اصدرته القوات المسلحة المصرية ودعت فيه المصريين الى العودة لمنازلهم، تلا عقيد في الجيش البيان نفسه امام القصر الرئاسي في القاهرة المحاط بالمتظاهرين.
وانتزع احد المتظاهرين مكبر الصوت من يد الضابط احتجاجا على ما ورد في البيان.
وصاح هذا المتظاهر «لقد خيبتم أملنا، لقد وضعنا كل آمالنا عليكم»، فيما تعالت هتافات تطالب بمحاكمة مبارك.
واجاب الضابط «لا، لا، هذا ليس انقلابا» مؤكدا ان الجيش لن يتولى السلطة وانما سيسهر على أن تكون الاصلاحات ممثلة للارادة الشعبية.
وفي ميدان التحرير، قال محمد ابراهيم (42 عاما) وهو مدرس جاء من الاسكندرية «بعد ثلاثين عاما سئمنا الاستماع اليه كل ما نريد سماعه هو انه رحل».
وامام مبنى التلفزيون حيث تجمع الاف المتظاهرين، قال طارق ، وهو مهندس في الخامسة والثلاثين، جاء مع زوجته لانه «يريد ان يمشي الرجل الذي لا يسمع الا نفسه ولا يعمل اي حساب لمصلحته الشخصية».
ويقول «انها فرصتنا الاخيرة الاخيرة للخلاص ولاسقاط هذا النظام».
وفي الاسكندرية تجمع مائة الف متظاهر على الاقل امام مسجد القائد ابراهيم في محطة الرمل بوسط المدينة، كما خرج مئات الالاف في عدة محافظات من بينها السويس والاسماعيلية (على قناة السويس) وبني سويف واسيوط وسوهاج (جنوب) وكذلك في المنصورة والمحلة وطنطا.
وقبل ساعات من اعلان مبارك تنحيه، قال المعارض محمد البرادعي على ( تويتر) في اشارة الى حجم المشاركة الكبير في التظاهرات ان «الامة بأسرها في الشوارع، السبيل الوحيد أمام النظام هو الرحيل سوف ننتصر وما زلت امل ان ينضم الينا الجيش».
كما رفضت جماعة الاخوان المسلمون خطاب مبارك وبيان نائبه عمر سليمان .
المصدر جريدة عمان