شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما ذئبان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)
فهذا مثل عظيم جداّ ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيان فساد دين المرء مع حرصه على المال والشرف أي الرفعة في الدنيا، وأن فساد الدين بذلك ليس بأقل من فساد الغنم التي غاب عنها رعاؤها وأرسل فيها ذئبان جائعان، وأنه لا ينجو من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين,فأما الحرص على المال فهو نوعين, أحدهما, شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجوهه مع الجهد والمشقة ، والحرص على المال إلا تضييع العمرالذي يمكن أن يشتري به صاحبه الدرجات العلى والنعيم المقيم ، في طلب رزق مضمون مقسوم لا يأتي منه إلا ما قدر وقسم ، ثم لا ينتفع به بل يتركه لغيره,والحرص حرصان حرص فاجع وحرص نافع، فأما النافع فحرص المرء على طاعة الله، وأما الحرص الفاجع فحرص المرء على الدنيا، وهو مشغول معذب لا يسر ولا يلذ بجمعه لشغله، فلا يفرغ من محبة الدنيا لآخرته, يا جامع المال أياماّ تفرقه ,المال عندك مـخزون لوارثه ما المال مالك إلا يوم تنفقه,فقد أصبحت حريصّا على الدنيا تخدمها، وهي تخرجك عن نفسها بالأعراض والأمراض والآفات والعلل،أما الحرص على الشرف فهو أشد إهلاكاّ من الحرص على المال، فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر على العبد من طلب المال،قال تعالى(تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين)وعلو المنزلة على الخلق، والتعاظم عليهم،وافتقارهم إليه وذلهم في طلب حوائجهم منه، فهذه مزاحمة لربوبية الله وإلهيته،وهذا لا يصلح إلا لله وحده لا شريك له,فهذه الأمور أصعب وأخطر من الظلم،والشرك أعظم الظلم عند الله ,وكان ذلك الفعل إلى الذم أقرب منه إلى المدح،كان أئمة الهدى ينهون عن حمدهم على أفعالهم، وما يصدر منهم من الإحسان إلى الخلق، ويأمرون بإضافة الحمد على ذلك لله وحده لا شريك له، فإن النعم كلها منه, إنما فضل العلم لأنه يتقى به الله،أن في الدنيا جنة معجلة، وهي معرفة الله ومحبته والأنس به والشوق إليه وخشيته وطاعته، والعلم النافع يدل على ذلك، فمن دله علمه على دخول هذه الجنة المعجلة في الدنيا دخل الجنة في الآخرة، ومن لم يشم رائحة جنة الدنيا,لم يشم رائحة الجنة في الآخرة,ولهذا كان أشد الناس حسرة يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه،وابتغوا بقولكم وفعلكم ما عند الله فإنه يبقى ويفنى ما سواه,وإذا سئل عن الشيء من الحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان,وقال بعض العلماء لبعض المفتين, إذا سألت عن مسألة فلا يكن همّك تخليص السائل، ولكن تخليص نفسك أولاّ,حتى لا يقدم رأيه وهواه على كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ,كان السلف رضي الله عنهم يكرهون الشهرة أشد الكراهة،وكانوا يذمون أنفسهم غاية الذم، ويسترون أعمالهم غاية الستر,كان محمد بن واسع يقول, لو أن للذنوب رائحة، ما استطاع أحمد أن يجالسني,واعلم أن النفس تحب الرفعة والعلو على أبناء جنسها، ولكن العاقل ينافس في العلو الدائم الباقي الذي فيه رضوان الله وقربه وجواره، ويرغب عن العلو الفاني الزائل الذي يعقبه غضب الله وسخطه، قال الله تعالى(فأما من طغى ,وآثر الحياة الدنيا ,فإن الجحيم هي المأوى ,وأما من خاف مقام ربه ,ونهى النفس عن الهوى ,فإن الجنة هي المأوى) ولكن من فضل الله ورحمته، ما يعوض الله عباده العارفين به الزاهدين فيما يفنى من المال ,مما يجعله لهم في الدنيا من شرف التقوى، وهيبة الخلق لهم في الظاهر ومن حلاوة المعرفة والإيمان والطاعة في الباطن، وهي الحياة الطيبة التي وعدها الله لمن عمل صالحاّ من ذكر أو أنثى وهو مؤمن،ومن رزقه الله ذلك إشتغل به عن طلب الشرف الزائل والفاني قال الله تعالى (من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً )والله عز وجل هو العزيز ومن أراد العزة فليطع العزيز,ألا إنما التقوى هي العز والكرم وحـبك للدنيا هو الـذل والسـقم, وإذا أقبل العبد بقلبه على الله ، أقبل الله عليه بقلوب المؤمنين,
اللهم أعزنا بالإسلام وأعز الإسلام بنا، اللهم إنا نسألك الجنة ما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.