بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس
يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما وَسِع الخَضِر الخروج عن شريعة موسى -عليه السلام- فهو كافر.
ـــــــــــــــــــــ
الشرح
نعم، -التاسع- من اعتقد أن أحدًا يسعُه الخروج عن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر، والدليل قوله -تعالى-: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
فمن اعتقد أن أحدا يسعه الخروج عن شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر؛ وذلك أن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- عامة لجميع الثَّقَلَيْن: الجن والإنس وللعرب والعجم
ولأن شريعة نبينا محمد هي الشريعة الخاتمة، وهي الناسخة لجميع الشرائع، قال الله -تعالى-: ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) وقال -تعالى-: ( وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ) وقال -سبحانه وتعالى-: ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) .
وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (أُعطيتُ خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرة شهر، وأُعطيت الشفاعة ) وذكر منها: ( وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة ) .
فمن اعتقد أن أحدًا يجوز له أن يخرج على شريعة محمد ويتعبّد لله بشريعة أخرى، فهو كافر، لماذا؟ لأن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- شريعة عامة، للجني والإنس وللعرب والعجم ؛ ولأنها ناسخة لجميع الشرائع؛ ولأنه بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- صارت رسالته عامة لجميع من يوجد إلى يوم القيامة، بخلاف شريعة موسى ليست عامة، بل هي خاصة ببني إسرائيل
ولهذا وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى ؛ ولأن الخضر على الصحيح نبي يوحى إليه؛ ولهذا جاء موسى -عليه السلام- ليتعلم من الخضر كما قص الله علينا ذلك في "سورة الكهف".
وكما ثبت في الحديث الصحيح: أن موسى خطب الناس، فسأله رجل، فقال: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال لا، فعتب الله عليه إذ لم يَرُدّ العلم إليه، فقال: بلى، عبدُنا الخضر أعلم منك وهذا في صحيح البخاري فقال يا رب، أين أجده؟ قال الله: في مجمع البحرين.
فسافر موسى ليتعلم من الخضر ركب البحر هو وفتاه يوشع بن نون وهي رحلة في طلب العلم، وجعل الله له علامة يجده، وهو أنه إذا فقد الحوت فإنه يجده، فأخذا معهما حوتا، فلما فقداه وجداه، فجاءا إليه وهو مسجى بثوب، قال موسى السلام، فرفع كشف الغطاء عن وجهه، وقال وأنّى بأرضك السلام؟
فقال: مَن أنت؟ قال: أنا موسى قال: من؟ موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم، قال: ما جاء بك؟ قال: جئت لأتعلم منك. فقال: أما يكفيك التوراة التي أنزلها الله عليك!
وهذا فيه دليل على أن الإنسان مهما بلغ يحتاج إلى الزيادة من العلم: ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) فهذا موسى -عليه الصلاة والسلام- وهو نبي كريم، ومن أولى العزم الخمسة، ومع ذلك راح يستزيد من طلب العلم.
إذًا الخضر ما التزم بشريعته، قال: إني جئت أتعلم منك، قال: لا تستطيع، قال: إن شاء الله ستجدني صابرا، قال: إن أردت ذلك فلا تسألني عن شيء حتى أُحْدث لك منه ذكرا، لكن سترى شيئا لا تصبر عليه، قال: لا، إن شاء الله ستجدني صابرا ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ) .
فجعلوا يمشون على ساحل البحر، فمرّت بهم سفينة، فأشار لها الخضر فوقفوا؛ لأنهم يعرفون الخضر ويعرفون موسى فأركبوهم بدون أُجرة، فلما أركبوهم، أخذ الخضر الفأس، وجعل يخرق السفينة حتى خرج الماء.
فاستغرب موسى ما صبر، قال: سبحان الله! ناسٌ أحسنوا إلينا، وحملونا بدون أجرة، تخرب سفينتهم، تخرقها ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ) أنكر عليه، فقال له الخضر ( أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) ؟ قلت: إنك ما تستطيع، فقال: ( لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ) .
فلما نزلوا جعلوا يمشون في حيّ من الأحياء فوجد غلاما يمشي صغيرا، فأخذه وقلع رقبته ورماها كأنها كرة، قتله، فانزعج موسى انزعاجا عظيما: سبحان الله! أقتلت نفسا بغير نفس ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ) .
فشدّد عليه الخضر ( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) الأول قال: ألم أقل؟ والثانية قال ( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) ؟ قلت لك: لا تستطيع، فقال: هذه آخر مرة، إن سألتك بعد هذه المرة، يكون الفراق بيني وبينك، ( قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ) .
ثم بعد ذلك مروا بقوم في قرية أو بلدة فاستضافوهم، لكنهم لؤماء فلم يضيفوهم، طردوهم، ما أعطوهم حق الضيافة، فوجد جدارا يريد أن ينقض، فجعل الخضر يشتغل ويعمل، ويقول: لا بد من إقامة هذا الجدار، فقال: سبحان الله! ناس لؤماء ما ضيفونا، ومع هذا تعمل لهم؟! ( قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ) انتهى الأمر.
ثم بيَّن له بعد ذلك وقال: السفينة هذه خرقتها؛ لأنها لمساكين يعملون في البحر، وكان وراءهم ملك ظالم يأخذ السفينة الصالحة، وأنا أردت أجعل فيها عيبا حتى تبقى للمساكين، والخرق هذا أسده، وتَسلم السفينة للمساكين؛ لأنه لو ما جعلت فيها عيبا أخذها هذا الملك الظالم.
وهذا الغلام لو عاش كان كافرا، وسيرهق والديه طغيانا وكفرا، وسيرزقهم الله خيرا منه.
وأما الجدار، فهذا تحته كنز لغلامين يتيمين في المدينة، وكان أبوهما صالحا، فلو تُرك وسقط، ضاع المال، لكن أنا أبنيه حتى يبقى ويعرف مكان المال.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( يرحم الله موسى لو صبر لقص الله علينا من خبرهما ) الخضر قال: يا موسى أنت على عِلم من علم الله علَّمَكَهُ لا أعلمُه، وأنا على عِلم من علم الله علمني الله لا تعلمه.
ولما مر عصفور، ونقر في البحر وأخذ منه، قال الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما ينقص هذا العصفور بمنقاره من البحر.
فإذًا الخضر ما التزم بشريعة موسى ؛ لأنه ليس من بني إسرائيل فمن زعم أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد كما جاز الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر، لماذا؟ لأمرين:
الأمر الأول: أن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-عامة، وشريعة موسى خاصة.
وثانيـــا: الخضر ليس ملزما بشريعة موسى أما نحن فملزمون بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم.
وثالثـــا: أن الخضر نبي يوحَى إليه على الصحيح، فهو على شريعة، وموسى على شريعة، فمن اعتقد أو أجاز له أو لغيره ألا يلتزم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأن يتعبد لله من طريق غير الشريعة التي جاء بها محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر بإجماع المسلمين ؛ لأن شريعة النبي -صلى الله عليه وسلم- عامة للثقلَيْن الجن والإنس ؛ ولأنه لم يشهد أن محمدا رسول الله.
فمن قال: إن شريعة محمد خاصة، أو النبوة خاصة بالعرب أو أن بعده نبيا؛ فإنه لم يشهد أن محمدًا رسول الله، وحينئذ يكون كافرا؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ) .
ــــــــــــــ
الشيخ عبد العزيز الراجحي
http://www.shrajhi.com/?Cat=2&SID=7387
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس
يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما وَسِع الخَضِر الخروج عن شريعة موسى -عليه السلام- فهو كافر.
ـــــــــــــــــــــ
الشرح
نعم، -التاسع- من اعتقد أن أحدًا يسعُه الخروج عن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر، والدليل قوله -تعالى-: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
فمن اعتقد أن أحدا يسعه الخروج عن شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر؛ وذلك أن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- عامة لجميع الثَّقَلَيْن: الجن والإنس وللعرب والعجم
ولأن شريعة نبينا محمد هي الشريعة الخاتمة، وهي الناسخة لجميع الشرائع، قال الله -تعالى-: ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) وقال -تعالى-: ( وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ) وقال -سبحانه وتعالى-: ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) .
وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (أُعطيتُ خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرة شهر، وأُعطيت الشفاعة ) وذكر منها: ( وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة ) .
فمن اعتقد أن أحدًا يجوز له أن يخرج على شريعة محمد ويتعبّد لله بشريعة أخرى، فهو كافر، لماذا؟ لأن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- شريعة عامة، للجني والإنس وللعرب والعجم ؛ ولأنها ناسخة لجميع الشرائع؛ ولأنه بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- صارت رسالته عامة لجميع من يوجد إلى يوم القيامة، بخلاف شريعة موسى ليست عامة، بل هي خاصة ببني إسرائيل
ولهذا وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى ؛ ولأن الخضر على الصحيح نبي يوحى إليه؛ ولهذا جاء موسى -عليه السلام- ليتعلم من الخضر كما قص الله علينا ذلك في "سورة الكهف".
وكما ثبت في الحديث الصحيح: أن موسى خطب الناس، فسأله رجل، فقال: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال لا، فعتب الله عليه إذ لم يَرُدّ العلم إليه، فقال: بلى، عبدُنا الخضر أعلم منك وهذا في صحيح البخاري فقال يا رب، أين أجده؟ قال الله: في مجمع البحرين.
فسافر موسى ليتعلم من الخضر ركب البحر هو وفتاه يوشع بن نون وهي رحلة في طلب العلم، وجعل الله له علامة يجده، وهو أنه إذا فقد الحوت فإنه يجده، فأخذا معهما حوتا، فلما فقداه وجداه، فجاءا إليه وهو مسجى بثوب، قال موسى السلام، فرفع كشف الغطاء عن وجهه، وقال وأنّى بأرضك السلام؟
فقال: مَن أنت؟ قال: أنا موسى قال: من؟ موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم، قال: ما جاء بك؟ قال: جئت لأتعلم منك. فقال: أما يكفيك التوراة التي أنزلها الله عليك!
وهذا فيه دليل على أن الإنسان مهما بلغ يحتاج إلى الزيادة من العلم: ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) فهذا موسى -عليه الصلاة والسلام- وهو نبي كريم، ومن أولى العزم الخمسة، ومع ذلك راح يستزيد من طلب العلم.
إذًا الخضر ما التزم بشريعته، قال: إني جئت أتعلم منك، قال: لا تستطيع، قال: إن شاء الله ستجدني صابرا، قال: إن أردت ذلك فلا تسألني عن شيء حتى أُحْدث لك منه ذكرا، لكن سترى شيئا لا تصبر عليه، قال: لا، إن شاء الله ستجدني صابرا ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ) .
فجعلوا يمشون على ساحل البحر، فمرّت بهم سفينة، فأشار لها الخضر فوقفوا؛ لأنهم يعرفون الخضر ويعرفون موسى فأركبوهم بدون أُجرة، فلما أركبوهم، أخذ الخضر الفأس، وجعل يخرق السفينة حتى خرج الماء.
فاستغرب موسى ما صبر، قال: سبحان الله! ناسٌ أحسنوا إلينا، وحملونا بدون أجرة، تخرب سفينتهم، تخرقها ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ) أنكر عليه، فقال له الخضر ( أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) ؟ قلت: إنك ما تستطيع، فقال: ( لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ) .
فلما نزلوا جعلوا يمشون في حيّ من الأحياء فوجد غلاما يمشي صغيرا، فأخذه وقلع رقبته ورماها كأنها كرة، قتله، فانزعج موسى انزعاجا عظيما: سبحان الله! أقتلت نفسا بغير نفس ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ) .
فشدّد عليه الخضر ( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) الأول قال: ألم أقل؟ والثانية قال ( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) ؟ قلت لك: لا تستطيع، فقال: هذه آخر مرة، إن سألتك بعد هذه المرة، يكون الفراق بيني وبينك، ( قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ) .
ثم بعد ذلك مروا بقوم في قرية أو بلدة فاستضافوهم، لكنهم لؤماء فلم يضيفوهم، طردوهم، ما أعطوهم حق الضيافة، فوجد جدارا يريد أن ينقض، فجعل الخضر يشتغل ويعمل، ويقول: لا بد من إقامة هذا الجدار، فقال: سبحان الله! ناس لؤماء ما ضيفونا، ومع هذا تعمل لهم؟! ( قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ) انتهى الأمر.
ثم بيَّن له بعد ذلك وقال: السفينة هذه خرقتها؛ لأنها لمساكين يعملون في البحر، وكان وراءهم ملك ظالم يأخذ السفينة الصالحة، وأنا أردت أجعل فيها عيبا حتى تبقى للمساكين، والخرق هذا أسده، وتَسلم السفينة للمساكين؛ لأنه لو ما جعلت فيها عيبا أخذها هذا الملك الظالم.
وهذا الغلام لو عاش كان كافرا، وسيرهق والديه طغيانا وكفرا، وسيرزقهم الله خيرا منه.
وأما الجدار، فهذا تحته كنز لغلامين يتيمين في المدينة، وكان أبوهما صالحا، فلو تُرك وسقط، ضاع المال، لكن أنا أبنيه حتى يبقى ويعرف مكان المال.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( يرحم الله موسى لو صبر لقص الله علينا من خبرهما ) الخضر قال: يا موسى أنت على عِلم من علم الله علَّمَكَهُ لا أعلمُه، وأنا على عِلم من علم الله علمني الله لا تعلمه.
ولما مر عصفور، ونقر في البحر وأخذ منه، قال الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما ينقص هذا العصفور بمنقاره من البحر.
فإذًا الخضر ما التزم بشريعة موسى ؛ لأنه ليس من بني إسرائيل فمن زعم أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد كما جاز الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر، لماذا؟ لأمرين:
الأمر الأول: أن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-عامة، وشريعة موسى خاصة.
وثانيـــا: الخضر ليس ملزما بشريعة موسى أما نحن فملزمون بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم.
وثالثـــا: أن الخضر نبي يوحَى إليه على الصحيح، فهو على شريعة، وموسى على شريعة، فمن اعتقد أو أجاز له أو لغيره ألا يلتزم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأن يتعبد لله من طريق غير الشريعة التي جاء بها محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر بإجماع المسلمين ؛ لأن شريعة النبي -صلى الله عليه وسلم- عامة للثقلَيْن الجن والإنس ؛ ولأنه لم يشهد أن محمدا رسول الله.
فمن قال: إن شريعة محمد خاصة، أو النبوة خاصة بالعرب أو أن بعده نبيا؛ فإنه لم يشهد أن محمدًا رسول الله، وحينئذ يكون كافرا؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ) .
ــــــــــــــ
الشيخ عبد العزيز الراجحي
http://www.shrajhi.com/?Cat=2&SID=7387