شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
الدنيا دار غربة ، ومنزل رحلة ، وموطن بلاء وتغير وتقلب ، مصائب مضنية وأوصاب مبلية ، وكوارث مفجعة ، وحوادث موجعة ونكبات مروعة . الصبر أجمل 0من ذا الذي لم يجرع مرةً حزناّ كل باكٍ فسيبكى ، كل ناعٍ فسينعى ، كل مذخور سيفنى ، كل مذكورٍ سينسى ، ليس غير الله يبقى ، من علا فالله أعلى ، دنيا دنيئة .في فنائها عزاءٌ لكل محزون ، وليس للمؤمن إذا أصابته مصيبات الدنيا وفواجعها إلا أن يتجمل بالصبر ، ويتدثر بالرضا ؛ فالحرقة لا تداوى إلا باللجوء إلى الله ، وألم الفجيعة لا يزول إلا باحتسابها ، وما هي إلا مصارع لابد من ورودها ، ومقاديرُ محكومة ، وأعظم من المصيبة التسخُّط منها والمصاب من فقد الاحتساب وفقد الثواب -وعن أم سلمة – رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقول ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، وأخلف لي خيراً منها إلا أجره الله في مصيبته ، وأخلف له خيراً منها) 0وقال صلى الله عليه وسلم (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ) ، ومن ناله وجع أو لازمه ألم أو مرض ، أو نزلت به نازلة فلا يُذهبنَّ أجره بكثرة الشكوى ، وبث الجزع والأسى ؛ فليس في ذلك سلوى ولا عزاء ولا تخفيف ، وإنما السلوى والعزاء أن يوقن بأن الألم والمرض والمصائب حِطةٌ تحط الخطايا .والأولاد فِلذة الأكباد وثمرة الفؤاد ، وزينة بين العباد ، موتهم مصاب فادح ، وحرقة لا تداوى إلا بالصبر والاحتساب . فإلى كل أم وأبٍ فقدا عزيزهما وحبيبهما في حادث سيارة ، أو غرقٍ أو حرق أو سيل عارم بُشْراكم عفوُ الله ومغفرته ، ورحمته وجنته ، وجزيل ثوابه وعطائه ، فلا ملاذ من الموت ، ومعاينة أهواله وتجرع كأسه .. وكم فرق الموت بين خليلين وباعد بين قريبين .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الشهداء خمسة- المطعون والمبطون ، والغرِق وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل الله )
التوبة معروضة وأبوابها مفتوحة ؛ فأفيقوا من السكرة واستدركوا ما فات بتوبةٍ صادقةٍ وعملٍ صالح ، وخذوا العبرة من غيركم قبل أن تجتمع سكرة الموت مع حسرة الفوْت وحينئذٍ لا ينفع ندم ولا تقبل توبة .
وقصة ابتلاء أيوب عليه السلام من أروع القصص في الابتلاء، وأيوب عليه السلام لا يزيد على وصف حاله ( أني مسني الضر ) ووصف ربه بصفته ( وأنت أرحم الراحمين ) ثم لا يدعوا بتغيير حاله ، صبراً على بلائه ، ولا يقترح شيئاً على ربه تأدباً معه ، وتوقيراً ، فهو نموذج للعبد الصابر الذي لا يضيق صدره بالبلاء ، ولا يتململ من الضر ، بل إنه ليتحرج أن يطلب إلى ربه رفع البلاء عنه ، فيدع الأمر كله إليه اطمئناناً إلى علمه بالحال ، وغناه عن السؤال وفي اللحظة التي توجه فيها أيوب عليه السلام إلى ربه بهذه الثقة ، وبذلك الأدب كانت الاستجابة ، وكانت الرحمة ، وكانت نهاية الابتلاء . قال تعالى ( فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم ) رفع عنه الضر في بدنه فإذا هو معافى صحيح ، ورفع عنه الضر في أهله فعوضه عمن فقد منهم ( رحمة من عندنا ) فكل نعمة فهي من عند الله ومنة (وذكرى للعابدين ) تذكرهم بالله وبلائـه ورحمته في البلاء وبعـد البلاء ، وإن في بلاء أيوب عليه السلام لمثلاً للبشرية كلها
اللهم وفقنا للصبر والرضا واصرف عنا اليأس والسخط وارزقنا العافية في الدين والدنيا والآخرة
اللهم اشف مرضانا وعاف مبتلانا وارحم موتانا بمّنك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين