CR7
¬°•| βu βşɱą |•°¬
أنت مسحور..وأنت فيك عين حارة - الشيخ سالم بن سعد الطويل
الحمد لله الشافي الذي أرسل رسوله بالدواء الكافي، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الأمراض النفسية قد كثرت، ولكثرتها العيادات قد انتشرت واستغل حاجة المحتاجين بعض ضعاف النفوس فلبسوا ثوب المشايخ وفتحوا مقرات للرقية الشرعية هنا وهناك وعمت بهم البلوى وعظمت فيهم الفتنة، فكلما زارهم مريض أو مريضة شخصوه سريعاً ثم أخبروه بالجواب التقليدي من الإجابات النموذجية الجاهزة، فتارة يقولون أنت مسحور أو فيك عين حارة أو قديمة أو نفس أو حسد أو عفريت أو أنك ملبوس وهلم جرا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(وَإًذَا مَرًضْتُ فَهُوَ يَشْفًينً)
أخي المسلم وفقك الله إلى كل خير اعلم أن الشافي هو الله تعالى وحده كما قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام (الَّذًي خَلَقَنًي فَهُوَ يَهْدًينً وَالَّذًي هُوَ يُطْعًمُنًي وَيَسْقًينً وَإًذَا مَرًضْتُ فَهُوَ يَشْفًينً) [الشعراء: 80ـ78].
وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم رب الناس اذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما).
لقد جهل هذه العقيدة كثير من الناس فتحلقوا بالأسباب ونسوا الله رب الأرباب، فتراهم يتنقلون من شخص إلى آخر ولأدنى الأسباب، فإذا تأخر زواج فلان أو فلانة أو ما حملت فلانة أو كثر سقط حملها أو أو أو ذهبوا إلى كل شيخ أو ربما إلى ساحر أو كاهن ولو كلفهم سفراً بعيداً ونفقة كبيرة، بل ولو كشفوا عوراتهم وخسروا دينهم فلا يكادون يتورعون عن أي محظور من تمائم ورقى شركية ونحوها فالغاية عندهم الحصول على الشفاء أو الزواج أو الولد، تالله إن هذا لضلال مبين.
النساء الأكثر مراجعة لمقرات الرقية الشرعية
أخي القارئ الكريم عصمني الله وإياك من الفتن ما ظهر منها وما بطن احذر كل الحذر واحفظ نفسك وأهلك من الذهاب إلى مقرات الرقية الشرعية أو التعامل معهم عموما فهؤلاء قلما تجد فيهم من يبتغي وجه الله تعالى في نفع الناس وعلاجهم فأكثرهم يستغل ضعف النساء وشدة حاجتهن فيتكسب من ورائهن بل وفيهم من يتحسس على النساء ويكشف عوراتهن بل وصل ببعضهم أن صور النساء وهن في حالة صرع، ونشر لهن صوراً حية وحقيقية على شاشة التلفاز وعرض ذلك بقناة فضائية بقصد الإثارة و(الصراحة) ولكي ينجح برنامجه ولو على حساب كشف عورات المسلمين.
قليلا من التقوى تمنع هؤلاء من تصوير المرضى والنساء خاصة، وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فأقول لو كانت تلك المرأة المريضة إحدى قريبات ذلك (الشيخ) زوجته مثلا أو أمه أو أخته هل يرضى أن تعرض صورتها في التلفاز عبر القنوات الفضائية ليراها فلا يحصى من المشاهدين؟
الجواب عند ذلك (الشيخ)، فإن قال قائل لكنه عرضها مستورة، فأقول لا يخفى أن أقرباءها وجيرانها وصديقاتها يعرفونها ولو بسترها، والمقصود هل يجوز شرعاً تصوير هؤلاء المرضى بهذه الطريقة؟ والله المستعان على ما يفعلون.
سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب.. لا يسترقون
أخي القارئ الكريم وفقك الله تعالى إلى الأكمل والأفضل لا تذهب للمشايخ والقراء وادع الله تعالى وحده واسأله الشفاء ورفع البلاء، فالله تعالى يقول (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونًي أَسْتَجًبْ لَكُمْ) [غافرـ60]، فأمر بالدعاء ووعد بالاستجابة وهو القائل جل وعلا (وَإًذَا سَأَلَكَ عًبَادًي عَنًّي فَإًنًّي قَرًيب أُجًيبُ دَعْوَةَ الدَّاعً إًذَا دَعَانً فَلْيَسْتَجًيبُواْ لًي وَلْيُؤْمًنُواْ بًي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرةـ186]،وقال تعالى (أَمَّن يُجًيبُ الْمُضْطَرَّ إًذَا دَعَاهُ وَيَكْشًفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضً أَإًلَه مَّعَ اللَّهً قَلًيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) [النملـ62].
لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أنه قالإن سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب)، فلما سُئل عليه الصلاة والسلام عن هؤلاء السبعين ألفا قال: (هؤلاء الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون).
والشاهد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (لا يسترقون) أي لا يطلبون الرقية من غيرهم لأن السين والتاء للطلب أي يطلبون من أحد أن يرقيهم وذلك لتوكلهم على الله تعالى وثقتهم به جل وعلا فلا يحتاجون إلى مخلوق مثلهم يطأطئون إليه رؤوسهم ويتذللون له ليقرأ عليه وينفث أو يتفل كلا بل آمنوا بقول الله تعالى (وَآتَاكُم مًّن كُلًّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) [إبراهيمـ34]، فأخذوا على أنفسهم عهداً ألا يسترقوا من أحد ولا يسألوا إلا الله تعالى الشافي، قال تعالى (وَإًذَا مَرًضْتُ فَهُوَ يَشْفًينً) [الشعراءـ 80].
الوقاية خير من العلاج
أخي المسلم حفظني تعالى وإياك بحفظه اعلم أن المعاصي والذنوب هي أكبر أسباب الأمراض والبلاء المستطير، نعم هذه الحقيقة!! كثير من الناس لا يعرف القرآن ولا يقرأه ولا يستمع إليه إلا إذا أصيب ببلاء بل تجده يستمع إلى المعازف المحرمة ويسهر على ما يضره في دينه ويعلق الصور ذوات الأرواح في بيته ويتعاطى ما حرم الله من المخدرات والمسكرات والدخان الخبيث الحرام فأنّى له أن يسلم من الجن والعفاريت والشياطين وقد بات لا يذكر الله تعالى ولا يسجد له سجدة.
ثم إذا أصيب أخذ يبحث عن القراء والمشايخ ولسان حاله يقول دلوني على ما ينقذني مما أنا فيه!!
فالأولى من العلاج أن تحفظ نفسك وتتحصن وكما قيل (الوقاية خير من العلاج).
كيف تحصن نفسك من العين والحسد والسحر؟
أخي الكريم الأمر يسير جداً على من يسر الله له ذلك، فبعد الوقاية من المعاصي والفجور والفواحش والمنكرات حافظ على الصلاة وأكثر من ذكر الله تعالى.
وقراءة القرآن وخصوصا المعوذتين، فاقرأ بعد كل صلاة وقبل النوم (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) واقرأ أيضا (آية الكرسي) بعد كل صلاة وقبل النوم.
ولا تنسى قبل النوم أن تقرأ آخر آيتين من سورة البقرة (آمَنَ الرَّسُولُ بًمَا أُنزًلَ إًلَيْهً مًن رَّبًّهً) إلى آخرها وقل سبحان الله 33 والحمد لله 33 والله أكبر 34 قبل أن تنام.
والآن والحمد لله كتب الأذكار كثيرة ومتوافرة يمكن كل مسلم أن يتناولها وبعد ذلك بإذن الله لن تحتاج إلى استرقاء ولا مشايخ فتوفر على نفسك وقتاً ومالاً وتستر عورتك وعورة أهلك.
العافية تأتي بالتدريج
أخي المسلم عافاني الله وإياك من كل بلاء لا بد أن تعلم أن لله تعالى سنناً في خلقه ومنها البلاء الذي لا بد منه فنحن في دار البلاء وامتحان.
قال تعالى (الَّذًي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لًيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزًيزُ الْغَفُورُ ) [الملكـ2] والآيات كثيرة معلومة، لكن الذي يجهله كثير من الناس أن العافية تأتي تدريجياً فلا بد من الصبر على البلاء واحتساب الأجر والثواب فالإنسان قد تكسر رجله أو يده بلحظة ولكن لا يجبر كسره إلا بأسابيع أو شهور وهكذا إذا أصيب بمرض أو حسد أو وسواس ونحو فالواجب عليه أن يصبر ويستمر على المعوذات والأذكار.
وليعلم أن في ذلك خيراً كثيراً فربما ما كان ليذكر الله ولا ليلجأ إليه ولا يدعوه إلا بهذا البلاء، وكما قيل (إن الله يبتلي العبد ليعلمه كيف يلجأ إليه).
يؤسفني كثيراً أن بعض الناس لا يعرف سورة البقرة إلا في الأزمات وهذا خطأ وتقصير واعلم أنه لا يكفي تشغيلها وسماعها من شريط مسجل، اقرأها يا أخي واقرئيها يا أختي فإن الشيطان لا يدخل بيتاً تقرأ فيه سورة البقرة، ليس بالضرورة أن تقرأ السورة كاملة كل يوم أو لمدة أربعين يوما فهذا مما لا أصل له ولا دليل عليه وإنما يقول به بعض المتكسبين بلا دليل ولا برهان.
وإنما المشروع قراءة ما تيسر من القرآن والاكثار من ذكر الله تعالى.
كاد المريب أن يقول خذوني!!
أخي القارئ العزيز اعلم أغناني الله وإياك والمسلمين عن الاسترقاء وأهله أن كثيراً من أصحاب مراكز الرقية الشرعية يتضايقون من كلامي وأمثالي لأنه يمسهم مباشرة فأقول لا شك أن هناك بعض المحسنين ممن يريدون وجه الله تعالى وينفعون الناس لكن للأسف هؤلاء قليل جداً.
فالغالب في هؤلاء أصحاب المراكز ونحوهم لا همّ إلا (أيهم يكسب أكثر؟!) إلا من رحم الله وقليل ما هم!!
فمن كان غير معنى ولا ينطبق عليه ما ذكرت عنهم فلماذا يتحسس من الكلام؟ ومن كان فيه شيء من ذلك فلسان حاله يقول لعل أن المقصود وكما قيل (كاد المريب أن يقول خذوني) وأما من كان واقعاً بظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل وكشف عوراتهم فليتق الله وليتوب إليه.
بداية صحيحة ونهاية تعيسة
نعم قد يبدأ البعض بعلاج الناس والقراءة عليهم ويحرص على أن تكون قراءته ورقيته شرعية بالقرآن والأذكار المشروعة المسموعة المفهومة بعيداً عن الرقية الشركية والتمتمات غير المسموعة أو الألفاظ غير المفهومة أو الرقية بغير اللغة العربية، لكن لا يلبث إلا قليلاً على هذا إلا به قد انقلب حاله إلى حال آخر!!
فتراه تغير كثيراً وطمع بالمال وانفتن بالنساء وتعامل مع الجن وغير ذلك وهذا حال كثير منها وماذا تتوقع أخي القارئ نهاية إنسان ضعيف يعيش ليله ونهاره مع السحر والمسحورين والجن والشياطين والنساء والعورات هل سيسلم؟ لا إله إلا الله لا شك لن يسلم إلا أن يشاء الله فلذلك يجب أن يحذر كل مسلم ويخاف على نفسه من الدخول في هذا الميدان ميدان الفتن والنساء وأكل الأموال بالباطل.
الأجرة على الشفاء لا على القراءة
لا شك أخي القارئ الكريم لن يبقى هذا الفريق والطابور الطويل صامتين بلا رد ولا دفاع فتارة يقولون نحن ننفع الناس وتارة يقولون عالجنا حالات كثيرة وتارة يقولون إنما نحن على ثغرة حتى لا يذهب الناس إلى السحرة، وغير ذلك من الكلام الكثير فأقول وبالله عليهم أستعين لو كنتم كما تقولون تريدون وجه الله بالقراءة لماذا أخذتم أموال الناس واستغللتم ضعفهم وحالتهم إن كنتم صادقين؟!
فسيقولون لقد أخذ من هو خير منّا (أبو سعيد الخدري) رضي الله عنه ومن معه من الصحابة عندما قرأ أحدهم سورة الفاتحة على رجل من المشركين وقد شارطوهم على قطيع من الغنم وقسموا للنبي صلى الله عليه وسلم منه قسماً.
فأقول: هذا حق لو فعلتم كما فعل أولئك والفروق بينكم وبينهم كثيرة، أهمها:
أن الصحابة أخذوا على شرط الشفاء فلو قرأوا ولم يستفد ذلك الرجل بقراءتهم ما أعطوهم قطيع الغنم بينما أنتم تأخذون حتى قبل القراءة فبعضكم يشترط رسوما قبل الدخول عليه وبعضكم يقرأ على (ماء) أو (زيت) فيبيعه بأضعاف مضاعفة من ثمنه وبعضكم صار من تجار العسل حتى حدثني أحد الأخوة الكرام أنه دخل على أحدهم فوجد عند علبتين من العسل الأولى بــ (500) ريال سعودي، والثانية بــ (1000) ريال قال فسألته ما الفرق بين هذا العسل وذاك؟ فقال: العسل نوع واحد إلا أن العسل الذي قيمته (1000) ريال عليه قراءة (مركزة).
فانظر أخي القارئ واستمع العجب يريد قبض ثمن العسل قبل شراء المريض له وكلما قرأ عليه أكثر كلما ارتفع سعره.
إذا كان أهل الديانة والقرآن يفعلون ذلك فما حال غيرهم؟!.
لا يجوز فتح عيادات متخصصة للقراءة
أخي القارئ، حفظك الله من كل فتنة، إليك فتوى لفضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان ـ حفظه الله وبارك فيه ـ:
السؤال: ما رأيكم بفتح عيادات متخصصة للقراءة؟
الجواب: هذا لا يجوز أن يُفْعَل لأنه يفتح باب فتنة، ويفتح باب احتيال للمحتالين، وما كان هذا من عمل السلف أنهم يفتحون داراً أو يفتحون محلاً للقراءة، والتوسع في هذا يحدث شراً، ويدخل فيه فساد، ويدخل فيه من لا يحسن، لأن الناس يجرون وراء الطمع، ويريدون أن يجلبوا الناس إليهم ولو بعمل أشياء محرمة، ولا يُقال: هذا رجل صالح، لأن الإنسان يفتح والعياذ بالله، ولو كان صالحاً ففتح هذا الباب لا يجوز. [المنتقى من فتاوى الفوزانـ [ج2ص148].
حقاً الأمر خطير جداً واعلم جيداً أن كلامي هذا سيغضبهم ولكن رحمة الله أرجو وعذابه احذر فأحببت أن أذكر نفسي وأخواني المسلمين وبالله يا أيها القارئ الكريم إن وجدت في كلامي حقاً يستحق أن تنقله للآخرين فلا تتخاذل واجتهد بنقله لعل الله تعالى أن ينفعني وإياك به.
والحمد لله أولا وآخر وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سالم بن سعد الطويل
الحمد لله الشافي الذي أرسل رسوله بالدواء الكافي، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الأمراض النفسية قد كثرت، ولكثرتها العيادات قد انتشرت واستغل حاجة المحتاجين بعض ضعاف النفوس فلبسوا ثوب المشايخ وفتحوا مقرات للرقية الشرعية هنا وهناك وعمت بهم البلوى وعظمت فيهم الفتنة، فكلما زارهم مريض أو مريضة شخصوه سريعاً ثم أخبروه بالجواب التقليدي من الإجابات النموذجية الجاهزة، فتارة يقولون أنت مسحور أو فيك عين حارة أو قديمة أو نفس أو حسد أو عفريت أو أنك ملبوس وهلم جرا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(وَإًذَا مَرًضْتُ فَهُوَ يَشْفًينً)
أخي المسلم وفقك الله إلى كل خير اعلم أن الشافي هو الله تعالى وحده كما قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام (الَّذًي خَلَقَنًي فَهُوَ يَهْدًينً وَالَّذًي هُوَ يُطْعًمُنًي وَيَسْقًينً وَإًذَا مَرًضْتُ فَهُوَ يَشْفًينً) [الشعراء: 80ـ78].
وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم رب الناس اذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما).
لقد جهل هذه العقيدة كثير من الناس فتحلقوا بالأسباب ونسوا الله رب الأرباب، فتراهم يتنقلون من شخص إلى آخر ولأدنى الأسباب، فإذا تأخر زواج فلان أو فلانة أو ما حملت فلانة أو كثر سقط حملها أو أو أو ذهبوا إلى كل شيخ أو ربما إلى ساحر أو كاهن ولو كلفهم سفراً بعيداً ونفقة كبيرة، بل ولو كشفوا عوراتهم وخسروا دينهم فلا يكادون يتورعون عن أي محظور من تمائم ورقى شركية ونحوها فالغاية عندهم الحصول على الشفاء أو الزواج أو الولد، تالله إن هذا لضلال مبين.
النساء الأكثر مراجعة لمقرات الرقية الشرعية
أخي القارئ الكريم عصمني الله وإياك من الفتن ما ظهر منها وما بطن احذر كل الحذر واحفظ نفسك وأهلك من الذهاب إلى مقرات الرقية الشرعية أو التعامل معهم عموما فهؤلاء قلما تجد فيهم من يبتغي وجه الله تعالى في نفع الناس وعلاجهم فأكثرهم يستغل ضعف النساء وشدة حاجتهن فيتكسب من ورائهن بل وفيهم من يتحسس على النساء ويكشف عوراتهن بل وصل ببعضهم أن صور النساء وهن في حالة صرع، ونشر لهن صوراً حية وحقيقية على شاشة التلفاز وعرض ذلك بقناة فضائية بقصد الإثارة و(الصراحة) ولكي ينجح برنامجه ولو على حساب كشف عورات المسلمين.
قليلا من التقوى تمنع هؤلاء من تصوير المرضى والنساء خاصة، وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فأقول لو كانت تلك المرأة المريضة إحدى قريبات ذلك (الشيخ) زوجته مثلا أو أمه أو أخته هل يرضى أن تعرض صورتها في التلفاز عبر القنوات الفضائية ليراها فلا يحصى من المشاهدين؟
الجواب عند ذلك (الشيخ)، فإن قال قائل لكنه عرضها مستورة، فأقول لا يخفى أن أقرباءها وجيرانها وصديقاتها يعرفونها ولو بسترها، والمقصود هل يجوز شرعاً تصوير هؤلاء المرضى بهذه الطريقة؟ والله المستعان على ما يفعلون.
سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب.. لا يسترقون
أخي القارئ الكريم وفقك الله تعالى إلى الأكمل والأفضل لا تذهب للمشايخ والقراء وادع الله تعالى وحده واسأله الشفاء ورفع البلاء، فالله تعالى يقول (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونًي أَسْتَجًبْ لَكُمْ) [غافرـ60]، فأمر بالدعاء ووعد بالاستجابة وهو القائل جل وعلا (وَإًذَا سَأَلَكَ عًبَادًي عَنًّي فَإًنًّي قَرًيب أُجًيبُ دَعْوَةَ الدَّاعً إًذَا دَعَانً فَلْيَسْتَجًيبُواْ لًي وَلْيُؤْمًنُواْ بًي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرةـ186]،وقال تعالى (أَمَّن يُجًيبُ الْمُضْطَرَّ إًذَا دَعَاهُ وَيَكْشًفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضً أَإًلَه مَّعَ اللَّهً قَلًيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) [النملـ62].
لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أنه قالإن سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب)، فلما سُئل عليه الصلاة والسلام عن هؤلاء السبعين ألفا قال: (هؤلاء الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون).
والشاهد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (لا يسترقون) أي لا يطلبون الرقية من غيرهم لأن السين والتاء للطلب أي يطلبون من أحد أن يرقيهم وذلك لتوكلهم على الله تعالى وثقتهم به جل وعلا فلا يحتاجون إلى مخلوق مثلهم يطأطئون إليه رؤوسهم ويتذللون له ليقرأ عليه وينفث أو يتفل كلا بل آمنوا بقول الله تعالى (وَآتَاكُم مًّن كُلًّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) [إبراهيمـ34]، فأخذوا على أنفسهم عهداً ألا يسترقوا من أحد ولا يسألوا إلا الله تعالى الشافي، قال تعالى (وَإًذَا مَرًضْتُ فَهُوَ يَشْفًينً) [الشعراءـ 80].
الوقاية خير من العلاج
أخي المسلم حفظني تعالى وإياك بحفظه اعلم أن المعاصي والذنوب هي أكبر أسباب الأمراض والبلاء المستطير، نعم هذه الحقيقة!! كثير من الناس لا يعرف القرآن ولا يقرأه ولا يستمع إليه إلا إذا أصيب ببلاء بل تجده يستمع إلى المعازف المحرمة ويسهر على ما يضره في دينه ويعلق الصور ذوات الأرواح في بيته ويتعاطى ما حرم الله من المخدرات والمسكرات والدخان الخبيث الحرام فأنّى له أن يسلم من الجن والعفاريت والشياطين وقد بات لا يذكر الله تعالى ولا يسجد له سجدة.
ثم إذا أصيب أخذ يبحث عن القراء والمشايخ ولسان حاله يقول دلوني على ما ينقذني مما أنا فيه!!
فالأولى من العلاج أن تحفظ نفسك وتتحصن وكما قيل (الوقاية خير من العلاج).
كيف تحصن نفسك من العين والحسد والسحر؟
أخي الكريم الأمر يسير جداً على من يسر الله له ذلك، فبعد الوقاية من المعاصي والفجور والفواحش والمنكرات حافظ على الصلاة وأكثر من ذكر الله تعالى.
وقراءة القرآن وخصوصا المعوذتين، فاقرأ بعد كل صلاة وقبل النوم (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) واقرأ أيضا (آية الكرسي) بعد كل صلاة وقبل النوم.
ولا تنسى قبل النوم أن تقرأ آخر آيتين من سورة البقرة (آمَنَ الرَّسُولُ بًمَا أُنزًلَ إًلَيْهً مًن رَّبًّهً) إلى آخرها وقل سبحان الله 33 والحمد لله 33 والله أكبر 34 قبل أن تنام.
والآن والحمد لله كتب الأذكار كثيرة ومتوافرة يمكن كل مسلم أن يتناولها وبعد ذلك بإذن الله لن تحتاج إلى استرقاء ولا مشايخ فتوفر على نفسك وقتاً ومالاً وتستر عورتك وعورة أهلك.
العافية تأتي بالتدريج
أخي المسلم عافاني الله وإياك من كل بلاء لا بد أن تعلم أن لله تعالى سنناً في خلقه ومنها البلاء الذي لا بد منه فنحن في دار البلاء وامتحان.
قال تعالى (الَّذًي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لًيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزًيزُ الْغَفُورُ ) [الملكـ2] والآيات كثيرة معلومة، لكن الذي يجهله كثير من الناس أن العافية تأتي تدريجياً فلا بد من الصبر على البلاء واحتساب الأجر والثواب فالإنسان قد تكسر رجله أو يده بلحظة ولكن لا يجبر كسره إلا بأسابيع أو شهور وهكذا إذا أصيب بمرض أو حسد أو وسواس ونحو فالواجب عليه أن يصبر ويستمر على المعوذات والأذكار.
وليعلم أن في ذلك خيراً كثيراً فربما ما كان ليذكر الله ولا ليلجأ إليه ولا يدعوه إلا بهذا البلاء، وكما قيل (إن الله يبتلي العبد ليعلمه كيف يلجأ إليه).
يؤسفني كثيراً أن بعض الناس لا يعرف سورة البقرة إلا في الأزمات وهذا خطأ وتقصير واعلم أنه لا يكفي تشغيلها وسماعها من شريط مسجل، اقرأها يا أخي واقرئيها يا أختي فإن الشيطان لا يدخل بيتاً تقرأ فيه سورة البقرة، ليس بالضرورة أن تقرأ السورة كاملة كل يوم أو لمدة أربعين يوما فهذا مما لا أصل له ولا دليل عليه وإنما يقول به بعض المتكسبين بلا دليل ولا برهان.
وإنما المشروع قراءة ما تيسر من القرآن والاكثار من ذكر الله تعالى.
كاد المريب أن يقول خذوني!!
أخي القارئ العزيز اعلم أغناني الله وإياك والمسلمين عن الاسترقاء وأهله أن كثيراً من أصحاب مراكز الرقية الشرعية يتضايقون من كلامي وأمثالي لأنه يمسهم مباشرة فأقول لا شك أن هناك بعض المحسنين ممن يريدون وجه الله تعالى وينفعون الناس لكن للأسف هؤلاء قليل جداً.
فالغالب في هؤلاء أصحاب المراكز ونحوهم لا همّ إلا (أيهم يكسب أكثر؟!) إلا من رحم الله وقليل ما هم!!
فمن كان غير معنى ولا ينطبق عليه ما ذكرت عنهم فلماذا يتحسس من الكلام؟ ومن كان فيه شيء من ذلك فلسان حاله يقول لعل أن المقصود وكما قيل (كاد المريب أن يقول خذوني) وأما من كان واقعاً بظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل وكشف عوراتهم فليتق الله وليتوب إليه.
بداية صحيحة ونهاية تعيسة
نعم قد يبدأ البعض بعلاج الناس والقراءة عليهم ويحرص على أن تكون قراءته ورقيته شرعية بالقرآن والأذكار المشروعة المسموعة المفهومة بعيداً عن الرقية الشركية والتمتمات غير المسموعة أو الألفاظ غير المفهومة أو الرقية بغير اللغة العربية، لكن لا يلبث إلا قليلاً على هذا إلا به قد انقلب حاله إلى حال آخر!!
فتراه تغير كثيراً وطمع بالمال وانفتن بالنساء وتعامل مع الجن وغير ذلك وهذا حال كثير منها وماذا تتوقع أخي القارئ نهاية إنسان ضعيف يعيش ليله ونهاره مع السحر والمسحورين والجن والشياطين والنساء والعورات هل سيسلم؟ لا إله إلا الله لا شك لن يسلم إلا أن يشاء الله فلذلك يجب أن يحذر كل مسلم ويخاف على نفسه من الدخول في هذا الميدان ميدان الفتن والنساء وأكل الأموال بالباطل.
الأجرة على الشفاء لا على القراءة
لا شك أخي القارئ الكريم لن يبقى هذا الفريق والطابور الطويل صامتين بلا رد ولا دفاع فتارة يقولون نحن ننفع الناس وتارة يقولون عالجنا حالات كثيرة وتارة يقولون إنما نحن على ثغرة حتى لا يذهب الناس إلى السحرة، وغير ذلك من الكلام الكثير فأقول وبالله عليهم أستعين لو كنتم كما تقولون تريدون وجه الله بالقراءة لماذا أخذتم أموال الناس واستغللتم ضعفهم وحالتهم إن كنتم صادقين؟!
فسيقولون لقد أخذ من هو خير منّا (أبو سعيد الخدري) رضي الله عنه ومن معه من الصحابة عندما قرأ أحدهم سورة الفاتحة على رجل من المشركين وقد شارطوهم على قطيع من الغنم وقسموا للنبي صلى الله عليه وسلم منه قسماً.
فأقول: هذا حق لو فعلتم كما فعل أولئك والفروق بينكم وبينهم كثيرة، أهمها:
أن الصحابة أخذوا على شرط الشفاء فلو قرأوا ولم يستفد ذلك الرجل بقراءتهم ما أعطوهم قطيع الغنم بينما أنتم تأخذون حتى قبل القراءة فبعضكم يشترط رسوما قبل الدخول عليه وبعضكم يقرأ على (ماء) أو (زيت) فيبيعه بأضعاف مضاعفة من ثمنه وبعضكم صار من تجار العسل حتى حدثني أحد الأخوة الكرام أنه دخل على أحدهم فوجد عند علبتين من العسل الأولى بــ (500) ريال سعودي، والثانية بــ (1000) ريال قال فسألته ما الفرق بين هذا العسل وذاك؟ فقال: العسل نوع واحد إلا أن العسل الذي قيمته (1000) ريال عليه قراءة (مركزة).
فانظر أخي القارئ واستمع العجب يريد قبض ثمن العسل قبل شراء المريض له وكلما قرأ عليه أكثر كلما ارتفع سعره.
إذا كان أهل الديانة والقرآن يفعلون ذلك فما حال غيرهم؟!.
لا يجوز فتح عيادات متخصصة للقراءة
أخي القارئ، حفظك الله من كل فتنة، إليك فتوى لفضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان ـ حفظه الله وبارك فيه ـ:
السؤال: ما رأيكم بفتح عيادات متخصصة للقراءة؟
الجواب: هذا لا يجوز أن يُفْعَل لأنه يفتح باب فتنة، ويفتح باب احتيال للمحتالين، وما كان هذا من عمل السلف أنهم يفتحون داراً أو يفتحون محلاً للقراءة، والتوسع في هذا يحدث شراً، ويدخل فيه فساد، ويدخل فيه من لا يحسن، لأن الناس يجرون وراء الطمع، ويريدون أن يجلبوا الناس إليهم ولو بعمل أشياء محرمة، ولا يُقال: هذا رجل صالح، لأن الإنسان يفتح والعياذ بالله، ولو كان صالحاً ففتح هذا الباب لا يجوز. [المنتقى من فتاوى الفوزانـ [ج2ص148].
حقاً الأمر خطير جداً واعلم جيداً أن كلامي هذا سيغضبهم ولكن رحمة الله أرجو وعذابه احذر فأحببت أن أذكر نفسي وأخواني المسلمين وبالله يا أيها القارئ الكريم إن وجدت في كلامي حقاً يستحق أن تنقله للآخرين فلا تتخاذل واجتهد بنقله لعل الله تعالى أن ينفعني وإياك به.
والحمد لله أولا وآخر وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سالم بن سعد الطويل