عالم بلا حدود
:: تـاجر معتمد::
- إنضم
- 21 يونيو 2008
- المشاركات
- 393
لو كان الفقر رجلاً لقتلته " علي بن أبي طالب رضي الله عنه " مقولة لرابع الخلفاء الراشدين ولاشك أن الكاتبة مريم الحساني حاكت تلك المقولة بأسلوب إن قلنا رائعاً لن نوفي حقها أبداً ، أبدعتِ يا مريم فكل كلمة تكتبيها لها وقعها في النفوس وإن صدى كلماتكِ ليصل إلى القلوب قبل المسامع ليتأثر الغني - قبل الفقير - إن عاش عيشة الفقراء ، مدينة البريمي هل هناك إحصائيــة بعدد الفقراء؟ أم أن مصطلح الفقر هو [ تم بعدما نفذ معجون الأسنان ] وهذا هو تعريف الأغنياء للفقر ، والأيام دولٌ ، وكما تدين تدان ، تابعوا معنا مقال [ فقر ] للمبدعة الكاتبة مريم الحساني.
فقــــــر
بقلم / مريم الحساني ** كاتبة من الإمــارات **
مدرّس اللغة العربية ينادي على حسين ليأخذ دفتر تعبيره:
- أعطيتكَ درجةً متدنيةً، لأنه لا يمكن لكَ أن تشير إلى الفقر بأنه تم بعدما نفد معجون أسنان الرجل. التعبير يجب أن يكون تعبيراً, وليس استهزاءً وانفصالاً عن العالم. خذ دفتركَ وارحل عن وجهي! صحيحٌ أنكم أولادُ رفاهية.
يعاود المدرس السخرية:
- الفقر هو أن لا يمتلك الناس معجون أسنان، يا لكم من مدللين يا أحفاد ماري أنطوانيت!.
يعود حسين إلى مقعده حاملاً دفتره بأطراف أصابعه، فيرميه أمام زميله عمر:
- يا له من مدرس حقود! هل ارتكبتُ جريمةً عندما قلتُ نفد معجون أسنان الرجل؟ وما أدراني أنا بالفقر وعلاته؟.
- لا تستحق يا صديقي علامة خمسة من خمسة عشر, فما أدراك حقاً بالفقر وعلاته؟ لكن دعني أخبرك ما هو الفقر، فأنا أعرفه جيداً، فولدتُ في حضنه، وأنا أدين له بهذه الثياب التي أرتديها، وأدين له ببعض ماء وجهي، وأدين له بصحة والدي وشقاء أمي، أنا أدين له بالكثير… يا صديقي.
وما أدراك كيف هو الحال عندما ترتدي ثوباً هو ليس لك، تتناوبه من عند الآخرين. فهذا الثوب مهما كان مقاسه مساوٍ لقياس ثوبك الممزق, إلا أنك ستشعر أنه لا يناسبك، لأنه باختصار ليس ثوبك, ولم يكن يوماً لك ولن يكون.
وما أدراك يا صديقي بشعور المهانة عندما يقدم الآخرون المال لك لكي تستطيع أن تعيش ليومك هذا؟ وهل حسبتَ يوماً لغدٍ كيف سيطل عليك؟ رحيماً كريماً أم سوطاً ينحت جسدك وصفعةً على الباقي من كرامتك. وهل سَمعتْ أذنك يوماً توسلات أبيك؟ وهل نظرتْ عيناك إلى دموع والدتك وهي تحسب نقودها وتعد على أصابعها؟ وهل شهدتَ والديكَ وهَمّ طعامكَ ومعيشتكَ يعتلجُ في صدريهما؟ فلمَ صعبٌ عليكم أيها الأغنياء أن تعرفوا ما هو الفقر أو تتخيلوه حتى, في حين أنه سهلٌ علينا نحن الفقراء تخيل الغنى والراحة والرفاهية؟ ويصعب عليكم معرفة معنى البؤس والشقاء, ويسهل علينا معرفة كلمتي الرفاهية والنعيم؟.
يا صديقي لسان النار التي تطال الفقراء لا تصيب الأغنياء, ولا تفكر أني حاقد حسود! ولكن ما أطلبه منك وممن يعيشون على ريش الرفاهية أن يفكروا قليلاً كيف نعيش.
وكان يمكن أن يشعر الفقراء بكرامة تفوق كرامة الأغنياء ويحافظون عليها أفضل مما يفعلون، لولا أن بعض فاسدي الضمير لا يترددون في جرح كبريائك وكرامتك، لأنك مجرد عامل لديهم أو أجير أو صانع لرفاهيتهم، فهم لا يعلمون بأن الفقير إنسانٌ مثلهم، له عقلٌ يفكر وقلبٌ يشعر، ولو أنه دابة لما بالغ هؤلاء الفاسدون بإذلالها كما يفعلون مع هؤلاء المساكين، ولكن شياطينهم أوحتْ إليهم بأنهم عبيدٌ سخّروا ليكونوا فقراء إليهم أبدا.
ولو أن الغني نظر حقاً لحال الفقير, لما أفلت الرحمة من قلوب الإنسانية، ولا انتشر الظلم على وجه هذه الأرض, فنظرة الرحمة كفيلةٌ بطهرِ الحياة.
بقلم / مريم الحساني ** كاتبة من الإمــارات **
مدرّس اللغة العربية ينادي على حسين ليأخذ دفتر تعبيره:
- أعطيتكَ درجةً متدنيةً، لأنه لا يمكن لكَ أن تشير إلى الفقر بأنه تم بعدما نفد معجون أسنان الرجل. التعبير يجب أن يكون تعبيراً, وليس استهزاءً وانفصالاً عن العالم. خذ دفتركَ وارحل عن وجهي! صحيحٌ أنكم أولادُ رفاهية.
يعاود المدرس السخرية:
- الفقر هو أن لا يمتلك الناس معجون أسنان، يا لكم من مدللين يا أحفاد ماري أنطوانيت!.
يعود حسين إلى مقعده حاملاً دفتره بأطراف أصابعه، فيرميه أمام زميله عمر:
- يا له من مدرس حقود! هل ارتكبتُ جريمةً عندما قلتُ نفد معجون أسنان الرجل؟ وما أدراني أنا بالفقر وعلاته؟.
- لا تستحق يا صديقي علامة خمسة من خمسة عشر, فما أدراك حقاً بالفقر وعلاته؟ لكن دعني أخبرك ما هو الفقر، فأنا أعرفه جيداً، فولدتُ في حضنه، وأنا أدين له بهذه الثياب التي أرتديها، وأدين له ببعض ماء وجهي، وأدين له بصحة والدي وشقاء أمي، أنا أدين له بالكثير… يا صديقي.
وما أدراك كيف هو الحال عندما ترتدي ثوباً هو ليس لك، تتناوبه من عند الآخرين. فهذا الثوب مهما كان مقاسه مساوٍ لقياس ثوبك الممزق, إلا أنك ستشعر أنه لا يناسبك، لأنه باختصار ليس ثوبك, ولم يكن يوماً لك ولن يكون.
وما أدراك يا صديقي بشعور المهانة عندما يقدم الآخرون المال لك لكي تستطيع أن تعيش ليومك هذا؟ وهل حسبتَ يوماً لغدٍ كيف سيطل عليك؟ رحيماً كريماً أم سوطاً ينحت جسدك وصفعةً على الباقي من كرامتك. وهل سَمعتْ أذنك يوماً توسلات أبيك؟ وهل نظرتْ عيناك إلى دموع والدتك وهي تحسب نقودها وتعد على أصابعها؟ وهل شهدتَ والديكَ وهَمّ طعامكَ ومعيشتكَ يعتلجُ في صدريهما؟ فلمَ صعبٌ عليكم أيها الأغنياء أن تعرفوا ما هو الفقر أو تتخيلوه حتى, في حين أنه سهلٌ علينا نحن الفقراء تخيل الغنى والراحة والرفاهية؟ ويصعب عليكم معرفة معنى البؤس والشقاء, ويسهل علينا معرفة كلمتي الرفاهية والنعيم؟.
يا صديقي لسان النار التي تطال الفقراء لا تصيب الأغنياء, ولا تفكر أني حاقد حسود! ولكن ما أطلبه منك وممن يعيشون على ريش الرفاهية أن يفكروا قليلاً كيف نعيش.
وكان يمكن أن يشعر الفقراء بكرامة تفوق كرامة الأغنياء ويحافظون عليها أفضل مما يفعلون، لولا أن بعض فاسدي الضمير لا يترددون في جرح كبريائك وكرامتك، لأنك مجرد عامل لديهم أو أجير أو صانع لرفاهيتهم، فهم لا يعلمون بأن الفقير إنسانٌ مثلهم، له عقلٌ يفكر وقلبٌ يشعر، ولو أنه دابة لما بالغ هؤلاء الفاسدون بإذلالها كما يفعلون مع هؤلاء المساكين، ولكن شياطينهم أوحتْ إليهم بأنهم عبيدٌ سخّروا ليكونوا فقراء إليهم أبدا.
ولو أن الغني نظر حقاً لحال الفقير, لما أفلت الرحمة من قلوب الإنسانية، ولا انتشر الظلم على وجه هذه الأرض, فنظرة الرحمة كفيلةٌ بطهرِ الحياة.