شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
منحنا الله وجميع الكائنات الحية أشعة الشمس فهي من أسرار هذا الكون
تختزن طاقات هائلة يحاول الإنساناستخدامها بعد أن لمس قدرتها، إنها من المعجزات التي أتاحت للنبات أن ينمو ويزدهر ثم يثمر وينضج الثمر، ثم يموت لتعود الدورة في السنوات التالية وقد أتاحت هذه الشمس العجيبة للحيوان أن يشتد ساعده فينمو نمواً طبيعياً عندما يعرض لأشعتها (فقد أجرى بعض المهتمين تجربة في هذا الموضوع فحجب أشعة الشمس عن بعض صغار الخراف وعرض البعض الآخر للهواء الطلق وللشمس مدداً كافية وكانت النتيجة التي لا تقبل الجدل أن الخراف التي أصابها الحظ بأن تكون طليقة نمت نمواً سريعاً وتحسنت صحتها ولوحظ أنها أكثر مرحاً من تلك المحجوزة بين أربعة جدران).
لا شك أن في هذه التجربة عوامل أخرى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار:
وهي حرية التمتع بالعشب وحرية الحركة ثم الهواء النقي ثم أشعة الشمس،
وهذا ما أوردناه في هذا المثال، فأشعة الشمس من أكبر العوامل المؤثرة في
نمو هذه الحيوانات وغيرها من الحيوانات، ولكن الحياة في الهواء الطلق عامل أيضاً من أكبر العوامل المؤثرة في تحسن صحة الخراف، والزيادة في وزنها وسرعة نموها.
ألا ترى بأن الإنسان الذي يعيش في البلاد الباردة المحرومة من الشمس كبلاد أوربا الشمالية يحاول إرسال أولاده إلى جنوب أوربا الدافئة ذات الشمس الساطعة ويتوجه إلى الشرق أو شمال إفريقية إن استطاع إلى ذلك سبيلاً طلباً لأشعة الشمس الدافئة؟
فالشمس تؤثر في الإنسان تأثيراً كبيراً عن طريق الساحة الجلدية عندما تُعرض لأشعة الشمس، فالشهية للطعام تزداد، والضعفاء صحياً يشعرون بنشاط في الأجهزة الحيـوية الكبرى ( كجهاز الهضم، والتنفس
ودوران الدم) وفي النشاط الفكري ويشعرون بسعادة وينامون ملء عيونهم، وترتاح أجسامهم وكأنهم يغسلون متاعب حياة المدينة، وتشفي هذه الأشعة – بإذن الله – المتخلفين صحياً وعقلياً، وبخاصة من كان مصاباً بسل العظام وبآلام المفاصل وخلل في الغدد إذ يسهل علاجهم بحمامات الشمس.
إن جميع هؤلاء المرضى يحصلون على حالة عامة مزدهرة، ونلاحظ بنفس الوقت شفاء الجروح المستعصية وزوال الكتل الغددية.
وإنّ تعرض الأصحاء لأشعة الشمس يساعد على استرخاء الأوعية الشعرية، وعندما يدوم تعرض الإنسان للشمس يتكرر هذا الاسترخاء، وإن دفق الدم الدائم إلى سطح الجلد يساعد في عمله الوظيفي ويمنحه مرونة ملموسة ونضارة، ومقاومة كبيرة فترتاح بذلك الأعضاء العميقة في الجسم، وعندما يقوى الجهاز العصبي الحركي ذو العلاقة الوثيقة بالدورة الدموية تزداد مرونة الجسم وبالتالي فتزداد حيويته.
فلنأت للناحية الجمالية، فقد ملّ الإنسان المحروم من الشمس لون بشرة جسمه الأبيض الرخو، ولذا فقد عمدت الفتيات لصبغ أجسامهن باللون البرونزي وهو أمر مضحك حقاً، وأفضل من ذلك فإنهن قصدن المناطق ذات الشمس الساطعة لتستفيد الطبقات العميقة للجلد وتلون حينذاك الطبقة الظاهرة وتجعلها سمراء ( برونزية ): وسنرى بأن هـذه الظاهرة هـي رد فعل دفاعي ممتاز أمام التأثير الخطر للإشعاعات فوق البنفسجية.
إن الأقوام ذوي البشرة السوداء هم محميون من أخطار الأشعة فوق البنفسجية بسبب لون بشرتهم فهم يعيشون في ظل جلدهم، وبفضل هذا اللون فإنهم يتحملون، دون أي خطر، عرض أجسامهم لشمس حارة مدة طويلة في الوقت الذي نصاب نحن البيض بضربة شمس حادة لو تعرضنا للحرارة نفسها.
إن مدى تأثير الشمس في كل إنسان يجب أن ترشده إلى المدة التي يتحملها جسمه وبالتالي إلى مدة حمام الشمس اليومية ، وخطر الشمس يزول تدريجياً بقدر ما يتعود الجسم على تحمل أشعتها وبقدر تلونه. والسرعة التي يصبح فيها جسم الفرد تتناسب مع سرعة تقبله لحمامات الشمس.
إن صبغ البشرة باللون البرونزي هو أمر مرغوب فيه ويجب السعي إليه لأنه العلاقة القاطعة لعمل مفيد للإشعاع الشمسي في العضوية.
يجب أن تستفيد كل الساحة الجسمية من حمام الشمس إذ يتبع هذه الحمام ويرافقها شعور بالراحة والمتعة وهي مشابهة تماماً لما تحدثه حمامات الهواء أو الماء (الدوش).
وإن تنظيم الدورية الدموية وتنشيط البشرة كما مر معنا هي أمور بسيطة بالنسبة لما تحدثه من إثارة الجهاز العصبي الذي يختزن طاقة كبيرة في حالة الركود، وبالإضافة لازدياد شهية الإنسان للطعام فإن علائم التعب لا تظهر عليه بل يشعر بالراحة في الوقت الذي تنمو فيه الفعالية العامة لجسم الإنسان.
والحقيقة إنه لمن الصعب جداً شرح هذه الأمور نظرياً، ومن الأسهل تماماً الشعور بها ومعاناتها بكثير من الحيطة والحذر كي لا تسبب حمامات الشمس خيبة أمل بسبب حروق البشرة والاندفاعات التي تحدث عندما يبالغ المحروم من عرض جسمه في عرضه لأشعة الشمس مدة طويلة.
ويعتقد بعض الدارسين أن أشعة الشمس هي غذاء قادر – حسب الكمية التي يتعرض إليها جسم الإنسان – على إثارة الشهية للتغذية أو أنها قادرة على التسمم، ويصر بعض الدارسين على الحديث عن وظيفة الجسم التنفسية والتي ليس لها وجود عند الإنسان، ولكنها تثار فعاليتها أثناء حمامات الشمس فقط.
وليس من الحكمة الوقوع في مبالغات عشاق الطبيعة والمبالغين في منافع الشمس ومع ذلك فأحداث غامضة لا يمكن إيضاحها تدفعنا إلى افتراض إضافة دعم كبير ومباشر لأجسامنا بتأثير الشمس.
وهذه الطاقة ناتجة عن النشـاط الفيزيولوجي والعضلي الذي نشعر به في فترة تعرضنا لأشعة الشمس إنها تؤثر تأثيراً مباشراً ومرئياً في العظام.
ولو افترضنا على سبيل المثال بأنه هناك طفلة مولودة في (أوسلو) المحرومة من الشمس إلا قليلاً، وكانت تغذيتها سيئة بسبب فقدان المواد الغذائية بسبب حرب قد دارت هناك مثلاً، وأصبحت في الثانية من عمرها بساقين مقوسين مشوهين، وعندما عادت إلى وطنها الأصلي في بلاد الشرق مع والديها صلحت حالها وتحسنت صحتها، وذلك بسبب مكوثها وتعرضها لأشعة الشمس، فالتغذية كانت ممتــازة والشمس موجودة في فصول السنة جميعها تقريباً، والطفلة تلعب طيلة النهار في الشــارع بساقين عاريتين".
الشمس هدية الله للإنسان ولجميع مخلوقاته وفائدتها تظهر بسرعة بالنسبة إلى الأطفال وللمراهقين، ومن الأمور المسلم بها أن إقامتهم بضعة أسابيع نصف عراة في جو مكشوف في الريف أو على سواحل البحار تكفي لتغيير حالة الأولاد الضعفاء الذين كانوا يقيمون في منازل لا يدخلها الهواء ولا تراها الشمس من بعض الأحياء القديمة في المدن الكبيرة، وليس لأي دواء، مهما كان مفعوله قوياً، القدرة على تحسين صحتهم بشكل أفضل أو أسرع، وقبل اكتشاف الأدوية المضادة للحيوية (أنتيبيوتيك) لم يكن في مقدور الطب أو العقاقير إيقاف مرض السل منذ بدايته، ويبدو أن الهواء الطلق والشمس هي طريقة ناجعة في الشفاء من هذا المرض، وهي طريقة سهلة في إيقاف هذه العلة ثم شفائها – بإذن الله -.