صفاتها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها صحابية جليلة، اتسمت بعدد من المزايا؛ منها أنها
كانت شديدة الإيمان بالله تعالى وشديدة الاعتزاز بالإسلام، طاهرة القلب،
راجحة العقل، نقية الفطــرة، من السابقات إلى الإسلام، أسلمت قديماً مع
زوجها قبل إسلام أخيهـا عمـر( رضي الله عنه)، وكانت سبباً في إسلامه.
كما أنها بايعت الرسول- صلى الله عليه وسلم- فكانت من المبايعات الأوائل.
دورها في قصة إسلام أخيها عمر ( رضي الله عنهما ):عرف عمر بن
الخطاب (رضي الله عنه) بعداوته تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل
إسلامه، فقد خرج عمر (رضي الله عنه) في يوم من الأيام قبل إسلامه
متوشحاً سيفه عازماً على قتل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)، فلقيه
نعيم بن عبد الله، ورأى ما هو عليه من حال " فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال:
أريد أن أقتل محمداً. قال: كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت
محمدا ً؟ فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت، وتركت دينك الذي كنت عليه.
قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر! إن أختك وختنك قد أسلما، وتركا دينك
الذي أنت عليه.” فلما سمع عمر ذلك غضب أشد الغضب، واتجه مسرعاً
إلى بيت أخته رضي الله عنها، فعندما دنا من بيتها سمع همهمة، فقد كان
خباب يقرأ عليها وعلى زوجها سعيد (رضي الله عنهما) سورة "طـــه"،فلما
سمعوا صوت عمر (رضي الله عنه) ، أخفت (رضي الله عنها) الصحيفة،
وتوارى خباب في البيت، فدخل وسألها عن تلك الهمهمة،فأخبرته أنه حديث
دار بينهم. " فقال عمر- رضي الله عنه: فلعلكما قد صبوتما، وتابعتما محمداً
على دينه! فقال له صهره سعيد: يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير
دينك"،عندها لم يتمالك عمر نفسه، فوثب على سعيد فوطئه، ثم أتت رضي
الله عنها مسرعة محاولة الذود عن زوجها،ولكن عمر (رضي الله عنه)
ضربها بيده ضربة أسالت الدم من وجهها ، بعدها" قالت (رضي الله عنه):
يا عمر إن الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً
رسول الله". فعندما رأى عمر ما قد فعله بأخته ندم وأسف على ذلك، وطلب
منها أن تعطيه تلك الصحيفة، فقالت له (رضي الله عنها) وقد طمعت في أن
يسلم:" إنك رجل نجس ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام منفعل ثم
أخذ الكتاب فقرأ فيه: ( بسم الله الرحمن الرحيم. طه. ما أنزلنا عليك القرآن
لتشقى. إلا تذكرة لمن يخشى. تنزيل ممن خلق الأرض والسموات العلى.
الرحمن على العرش استوى...) فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه! ...،
دلوني على محمد". فلما سمع خباب خرج من مخبئه مسرعا إلى عمر
وبشره وتمنى أن تكون فيه دعوة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حيث
قال: " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هاشم" 8 .
لقد كان ذلك الموقف أحد أروع المواقف الإسلامية في تاريخ الحياة الإسلامية،
وفيه يعود الفضل لها (رضي الله عنها) وثباتها على دينها، ودعوتها الصادقة لأخيها،
الذي كانت البلاد بأجمعها تخاف من بطشه في جاهليته، ولكنها لم تخشاه قط،
بل أصرت على موقفها، وكانت سبباً في إسلامه (رضي الله عنه)، وبذلك
تحققت فيه دعوة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم).
مما كتب فيها من الشعر:imuae19: :
كتب عمر بن الخطاب في أخته أبياتاً من الشعر، يصف فيها صبرها
واحتسابها إلى ربها، حينما عارض عمر اعتناقها للإسلام، وذلك قبل دخوله
(رضي الله عنه للإسلام):
الحمـــد لله ذي المـــــن الــذي وجبــــت ** لــه علينـــــا أيـــــاد مــا لــهـــا غـيــــر
وقــــد بدأنـــــا فكـــذبنــــا فقـــال لنـــا ** صـــدق الحـديــث نبـــي عنـــده الخـبـــر
وقــد ظلمــت ابنــة الخطـــاب ثم هـــدى ** ربي عشيــة قالــــوا: قــد صبـــا عمـــــــر
وقــد نـدمـــت على مــا كــــان مـن زلـل ** بظلمــهـا حـــين تتـــلى عندهــا الســـــور
لـمـا دعــــت ربـها ذا العــرش جــــاهدة ** والـدمـــع مـن عينـــها عجــــلان يبتــــدر
أيقنـــت أن الــذي تدعــــــوه خالقـــــها ** فكـــــاد تسبـــــــقني مــن عبـــــــــرة درر
فقــلـت: أشهـــــــد أن الله خــالقــــنـــا ** وأن أحمــــــد فينــــــا اليــــــوم مشتـــهر
نبـي صـــــدق أتـى بالحــق من ثقـــــــــة ** وافــــي الأمـانـــة مــــا في عـــوده خــــور
الخاتمة