بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
قبل أن أعقل، قرأت عن ظهر قلب: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وقرأت: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}... فبدأت أحب هذه الأمة، وأحببتها أكثر عندما تعرفت على ابن خلدون وابن جرير الطبري وابن كثير، وغيرهما ممن كتبوا تاريخها، وسطروا أمجادها، فوقفت مع الوفد الذين احتشدوا مع صلاح الدين ليتسلم مفاتيح بيت المقدس، ونظرت إلى الإشفاق في عيني نقفور وهو يقرأ رد هارون الرشيد، وهالني الحريق الذي شب في سفن طارق بن زياد وهو يتلو على الجيش خطبته المدوية، وكبّرت مع يوسف بن تاشفين وهو يطارد جحافل الفرنجة في الزلاقة، واستمعت إلى أصوات المآذن في قرطبة، وصليت مع أحمد الفاتح في آيا صوفيا، وسافرت مع سليمان القانوني إلى أبواب فيينا...
وفي مرحلة من المراحل، وحين بدأت أدرك ما يجري حولي، تغير المشهد كثيرا، فرأيت هذه الأمة الفتية القوية، شبحا شاحبا مكفهرا، تتقاذفه الهموم، وتتكالب عليه الأوبئة، وتغدو عليه المصائب وتروح عليه النكبات.
حزنت كثيرا لما رأيت، وعشت بهذا الحزن فترة من الزمن...
وفي نهاية المشهد، اكتشفت أن هذا الشبح تتراءى بين عينيه شرارة القوة، فتأملت جيدا، فرأيت ملامح ميلاد جديد، ورأيت القرآن الذي انتصر به أولها، قد أصبح يتلى آناء الليل وأطراف النهار، عندها ضحك الأمل، واشتعل الرجاء، ووقفت بين هذا الماضي أنظر في المستقبل وأتأمل في الحال، فرأيت...
رأيت هذه الرقعة المتسعة المترامية الطرفين، يكسوها لباس الإسلام، وتتوالى أصوات مؤذنيها بدءا بمشرق الشمس، إلى مغربها، ثم يعبر الأذان البحر ليصل إلى أطراف الأرض حتى يدور عليها من جهة المشرق مرة أخرى، فأدركت قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار"، وأدركت أن هذه الأمة التي أمسكت بالأرض من خاصرتها، وأحاطت بها إحاطة الإسورة بالمعصم، قادرة ومستطيعة أن تكون كما أراد لها الله {أُمَّةً وَسَطًا} قائدة لا مقودة، ومتبوعة لا تابعة، إلا أن هذا اللباس الذي يكسوها، وهذا الرابط الذي يربطها قد أصابه الوهن، وتتالت عليه الخطوب، فبلي وخلق ورق وتثقب، ورأيت أن عزتها في تجديد هذا الرابط، وترميم هذا البنيان.
ثم تأملت فرأيت أن هذا الرابط لا يضعف في حد ذاته، ولا يرق ولا يلين، فهو جديد كجدة الليل والنهار، واضح كوضوح القمر ليلة البدر، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} روح من أمر الله يبعث به موتى القلوب، كما يبعث بالروح موتى القبور، فعلمت أن الضعف في تمسكنا به، والرقة في استهدائنا بهديه، وأيقنت أن الحل لأمتنا في الرجوع إلى القرآن.
إن هذا الجسم الممتد المريض، الذي حوى كنوز الأرض ومعادنها، واختص بخيراتها ومياهها، لهو في أمس الحاجة إلى روح تحييه، وتبعث فيه القوة والفتوة، ومتى ما دبت فيه هذه الروح، ومتى ما هبت في جنباته نسمات القرآن الكريم، ومتى ما روي من منهله، وشرب من منبعه، واستضاء بنوره، فسينبعث من جديد، لتدور الأرض على رحى التوحيد، وتعمر البلاد بالخير، وتنعم البشرية بالإسلام والسلام.
بعد هذا عرفت دوري، ورأيت موقعي، وتسلمت مهمتي، ووقفت في الصف لأؤدي رسالتي، إنها مهمة كل مسلم، ودور كل فرد من أفراد هذه الأمة، إنها الرجوع إلى القرآن وبعثه في الأمة من جديد...
حامد الإدريسي
رساله الاسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
قبل أن أعقل، قرأت عن ظهر قلب: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وقرأت: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}... فبدأت أحب هذه الأمة، وأحببتها أكثر عندما تعرفت على ابن خلدون وابن جرير الطبري وابن كثير، وغيرهما ممن كتبوا تاريخها، وسطروا أمجادها، فوقفت مع الوفد الذين احتشدوا مع صلاح الدين ليتسلم مفاتيح بيت المقدس، ونظرت إلى الإشفاق في عيني نقفور وهو يقرأ رد هارون الرشيد، وهالني الحريق الذي شب في سفن طارق بن زياد وهو يتلو على الجيش خطبته المدوية، وكبّرت مع يوسف بن تاشفين وهو يطارد جحافل الفرنجة في الزلاقة، واستمعت إلى أصوات المآذن في قرطبة، وصليت مع أحمد الفاتح في آيا صوفيا، وسافرت مع سليمان القانوني إلى أبواب فيينا...
وفي مرحلة من المراحل، وحين بدأت أدرك ما يجري حولي، تغير المشهد كثيرا، فرأيت هذه الأمة الفتية القوية، شبحا شاحبا مكفهرا، تتقاذفه الهموم، وتتكالب عليه الأوبئة، وتغدو عليه المصائب وتروح عليه النكبات.
حزنت كثيرا لما رأيت، وعشت بهذا الحزن فترة من الزمن...
وفي نهاية المشهد، اكتشفت أن هذا الشبح تتراءى بين عينيه شرارة القوة، فتأملت جيدا، فرأيت ملامح ميلاد جديد، ورأيت القرآن الذي انتصر به أولها، قد أصبح يتلى آناء الليل وأطراف النهار، عندها ضحك الأمل، واشتعل الرجاء، ووقفت بين هذا الماضي أنظر في المستقبل وأتأمل في الحال، فرأيت...
رأيت هذه الرقعة المتسعة المترامية الطرفين، يكسوها لباس الإسلام، وتتوالى أصوات مؤذنيها بدءا بمشرق الشمس، إلى مغربها، ثم يعبر الأذان البحر ليصل إلى أطراف الأرض حتى يدور عليها من جهة المشرق مرة أخرى، فأدركت قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار"، وأدركت أن هذه الأمة التي أمسكت بالأرض من خاصرتها، وأحاطت بها إحاطة الإسورة بالمعصم، قادرة ومستطيعة أن تكون كما أراد لها الله {أُمَّةً وَسَطًا} قائدة لا مقودة، ومتبوعة لا تابعة، إلا أن هذا اللباس الذي يكسوها، وهذا الرابط الذي يربطها قد أصابه الوهن، وتتالت عليه الخطوب، فبلي وخلق ورق وتثقب، ورأيت أن عزتها في تجديد هذا الرابط، وترميم هذا البنيان.
ثم تأملت فرأيت أن هذا الرابط لا يضعف في حد ذاته، ولا يرق ولا يلين، فهو جديد كجدة الليل والنهار، واضح كوضوح القمر ليلة البدر، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} روح من أمر الله يبعث به موتى القلوب، كما يبعث بالروح موتى القبور، فعلمت أن الضعف في تمسكنا به، والرقة في استهدائنا بهديه، وأيقنت أن الحل لأمتنا في الرجوع إلى القرآن.
إن هذا الجسم الممتد المريض، الذي حوى كنوز الأرض ومعادنها، واختص بخيراتها ومياهها، لهو في أمس الحاجة إلى روح تحييه، وتبعث فيه القوة والفتوة، ومتى ما دبت فيه هذه الروح، ومتى ما هبت في جنباته نسمات القرآن الكريم، ومتى ما روي من منهله، وشرب من منبعه، واستضاء بنوره، فسينبعث من جديد، لتدور الأرض على رحى التوحيد، وتعمر البلاد بالخير، وتنعم البشرية بالإسلام والسلام.
بعد هذا عرفت دوري، ورأيت موقعي، وتسلمت مهمتي، ووقفت في الصف لأؤدي رسالتي، إنها مهمة كل مسلم، ودور كل فرد من أفراد هذه الأمة، إنها الرجوع إلى القرآن وبعثه في الأمة من جديد...
حامد الإدريسي
رساله الاسلام