شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
الفرق بين النفع المتعدي والنفع القاصر
إن من أعظم الأعمال أجراً، وأكثرها مرضاة لله عزوجل، تلك التي يتعدى نفعها إلى الآخرين، وذلك لأن نفعها وأجرها وثوابها لا يقتصر على العامل وحده، بل يمتد إلى غيره من الناس،حتى الحيوان ،فيكون النفع عاماً للجميع ,أعظم الأعمال الصالحة نفعاً، تلك التي يأتيك أجرها وأنت في قبرك وحيداً فريداً، ولذا يجدر بالمسلم أن يسعى جاهداً لترك أثر قبل رحيله من هذه الدنيا ينتفع به الناس من بعده، وينتفع به هو في قبره وآخرته، وصدق الله في قوله(وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا)النفع المتعدي ,هوالعمل الذي يصل نفعه للآخرين سواءً كان هذا النفع أخروياً ,كالتعليم والدعوة إلى الله تعالى، أو دنيوياً, كقضاء الحوائج، ونصرة المظلوم وغير ذلك,أما النفع القاصر, فهو العمل الذي يقتصر نفعه وثوابه على فاعله فقط، كالصوم، والاعتكاف وغيرهما,نص فقهاء الشريعة على أن النفع المتعدي للغير أولى من النفع القاصر على النفس,ولذا قال بعضهم,إن أفضل العبادات أكثرها نفعاً، وذلك لكثرة ما ورد في الكتاب والسنة من نصوص دالة على فضل الاشتغال بمصالح الناس، والسعي الحثيث لنفعهم وقضاء حوائجهم، ومن أبرزها ما يلي,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب )وقال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه,( لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم)إن النفع المتعدي هو طريق الأنبياء والرسل، ووظيفة من سلك سبيلهم، فهم أنفع الناس للناس، وهم الذين يهدون الناس إلى الله تعالى، ويخرجونهم من الظلمات إلى النور بإذنه، وذلك بدعوتهم إلى توحيده، الذي لا عز ولا سعادة في الدنيا والآخرة إلا به,ونفع الأنبياء للناس لا يشمل أمور الآخرة فقط، بل كذلك أمور الدنيا, فيوسف رضي الله عنه تولى الخزائن لعزيز مصر( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ )
فكان في ذلك الخير والنفع والنجاة من سنوات القحط والجذب التي أصابت البلاد,قال تعالى(وَالْعَصْرِ,إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ,إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )أقسم الله تعالى بالعصر، الذي هو الليل والنهار، محل أفعال العباد وأعمالهم أن كل إنسان خاسر، إلا من اتصف بأربع صفات,الإيمان بما أمر الله تعالى بالإيمان به,العمل الصالح، وهذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة والباطنة، المتعلقة بحق الله وحق عباده، الواجبة والمستحبة,التواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي ,يوصي بعضهم بعضاً بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه,التواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة. فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة، يكون الإنسان قد سلم من الخسارة، وفاز بالربح العظيم,فنجاة الإنسان من الخسران موقوفة على سعيه في نفع الآخرين ونصحهم وتوصيتهم بالحق والصبر,أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خير الناس أنفعهم للناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس ,وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يغرس المسلم غرساً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة)
كل معروف يبذله الإنسان للناس فهو صدقة.