شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم( إن مثل المؤمن كمثل النحلة)إن صاحبته نفعك،وإن شاورته نفعك،وإن جالسته نفعك،
وكل شأنه منافع,لماذا شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن الحق بالنحلة , خاصة أنه قال في حديث آخر,المؤمن كالنحلة,
إن أكلت أكلت طيباّ,وإن وضعت وضعت طيباّ,وإن وقعت على عود لم تكسره,يظهر فيها كيف يتعامل هذا المخلوق مع أوامر الخالق فمنذ أن أوحى الله سبحانه وتعالى إلي النحل( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاّ ومن الشجر ومما يعرشون, ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاّ)
منذ ذلك الوقت يستحيل أن تجد للنحل بيوتّا في غير هذه الأمكنة ,الجبال ,والشجر, والبيوت,على نفس ترتيب الآية,أمر من الله,أعقبه تنفيذ من النحل.بلا تسويف ولا تحايل ولا تباطؤ,أنها صورة تعكس أرقى درجات السمع والطاعة للخالق من مخلوقه,ومن كمال السمع والطاعة عند النحل , تجد أيضاّ أن أكثر بيوت النحل في الجبال وهي المتقدمة في الآية ثم الشجر ثم فيما يعرش الناس ويبنون بيوتهم, وكذلك تجد أن أرقى وأجود أنواع العسل هي عسل نحل الجبال ثم عسل نحل الشجر ثم عسل نحل البيوت,وهنا لا يجب أن يفوتنا أن نضع هذه الصورة جنباّ إلى جنب مع صورة تعاملنا نحن بني البشر مع أوامر ربنا عز وجل,ومن طبائع النحل المعروفة والتي تدل على حسن امتثاله لأوامر ربه, أنه دائماّ ما يتخذ البيوت قبل المراعى, فهي إذا ما أصابت موضعاّ مناسباّ بنت فيه بيوتها أولاّ,ثم بعد ذلك تخرج من البيوت ترعى وتأكل من كل الثمرات ثم تأوي إلى بيوتها,فالمؤمن الحق, كالنحل ,يجب ألا يفكر إلا في تنفيذه الأوامر الربانية,أن النحل يقضي حياته في حركة ونشاط وانتقال من طيب إلى أطيب, ومن أثر نافع إلى أنفع,
وكأن الرسول لما شبه المؤمن الحق بالنحلة أراده أن يتمثل هذا الخلق, وأن يتحلى بثقافة النحل في السمو,وعلو الهمة, والتعامل مع الأمور بجدية, وقوة من يبتغي وجه الله,
ويظهر فيها كيف أن النحل يجيد توظيف الطاقات ,فمن النحل من يعمل العسل, وبعضها يعمل الشمع, وبعضها يسقي الماء, وبعضها يبني البيوت, وبعضها يقوم بأعمال النظافة ،وبعضها يقوم بأعمال التكييف والتبريد والتهوية , وبعضها يقوم بالتلقيح , وبعضها يقوم الاستكشاف والاستطلاع ,الكل يعمل وينتج, كلّ حسب سنه ووظيفته وقدراته وميوله واستعداداته,
فلقد علمنا النحل من خلال هذه اللقطة أنه من لا يجيد توظيف الطاقات يغرق في العثرات, ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينوه, لي ولك, أن يتحلى كل منا به بهذا الخلق,
ويظهر فيها أحد طبائع النحل العجيبة , فالنحل يرفض رفضاّ باتاّ أن يوجد في مملكته عاطل عن العمل, فمن طبائع النحل أنها لا تترك عندها بطالاّ إلا نفته وأبعدته عن الخلية ,لأنه
يضيق المكان, ويفني العسل,ويعلم النشيط الكسل,
وهذه مهارة إدارية راقية ما أحوجنا أن نتمثلها واقعاّ في حياتنا الإدارية,تظهر كيف أن النحل يفضل العمل في صمت وهدوء وبعيداّ عن أعين الناس,وقول ابن القيم رحمه الله تعالى)الإخلاص ألا تطلب على عملك شاهداً غير الله ، ولا مجازياً سواه)أن عليكم بالإخلاص في كل أعمالكم وأقوالكم, فالإخلاص وهو قارب النجاة من الغرق في بحر النفاق والشرك والرياء وحب الظهور وبوار الأعمال نعوذ بالله من ذلك ,
فمن خصائص ملك النحل أنه ليس له حمية يلدغ بها أحد في مملكته,أنه يتصف بالعدل والإنصاف بين أعضاء مملكته,
ملك النحل لا يسمح لمتطفل ولا لعدو أن ينتهك حرمة بيته,
ملكة النحل ترعى صغارها وتهتم بهم اهتماما لا حدود له,النحل لا يأكل إلا طيبا,والنحل لا يأكل من كسب غيره,والنحل لا يأكل إلا قدر شبعه,إذا قل غذاء النحل ( العسل ) قذفه بالماء ليكثر خوفاّ على نفسه من نفاذه,النحل يوفر الجهد والوقت على بعضه البعض .فإذا ما وقعت نحلة على زهرة وامتصت رحيقها فإنها تترك علامة أن هذه الزهرة مُص رحيقها من قبل حتى توفر الجهد والعناء على بني جنسها,ولما قال صلى الله عليه وسلم ( كل الذباب في النار إلا النحل )فكما استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم النحل من بين الذباب من دخول النار, فلعل الله يستثنى المسلم العامل بهذه الأخلاق السامية وهذه الطبائع ,من بين بقية البشر ويحرم جسده على النار لينعم بصحبة النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا