شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
لكل أمه فتنه وفتنة امتي المال
إن من الفتن العظيمة فتنة قد فرقت بين الأرحام وقطعت بينهم المحبة والوئام، فتنة أوقعت بين كثير من الناس العداوة والبغضاء، فتجدهم يبغضون من أجلها ويعادون من أجلها، بل وقد يتقاتلون من أجلها، يقول سبحانه (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)، قوله سبحانه وتعالى (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمًّا وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)، وأخبر سبحانه أيضا بأن مَن فتَنَه المال عن الله وذكره وعبادته أنه من الخاسرين للسعادة الأبدية والنعيم المقيم؛ لأنهم آثروا ما يفنى على ما يبقى، وكانت فتنة المال من الفتن التي خشيها النبي عليه الصلاة والسلام على أمته،(والله، لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)، أن علامة الفتنة بالمال هو أن يؤدّي بك ذلك المال إلى ترك واجب أو فعل محرم، فمتى وقع الإنسان في ترك واجب من الواجبات أو فرض من الفروض أو ارتكب محرما من المحرمات بسبب أن يكسب مالاً جديدًا أو يحبس مالاً عنده فإن هذا هو عين الفتنة بالمال.
وكذلك من المفتونين بالمال من يتكسب ويتاجر بالمحرمات، كمن يبيع الدخان أو المجلات المحرمة والأشرطة الغنائية، ومن يفتح محلات المقاهي والشيش.
وكذلك أيضا من يأكل الربا ويتعامل به ويأكل الرشوة، ويقصّر في نفقة الزوجة والأولاد
ومن المفتونين بالمال هؤلاء الذين يسألون أموال الناس من غير حاجة، بل يسألونها تكثراّ وطمعًا في الزيادة،
يقول صلى الله عليه وسلم((من سأل الناس أموالهم تكثرًا فإنما يسأل جمرا، فليستقل أو ليستكثر)
ومن الفتنة بالمال أن يؤثر ذلك على عبادة المسلم في صلاته، فتجده لا يخشع فيها ولا يتدبر الآيات والأذكار، بل هو مشغول بالتفكير والتدبير لأمواله وكيف يكثرها ويستثمرها.
وكذلك من صور الفتنة بالمال من يستدين أموال الناس ولا يسددهم وهو قادر على ذلك، وهذا ظلم، بل وصل الحال ببعضهم إلى أنه لا ينوي السداد أصلاً وقت الاستدانة، وهذا شعبة من النفاق، إن من الظالمين ظلمًا عظيمًا ومن المفتونين بالمال فتنة عظيمة من يقتطعون أموال الناس بالأيمان الكاذبة، أو بالتحايل والتدليس والغش، وأحيانًا بالقهر والجبر والطغيان، إن من وقع في ذلك فيجب عليه أن يتوب إلى الله ويستغفره ويُرجع الحقوق إلى أهلها قبل أن يفاجئه الموت، ولا ينفع حينها الندم، فلقد توعد صلى الله عليه وسلم من اقتطع أموال الناس واعتدى عليها ظلمًا وزورًا بالحرمان من الجنة ودخول النار، (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه ـ أي- بالحلف الكاذب ـ فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة)،