a picky girl
¬°•| مُشرِِفَة سابقة |•°¬
قال الإمام ابن القيم- رحمه الله- عن المحبة: "المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى عملها شمّر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها تروح العابدون، وهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرة العيون وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي من لم يظفر بها، فعيشه كله هموم وآلام، تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة، إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب."
• السبب الأول: قراءة القرآن بتدبر والتفهم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه.
نعم فمن أحب أن يكلمه الله تعالى فليقرأ كتاب الله، قال الحسن بن علي: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار".
قال ابن الجوزي- رحمه الله- : "ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر كيف لطف الله تعالى بخلقه في إيصال معاني كلامه إلى أفهامهم وأن يعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، بتدبر كلامه".
قال الإمام النووي -رحمه الله-: "أول ما يجب على القارىء أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى. ولهذا فإن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم استجلب محبّة الله بتلاوة سورة واحدة وتدبرها ومحبتها، هي سورة الإخلاص التي فيها صفة الرحمن جلّ وعلا فظلّ يرددها في صلاته، فلما سُئل عن ذلك قال: "لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أخبروه أن الله يحبه» [رواه البخاري].
• السبب الثاني: التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض، فإنها موصلة إلى درجة المحبوب بعد المحبة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن ربّ العزّة سبحانه وتعالى: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» [رواه البخاري].
يقول ابن رجب الحنبلي- رحمه الله-: "أولياء الله المقربون قسمان:
ذكر الأول، ثم قال: الثاني: من تقرب إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل، وهم أهل درجة السابقين المقربين، لأنهم تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالاجتهاد في نوافل الطاعات، والانكفاف عن دقائق المكروهات بالورع، وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال تعالى في الحديث القدسي: "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والحظوة عنده. والنوافل المتقرب بها إلى الله تعالى أنواع: وهي الزيادات على أنواع الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة".
• السبب الثالث: دوام ذكره على كل حال، باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عزّ وجلّ يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني، و تحركت بي شفتاه» [صححه الألباني]، وقال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم} [البقرة: 152].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبق المفردون». قالوا: "وما المفردون يا رسول الله؟" قال: «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات» [رواه مسلم].
لذلك لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أن رجلا قال: "يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به"، قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله» [صححه الألباني].
وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم تلك الوصية وفقهوا معناها الثمين حتى أبا الدرداء رضي الله عنه قيل له: "إن رجلاً أعتق مائة نسمة. قال: إن مائة نسمة من مال رجل كثير، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار وأن لا يزال لسان أحدكم رطباً من ذكر الله عزّ وجلّ" (أحمد في الزهد).
• السبب الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.
يقول ابن القيم في شرح هذه العبارة: "إيثار رضى الله على رضى غيره، وإن عظمت فيه المحن، وثقلت فيه المؤن، وضعف عنه الطول والبدن".
.
• السبب الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة، فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، أحبه لا محالة.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة» [صححه الألباني].
• السبب السادس: مشاهدة بره وإحسانه، وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته.
العبد أسير الإحسان فالإنعام والبر واللطف، معاني تسترق مشاعره، وتستولي على أحاسيسه، وتدفعه إلى محبة من يسدي إليه النعمة ويهدي إليه المعروف. ولا منعم على الحقيقة ولا محسن إلا الله، هذه دلالة العقل الصريح والنقل الصحيح، فلا محبوب في الحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى، ولا مستحق للمحبة كلها سواه، وانتدب لنصرته وقمع أعدائه، وأعانه على جميع أغراضه، وإذا عرف الإنسان حق المعرفة، علم أن المحسن إليه هو الله سبحانه وتعالى فقط، وأنواع إحسانه لا يحيط بها حصر: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار} [إبراهيم: 34].
ولا يعلم أحد ماهية هذه القوة ولا مركزها داخل الجسم أو خارجه فهي سر الله في الإنسان، لم يعلمه أحد سواه.
وعلى هذه الهبات الضخمة التي أعطيها الإنسان لينهض بتلك الأمانة الكبرى فإنه لم يشكر {قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ} [الأعراف: 10]، وهو أمر يثير الخجل والحياء عند التذكير به. كما يذكرهم القرآن في هذا المجال ويذكر كل جاحد وكافر لا يشكر نعمة الله عليه، وهو لا يوفيها حقها ولو عاش للشكر دون سواه!!
ستجيب ما في الكون من آياته عجب عُجاب لو ترى عَيناك
• السبب السابع: وهو من أعجبها: انكسار القلب بكليته، بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن المعنى غير الأسماء والعبارات.
والانكسار بمعنى الخشوع، وهو الذل والسكون.
قال تعالى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} [طه: 108].
وقد كان للسلف في الخشوع بين يدي الله أحوال عجيبة، تدل على ما كانت عليه قلوبهم من صفاء ونقاء.
كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما إذا قام في الصلاة كأنه عود، من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جزع حائط.
وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما إذا توضأ اصفر لونه، فقيل له: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء. قال: أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم"؟.
• السبب الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي، لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.
قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [السجدة: 16].
إن أصحاب الليل هم بلا شك من أهل المحبة، بل هم من أشرف أهل المحبة، لأن قيامهم في الليل بين يدي الله تعالى يجمعُ لهم جلَّ أسباب المحبة التي سبق ذكرها.
ولهذا فلا عجب أن ينزل أمين السماء جبريل عليه السلام على أمين الأرض محمّد صلى الله عليه وسلم ويقول له: «واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس» [قال الألباني حسن لغيره].
يقول الحسن البصري رحمه الله: "لم أجد من العبادة شيئاً أشد من الصلاة في جوف الليل فقيل له: ما بال المجتهدين من أحسن الناس وجوهاً فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره".
• السبب التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما يُنتقى أطايب الثمر، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيداً لحالك ومنفعة لغيرك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عزّ وجلّ: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في» [صححه الألباني].
• السبب العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عزّ وجلّ.
فالقلب إذا فسد فلن يجد المرء فائدة فيما يصلحه من شؤون دنياه ولن يجد نفعاً أو كسباً في أخراه. قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89].
وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر :وذكر الاسلامي باختصار
• السبب الأول: قراءة القرآن بتدبر والتفهم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه.
نعم فمن أحب أن يكلمه الله تعالى فليقرأ كتاب الله، قال الحسن بن علي: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار".
قال ابن الجوزي- رحمه الله- : "ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر كيف لطف الله تعالى بخلقه في إيصال معاني كلامه إلى أفهامهم وأن يعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، بتدبر كلامه".
قال الإمام النووي -رحمه الله-: "أول ما يجب على القارىء أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى. ولهذا فإن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم استجلب محبّة الله بتلاوة سورة واحدة وتدبرها ومحبتها، هي سورة الإخلاص التي فيها صفة الرحمن جلّ وعلا فظلّ يرددها في صلاته، فلما سُئل عن ذلك قال: "لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أخبروه أن الله يحبه» [رواه البخاري].
• السبب الثاني: التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض، فإنها موصلة إلى درجة المحبوب بعد المحبة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن ربّ العزّة سبحانه وتعالى: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» [رواه البخاري].
يقول ابن رجب الحنبلي- رحمه الله-: "أولياء الله المقربون قسمان:
ذكر الأول، ثم قال: الثاني: من تقرب إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل، وهم أهل درجة السابقين المقربين، لأنهم تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالاجتهاد في نوافل الطاعات، والانكفاف عن دقائق المكروهات بالورع، وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال تعالى في الحديث القدسي: "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والحظوة عنده. والنوافل المتقرب بها إلى الله تعالى أنواع: وهي الزيادات على أنواع الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة".
• السبب الثالث: دوام ذكره على كل حال، باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عزّ وجلّ يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني، و تحركت بي شفتاه» [صححه الألباني]، وقال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم} [البقرة: 152].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبق المفردون». قالوا: "وما المفردون يا رسول الله؟" قال: «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات» [رواه مسلم].
لذلك لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أن رجلا قال: "يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به"، قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله» [صححه الألباني].
وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم تلك الوصية وفقهوا معناها الثمين حتى أبا الدرداء رضي الله عنه قيل له: "إن رجلاً أعتق مائة نسمة. قال: إن مائة نسمة من مال رجل كثير، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار وأن لا يزال لسان أحدكم رطباً من ذكر الله عزّ وجلّ" (أحمد في الزهد).
• السبب الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.
يقول ابن القيم في شرح هذه العبارة: "إيثار رضى الله على رضى غيره، وإن عظمت فيه المحن، وثقلت فيه المؤن، وضعف عنه الطول والبدن".
.
• السبب الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة، فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، أحبه لا محالة.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة» [صححه الألباني].
• السبب السادس: مشاهدة بره وإحسانه، وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته.
العبد أسير الإحسان فالإنعام والبر واللطف، معاني تسترق مشاعره، وتستولي على أحاسيسه، وتدفعه إلى محبة من يسدي إليه النعمة ويهدي إليه المعروف. ولا منعم على الحقيقة ولا محسن إلا الله، هذه دلالة العقل الصريح والنقل الصحيح، فلا محبوب في الحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى، ولا مستحق للمحبة كلها سواه، وانتدب لنصرته وقمع أعدائه، وأعانه على جميع أغراضه، وإذا عرف الإنسان حق المعرفة، علم أن المحسن إليه هو الله سبحانه وتعالى فقط، وأنواع إحسانه لا يحيط بها حصر: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار} [إبراهيم: 34].
ولا يعلم أحد ماهية هذه القوة ولا مركزها داخل الجسم أو خارجه فهي سر الله في الإنسان، لم يعلمه أحد سواه.
وعلى هذه الهبات الضخمة التي أعطيها الإنسان لينهض بتلك الأمانة الكبرى فإنه لم يشكر {قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ} [الأعراف: 10]، وهو أمر يثير الخجل والحياء عند التذكير به. كما يذكرهم القرآن في هذا المجال ويذكر كل جاحد وكافر لا يشكر نعمة الله عليه، وهو لا يوفيها حقها ولو عاش للشكر دون سواه!!
ستجيب ما في الكون من آياته عجب عُجاب لو ترى عَيناك
• السبب السابع: وهو من أعجبها: انكسار القلب بكليته، بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن المعنى غير الأسماء والعبارات.
والانكسار بمعنى الخشوع، وهو الذل والسكون.
قال تعالى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} [طه: 108].
وقد كان للسلف في الخشوع بين يدي الله أحوال عجيبة، تدل على ما كانت عليه قلوبهم من صفاء ونقاء.
كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما إذا قام في الصلاة كأنه عود، من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جزع حائط.
وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما إذا توضأ اصفر لونه، فقيل له: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء. قال: أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم"؟.
• السبب الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي، لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.
قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [السجدة: 16].
إن أصحاب الليل هم بلا شك من أهل المحبة، بل هم من أشرف أهل المحبة، لأن قيامهم في الليل بين يدي الله تعالى يجمعُ لهم جلَّ أسباب المحبة التي سبق ذكرها.
ولهذا فلا عجب أن ينزل أمين السماء جبريل عليه السلام على أمين الأرض محمّد صلى الله عليه وسلم ويقول له: «واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس» [قال الألباني حسن لغيره].
يقول الحسن البصري رحمه الله: "لم أجد من العبادة شيئاً أشد من الصلاة في جوف الليل فقيل له: ما بال المجتهدين من أحسن الناس وجوهاً فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره".
• السبب التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما يُنتقى أطايب الثمر، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيداً لحالك ومنفعة لغيرك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عزّ وجلّ: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في» [صححه الألباني].
• السبب العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عزّ وجلّ.
فالقلب إذا فسد فلن يجد المرء فائدة فيما يصلحه من شؤون دنياه ولن يجد نفعاً أو كسباً في أخراه. قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89].
وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر :وذكر الاسلامي باختصار