بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
س: قرأت في كتاب (الزواجر عن اقتراف الكبائر) لابن حجر الهيتمي في حكم المكوس، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها وأن أصحابها أشد الناس عذابا يوم القيامة، فلدينا في مصر يعتمد الاقتصاد القومي على تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات، وهذه الرسوم بالتالي يقوم التجار بإضافتها إلى ثمن البضاعة المباعة بالتجزئة للجمهور، وبهذه الأموال المحصلة تقوم الدولة بمشروعاتها المختلفة لبناء مرافق الدولة، فأرجو من فضيلتكم توضيح حكم هذه الرسوم وحكم الجمارك والعمل بها، وهل يعتبر نفس حكم المكوس أم لا يعتبر نفس الحكم؟ أرجو توضيح هذا الأمر؟ لأنني أعمل بمصلحة الجمارك، فهل هذا العمل حرام أم حلال؟ وبالتالي يتسنى لي التصرف حتى لا يصيبنا عذاب الله عز وجل، علما بأنني أعمل في مجال الحسابات والاستحقاقات مرتبات العاملين.
ج: تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات من المكوس، والمكوس حرام، والعمل بها حرام، ولو كانت مما يصرفها ولاة الأمور في المشروعات المختلفة، كبناء مرافق الدولة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذ المكوس، وتشديده فيه، فقد ثبت في حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في رجم الغامدية التي ولدت من الزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ) الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وروى أحمد وأبو داود والحاكم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يدخل الجنة صاحب مكس ) وصححه الحاكم،
وقد قال الذهبي في كتابه (الكبائر): والمكاس داخل في عموم قوله تعالى: ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) والمكاس من أكبر أعوان الظلمة، بل هو من الظلمة أنفسهم، فإنه يأخذ ما لا يستحق، ويعطيه لمن لا يستحق، واستدل على ذلك بحديث بريدة وحديث عقبة المتقدمين، ثم قال: والمكاس فيه شبه من قاطع الطريق، وهو من اللصوص، وجابي المكس وكاتبه وشاهده وآخذه من جندي وشيخ وصاحب راية- شركاء في الوزر، آكلون للسحت والحرام. انتهى.
ولأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى:( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته بمنى يوم العيد في حجة الوداع: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) فعلى المسلم أن يتقي الله ويدع طرق الكسب الحرام، ويسلك طرق الكسب الحلال، وهي كثيرة ولله الحمد، ومن يستغن يغنه الله، قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) وقال ( يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا )وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس / عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس / عبد الرزاق عفيفي
عضو / عبد الله بن غديان
المصدر
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
س: قرأت في كتاب (الزواجر عن اقتراف الكبائر) لابن حجر الهيتمي في حكم المكوس، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها وأن أصحابها أشد الناس عذابا يوم القيامة، فلدينا في مصر يعتمد الاقتصاد القومي على تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات، وهذه الرسوم بالتالي يقوم التجار بإضافتها إلى ثمن البضاعة المباعة بالتجزئة للجمهور، وبهذه الأموال المحصلة تقوم الدولة بمشروعاتها المختلفة لبناء مرافق الدولة، فأرجو من فضيلتكم توضيح حكم هذه الرسوم وحكم الجمارك والعمل بها، وهل يعتبر نفس حكم المكوس أم لا يعتبر نفس الحكم؟ أرجو توضيح هذا الأمر؟ لأنني أعمل بمصلحة الجمارك، فهل هذا العمل حرام أم حلال؟ وبالتالي يتسنى لي التصرف حتى لا يصيبنا عذاب الله عز وجل، علما بأنني أعمل في مجال الحسابات والاستحقاقات مرتبات العاملين.
ج: تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات من المكوس، والمكوس حرام، والعمل بها حرام، ولو كانت مما يصرفها ولاة الأمور في المشروعات المختلفة، كبناء مرافق الدولة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذ المكوس، وتشديده فيه، فقد ثبت في حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في رجم الغامدية التي ولدت من الزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ) الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وروى أحمد وأبو داود والحاكم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يدخل الجنة صاحب مكس ) وصححه الحاكم،
وقد قال الذهبي في كتابه (الكبائر): والمكاس داخل في عموم قوله تعالى: ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) والمكاس من أكبر أعوان الظلمة، بل هو من الظلمة أنفسهم، فإنه يأخذ ما لا يستحق، ويعطيه لمن لا يستحق، واستدل على ذلك بحديث بريدة وحديث عقبة المتقدمين، ثم قال: والمكاس فيه شبه من قاطع الطريق، وهو من اللصوص، وجابي المكس وكاتبه وشاهده وآخذه من جندي وشيخ وصاحب راية- شركاء في الوزر، آكلون للسحت والحرام. انتهى.
ولأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى:( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته بمنى يوم العيد في حجة الوداع: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) فعلى المسلم أن يتقي الله ويدع طرق الكسب الحرام، ويسلك طرق الكسب الحلال، وهي كثيرة ولله الحمد، ومن يستغن يغنه الله، قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) وقال ( يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا )وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس / عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس / عبد الرزاق عفيفي
عضو / عبد الله بن غديان
المصدر