سماحة الوالد الإمام ابن باز رحمه الله تعالى

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
سماحة الوالد الإمام ابن باز رحمه الله تعالى


تعريف بالشيخ:

عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز ولد في ذي الحجة سنة 1330هـ بمدينة الرياض،كان بصيرا ثم أصابه مرض في عينيه عام 1346هـ وضعف بصره ثم فقده عام 1350هـ،حفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ ثم جد في طلب العلم على العلماء في الرياض ولما برز في العلوم الشرعية واللغة عين في القضاء عام 1350هـ ،لازم البحث والتدريس ليل نهار ولم تشغله المناصب عن ذلك مما جعله يزداد بصيرة ورسوخا في كثير من العلوم،توفي رحمه الله قبيل فجر الخميس 27/1/1420هـ.

نسبه وصفاته:

أسمه ونسبة:

هو الإمام الصالح الورع الزاهد أحد الثلة المتقدمين بالعلم الشرعي، ومرجع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في الفتوى والعلم، وبقية السلف الصالح في لزوم الحق والهدي المستقيم، واتباع السنة الغراء: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، وآل باز - أسرة عريقة في العلم والتجارة والزراعة معروفة بالفضل والأخلاق قال الشيخ: سليمان بن حمدان - رحمه الله - في كتابه حول تراجم الحنابلة : أن أصلهم من المدينة النبوية، وأن أحد أجدادهم انتقل منها إلى الدرعية، ثم انتقلوا منها إلى حوطة بني تميم.

مولده:

ولد في الرياض عاصمة نجد يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة عام ألف وثلاثمائة وثلاثين من الهجرة النبوية، وترعرع فيها وشب وكبر، ولم يخرج منها إلا ناويا للحج والعمرة.


نشأته:

نشأ سماحة الشيخ عبد العزيز في بيئة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح، بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها، وحضاراتها المزيفة، إذ الرياض كانت في ذلك الوقت بلدة علم وهدى فيها كبار العلماء، وأئمة الدين، من أئمة هذه الدعوة المباركة التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأعني بها دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وفي بيئة غلب عليها الأمن والاستقرار وراحة البال، بعد أن استعاد الملك عبد العزيز - رحمه الله - الرياض ووطد فيها الحكم العادل المبني على الشرعة الإسلامية السمحة بعد أن كانت الرياض تعيش في فوضى لا نهاية لها، واضطراب بين حكامها ومحكوميها.
ففي هذه البيئة العلمية نشأ سماحته - حفظه الله - ولا شك ولا ريب أن القرآن العظيم كان ولا يزال - ولله الحمد والمنة - هو النور الذي يضيء حياته، وهو عنوان الفوز والفلاح فبالقرآن الكريم بدأ الشيخ دراسته - كما هي عادة علماء السلف - رحمهم الله - إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية - فيحفظونه ويتدبرونه أشد التدبر، ويعون أحكامه وتفاسيره، ومن ثمَّ ينطلقون إلى العلوم الشرعية الأخرى، فحفظ الشيخ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل أن يبدأ مرحلة البلوغ، فوعاه وحفظه تمام الحفظ، وأتقن سوره وآياته أشد الإتقان، ثم بعد حفظه لكتاب الله، ابتدأ سماحته في طلب العلم على يد العلماء بجد وجلد وطول نفس وصبر.
وإن الجدير بالذكر والتنويه في أمر نشأته، أن لوالدته - رحمها الله - أثرا بالغا، ودورا بارزا في اتجاهه للعلم الشرعي وطلبه والمثابرة عليه، فكانت تحثه وتشد من أزره، وتحضه على الاستمرار في طلب العلم والسعي وراءه بكل جد واجتهاد كما ذكر ذلك سماحته في محاضرته النافعة - رحلتي مع الكتاب - وهي رحلة ممتعة ذكر فيها الشيخ في نهاية المحاضرة، وبالخصوص في باب الأسئلة بعض الجوانب المضيئة من حياته - فاستمع إلى تلك المحاضرة غير مأمور -.
ولقد كان سماحة الشيخ / عبد العزيز - حفظه الله - مبصرا في أول حياته، وشاء الله لحكمة بالغة أرادها أن يضعف بصره في عام 1346 هـ إثر مرض أصيب به في عينيه ثم ذهب جميع بصره في عام 1350 هـ، وعمره قريب من العشرين عاما؛ ولكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته بل استمر في طلب العلم جادا مجدا في ذلك، ملازما لصفوة فاضلة من العلماء الربانيين، والفقهاء الصالحين، فاستفاد منهم أشد الاستفادة، وأثّروا عليه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم النافع، والحرص على معالي الأمور، والنشأة الفاضلة، والأخلاق الكريمة، والتربية الحميدة، مما كان له أعظم الأثر، وأكبر النفع في استمراره.
على تلك النشأة الصالحة، التي تغمرها العاطفة الدينية الجياشة، وتوثق عراها حسن المعتقد، وسلامة الفطرة، وحسن الخلق، والبعد عن سيئ العقائد والأخلاق المرذولة ومما ينبغي أن يعلم أن سماحة الشيخ عبد العزيز - حفظه الله- قد استفاد من فقده لبصره فوائد عدة نذكر على سبيل المثال منها لا الحصر أربعة أمور: -
الأمر الأول : حسن الثواب، وعظيم الأجر من الله سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا ابتليت عبدي بفقد حبيبتيه عوضتهما الجنة البخاري ( 5653 ).
الأمر الثاني: قوة الذاكرة، والذكاء المفرط: فالشيخ - رعاه الله - حافظ العصر في علم الحديث فإذا سألته عن حديث من الكتب الستة، أو غيرها كمسند الإمام أحمد والكتب الأخرى تجده في غالب أمره مستحضرا للحديث سندا ومتنا، ومن تكلم فيه، ورجاله وشرحه.
الأمر الثالث: إغفال مباهج الحياة، وفتنة الدنيا وزينتها، فالشيخ - أعانه الله - متزهد فيها أشد الزهد، وتورع عنها، ووجه قلبه إلى الدار الآخرة، وإلى التواضع والتذلل لله سبحانه وتعالى.
الأمر الرابع: استفاد من مركب النقص بالعينين، إذ ألح على نفسه وحطمها بالجد والمثابرة حتى أصبح من العلماء الكبار، المشار إليهم بسعة العلم، وإدراك الفهم، وقوة الاستدلال وقد أبدله الله عن نور عينيه نورا في القلب، وحبا للعلم، وسلوكا للسنة، وسيرا على المحجة، وذكاء في الفؤاد.

من أخبار سماحة الشيخ في صباه:

من أخبار سماحة الشيخ في صباه
من أخباره في صباه أن والده توفي وهو صغير حيث إنه لا يذكر والده.
أما والدته فتوفيت وعمره خمس وعشرون سنة.
ومما يُذْكَر أنه كان في صباه ضعيف البنية، وأنه لم يستطع المشي إلا بعد أن بلغ الثالثة، ذكر ذلك ابنه الشيخ أحمد.
وكان سماحة الشيخ معروفاً بالتقى والمسارعة إلى الخيرات، والمواظبة على الطاعات منذ نعومة أظفاره.
وقد ذكر لي الشيخ سعد بن عبدالمحسن الباز_وهو قريب لسماحة الشيخ ويكبره بعشر سنوات_ذكر أن سماحة الشيخ منذ نعومة أظفاره كان شاباً تقياً سباقاً إلى أفعال الخير، وأن مكانه دائماً في روضة المسجد وعمره ثلاثة عشر عاماً.
وقد ذكر لي سماحة الشيخ رحمه الله فيما كان يذكره من أخبار صباه موقفاً لا ينساه مع شيخه الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ قاضي الرياض آنذاك.
يقول سماحته: كنت في مقتبل عمري، وقد رآني الشيخ صالح رحمه الله في طرف الصف مسبوقاً، فحزن الشيخ صالح، وقال: بعض الناس يسوِّف، ويجلس يأكل ويشرب حتى تفوته الصلاة، وكأنه رحمه الله يعنيني ويُعرِّض بي؛ فخجلت مما كان مني، وتكدرت كثيراً، ولم أنس ذلك الموقف حتى الآن.
ولم يكن الشيخ صالح رحمه الله ليقول ذلك إلا لأنه كان يتوسم ويتفرس في سماحة الشيخ نبوغه المبكر.
ومن الأخبار المعروفة عن سماحة الشيخ في صباه أنه كان معروفاً بالجود والكرم.
وقد ذكر الشيخ سعد بن عبدالمحسن الباز رحمه الله أن سماحة الشيخ عبدالعزيز وهو طالب عند المشايخ- إذا سلم عليه أحد دعاه إلى غدائه، أو عشائه، ولم يكن يحتقر شيئاً يقدمه لضيوفه ويجعل الله في الطعام خيراً كثيراً.
أَلِفَ المروَّة مُذْ نشا فكأنه
سُقي اللَّبانَ بها صبياً مُرْضَعا

ومن أخباره في صباه أنه كان يكتب، ويقرأ ويعلق على الكتب قبل أن يذهب بصره.
وقد قيل ذات مرة لسماحة الشيخ: سمعنا أنك لا تعرف الكتابة.
فأجاب سماحته بقوله: هذا ليس بصحيح؛ فأنا أقرأ وأكتب قبل أن يذهب بصري، ولي تعليقات على بعض الكتب التي قرأتها على المشايخ مثل الآجروميه في النحو، وغيرها.
وإذا أملى سماحة الشيخ عليَّ كتاباً، أو تعليقاً، وكان هناك إشكال في كلمة ما_قال لي: تُكْتَب هكذا، وأشار إلى راحة يده، وهو يَكْتُب بإصبعه؛ ليريني كيفية الكتابة الصحيحة.
وقيل لسماحته ذات مرة: هل صحيح أنك تتمنى أنك رأيت الإبل على ما خلقها الله ؟
فأجاب سماحته بقوله: هذا ليس بصحيح؛ فأنا أتصورها؛ لأن بصري لم يذهب إلا وعمري تسع عشرة سنة.

أبناء الشيخ :

وللشيخ رحمه الله - أبناء أربعة ، وكذلك من البنات ست، فيكون مجموعهم عشرة - أسبغ الله عليهم النعم؛ ومنعهم من شرور النقم - .


عناية سماحة الشيخ بمظهره:

كان سماحة الشيخ رحمه الله يعتني بمظهره بلا إسراف، ولا مخيلة، فهو يعتني بنظافة بدنه، وقص شاربه، ويتعاهد نفسه بالطيب كثيراً، بل كان يستعمله كل يوم، ويدار بخور العود في مجلسه أكثر من مرة، وإلا فلا أقل من أن يدار مرة واحدة.
وكان يلبس مشلحة_بشته_في صَلاته، وزياراته، وذهابه إلى عمله.
وكان ثوبه يعلو كعبه بنحو أربعة أصابع؛ فهو يرى أن نزول الثوب، أو السراويل، أو المشلح أسفل الكعبين منكر محرم سواء كان ذلك للخيلاء أو لغير الخيلاء.
ويقول: إن الإسبال حرام؛ فإن كان للخيلاء فهو أشد تحريماً.
وفي يوم من الأيام لبس سماحته مشلحاً جديداً، وكان ذلك المشلح على خلاف ما كان عليه سماحة الشيخ، حيث كان المشلح نازلاً عن الكعبين، ولم يكن سماحته يعلم بذلك.
فقال له شخص: يا سماحة الشيخ مشلحك هذا نازل عن الكعبين، ولا أدري هل تغير رأيكم في وجوب رفعه ؟
فما كان من سماحة الشيخ إلا أن خلعه ورماه، وقال لي: اذهب به إلى من يرفعه.
وصادف أن كان سماحته في ذلك الوقت في مكة في آخر رمضان، فجاء إلى الرياض وليس عليه مشلح.
وكان يتعاهد لحيته بالحناء، ويرى تغيير الشيب، وحرمةَ تغييره بالسواد.
وكان رحمه الله قليل شعر العارضين، أما الذقن ففيه شعيرات طويلة ملتف بعضها على بعض.
وقيل له ذات مرة: لو سرحتها بمشط ؟
فقال: أخشى أن يسقط منها شيء.
وهو يرى حرمة حلق اللحية أو تقصيرها، وكذا ما نبت على الخدين.
أما ما نبت تحت الذقن، وفي الرقبة فلا يرى مانعاً من حلقه.

أمانته :

إن الإسلام دين كامل، وشرع شامل، جاء به محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين من تمسك به أعزه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أذله الله، وإن مما أمر به هذا الدين الكريم الكامل، وهذا الشرع العظيم الشامل، " الأمانة " فهي خلق فاضل، وسلوك محمود، حث عليه ودعا إليه الإسلام قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ }
وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ( أخرجه الترمذي ( 1264 ).
وحسنه وأبو داود ( 2 / 260 ) وإسناده حسن وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: أن جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال مخاطبا النجاشي ملك الحبشة: " أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام... وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار... " ( أخرجه أحمد في المسند ( 1 / 202 ) وصححه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - ).
فليس من الغريب أن يكون الشيخ: عبد العزيز متصفاً بهذه الصفة الحميدة والخلة الرشيدة، والمنقبة الجليلة، وهي من أبرز صفات من لنا به الأسوة الحسنة، والقدوة الصادقة، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا أدل على ذلك، من أن العالم الإسلامي بأجمعه قد ائتمنوه ليس فقط على أموالهم وودائعهم وأمانتهم؛ بل على أفكارهم وتوجهاتهم الدينية، فهو مفتي المسلمين، ومرجعهم الأول في هذا العصر، ومما يؤكد ذلك حرص ولاة الأمر، والوجهاء وأعيان البلاد والقضاة وغيرهم، على استشارته في دقائق الأمور وعسيرها، مما يستلزم فكرا وقَّادا، وحجة نيرة، ونزاهة في القصد، وإخلاصا في العمل، وأمانة في الفتوى، ولقد رأيت بأم عيني كثير من هؤلاء، وأولئك، يأتون إليه في منزله ومكتبه لأخذ المشورة الصادقة، والنصح السديد، والتوجيه المفيد، ومما يدل على حبه للأمانة، حرصه الشديد على تذكير الأمة بالأصول النافعة، والكلمات السديدة، في المناسبات العامة: وذلك بكلمة وعظية، وإرشادات دينية، يرى أن القيام بدورها، والتضلع بمسئوليتها أمانة في عنق كل مسلم وهبه الله علما وفقها في الدين، فجزاه الله خيرا، وأعظم له الثواب.

من أبرز الصفات الخُلُقية لسماحة الإمام:

تفرد سماحة الإمام عبدالعزيز رحمه الله بصفات عديدة لا تكاد تجتمع في رجل واحد إلا في القليل النادر، ومن أبرز تلك الصفات ما يلي:
1 - الإخلاص لله - ولا نزكي على الله أحداً - فهو لا يبتغي بعمله حمداً من أحد ولا جزاءً، ولا شكوراً.
2 - التواضع الجم، مع مكانته العالية، ومنزلته العلمية.
3 - الحلم العجيب الذي يصل فيه إلى حد لايصدقه إلا من رآه عليه.
4 - الجلد، والتحمل، والطاقة العجيبة حتى مع كبر سنه.
5 - الأدب المتناهي، والذوق المرهف.
6 - الكرم والسخاء الذي لا يدانيه فيه أحد في زمانه فيما أعلم، وذلك في شتى أنواع الكرم والسخاء، سواء بالمال أو بالوقت، أو الراحة، أو العلم، أو الإحسان، أو الشفاعات، أو العفو، أو الخُلُق، ونحو ذلك.
7 - السكينة العجيبة التي تغشاه، وتغشى مجلسه، ومن يخالطه.
8 - الذاكرة القوية التي تزيد مع تقدمه في السن.
9 - الهمة العالية، والعزيمة القوية التي لا تستصعب شيئاً، ولا يهولها أمر من الأمور.
10 - العدل في الأحكام سواء مع المخالفين، أو الموافقين.
11 - الثبات على المبدأ، وعلى الحق.
12 - سعة الأفق.
13 - بُعْد النظر.
14 - التجدد؛ فهو - دائماً - يتجدد، ويواكب الأحداث، ويحسن التعامل مع المتغيرات.
15 - الثقة العظيمة بالله - جل وعل - .
16 - الزهد بالدنيا، سواء بالمال أو الجاه، أو المنصب، أو الثناء، أو غير ذلك.
17 - الحرص على تطبيق السنة بحذافيرها، فلا يكاد يعلم سنة ثابتة إلا عمل بها.
18 - بشاشة الوجه، وطلاقة المحيا.
19 - الصبر بأنواعه المتعددة من صبر على الناس، وصبر على المرض، وصبر على تحمل الأعباء إلى غير ذلك.
20 - المراعاة التامة لأدب الحديث، والمجلس، ونحوها من الآداب.
21 - الوفاء المنقطع النظير لمشايخه، وأصدقائه، ومعارفه.
22 - صلة الأرحام.
23 - القيام بحقوق الجيران.
24 - عفة اللسان.
25 - لم أسمعه أو أسمع عنه أنه مدح نفسه، أو انتقص أحداً، أو عاب طعاماً، أو استكثر شيئاً قدمه للناس، أو نهر خادماً.
26 - وكان لا يقبل الخبر إلا من ثقة.
27 - يحسن الظن بالناس.
28 - قليل الكلام، كثير الصمت.
29 - كثير الذكر والدعاء.
30 - لا يرفع صوته بالضحك.
31 - كثير البكاء إذا سمع القرآن، أو قرئ عليه سيرة لأحد العلماء، أو شيء يتعلق بتعظيم القرآن أو السنة.
32 - يقبل الهدية، ويكافئ عليها.
33 - يحب المساكين، ويحنو عليهم، ويتلذذ بالأكل معهم.
34 - يحافظ على الوقت أشد المحافظة.
35 - يشجع على الخير، ويحض عليه.
36 - لا يحسد أحداً على نعمة ساقها الله إليه.
37 - لا يحقد على أحد بل يقابل الإساءة بالإحسان.
38 - معتدل في مأكله ومشربه.
39 - دقيق في المواعيد.
40 - كان متفائلاً، ومحباً للفأل.
هذه نبذة عن بعض أخلاقه،

يتبع
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
حلمه وسعة صدره :

من الصفات الحميدة، والفضائل الرشيدة، التي تميز بها سماحة الشيخ عبد العزيز - حفظه الله - على غيره من العلماء، صفة الحلم وسعة الصدر، ولا شك بل ولا ريب أن الحلم من أشرف الأخلاق، وأنبل الصفات، وأجمل ما يتصف به ذو العقول الناضجة والأفهام المستنيرة، وهو سبيل إلى كل غاية حميدة، وطريق لاحب إلى كل نهاية سعيدة. ولقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة الحليم، وما له من أجر وثواب عظيم عند الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج بن عبد القيس: إن فيك خصلتين يحبهما الله الأناة والحلم ( أخرجه البخاري ومسلم ) وبلوغ الحليم لمنزلة محبة الله ورسوله ليس بمستغرب، وذلك لأن الحلم هو سيد الفضائل، وأسّ الآداب، ومنبع الخيرات، ومصدر العقل، ودعامة العز، ومنبع الصبر والعفو.
ولقد من الله تعالى على سماحته - رعاه الله - فجمع له بين أكرم خصلتين، وأعظم خلتين وهما العلم والحلم، فبهما تميز عن غيره، ولذا اتسع صدره، وامتد حلمه، وعذر الناس من أنفسهم، والتمس العذر لأغلاطهم. ولعل من المناسب إيراد ما يدل على حلمه وسعة صدره، وشفعته على الناس، فمن ذلك أنه دخل عليه في مجلس القضاء في الدلم، رجل كثير السباب فسبَّ الشيخ وشتمه، والشيخ لا يرد عليه، وعندما سافر الشيخ / عبد العزيز بن باز إلى الحج توفي هذا الرجل فجهّز للصلاة عليه، في جامع العذار، وكان إمامه آنذاك الشيخ / عبد العزيز بن عثمان بن هليل، فلما علم أنه ذلك الرجل تنحى وامتنع عن الصلاة عليه، وقال: لا أصلي على شخص يشتم الشيخ ابن باز، بل صلوا عليه أنتم؛ فلما عاد الشيخ عبد العزيز من الحج وأخبر بموت ذلك الرجل ترحم عليه، وعندما علم برفض الشيخ ابن هليل الصلاة عليه، قال: إنه مخطئ في ذلك، ثم قال دلوني على قبره فصلى عليه وترحم عليه ودعا له.
ودخل عليه رجل آخر عنده قضية في الصباح الباكر، والشيخ يدرس الطلاب في الجامع - جامع الدلم - فوقف هذا الرجل عليهم، وأخذ ينادي بصوت مرتفع قائلا: قم افصل بين الناس، قم افصل بين الناس، واترك القراءة، فلم يزد الشيخ على أن قال: قم يا عبد الله بن رشيد، وأخبره يأتينا عندما نجلس للقضاء بعد الدرس.
وأخبرته برجل اغتابه سنين عديدة متهما إياه بصفات بذيئة، ونعوت مرذولة وأنه يطلب منه السماح والعفو، فقال: أما حقي فقد تنازلت عنه، وأرجو الله أن يهديه ويثبته على الحق.

وصف منزل سماحة الشيخ:

لسماحة الشيخ منزل في الرياض، ومنزل في الطائف وهما ملك لسماحته، ومنزل في مكة، وليس ملكاً له، وإنما هو مستأجر .
وسماحته يتنقل بينها بحسب تنقل عمله، وسفره للحج أو العمرة .
أما منزل سماحته في الرياض فيقع في حي (عُلَيْشة) وتقع في الجنوب الغربي من الرياض، ويتكون من خمسة مبان، أو وحدات سكنية بسور واحد .
أما الوحدة الأمامية من جهة الجنوب فتتكون من مجلس، ومكان للطعام، ومكتبة، ومطبخ، ومكان لإعداد القهوة، ودورات مياه، ومكتب البيت .
وما فوق هذه الغرف تابع للمكتب، وسكن للعمال من سائقين وطباخين .
وتحت ذلك دور أرضي يشتمل على مستودعات تابعة للبيوت، وسكن لبعض السائقين، وغرفة كبيرة للضيوف .
وجميع ما في هذه الوحدة خاص بموظفي المكتب، والضيوف، والعمالة .
أما الوحدة الثانية فهي سكن لأم عبدالله زوجة الشيخ الأولى .
أما الوحدة الثالثة فهي سكن لأم أحمد زوجة الشيخ الأخيرة .
أما الوحدة الرابعة فهي سكن لابنه عبدالله .
أما الوحدة الخامسة فهي سكن لابنه أحمد .
وجميع هذه الوحدات في محيط واحد ويجمعها سور واحد - كما مر - .
وبين كل وحدة ووحدة جدار وباب يفصل بعضها عن بعض، ويُدْخِل بعضها في بعض .
فإذا أراد سماحة الشيخ الخروج للعمل خرج من بيت الزوجة التي هو عندها إلى الوحدة الأمامية، التي تشتمل على مجلسه، ومكتب البيت، وإذا قدم من عمله دخل من جهة الوحدة الأمامية نفسها، وإذا انتهى مجلسه دخل الوحدات الداخلية إلى أي من الوحدتين اللتين تسكنهما زوجتاه .
أما مسكنه في الطائف فهو يشتمل على مقدمة المنزل وهي تحتوي على مجالس، ومساكن الموظفين، والضيوف والمطبخ .
أما آخر المنزل فهو خاص بأسرة سماحته، وبينهما باب يدخل منه الشيخ ويخرج .
وهكذا منزله في مكة .
والمقصود من ذكر صفة منزله أن يقف القارئ على متابعة سماحته للأعمال سواء في الدوام، أو في المنزل، ولأجل أن يدرك معنى ما يرد في ثنايا الصفحات إذا قيل دخل مكتب البيت، ثم دخل داخل منزله، ونحو ذلك، فهذا هو وصف منازله الثلاثة خصوصاً في سنواته العشرين الأخيرة .

زهده وعفته :

لعل من أبرز ما تميز به شيخنا - حفظه الله - الزهد في هذه الدنيا، مع توفر أسبابها، وحصول مقاصدها له، فقد انصرف عنها بالكلية، وقدم عليها دار البقاء، لأنه علم أنها دار الفناء، متأسيا بزهد السلف الصالح - رحمهم الله - الذين كانوا من أبعد الناس عن الدنيا ومباهجها وزينتها الفانية، مع قربها منهم، فالشيخ - حفظه الله - مثالا يحتذى به، وعلما يقتدى به، وقدوة تؤتسى في الزهد والورع وإنكار الذات، والهروب من المدائح والثناءات العاطرة، وكم من مرة سمعته في بعض محاضراته، حين يطنب بعض المقدمين في ذكر مناقبه وخصاله الحميدة، وخلاله الرشيدة، يقول: " لقد قصمت ظهر أخيك، وإياكم والتمادح فإنه الذبح، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون " بمثل هذه الكلمات النيرة، والتوجيهات الرشيدة نراه يكره المدح والثناء كرها شديدا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على زهد في القلب وعفة في الروح، وطهارة في الجوارح، وخشية للمولى جل وعلا.
وأما عفته وتعففه فهو بحر لا ساحل له، فهو عف اللسان، عفيف النفس طاهر الذيل بعيدا عن المحارم، مجانبا للمآثم، مقبلا على الطاعات، مدبرا عن السيئات ومواطن الزلل - نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا -.


صدقه :

أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون، أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
أنزل الله عليه الكتاب تبيانا لكل شيء، فبيّن صلى الله عليه وسلم أهدافه، وقيّد مطلقه، وخصص عامه، بعث صلوات الله وسلامه عليه ليتمم مكارم الأخلاق، فبيّن ذلك أتم بيان بقوله وفعله وتقريره، وإن من أعظم مكارم الأخلاق التي أمر الله بها وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم " الصدق " وهو مطابقة الخبر للواقع، وقيل هو استواء السر والعلانية، والظاهر والباطن، وبأن لا تكذَّب أحوال العبد أعماله، ولا أعماله أحواله.
ولقد بلغ الشيخ عبد العزيز - بيَّض الله وجهه - من الصدق مبلغا عظيما، وغاية سامية ومنزلة رفيعة، فتجد جميع الناس يثقون به وبعلمه، وبفتاواه التي يعرفون أن مصدرها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويتقبلون نصحه لأنهم يعلمون أنه صادر من قلب صادق مبني على الرحمة والشفقة وحب الهداية للخلق والخير لهم، وهذا الأمر - أعني به الثقة المتناهية - إنما نتجت وحصلت له، من جهة معلومة هي صدقه مع خالقه ومولاه، ونزاهته وإخلاصه.


عظيم تواضعه:

التواضع هو انكسار القلب لله، وخفض جناح الذل والرحمة للخلق، ومنشأ التواضع من معرفة الإنسان قدر عظمة ربه، ومعرفة قدر نفسه، فالشيخ - حفظه الله - قد عرف قدر نفسه، وتواضع لربه أشد التواضع، فهو يعامل الناس معاملة حسنة بلطف ورحمة ورفق ولين جانب، لا يزهو على مخلوق، ولا يتكبر على أحد، ولا ينهر سائلا، ولا يبالي بمظاهر العظمة الكاذبة، ولا يترفع عن مجالسة الفقراء والمساكين، والمشي معهم، ومخاطبتهم باللين، ولا يأنف أبدا من الاستماع لنصيحة من هو دونه، وقد طبق في ذلك كله قول الله: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحدٍ ولا يبغي أحد على أحد أخرجه مسلم ( 2865 ).
ومما يندرج تحت هذا الخلق خلقا: السكينة والوقار، وهما من أبرز صفات الشيخ - حفظه الله - وهما أول ما يواجه به الناس سواء القرباء أو البعداء، جلساءه الأدنين أو زواره العابرين، فإن الناس ليتكبكبون حوله أينما وجد، في المسجد، في المنزل، في المكتب، وإنه ليصغي لكل منهم في إقبال يخيل إليه أنه المختص برعايته، فلا ينصرف عنه حتى ينصرف هو، ومراجعوه من مختلف الطبقات، ومن مختلف الأرجاء، ولكل حاجته وقصده، فيقوم الشيخ - حفظه الله - بتسهيل أمره، وتيسير مطلبه، ولربما ضاق بعضهم ذرعا عليه، بكلمات يرى نفسه فيها مظلوما فما من الشيخ - حفظه الله إلا أن يوجهه للوقار والدعاء له بالهداية والصلاح، إنها والله صور صادقة، بالحق ناطقة، تدل على تواضع جم، وحسن سكينة، وعظيم أناة وحلم، وكبير وقار.
ومما يؤكد تواضعه - حفظه الله - تلبية دعوة طلابه ومحبيه في حفلات الزواج الخاصة بهم، ويحضر حضورا مبكرا، ويطلب من أحد الإخوان قراءة آيات من القرآن الكريم، ثم يقوم بتفسيرها للجميع، هذا دأبه والغالب عليه في حضوره للولائم - رفع الله قدره -.

كرمه :

الكرم صفة محمودة، ومنقبة جليلة، وأكرم الورى على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أجود بالخير من الريح المرسلة - وخاصة في رمضان -.
والكرم في اصطلاح العلماء وهو التبرع بالمعروف قبل السؤال، والإطعام في المحل، وإكرام السائل مع بذل النائل.
والشيخ عبد العزيز - حفظه الله - كرمه معروف مشهور، وكرمه كرم أصيل لا تكلف فيه ولا تنطع، وقد سماه بعض محبيه حاتم الطائي في هذا العصر، فمائدته لا تخلو من ضيوف أبدا، يلتقي عليها الصغير والكبير، والغريب والقريب، وما أظن طعاما له خلا من عديد الضيفان حتى لكأنه هو القائل:

إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له أكيلا فإني لست آكله وحدي
أخا سفر أو جار بيت فإنني أخاف مذمـات الحوادث من بعدي
وهذه الصفة مما انفرد سماحته - حفظه الله - دون غيره من العلماء، فهو كريم وكرمه يتمثل في أمور عدة:
أولا: عطاءه المستمر للفقراء والمحتاجين والمساكين فهو لا يرد طلبا، ولا يمسك شيئا من ماله لا قليلا ولا كثيرا، وربما مر عليه بعض الأشهر يستدين على راتبه، ولربما باع أغراضا مهمة لإنفاق قيمتها في سبيل الله.
ثانيا: يتمثل كرمه في أنه ما يدنو وحده إلى طعامه، ولا يأكل منفردا وحيدا، وإنما إذا حضر طعامه أحضر الناس على طعامه وسفرته، ويحضر العلماء والطلبة والمفكرون والأدباء والعامة وعابري السبيل والفقراء والمساكين، فيحيي الجميع ويرحب بهم أطيب الترحيب، ثم إذا أراد أحدهم أن يستعجل قال: كل باختياره لا ينظر أحد إلى أحد ويقول لمن دعا الله له، جعل الله فيه العافية.
بمثل هذه الأخلاق الرضية، والصفات الحميدة، حصل للشيخ طيب الذكر، وحسن الأثر، لا في الرياض وحدها، ولا في المملكة فحسب، ولا في العالم العربي ولكن في جميع العالم كله، وهناك - ولله الحمد والمنة - إجماع أو شبه إجماع على حبه وعلى أنه البقية الباقية الثابتة على طريق السلف الصالح.
وهذه الصور المشرقة التي سقناها عن كرم الشيخ وجوده تعتبر بمثابة دعوة مفتوحة إلى التنافس في الخير، والتسابق في ميادين الفضيلة والبعد عن الشح والحرص والبخل، وذلك أن الإسلام دين يقوم على التعاون والبر والبذل والإنفاق، ويحذر من الأنانية والإمساك ولذلك رغب صلى الله عليه وسلم في أن تكون النفوس بالعطاء سخية، والأكف بالخير ندية، ووصى أمته بالمسارعة إلى دواعي الإحسان، ووجوه البر وبذل المعروف، وإلى كل خلق نبيل.

يتبع
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
أوصافه الخلقية :


إن الشيخ - حفظه الله - يمتاز باعتدال في بنيته، مع المهابة، وهو ليس بالطويل البائن، ولا القصير جدا، بل هو عوان بين ذلك، مستدير الوجه، حنطي اللون، أقنى الأنف، ومن دون ذلك فم متوسط الحجم، ولحية قليلة على العارضين، كثة تحت الذقن، كانت سوداء يغلبها بعض البياض فلما كثر بياضها صبغها بالحناء، وهو ذو بسمة رائعة تراها على أسارير وجهه إن ابتسم؛ وهو عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ويمتاز بالتوسط في جسمه فهو ليس بضخم الكفين ولا القدمين؛ وأوصافه فيها شبه من أوصاف العلماء السابقين - رحمهم الله -.


فراسته :

إن الفراسة حلية معلومة، وخصلة حميدة لكبار العلماء وأهل الفضل والهدى، والفراسة كما قال عنها الإمام ابن القيم - رحمه الله -. الفراسة الإيمانية سببها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرِّق به بين الحق والباطل، والحال والعاطل، والصادق والكاذب، وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان، فمن كان أقوى إيمانا فهو أحدَّ فراسة، وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أعظم الأمة فراسة، وبعده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ووقائع فراسته مشهورة، فإنه ما قال لشيء. " أظنه كذا إلا كان كما قال " ويكفي في فراسته موافقته ربه في مواضع عدة.
وفراسة الصحابة - رضي الله عنهم - أصدق الفراسة، وأصل هذا النوع من الفراسة عن الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده، فيحيا القلب بذلك ويستنير، فلا تكاد فراسته تخطئ، قال تعالى. { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}
قال بعض السلف. " من غض بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات وعمر باطنه بالمراقبة وظاهره باتباع السنة لم تخطئ فراسته ".
والشيخ عبد العزيز - وقاه الله مصارع السوء - ولا نزكي على الله أحدا -، صاحب بصيرة نافذة، وفراسة حادة، يعرف ذلك جيدا من عاشره وخالطه، وأخذ العلم على يديه. ومما يؤكد على فراسته أنه يعرف الرجال وينزلهم منازلهم، فيعرف الجادّ منهم في هدفه ومقصده من الدعاة وطلبة العلم فيكرمهم أشد الإكرام، ويقدمهم على من سواهم، ويخصهم بمزيد من التقدير ويسأل عنهم وعن أحوالهم دائما، وله فراسة في معرفة رؤساء القبائل والتفريق بين صالحهم وطالحهم، وله فراسة أيضا في ما يعرض عليه من المسائل العويصة، والمشكلات العلمية؛ فتجده فيها متأملا متمعنا لها، تقرأ عليه عدة مرات، حتى يفك عقدتها، ويحل مشكلها، وله فراسة أيضا في ما يتعلق بالإجابة عن أسئلة المستفتين، فهو دائما يرى الإيجاز ووضوح العبارة ووصول المقصد إن كان المستفتي عاميا من أهل البادية، وإن كان المستفتي طالب علم حريص على الترجيح في المسألة، أطال النفس في جوابه مع التعليلات وذكر أقوال أهل العلم، وتقديم الأرجح منها، وبيان الصواب بعبارات جامعة مانعة.
جزاه الله خيرا، وأعظم له أجرا.


فصاحته :

اللغة العربية لغة جميلة في بابها، ماتعة في لبابها وفوائدها، فهي لغة القرآن والسنة، أسلوبا ومنهجا، ومقصدا ومغزى، وهي الوسيلة إلى فهم الدين، وإدراك أسراره، وسبر أغواره، وهي من مستلزمات الإسلام وضروراته.
والشيخ - أدام الله عزه - يعد وبجداره من أرباب الفصاحة، وأساطين اللغة وخاصة في علم النحو، وفي علوم اللغة العربية كافة.
وفصاحته تبرز في كتابته ومحادثته، وخطبة ومحاضراته وكلماته، فهو ذو بيان مشرق، ونبرات مؤثرة حزينة، وأداء لغوي جميل، ويميل دائما إلى الأسلوب النافع الذي كان عليه أكثر أهل العلم وهو الأسلوب المسمى " السهل الممتنع " فتجده - حفظه الله - من أكثر الناس بعدا عن التعقيد والتنطع في الكلام والتشدق في اللفظ والمعنى، والتكلف والتمتمة، بل هو سهل العبارة، عذب الأسلوب، تتسم عباراته وكتاباته بالإيجاز والإحكام والبيان.
ومن نوافل الأمور أن يقدر القارئ الكريم ثقافة الشيخ - حفظه الله - في اللغة والأدب وحسن البيان، لأن معرفة ذلك وإتقانه من الأسس الرئيسية في فهم آيات الكتاب ونصوص السنة النبوية، ومعرفة مدلولات العلماء، ولهذا كان الشيخ - رعاه الله - متمكنا مجيدا للخطابة والكتابة.
ومن المألوف حقا - في عالم الإسلام - أن الذين يحرمون بصرهم من أهل العلم، يمتازون بالفصاحة في الألفاظ والمعاني، وقوة الخطابة وإتقانها، لأن معظم اعتمادهم على الإلقاء والخطابة في الدرس والوعظ والدعوة، وهذا ما يتجلى واضحا في الشيخ - حفطه الله -.
والشيخ - ختم الله له بخير - خطيب مصقع، وواعظ بليغ سواء في محاضراته الكثيرة النافعة أو تعقيباته على محاضرات غيره، أو في توجيهاته الحكمية، وتوصياته المفيدة، التي تشرئب إليها الأسماع، وتتطلع لها الأفئدة والقلوب الصادقة المؤمنة.
ومن مميزاته وخصائصه الخطابية قدرته على ترتيب أفكاره حتى لا تشتت، وضبطه لعواطفه حتى لا تغلب عقله، ثم سلامة أسلوبه، الذي لا يكاد يعتريه اللحن في صغير من القول أو كبير، وأخيرا تحرره من كل أثر للتكلف والتنطع.


قوة حافظته وحضور بديهته:

ومما تميّز به سماحته - حفظه الله - قوة الحافظة، وسرعة البديهة، واستحضار مسائل العلم بفهم واسع، ووفرة في العلم، وشدة في الذكاء، وغزارة في المادة العلمية، فهو - رعاه الله - صاحب ألمعية نادرة، ونجابة ظاهرة.
وإن نعمة الحفظ، وقوة الذاكرة، هما من الأسباب القوية - بعد توفيق الله عز وجل - على تمكنه من طلبه للعلم، وازدياد ثروته العلمية، المبنية على محفوظاته التي وعتها ذاكرته في مراحل التعلم والتعليم، وقد حباه الله من الذكاء وقوة الحفظ وسرعة الفهم، مما مكنه من إدراك محفوظاته العلمية عن فهم وبصيرة.
ومما يؤكد على ذلك أنه لربما سُئِلَ عن أحاديث منتقدة في الكتب الستة وغيرها من كتب السنة فيجيب عليها مع تخريجها والتكلم على أسانيدها ورجالها، وذكر أقوال أهل العلم فيها، وهو ممَّن منَّ الله عليه بحفظ الصحيحين واستحضارهما، ولا يكاد يفوته من متونهما شيء؛ إلا اللهم أنه سُئِلَ مرة ونحن على طعام الغداء عنده، فقال السائل: هل تحفظ الصحيحين فأجاب قائلا - نعم ولله الحمد والمنة - إلا أن صحيح مسلم يحتاج إلى نظر وتربيط.
ومما يؤكد ويبرهن على قوة حافظته وحضور بديهته، أنه في كلماته ومحاضراته ومواعظه تجده كثير الاستدلال بالنصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال أهل العلم الشرعية، يأتي عليها بسياقها ولفظها وتمامها، وهكذا في اجتماعات هيئة كبار العلماء، تجده يذكر المسألة وأقوال أهل العلم فيها مبينا الجزء والصفحة والكتاب المنقول عنه القول.
وثم أمر آخر يؤكد على قوة حافظته أنه يميز بين أصوات محبيه الذين يقدمون للسلام عليه، مع كثرتهم ووفور عددهم، وقد حدَّثني بعض من عاصر الشيخ قديما وحديثا أنني قدمت للسلام عليه بعد مدة من الزمن طويلة، فبادرته بالسلام، فعرفني من أول وهلة، ورد عليَّ السلام مناديا باسمي، وهذا دأبه في أغلب من يقدمون عليه للسلام.
وأيضا مما يؤكد على قوة ذاكرته أنك تجده يورد القصص القديمة التي حصلت قبل ستين سنة أو أكثر كأنه مطلع عليها، ينظر إليها ويتأمل في أمرها، وهذا أمر معلوم عند من خالط الشيخ وعرفه تمام المعرفة.


هيئته ولباسه :

يعتبر الشيخ - حفظه الله - حسن الهيئة ، جميل المظهر ، ولا يتكلف في ذلك أبدا، ويحرص جدا على لباس البياض في ثيابه، ويحب ارتداء الثياب الواسعة، وثيابه تصل إلى أنصاف ساقيه، ويزين ثيابه بمشلح وعباءة عودية اللون، وهو سلفي في المظهر والشارة.


هيبته:

مما تميز به سماحته - حفظه الله - الهيبة، وقد حدثني غير واحد من كبار العلماء الفضلاء وطلبة العلم أن للشيخ هيبة فيها عزة العلماء مع عظيم مكانتهم وكبير منزلتهم، وهذه الهيبة قذفها الله في قلوب الناس، وهي تنم عن محبة وإجلال وتقدير له، لا من خوف وهلع وجبن معه، بل إن الشيخ - حفظه الله ورعاه - قد فرض احترامه على الناس، بجميل شمائله وكريم أخلاقه، مما جعلهم يهابونه حياء منه، ويقدرونه في أنفسهم أشد التقدير.
ومما زاد هيبته أنه ابتعد عن ساقط القول، ومرذول اللفظ، وما يخدش الحياء أشد الابتعاد، فلا تكاد تجد في مجلسه شيئا من الضحك إلا نادرا ولماما، بل تجد مجالسه عامرة بذكر الله، والتفكر والتأمل في الدار الآخرة.
ومع هذه المكانة العظيمة، والمنزلة السامية، والهيبة، فإنه آية في التواضع، وحسن المعاشرة، وعلو الهمة، وصدق العزيمة، مع عزة في النفس، وإباء في الطبع، بعيدا كل البعد عن الصلف والتكلف المذموم كأنه واضع بين نصب عينيه قوله تعالى: وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ

ترجمة الشيخ عبد الرزاق عفيفي :

ترجمة الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله - هذه الترجمة كتبها فضيلة الشيخ عبد الرزاق بخط يده مُعَرِّفًا بسماحة الشيخ عبد العزيز، ومنوها بجهوده فقال:
هو فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز، ولد بالرياض في شهر ذي الحجة عام 1330 هـ، وحفظ فيها القرآن، وجوّده على الشيخ سعد وقاص البخاري بمكة المكرمة
وأخذ علومه في الشريعة واللغة العربية من مشاهير علماء نجد، منهم الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، والشيخ صالح ابن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين آل الشيخ، والشيخ سعد بن حمد بن علي بن محمد بن عتيق، والشيخ حمد بن فارس، وسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، وكان أكثر ما تلقَّاه عن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم وعليه تخرج في علوم الشريعة واللغة العربية
ورأى أن من الغبن لنفسه أن يكتفي بما حصّله من تلك العلوم أيام طلبه وتلقيه عن مشايخه، لما في ذلك من هضمها حقها وحرمانها من الحظ الوافر في العلم والدين، فتابع الإطلاع والبحث
ودأب في التحصيل وبذل جهده في تحقيق المسائل بالرجوع إلى نطاقها في أمهات الكتب كلما دعت الحاجة إلى ذلك في تدريسه وفيما يعرض له من القضايا المشكلة أيام توليه القضاء، وفي إجابته عما يوجه إليه من أسئلة تحتاج إلى بحث وتنقيب، وفي رده على ما ينشر من أقوال باطلة وآراء منحرفة فازداد بذلك تحصيله ورسوخه، ونبغ في كثير من علوم الشريعة وخاصة الحديث متنا وسندا، والتوحيد على طريقة السلف، والفقه على مذهب الحنابلة، حتى صار فيها من العلماء المبرزين
وقد ولى القضاء أول عهده بالحياة العملية أربعة عشر عاما تقريبا ابتداء من 1357 هـ،
ثم دعي إلى التدريس بالكليات والمعاهد العلمية في الرياض عام 1372 هـ فكان مثالا للعالم المحقق، المخلص في عمله، فنهض بطلابه، واستفادوا منه كثيرا
واستمر على ذلك إلى أن أنشئت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فعين نائبا لرئيسها العام فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، فأحسن قيادتها والإشراف عليها.
وإلى جانب ما كلف به من أعمال، وحمله من أعباء ومسئوليات، كان ينتهز الفرصة لوعظ الناس، وإرشادهم في المساجد، ويغشى النوادي لإلقاء المحاضرات، ويحرص على قراء الكتب النافعة مع إخوانه، ويستجيب لمن رغب إليه من طلبة العلم في دراسة بعض الكتب عليه، فيحقق لهم أمنيتهم بصدر رحب ورغبة صادقة
ولم يحرم نفسه من نفع الناس بالتأليف مع قلة فراغه، فألف جملة من الكتب والرسائل في مناسبات وظروف تدعو إلى ذلك. منها
" الفوائد الجلية في المباحث الفرضية "
و " نقد القومية العربية
و " توضيح المناسك "
و " رسالة في نكاح الشغار "
و " رسالة في التبرج والحجاب "
و " الجواب المفيد في حكم التصوير "
ومقال نشر في الصحف تحت عنوان " ما هكذا تعظم الآثار " وهو الرسالة التي طبعت ضمن رسائل وكتب الجامع الفريد.
ويغلب على مؤلفاته وضوح المعنى، وسهولة العبارة، وحسن الاختيار، مع قوة الحجة والاستدلال، وغير ذلك مما يدل على النصح وصفاء النفس وسعة الأفق والاطلاع، وحدة الذكاء، وسيلان الذهن، وبالجملة فالشيخ قد وهب نفسه للعلم والمتعلمين، وبذل جهده في تحقيق المصالح لمن قصده أو عرف به، مع رحابة صدر، وسماحة خاطر.
فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأرجو أن أكون صادقا فيما ذكرت من الحديث عنه، وألا يكون ذلك فتنة لي ولا له، وأن يزيده الله به رغبة في الخير، وقوة في الإقدام عليه، إنه مجيب الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يتبع
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
ترجمة الشيخ عطية محمد سالم:

نبذة موجزة عن فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله-بقلم الشيخ عطية محمد سالم
- رعاه الله-
الاسم:
هو فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز.
مولده:
ولد ببلدة الرياض عاصمة نجد في ذي الحجة عام 1330 هـ.
نشأته:
نشأ من أول عمره في طلب العلم وفي أسرة كريمة محبة للعلم وأهله.
دراسته:
بدأ دراسته بحفظ القرآن الكريم فحفظه قبل البلوغ ثم تلقى العلوم الشرعية والعربية عن علماء الرياض.
مشايخه:
أخذ عن عدة مشايخ ودرس على أيدي كثيرين مددا مختلفة أكثرهم من آل الشيخ أحفاد الإمام المحاضر عنه. ومنهم الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ. ومنهم الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ قاضي الرياض آنذاك. ومنهم الشيخ سعد بن حمد بن عتيق من آل عتيق قاضي الرياض آنذاك. ومنهم الشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال آنذاك، ومنهم الشيخ سعد وقاص البخاري بمكة المكرمة أخذ عليه التجويد خاصة. ومنهم سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى، وهو الذي درس عليه جميع الدروس وكان له الحظ الأوفر في تحقيق العلوم على يديه، فقد لازم درسه نحو عشر سنوات حيث بدأ الدراسة. على سماحته ابتداء من عام 1347 هـ إلى عام 1357 هـ إلى أن رشحه سماحته إلى القضاء.
منهج الدراسة:
قد تتعدد الدراسة في عدة فنون على عدة مشايخ في وقت معا أو على شيخ واحد في دروس متعددة، وقد كانت دراسة الشيخ حفظه الله تعالى سماحة المفتي دراسة لها نظامها الخاص، وهو نظام التدرج والبداءة بالأهم. فأولا بدأ بدراسة العقائد وابتدأها بالأصول الثلاثة، ثم كشف الشبهات، ثم كتاب التوحيد، ثم العقيدة الواسطية، وهكذا في الفقه بالتدرج في المتون وكذلك الفرائض قرأها مرارا وكذلك في النحو في الأجرومية ثم الملحة، ثم القطر، إلخ..
أوقات الدراسة ومكانها:
كانت أوقات الدراسة مع سماحة المفتي كالآتي: في الصباح بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس في المسجد، ثم ضحوة النهار في مجلس سماحة المفتي في البيت، ثم بعد الظهر، وبعد العصر، وبعد المغرب، عقب الصلوات في المسجد.
علوم الشيخ:
يعد فضيلته من كبار العلماء المجتهدين، حيث يسر الله له من العلوم في العربية ما يمكنه من النظر الكافي في العلوم الدينية، وقد كرس جهوده لأول وهلة في علوم الشريعة خاصة الفقه على مذهب الحنابلة، ثم أولى الحديث عنايته التامة متنا وسندا، وكذلك علوم القرآن الكريم مما جعل فضيلته يعد في علماء العالم الإسلامي المبرزين حفظهم الله تعالى. غير أنه يمكن أن يعد في علماء الفقه والحديث والعقيدة وله مؤلفات في ذلك وفتاوى عدة
أعماله:
ولي القضاء في منطقة الخرج أربعة عشر عاما، وأشهر وذلك من عام 1357 هـ إلى 1371 هـ ولم يكن عمله في القضاء قاصرا على مهمة المحكمة بل كان يعنى بشئون المنطقة العامة من تعليم وزراعة وصحة، ويراسل المسئولين في كل ما من شأنه إصلاح المنطقة حتى كان وجوده كوجود الأب المشفق حول أبنائه في وسطهم يعني بكل ما يهمهم، وقد كان المسئولون حفظهم الله عند حسن ظنه لما أحسوا من نصحه وإخلاصه. ولم تزل آثاره الإصلاحية باقية حتى الآن. ثم انتقل إلى التدريس في المعاهد والكليات أول افتتاحها عام 1371 هـ إلى عام 1380 هـ حين فتحت الجامعة وكان حفظه الله أثناء علمه في ميدان التدريس أسند إليه تدريس ثلاثة فنون هي الفقه، والتوحيد، والحديث، في كلية الشريعة. فكان ( حفظه الله ) مثلا لرحابة الصدر، وإبانة المسائل، وتربية الطلاب على طريقة الترجيح، ولا سيما أن مواطن الدرس في كل من الحديث والفقه كانت متفقة، فمثلا يدرس باب الزكاة في الفقه وباب الزكاة في الحديث، فإذا كانت حصة الفقه قرر المسألة على مذهب الحنابلة بدليلها. عندهم وإذا كان درس الحديث قرر المسألة على ما تنص عليه الأحاديث فإن وافقه المذهب كان تأييدا له، وإذا خالفه أشار إلى وجه الترجيح ودعا إلى الأخذ بما يسانده الدليل، بدون تعصب لمذهب معين
ومما يحفظ لفضيلته:
عدم التثاقل من السؤال وتوجيه الطالب إلى أراده، وربما توقف عن الإجابة وطلب الإمهال إذا كانت المسألة تحتاج إلى نظر وتأمل، بأن كانت من مواضع الخلاف مثلا، وكان بعيد العهد بها، وفي ذلك كما يقول علماء التربية الحديثة بعث النشاط في همة الطالب وبث روح الثقة بالنفس، وتفتح آمال التحصيل عند الطالب، حيث يشعر أن العلم بالبحث والدرس، وأنه لا يقدم على القول إلا بعد المعرفة التامة. وفي العقائد كان مثال الاعتدال، لا هو من أولئك المتطرفين الذين يطلقون عبارات الشرك والكفر على كل صغيرة وكبيرة، ولا هو من المتساهلين الذين يغضون النظر عن صغار الأمور. بل كان ينبه على الصغيرة والكبيرة، ويضع كل شيء في موضعه، يجعل الشرك شركا والبدعة بدعة، حتى جعله بعض من لقيه من غير المملكة مقياسا عادلا لمبدأ الدعوة ورجالها عدالة واعتدالا، ولم يزل كذلك حتى وهو في علمه الإداري إذا جلس للدرس في المسجد أو غيره. ثم أسند إلى فضيلته نيابة رئاسة الجامعة الإسلامية من عام 1381 هـ وكان ذلك ولله الحمد نعمة من الله تعالى، خاصة في بدء تكوينها حيث تحتاج إلى التسامح والرفق مع الحزم والحكمة. وقد وفق الله تعالى لهذه المؤسسة المباركة سيرا حميدا وبدأت ثمار أعمالها تظهر براعم تتفتح، وثمار تينع، نفع الله بها العالم الإسلامي ووفق لها من يساعد على أداء واجبها إنه سميع مجيب.
مؤلفاته:
لعل كثرة أعمال الشيخ لم تتركه يتفرغ إلى التأليف. غير أنه لم يترك الفرص حيث عنت له وقد أبرز حتى الآن مؤلفات في مختلف الفنون منها:
1- الفوائد الجلية في المباحث الفرضية طبع عدة مرات.
2- نقد القومية العربية- طبع- أعيد طبعه.
3- توضيح المناسك- طبع عدة مرات.
4- رسالة في نكاح الشغار- طبع.
5- الجواب المفيد في حكم التصوير- طبع.
6- رسالة في التبرج والحجاب- طبع. مع عدة فتاوى خاصة وعامة.
نفع الله به وبعلومه، ووفقه لما يحبه ويرضاه آمين.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم.

نبذة أملاها بنفسه وأقرها:

نبذة عن حياة سماحته أملاها بنفسه وأقرها
أنا عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز. ولدت بمدينة الرياض في ذي الحجة سنة 1330 هـ.
وكنت بصيرا في أول الدراسة ثم أصابني المرض في عيني عام 1346 هـ. فضعف بصري بسبب ذلك. وأسأل الله جل وعلا أن يعوضني عنه بالبصيرة في الدنيا والجزاء الحسن في الآخرة، كما وعد بذلك سبحانه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، كما أساله سبحانه أن يجعل العاقبة حميدة في الدنيا والآخرة.
وقد بدأت الدراسة منذ الصغر وحفظت القرآن الكريم قبل البلوغ ثم بدأت في تلقي العلوم الشرعية والعربية على أيدي كثير من علماء الرياض من أعلامهم:
1- الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله.
2- الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. قاضي الرياض رحمهم الله.
3- الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ( قاضي الرياض ).
4- الشيخ حمد بن فارس ( وكيل بيت المال بالرياض ).
5- الشيخ سعد بن وقاص البخاري ( من علماء مكة المكرمة ) أخذت عنه علم التجويد في عام 1355 هـ.
6- سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ. وقد لازمت حلقاته نحوا من عشر سنوات وتلقيت عنه جميع العلوم الشرعية ابتداء من سنة 1347 هـ. إلى سنة 1357 هـ حيث رشحت للقضاء من قبل سماحته. جزى الله الجميع أفضل الجزاء، وأحسنه وتغمدهم جميعا برحمته ورضوانه.
وقد توليت عدة أعمال هي:
1- القضاء في منطقة الخرج مدة طويلة استمرت أربعة عشر عاما وأشهرا وامتدت بين سنة 1357 هـ. إلى عام 1371 هـ.. وقد كان التعيين في جمادى الآخرة من عام 1357 هـ. وبقيت إلى نهاية عام 1371 هـ.
2- التدريس في المعهد العلمي بالرياض سنة 1372 هـ. وكلية الشريعة بالرياض بعد إنشائها سنة 1373 هـ. في علوم الفقه والتوحيد والحديث واستمر عملي على ذلك تسع سنوات انتهت في عام 1380 هـ.
3- عينت في عام 1381 هـ نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وبقيت في هذا المنصب إلى عام 1390 هـ.
4- توليت رئاسة الجامعة الإسلامية في سنة 1390 هـ. بعد وفاة رئيسها شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه في رمضان عام 1389 هـ. وبقيت في هذا المنصب إلى سنة 1395 هـ.
5- وفي 14 / 10 / 1395 هـ صدر الأمر الملكي بتعييني في منصب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة " وزير " ولا أزال إلى هذا الوقت في هذا العمل. أسال الله العون والتوفيق والسداد.
ولي إلى جانب هذا العمل في الوقت الحاضر عضوية في كثير من المجالس العلمية والإسلامية من ذلك:
1- عضوية هيئة كبار العلماء بالمملكة.
2- رئاسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الهيئة المذكورة.
3- عضوية رئاسة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي.
4- رئاسة المجلس الأعلى العالمي للمساجد.
5- رئاسة المجتمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي.
6- عضوية المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
7- عضوية الهيئة العليا للدعوة الإسلامية في المملكة.
أما مؤلفاتي فمنها:
1- الفوائد الجلية في المباحث الفرضية.
2- التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة " توضيح المناسك ".
3- التحذير من البدع، ويشتمل على أربع مقالات مفيدة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي وليلة الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان وتكذيب الرؤيا المزعومة من خادم الحجرة النبوية المسمى الشيخ أحمد ".
4- رسالتان موجزتان في الزكاة والصيام.
5- العقيدة الصحيحة وما يضادها.
6- وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها.
7- الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة.
8- وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه.
9- حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار.
10- نقد القومية العربية.
11- الجواب المفيد في حكم التصوير.
12- الشيخ محمد بن عبد الوهاب " دعوته وسيرته ".
13- ثلاث رسائل في الصلاة:
1- كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
2- وجوب أداء الصلاة في جماعة
3- أين يضع المصلي يديه حين الرفع من الركوع.
14- حكم الإسلام فيمن طعن في القرآن أو في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
15- حاشية مفيدة على فتح الباري وصلت فيها إلى كتاب الحج.
16- رسالة الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب.
17- إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين.
18- الجهاد في سبيل الله.
19- الدروس المهمة لعامة الأمة.
20- فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة.
21- وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة.

صلاة سماحة الشيخ:

للصلاة منزلة كبرى ، وقدر عظيم عند سماحة الشيخ رحمه الله .
ومما يحضرني في شأن الصلاة عند سماحته ما يلي:
1 - كان قلبه معلقاً بالمساجد ، فلا يشغله عن الصلاة والتبكير إليها كثرةُ الأعمال ، ولا تزايد المراجعين.
2 - إذا تأخر المؤذن قليلاً عن وقت الأذان أخذ سماحته يتساءل: ألم يحن الأذان بعد ؟
3 - إذا سمع سماحته الأذان بادر إلى متابعته ، وترك جميع ما في يده من الأعمال ، وإذا كان أحد يحادثه ، أو يهاتفه قال: يؤذن؛ ليشعر مَنْ يحادثه أو يهاتفه بأنه سيتابع المؤذن.
وإذا أذن المؤذن وسماحته في مكالمة مهمة من خارج المملكة ، أو مع شخص كبير الشأن ثم انتهى من المكالمة أعاد متابعة الأذان ولو بعد انتهاء المؤذن.
4 - إذا انتهى المؤذن ، وانتهى سماحته من متابعته ، شرع بالأذكار الواردة بعد الأذان؛ حيث يصلي على النبي"ويقول: ماورد في البخاري " اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته " وزاد البيهقي في آخره بإسناد يقول سماحته: إنه حسن: " إنك لا تخلف الميعاد " .
ويقول - أيضاً - بعد الأذان ما رواه مسلم: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله رضيت بالله ربَّاً ، وبمحمد رسولاً ، وبالإسلام ديناً " .
5 - وإذا أتى بما ورد بعد الأذان قام من فوره إلى المسجد ، وقال: الصلاة الصلاة ، ولا يلتفت إلى شيء ، وربما قام فور سماعه الأذان ، وتابع المؤذن وهو يسير.
وإذا قال له أحد: لقد أتيتُ من بعيد فإن سماحته يقول: حدثني بما تريد ونحن نسير إلى المسجد ، أو ائت بعد الصلاة ، أو في وقت آخر.
6 - وإذا خرج من منزله إلى المسجد قال دعاء الخروج الذي رواه أبو داود والنسائي ، والترمذي بإسناد يحسنه سماحته ، ونص الدعاء: " بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله " .
ويقول - أيضاً - ما جاء في حديث أم سلمة - رضي الله عنها - الذي رواه أحمد ، وأبو داود والترمذي ، وابن ماجه: " اللهم إني أعوذ بك أن أضِلَّ ، أو أُضَلَّ ، أو أزِلَّ أو أُزَلَّ ، أو أجهَل أو يُجْهَل عليّ " وهذا لفظ أبي داود وإسناده صحيح كما يقول سماحته.
7 - وبعد ذلك يسير إلى المسجد مُسَبِّحا ، مستغفراً ، مهللاً ، مصلياً على النبي".
8 - وإذا دخل المسجد قدم رجله اليمنى ، وسلم على النبي"وقال: " اللهم افتح لي أبواب رحمتك " رواه مسلم وأبو داود واللفظ لأبي داود.
ويقول: " أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " أخرجه أبو داود بإسناد حسن كما قال سماحته رحمه الله .
9 - وإذا خرج من المسجد سلم على النبي"وقال: " اللهم إني أسألك من فضلك " رواه مسلم وأبو داود واللفظ له.
وكذلك يسلم على النبي"ويقول: " اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم " أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح كما يقول سماحته رحمه الله .
10 - وإذا فرغ من الصلاة شرع بالإتيان بالأذكار الواردة بعد التسليم من صلاة الفريضة ، فكان فور تسليمه يستغفر ثلاثاً ، ثم يقول: " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ، ولا نعبدإلا إياه ، له النعمة ، وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " .
وبعد ذلك يسبح الله ثلاثاً وثلاثين ، ويحمده مثل ذلك ، ويكبره مثل ذلك ، ويقول تمام المائة: " لا إله ولا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " ، وكان رحمه الله يعقد التسبيح بيمينه.
ويقرأ آية الكرسي ، و[قل هو الله أحد] ، و[قل أعوذ برب الفلق] ، و [قل أعوذ برب الناس بعد كل صلاة].
وبعد المغرب والفجر يكرر هذه السور الثلاث ثلاث مرات ، ويزيد: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير " عشر مرات.
11 - لا أعلم أنه ترك سنة من السنن الثابتة في الصلاة.
12 - الخشوع الظاهر على جوارحه في الصلاة؛ فإذا دخل سماحته في الصلاة نسي كل شيء من أمر الدنيا ، وكأنه يصلي صلاة مودع؛ حيث يبدأ بالسواك ، ويكبر ، ويضع يديه على صدره؛ فإذا رأيته رأيت رجلاً قد نبذ الدنيا وزخارفها خلف ظهره؛ حيث تسكن جوارحه ، فلا يرفع رجلاً ولا يداً ، ولا يتحرك أي حركة إلا ما تدعو إليه الحاجة.
13 - المحافظة التامة على أداء الصلاة كما صلاها رسول الله"حتى إنه في آخر أيام حياته ، ومع شدة وطأة المرض عليه - كان يصلي صلاته المعتادة ، وكأنْ لم يكن به بأس قط؛ فصلاته هي هي ، حتى فارق الدنيا.
14 - الاعتدال في أداء الصلاة؛ فصلاته كانت معتدلة متوازنة ، لا إفراط فيها ، ولا إخلال ، حتى إنني تَقَصَّدت أن أحسب وقت أدائه لصلاة الظهر مدة أسبوعين ، فوجدتها ثمان دقائق لا تزيد ولا تنقص.
15 - كان يرفع يديه إلى حذو منكبيه عند تكبيرة الإحرام ، وعند الركوع ، وعند الرفع منه ، وبعد القيام من التشهد الأول في الثلاثية والرباعية.
16 - كان يستفتح الصلاة كثيراً بصيغة: " اللهم باعد بيني وبين خطاياي " الحديث.
17 - كان يجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن الفخذين ، والفخذين عن الساقين في جميع سجداته.
18 - كان يتورك في التشهد الأخير من الرباعية أو الثلاثية.
19 - كان يقبض أصابعه في جلوسه للتشهد ، ويشير بالسبابة في التشهد الأول والثاني من حين يجلس إلى نهاية التشهد ، ويحركها عند الدعاء.
20 - كان يمد ظهره عند الركوع ، ويساوي به رأسه.
21 - كان يمد ظهره في السجود.
22 - كان ينصب رجله اليمنى ، ويجلس على اليسرى عند الجلوس في الصلاة.
23 - كان يستعمل السواك عند كل صلاة ، وكان يستاك بعد كل تسليمة من صلاة الليل ، أو التراويح إذا أراد القيام لصلاة أخرى.
24 - كان يحافظ على السنن الرواتب.
25 - لما كان إماماً للجامع الكبير كان يصلي راتبة الفجر في منزله ، ثم يضطجع ، ثم يذهب إلى الجامع ليؤم الناس.
ولما ترك إمامة الجامع وصار مأموماً في آخر عمره صار يصلي راتبة الفجر في المسجد.
26 - كان يجلس جلسة الاستراحة ، ويرى سنيتها في الفريضة فقط ، وإذا سئل عن النافلة قال: لم يرد في النافلة شيء.
27 - كان يذهب إلى المسجد ماشياً لما كان إماماً في الجامع الكبير ، والمسافة بين منزله والمسجد كانت تقرب من الكيلو متر.
ولما كان في المدينة النبوية ، كان يذهب من منزله إلى الحرم ماشياً ، مع أن بيته يبعد عن الحرم مسافة كيلو ونصف تقريباً.
28 - كان من دأب الشيخ رحمه الله قيام الليل؛ حيث يقوم للتهجد قبل الفجر بساعة تقريباً ، فكان يصلي إحدى عشرة ركعة بتأنٍّ ، وطمأنينة ، وخشوع وبكاء ، وكان يكثر في ذلك الوقت من الذكر ، والاستغفار ، والدعاء ، وسؤال الله التسديد ، والإعانة على كل خير ، وكان في آخر عمره يصلي التهجد متربعاً.
29 - وكان لا يدع قيام الليل حتى في السفر؛ بل لم يكن يَدَعُ قيام الليل ، حتى ليلة المبيت بالمزدلفة في الحج؛ حيث كان يقوم للتهجد في المزدلفة ، فلما سألته عن ذلك قال: المزدلفة وغيرها سواءٌ في القيام ، وإذا قيل لسماحته: إن حديث جابر÷في صفة حجة النبي"لم يُذْكَر فيه أن النبي"قام للتهجد ليلة المزدلفة - فإن سماحته رحمه الله يعلله بأنه ربما خفي على جابر÷.
30 - كان رحمه الله هو الذي ينبه أولاده ، والعاملين لديه في بيته لصلاة الفجر.
وقد ذكر لي أنه يتصل على أحد عشر رقماً؛ لإيقاظهم للصلاة ، وإذا رد عليه أحد منهم ، سلم عليه سماحةُ الشيخ ، وقال: الحمد الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور.
31 - في بعض الأحيان؛ يكون عند سماحة الشيخ أناس من كبار ذوي الشأن فإذا أذن المؤذن قام للمسجد ، وإذا عرض عليه أحد موضوعه وهو يسير إلى المسجد لم يقف سماحته ، بل يقول: اسأل ونحن نسير.
وإذا كان مع صاحب الحاجة أوراق ، أو كان موضوعه يحتاج إلى وقت طويل قال لصاحب الحاجة: ائت إلينا في وقت آخر ، أو في المكتب ، وأحياناً يقول له بعضهم: يا شيخ أنا من مكان بعيد ، وأريد أن أسافر ، فيرد عليه الشيخ قائلاً: اكتب لنا ونحن نجيبك ، أو قال: سافر ، نستودع الله دينك ، وأمانتك ، وخواتيم أعمالك ، زودك الله من التقوى.
32 - كان يصلي قبل العصر أربع ركعات بسلامين.
33 - كان إذا جاء إلى المسجد قبل صلاة الفجر ، يشتغل بالذكر والدعاء إلى أن تقام الصلاة ، ولم يكن يشتغل بقراءة القرآن ، وهكذا كان يصنع قبل المغرب من يوم الجمعة.
34 - وإذا فرغ المؤذن من جمل الإقامة شرع سماحته بالدعاء الوارد: " اللهم رب هذه الدعوة التامة " إلخ.
35 - يرى سماحته أن الصواب وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في جميع الصلوات السرية والجهرية ، وأن المشروع في حق المأموم أن يقرأ بها في سكتات الإمام ، فإن لم يكن له سكتة قرأ بها ولو كان الإمام يقرأ.
36 - كان إذا أتى المسجد ، وصلى الراتبة ، أو تحية المسجد سلم على الذي عن يمينه ، ثم سلم على الذي عن شماله.
37 - وكان إذا صلى صلى إلى سترة ، وكان يدنو منها ، وكثيراً ما يمدُّ يدَه؛ حتى يتأكد من قربه منها.
38 - يرى أن السنة للإمام في صلاة الجمعة ألا يقرأ الغاشية في ركعتين ، بل يرى أن يقرأ الأعلى في ركعة ، والغاشية في ركعة ، أو يقرأ غيرهما.
وأذكر أن سماحته ، صلى الجمعة في الحرم المكي في يوم من الأيام ، فقرأ إمام الحرم بعض سورة الغاشية في الركعة الأولى ، وباقيها في الركعة الثانية ، فنبَّهه سماحة الشيخ ، وقال: الأولى أن تقرأ الأعلى في ركعة ، والغاشية في ركعة ، هكذا السنة.
فقال إمام الحرم: أنا أعلم ذلك ، ولكن لما نظرت إلى الناس ، وقد اشتد عليهم الحر رأيت التخفيف عليهم.
فقال سماحة الشيخ: ولو ! هذه هي السُّنَّة.

بكاء سماحة الشيخ:

كان رحمه الله كثيراً ما يبكي عند سماع القرآن الكريم ، أَيَّاً كان صوت التالي ، أو حسن ترتيله من عدمه.
وكان يبكي إذا سمع شيئاً من السنة النبوية.
وقد رأيته أكثر من مرة يبكي عندما يسمع سيرة أحد العلماء في تراجمهم في البداية والنهاية ، أو في تهذيب التهذيب ، أو في سير أعلام النبلاء.
وكان يبكي - أيضاً - إذا سمع بأخبار الاضطهاد ، والتعذيب التي تمر بالمسلمين في بعض البلاد.
أما طريقة بكائه فكان يبكي بصوت خافت جداً ، ويُرَى التأثر على وجهه ، أو يرى الدمع يُهْراق من عينيه ، وكان لا يحب رفع الصوت بالبكاء.
وكان يبكي كثيراً إذا تكلم عن شيخه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى - بل إنه كان لا يستطيع مواصلة الكلام عنه.
وكان كثير البكاء إذا سمع شيئاً يتعلق بتعظيم القرآن ، أو السنة ، وأذكر أنني كنت أقرأ عليه في كتاب =القول القويم+ للشيخ العلامة حمود التويجري رحمه الله ومر أثناء القراءة كلام للشيخ حمود حول تعظيم السنة فالتفتُّ فإذا دموع سماحة الشيخ تتحادر على خديه.
وكان من عادة سماحة الشيخ رحمه الله أنه إذا استُضِيف في مكان ما طلب من بعض الحاضرين أن يتلو بعض الآيات؛ ليعطر بها المجلس ، وليقوم سماحته بشرحها ، وكثيراً ما كنت ألحظ عليه البكاء ، والدمع ، وتغير الصوت.
وكان يبكي كثيراً إذا توفي أحد العلماء المشهورين أو من لهم بلاء في الإسلام ، حيث بكى على الشيخ صالح العلي الناصر ، والشيخ حمود التويجري ، والشيخ صالح بن غصون ، وبكى كذلك على الرئيس الباكستاني السابق ضياء الحق - رحم الله الجميع - .
وإذا عَرَض عليه بعض المساكين ، أو المظلومين حاله تأثر ورقَّ لحاله ، وربما بكى.
وإذا سمع شيئاً من أخبار المسلمين وما يلاقونه من العنت والشدة بكى ، وتغير صوته.
وكثيراً ما كان يبكي إذا صلى بالناس ولكنه كان يغالب نفسه.
وكذلك كان يبكي حال الدعاء ، وكنت أدقق النظر في وجهه أثناء الدعاء في عرفة ، أو عند الصفا والمروة ، فأجد دموعه تنزل على خديه ، وألحظ تغيراً في صوته.
وكثيراً ما كان يبكي أثناء الدروس ، فيتوقف قليلاً حتى يذهب ما بنفسه ، إلا أنه أحياناً يُغْلَبُ على أمره.
وكثيراً ما كان يبكي إذا سمع حادثة الإفك ، أو قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا.
وكنت أقرأ عليه كتاب الجواب الكافي لابن القيم رحمه الله في مجالس كثيرة ، فكان يبكي في بعض المواضع المؤثرة من الكتاب.
وكان فضيلة الدكتور محمد الشويعر يقرأ عليه في البداية والنهاية ، فكان يبكي إذا سمع بعض الأخبار المتصلة بالحروب خصوصاً إذا كان فيها قتلى كثيرون من المسلمين.
وكان يبكي أحياناً إذا سمع شعراً مؤثراً يدعو للفضيلة ، ويصور مآسي المسلمين - كما سيأتي عند الحديث عن سماحته والشعر - .


يتبع
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
ثقة سماحة الشيخ بالله:

سماحة الشيخ رحمه الله عظيم الثقة بالله ، حسن الظن به ، قوي التوكل عليه-عز وجل-.
وجوانب ثقته بالله كثيرة جداً؛ فهو واثق بنصر الله للمسلمين ويظهر ذلك من خلال مراسلاته مع المجاهدين الأفغان وغيرهم.
وهو عظيم الثقة بالله في بذل المال؛ فهو ينفق في سبيل الله ولا يبالي ، ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
وهو عظيم الثقة بالله في تحمل تبعات المشروعات وهي قيد التنفيذ.
وهو عظيم الثقة بالله في سداد الديون عن المعسرين.
إلى غير ذلك من جوانب ثقته بالله-عز وجل-.


تواضع سماحة الشيخ:

مع أن سماحة الشيخ إمامٌ من أئمة المسلمين ، بل على رأس الأئمة من أهل العلم في عصره ، ومع أنه مفتى المسلمين ، وشيخ الإسلام في عصره ، ومع أنه صاحب المعالي ، والسماحة ، والفضيلة ، ورئيس هيئة كبار العلماء ، ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء ، وكان رئيس الجامعة الإسلامية ، وغير ذلك من الألقاب التي تَشرف به لا يشرف هو بها - إلا أنه كان آية في التواضع؛ فلا يكاد يعرف له مثيل في زمانه في هذه الخصلة؛ فهو لا يرى لنفسه فضلاً ، ولا يرغب في المديح ، ولا في التميز على الناس ، وكان محباً للفقراء ، والمساكين ، حريصاً على مجالستهم ، والأكل معهم.
ومن تواضعه رحمه الله أنه لم يكن يحتقر الفائدة من أي أحد كائناً من كان.


زهد سماحة الشيخ:

لايكاد يعرف في زماننا هذا أزهد من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله مع أن الدنيا تقبل عليه ، وتتزين له ، إلا أنه زاهد بها ، مشيح بوجهه عنها.
فلا أذكر في يوم من الأيام أنه سأل عن راتبه ، ولا عن مقداره ، ولا عن زيادته ، ولا عن وقت مجيئه ، ولا أذكر أنه سأل عن انتدابه ، أو عن رصيده أو حسابه ، لا يسأل عن ذلك ولا يعبأ به.
ولا أذكر أنه تكلم ببيع ، أو شراء ، أو أمر من أمور الدنيا إلا على سبيل السؤال عن حاجة أحد ، أو الشفاعة له ، بل كان كثير الوصية بالتحذير من الاغترار بالدنيا.
وسماحة الشيخ كان يعيش عيشة القناعة ، والزهد والكفاف؛ فلم يكن يمسك شيئاً من حطام الدنيا ، ولم يكن يتطلع إلى مال ، أو جاه ، أو منصب.
بل كان ينفق انفاق من لا يخشى الفقر ، وكان زاهداً بالجاه ، والمراتب ، والمديح ، وحب الذكر.
ولم أسمع منه أو عنه أنه مَالَ في يوم من الأيام إلى الدنيا ، أو طلب شيئاً من مُتَعِها.
وكان يكره الحديث في تغيير أثاث منزله ، أو سيارته ، أو أن يقال له: عندك كذا وكذا.
وكان يكره الخوض في الأحاديث الدنيوية البحتة التي ليس من ورائها مصلحة للمسلمين ، أو للدعوة.
ومما يدل على زهده كثرة إنفاقه ، وإسقاطه الدين عمن اقترض منه ولو كان كثيراً؛ فلا أحصي كثرة ما طرحه من الديون عن أناس اقترضوا منه.
وأذكر أنه قبل عشر سنوات أملى عليَّ كتباً لبعض من أقرضهم ، وقال: =أخشى أن يفاجئني الأجل ، وأحب أن أخبركم أنني قد سامحتكم ، وأبرأتكم ، ولم يبق لي عليكم شيء+.
ولا أذكر أنه طالبَ أحداً له حق عليه.
وأذكر أنه قبل وفاته بثلاث سنوات أقرض شخصاً سبعمائة ألف ريال ، ثم أرسل إليه يخبره بأنه قد طرحه عنه ، فقلت له؛ شفقة عليه ، ورغبة في سماع ما عنده: أعظم الله أجر هذا الحساب_أعني حساب سماحة الشيخ الخاص_فالتفت إليَّ وقال: يا ولدي ! لا تهمك الدنيا ، أنا بلغت من العمر سبعاً وثمانين ، ولم أر من ربي إلا خيراً ، الدنيا تذهب وتجيء ، وفَرْقٌ بين من يتوفى وعنده مائة مليون ، ومن يتوفى وليس لديه شيء؛ فالأول ثقيل الحساب والتبعة ، والثاني بعكس ذلك كله.
وما ثناك كلام الناس عن كرم
ومن يسدُّ طريق العارض الهطِلِ

ومن صور زهده رحمه الله : زهده في المديح والإطراء؛ فكثيراً ما تقرأ عليه بعض الرسائل التي تفيض بالحب ، والدعاء والثناء على سماحته؛ فإذا بدأنا بقراءتها قال: اتركوا المقدمة ، اقرؤوا المقصود؛ ماذا يريد صاحبها ؟ أنا لا أحب أن أسمع مثل هذا الكلام.
وكثيراً ما يأتي بعض الناس ، ويكثر من الثناء على سماحته ، ويذكر بعض أوصافه ، وهو يتململ ويتغير وجهه ، ويقول: الله المستعان ، الله يتوب على الجميع ، الله يستعملنا وإياكم فيما يرضيه.
ويأتي إلى سماحته بعض الناس ويقول: رأيت فيك رؤيا منامية صالحة_إن شاء الله_.
فيلزم سماحته الصمت ، ولا يطلب من الرائي ذكرها ، ولكن ذلك الشخص يبدأ بذكرها ، وسماحة الشيخ لا تظهر عليه الرغبة في سماعه ا؛ ولكن أدبه يأبى عليه أن يُسْكِتَ المتكلم ، فإذا انتهى قال: خير إن شاء الله ، والمُعَوَّل على عفو الله.
ولم أسمع منه يوماً من الأيام أنه سأل أحداً عن دخله الوظيفي ، أو عن ممتلكاته.
وفي يوم من الأيام جاءه أحد الناس المعروفين لديه ، وخاض في أمور الدنيا وقال: يا سماحة الشيخ ! نحن بخير ، وعندنا كذا وكذا ، وقد اشتريت أرضاً بكذا وكذا ، والآن هي تساوي خمسة وأربعين مليون ريال.
فالتفت إليه سماحة الشيخ وقال: مادام أنها بلغت هذا المبلغ فبعها ، ماذا تنتظر ، واصرفها في وجوه الخير ، أو أعطنا إياها نصرفها لك.
فسكت ذلك الرجل ، ولم يحر جواباً.
ولم أسمع أن سماحته ساهم مساهمة في أرض أو شراكة.
وقد حاولت أن أقترح عليه بأن يضع شيئاً من ماله في مساهمة ، لعلها تُوَفِّي بعض نفقاته ، ولكن لهيبته لم أجرؤ على ذلك؛ لما أعلمه عنه من البعد عن الدنيا ، وزينتها ، وزخارفها.


ورع سماحة الشيخ:

أما ورعه ، وتجنبه للمشتبهات فهو أمر يعرفه القاصي والداني.
ومما يحضرني في ذلك الشأن ما يلي:
1- أنه إذا تقدم إليه بعض الفقراء ، وشكى إليه حاجة ، أو قال: أريد السفر إلى مكة ، أو المدينة وليس معه شيء ، ولا يحمل إثباتاً من مشايخ معروفين ، أو من أناس يعرفهم سماحة الشيخ قال: أعطوه مائة أو مائتين أو ثلاث مائة.
ويقول: إذا حددتُ المبلغ إلى ثلاثمائة ريال فإني أعني حسابي الخاص.
أما حساب الصدقات والزكوات الواردة إليه من بعض المحسنين فلا يصرف منه شيئاً لأحد إلا إذا ثبتت لديه الحاجة بالبينة الشرعية.
2- ومن ورعه رحمه الله أنه لا يقبل هدية من أحد؛ لأنه في عمل حكومي ، وإذا قبلها كافأ عليها ، وكان يقول: إذا كانت تساوي مائة فأعطوه مائتين ، وإذا كانت تساوي مائتين فأعطوه أربعمائة ، وأخبروه بألا يقدم لنا شيئاً مرة أخرى.
3- وإذا أعطي شيئاً على سبيل الهدية من طيب أو سواك ، أو بشت أو نحو ذلك ، وكان بجانبه أحد أعطاه إياه ، وقال: هدية مني إليك.
4- ولم يكن يستشرف للعطايا ، والهدايا ، فضلاً عن أن يطلبها.
وقد أخبرني الشيخ إبراهيم الحصين رحمه الله أن الملك فيصلاً رحمه الله جاء إلى المدينة ، ولما أراد سماحة الشيخ الذهاب لزيارته ، لم يكن لديه سيارة؛ إذ كانت سيارته تحتاج إلى بعض الإصلاح ، فأخبروا سماحته بذلك ، فقال: خذوا سيارة أجرة ، فاستأجروا له ، وذهبوا إلى الملك.
ولما عاد سماحة الشيخ إلى منزله أُخبر الملك فيصل بأن الشيخ جاء بسيارة أجرة ، فتكدر الملك كثيراً ، وأرسل إلى سماحة الشيخ سيارة ، وأخبره بتكدره.
ولما أخبر سماحة الشيخ بذلك قال: ردوها ، لا حاجة لنا بها ، سيارتنا تكفينا.
يقول الشيخ إبراهيم: فقلت: يا سماحة الشيخ هذه من الملك ، وأنت تستحقها ، فأنت تقوم بعمل عظيم ، ومصلحة عامة ، والذي أرسلها ولي الأمر ، وإذا رددتها ستكون في نفسه ، والذي أراه أن تقبلها.
فقال سماحة الشيخ: دعني أصلي الاستخارة ، فصلى ، وبعد الصلاة قال: لا بأس نأخذها ، وكتب للملك ودعا له.
5- وفي بعض الأحيان إذا أهدي إليه شيء وقبله؛ تطييباً لقلب المهدي ، ولم يعرف ما يناسب المهدي من الهدايا-كتب إليه ، وشكره ، ودعا له؛ وطلب منه أن يكتفي بما وصل ، وضمَّن ذلك المحبة ، والشكر مما يكون أوْقَعَ في نفس المهدي من أي هدية أخرى.


دعابة سماحة الشيخ ومزاحه:

كان سماحة الشيخ رحمه الله حريصاً على ملاطفة جلاسه، وإدخال السرور عليهم
وكان يداعبهم، ويمازحهم مزاحاً لا إسراف فيه ولا إسفاف.
لا يكْفَهِرُّ إذا انحاز الوقار به
ولا تطيش نواحيه إذا مَزحا

ومما يحضرني في هذا الباب مايلي:
1- أنه رحمه الله إذا أراد الوضوء من المغسلة ناول من بجانبه غترته أو مشلحه ثم قال ممازحاً مداعباً: هذه يا فلان على سبيل الأمانة، لا تطمع بها.
2- ومن ذلك أنه إذا قام من المكتبة متعباً من القراءة والمعاملات، ثم تناول العشاء-قال: سنعود إلى المكتبة مرة أخرى؛ لأننا ملأنا البنزين، وتزودنا بالوقود، أو يقول بعبارته: (عَبَّينا) بنزين، ويعني بذلك أنه نشط بعد تناول الطعام.
3- وكان رحمه الله مرهف الشعور؛ وبمجرد إحساسه أن أحداً ممن معه متضايق من أمر ما فإنه يلاطفه بما يشرح صدره، وينسيه همه؛ فربما قال لمن معه: ماذا عندك، ماذا ترغب، وربما قال له: ممازحاً: ما تريد الزواج، وإذا أُحْضِر الطعام قال لبعض جلاسه: تغدوا معنا، أو تعشوا؛ الذي لا يخاف-يعني من أهله-يتفضل معنا.
4- ومن هذا القبيل-أيضاً-أنه إذا سلم عليه أحد سأله عن اسمه، فإذا كان في الاسم غرابة أو معنى غريب أو حسن-داعب سماحتُه صاحب ذلك الاسم، فمن ذلك أن فضيلة الشيخ متعب الطيار إذا سلم على سماحة الشيخ قال له سماحته: من ؟ فيقول متعب الطيار، فيقول: متعب من ؟ فيقول: متعب أعداء الله، فيقول سماحته: نعم، نعم.
5- وذات مرة جاءه مطلِّق فقال له: ما اسمك ؟ قال: ذيب، قال: وما اسم زوجتك قال: ذيبة؛ فقال سماحته مداعباً: أسأل الله العافية ! أنت ذيب، وهي ذيبة، كيف يعيش بينكما أولاد ؟
6- وذات يوم كان أحد الإخوة يقرأ، وفي أثناء قراءته تردد في كلمة ولم يفصح عنها، أي لم يستطع أن يقرأها.
وكان ضمن الحاضرين في المجلس الشيخ د. عبدالله بن محمد المُجَلِّي فقال سماحة الشيخ: أعطها ابن مُجلِّي؛ لعله يجلِّيها.


من كلماته في دروسه :

1- فهو يقول سبحان الله كثيرا . خاصة حين يسأل عن شيء واضح من بعض الطلبة .
2 - إذا غضب يقول لتلميذه أو سائله : سبح .
3 - كثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جدا جدا .
4 - دائما نسمع الشيخ يكثر من الحوقلة ويردد لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .
5 - الوصية بالتقوى يكررها على مسامعنا بكثرة " اتقوا الله " " عليكم بتقوى الله " .



يتبع
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
ورع سماحة الشيخ :

أما ورعه، وتجنبه للمشتبهات فهو أمر يعرفه القاصي والداني.
ومما يحضرني في ذلك الشأن ما يلي:
1_ أنه إذا تقدم إليه بعض الفقراء، وشكى إليه حاجة، أو قال: أريد السفر إلى مكة، أو المدينة وليس معه شيء، ولا يحمل إثباتاً من مشايخ معروفين، أو من أناس يعرفهم سماحة الشيخ قال: أعطوه مائة أو مائتين أو ثلاث مائة.
ويقول: إذا حددتُ المبلغ إلى ثلاثمائة ريال فإني أعني حسابي الخاص.
أما حساب الصدقات والزكوات الواردة إليه من بعض المحسنين فلا يصرف منه شيئاً لأحد إلا إذا ثبتت لديه الحاجة بالبينة الشرعية.
2_ ومن ورعه رحمه الله أنه لا يقبل هدية من أحد؛ لأنه في عمل حكومي، وإذا قبلها كافأ عليها، وكان يقول: إذا كانت تساوي مائة فأعطوه مائتين، وإذا كانت تساوي مائتين فأعطوه أربعمائة، وأخبروه بألا يقدم لنا شيئاً مرة أخرى.
3_ وإذا أعطي شيئاً على سبيل الهدية من طيب أو سواك، أو بشت أو نحو ذلك، وكان بجانبه أحد أعطاه إياه، وقال: هدية مني إليك.
4_ ولم يكن يستشرف للعطايا، والهدايا، فضلاً عن أن يطلبها.
وقد أخبرني الشيخ إبراهيم الحصين رحمه الله أن الملك فيصلاً رحمه الله جاء إلى المدينة، ولما أراد سماحة الشيخ الذهاب لزيارته، لم يكن لديه سيارة؛ إذ كانت سيارته تحتاج إلى بعض الإصلاح، فأخبروا سماحته بذلك، فقال: خذوا سيارة أجرة، فاستأجروا له، وذهبوا إلى الملك.
وفي بعض الأحيان إذا أهدي إليه شيء وقبله؛ تطييباً لقلب المهدي، ولم يعرف ما يناسب المهدي من الهدايا_كتب إليه، وشكره، ودعا له؛ وطلب منه أن يكتفي بما وصل، وضمَّن ذلك المحبة، والشكر مما يكون أوْقَعَ في نفس المهدي من أي هدية أخرى
محافظته على الوقت
للوقت عند سماحة الشيخ منزلة كبرى؛ فهو يدرك أهميته، ويسعى سعيه لاغتنامه بأقصى ما يمكن؛ فلا يكاد يفوت عليه وقت مهما قل أو قصر إلا اغتنمه فيما يرضي الله وينفع الناس، فوقته ما بين قراءة في كتاب، أو إملاء لشفاعة، أو سماع لشكوى، أو حلٍّ لمعضلة، أو إجابة لسائل، أومهاتفة لمستفت، أو إلقاء دروس، أو محاضرة، أو تعليق على كلمة أو مشاركة في ندوة، أو بإلطاف للضيوف، أو بلهج بذكر الله.
ومن مظاهر حاله مع الوقت، وعنايته به ما يلي:
1_ دقته في المواعيد: فمن ذلك على سبيل المثال أنه إذا دعي لمناسبة ما_كان من أول الحاضرين، وإذا كان هناك موعد لاجتماع معين في وقت محدد كان أول من يأتي، وإذا كان هناك انعقاد مجلس هيئة كبار العلماء، أو الرابطة، أو اللجنة الدائمة كان أول الحاضرين، بل كان يأتي قبل الموعد المحدد، فإذا كان الاجتماع يبدأ في الساعة التاسعة على سبيل المثال حضر في الساعة الثامنة والنصف، أو الثامنة وخمس وأربعين دقيقة.
ربما أتى في بعض المناسبات التي يدعى إليها، ومكث ساعة ونصف الساعة ريثما يكتمل الحاضرون.
2_ ضبطه العجيب للارتباطات: فسماحته لا يكاد ينسى موعداً ضربه لأحد سواء لمن يأتون إليه، أو من يأتي إليهم، وأحياناً يسألنا هل عندنا موعد: فنقول: لا، فيقول: بلى، تأكدوا، فإذا رجعنا إلى سجل المواعيد وجدناه كما قال سماحته.
3_ معرفته بالوقت: فهو ملم بالأوقات، وبأي نجم نحن، ومتى يخرج النجم الفلاني، ومتى يدخل.
كما أنه ضابط للوقت مع أنه لم يكن يحمل ساعة؛ فإذا تأخر المؤذن عن الأذان دقيقة أو أكثر بقليل، قال: ما له لم يؤذن ؟ ألم يحن الوقت ؟
وإذا سألنا عن الساعة وقلنا: الساعة كذا بالتوقيت الزوالي قال: توافق كذا بالغروبي.
4_ تنظيم الوقت: فنظامه اليومي طيلة العام يكاد يكون معروفاً عند جميع مرتاديه وعارفيه، فنظام خروجه من الدرس بعد الفجر معروف، ونظام دخوله منزلَه معروف، ونظام خروجه للدوام ومجيئه منه معروف، ونظام جلوسه للناس يوم الخميس والجمعة، وبعد المغرب ونحو ذلك معروف، سواء كان في الحج، أو في الطائف، أو الرياض، أو المدينة.
كما أن عمله في كل وقت معروف، حيث يخصص هذا الوقت لذلك العمل، وذلك الوقت لعمل آخر.

5_ لا يحتقر اغتنام الجزء اليسير من الوقت: ولهذا تقرأ عليه المعاملات، والكتب، وتوجه إليه العشرات من الأسئلة وهو على الطعام، وهو في طريقه إلى الدوام، وفي مجيئه منه، ويقرأ عليه ويفتي وهو يغسل يديه بعد انتهائه من الطعام، أو حين يكون في طريقه إلى المسجد، أو مجيئه منه، أو في طريقه لدخول منزله بعد أن يفارق مجلسه.
حتى إنه يقرأ عليه إذا نزل من سيارته إلى مكتبه؛ فإنه يقضي كثيراً من الحوائج مع أن المسافة قصيرة.
ولما أراد بعض المسؤولين في الرئاسة العامة للبحوث العملية والإفتاء والدعوة والإرشاد أن يفتح باباً عند موقف سيارة الشيخ بحيث يختصر له الطريق إلى مقر عمله_رفض سماحته ذلك الرأي لما استأذنوه، وقال: إن هذه المسافة التي بين السيارة والمكتب أقضي فيها حاجاتٍ للناس، فإذا اختصر الطريق ذهبت هذه المصلحة، بل في بعض الأحيان نقرأ له المعاملات أو الكتب وهو مضطجع على فراشه.
وأكثر معاملات الطلاق تقرأ عليه عن طريق الهاتف.
6_ لا يعرف الإجازات: فسماحته رحمه الله لم يأخذ إجازة طيلة فترة عمله التي تزيد على ستين عاماً !
بل إن عمله في يوم الخميس والجمعة والإجازات الرسمية ربما زاد على عمله في الدوام الرسمي.
7_ لا يعرف النزهة والرحلات البرية: فلم يكن من أهل التنزه، أو كثرة الرحلات أو السفر للمتعة والاستجمام، بل كان وقته عامراً بالجد، والسعي في مصالح المسلمين.
8_ ملء المجالس بالمفيد النافع: فإذا دخل مجلساً من المجالس، أو دعي إلى مناسبة ما_ملأ المجلس بالمفيد النافع، ولم يدع الوقت يمضي بلا فائدة، أو يمضي بالقيل والقال، فضلاً عن الغيبة وما شاكلها.
ومن ذلك أنه كان يطلب من بعض الحاضرين قراءة بعض الآيات، ثم يشرع سماحته في تفسيرها، ثم يفتح المجال للأسئلة.
9_ بركة الوقت: فالبركة في وقت سماحة الشيخ ظاهرة؛ حيث ينجز الأعمال العظيمة في الأوقات اليسيرة القليلة، فهو يُشْرِف على كثير من المشروعات الكبيرة، ويدير كثيراً من الأعمال المختلفة المتفرقة بأيسر كلفة، وأخف مؤونة، وأقل وقت.
ولا أبالغ إذا قلت: إنه يوجه التوجيهات الكثيرة التي يترتب عليها أعمال عظيمة، وأموال ضخمة بدقائق معدودة، بل ربما لا تتجاوز الدقيقة الواحدة.
وقد حسبت له بعد المغرب في يوم من الأيام ستين إجابة لستين سؤالاً، كل ذلك في جلسة بعد المغرب، مع أنه لم يكن متفرغاً للإجابة وحدها، بل عن يمينه وشماله اثنان من الكتاب يتعاقبان القراءة عليه، والناس يتوالون للسلام عليه، والهاتف لا يقف رنينه إلى غير ذلك مما مر ذكره في وصف مجلسه.
ومما يحضرني في هذا السياق أنني في إحدى الليالي أنهيت عليه عشر معاملات طلاق من بعد صلاة المغرب إلى أذان العشاء، وكان بجانبه الآخر معالي الدكتور محمد الشويعر وربما قرأ مثلي أو أكثر مني.
وفي يوم من الأيام قرأت عليه بعد صلاة الفجر أربعين معاملة في ساعة ونصف الساعة.
وكان من عادته إذا صلى الفجر، ولم يكن عنده دروس أن يلتف الناس حوله يسألونه بعد أن يأتي بالأذكار المعتادة من ورده اليومي، وربما جلس لهم نصف ساعة أو أكثر أو أقل.
ومما يدل على بركة وقته أنني رافقته في بعض السنوات في السفر عن طريق الطائرة من الطائف إلى الرياض فقرأت عليه من كتاب إعلام الموقعين لابن القيم رحمه الله ستين صفحة، وقرأت عليه من حين خروجه من مطار الرياض إلى حين وصوله منزله في الرياض تقريراً حول الدعوة في بعض البلاد، والتقرير يتكون من سبع عشرة صفحة.
10_ لا يستهين بإنجاز أي عمل ولو قل: فربما قضى وقته بأعمال عظيمة يترتب عليها مصالح كبيرة للأمة بعامة، كاجتماعات الهيئة، واللجنة، والرابطة، وغيرها.
وربما لم يكن عنده أعمال كبيرة، فيقضي وقته في رد على الهاتف، أو مسامرة لضيف، أو إجابة لأسئلة امرأة، أو أحد من العوام، بل للرد على بعض الأسئلة التي ترد من بعض الشباب أو الفتيات حول بعض المسابقات الثقافية، فيرد عليه وهو منشرح الصدر؛ فهو لصغار الأمور وكبارها، ويعنيه كثيراً ألا يضَيع وقته إلا في فائدة أو مصلحة ولو قَلَّت.
11_ اغتنام الوقت في حال المرض: فسماحة الشيخ رحمه الله لا يُضَيِّع الوقت حتى في حال المرض، فربما اشتد عليه المرض، ونقل إلى المستشفى، وبمجرد دخوله المستشفى، أو رقوده على سريره، أو شعوره بأدنى تحسن في صحته يبدأ بطلب الكتب أو المعاملات، أو إجابة عن الأسئلة عبر الهاتف، أو أن يلقي الكلمات على منسوبي المستشفى، وهكذا.
وسترى عجباً من ذلك عند الحديث عن حاله في المرض.
12_ اغتنام الوقت في المواقف الحرجة: فحتى هذه المواقف يحرص سماحته رحمه الله على اغتنامها، وملئها بالنافع.
وأذكر أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ذكَّر سماحة الشيخ بموقف حصل من سماحته حين توفي جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله يقول الأمير نايف_حفظه الله_مخاطباً سماحة الشيخ قبل وفاة سماحته بسنتين تقريباً.
يقول: حين توفي جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله وهو في الطائف، وبلغنا الخبر ونحن في الرياض_خرج الأمراء، والعلماء إلى المطار؛ لاستقبال جثمانه.
ولما تأخرت الطائرة استأذن سماحتُكم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في اغتنام الوقت بقراءة شيء من القرآن الكريم، بدلاً من السكوت الذي خيم على ذلك المجلس، فأذن الشيخ محمد بذلك.
13_ اغتنام الوقت في حال السفر: فبمجرد ركوبه السيارة وذكره لدعاء السفر، يلتفت إلى من بجانبه من الكُتَّاب، ويقول له: ما معك ؟ فيبدأ بسماع أخبار الصحف، أو قراءة بعض الكتب، أو عرض بعض القضايا والمعاملات.
وهكذا حاله وهو ينتظر موعد إقلاع الطائرة، وبعد أن تقلع حيث يكون معه كاتب، أو كاتبان أو أكثر، فيتعاقبون القراءة عليه إلى حين وصول الطائرة إلى مكان هبوطها في الرياض، أو الطائف، أو غيرهما.


دعابة سماحة الشيخ ومزاحه:

دعابة سماحة الشيخ ومزاحه
كان سماحة الشيخ رحمه الله حريصاً على ملاطفة جلاسه، وإدخال السرور عليهم
وكان يداعبهم، ويمازحهم مزاحاً لا إسراف فيه ولا إسفاف.
لا يكْفَهِرُّ إذا انحاز الوقار به ولا تطيش نواحيه إذا مَزحا

ومما يحضرني في هذا الباب مايلي:
1_ أنه رحمه الله إذا أراد الوضوء من المغسلة ناول من بجانبه غترته أو مشلحه ثم قال ممازحاً مداعباً: هذه يا فلان على سبيل الأمانة، لا تطمع بها.
2_ ومن ذلك أنه إذا قام من المكتبة متعباً من القراءة والمعاملات، ثم تناول العشاء_قال: سنعود إلى المكتبة مرة أخرى؛ لأننا ملأنا البنزين، وتزودنا بالوقود، أو يقول بعبارته: (عَبَّينا) بنزين، ويعني بذلك أنه نشط بعد تناول الطعام.
3_ وكان رحمه الله مرهف الشعور؛ وبمجرد إحساسه أن أحداً ممن معه متضايق من أمر ما فإنه يلاطفه بما يشرح صدره، وينسيه همه؛ فربما قال لمن معه: ماذا عندك، ماذا ترغب، وربما قال له: ممازحاً: ما تريد الزواج، وإذا أُحْضِر الطعام قال لبعض جلاسه: تغدوا معنا، أو تعشوا؛ الذي لا يخاف_يعني من أهله_يتفضل معنا.
4_ ومن هذا القبيل_أيضاً_أنه إذا سلم عليه أحد سأله عن اسمه، فإذا كان في الاسم غرابة أو معنى غريب أو حسن_داعب سماحتُه صاحب ذلك الاسم، فمن ذلك أن فضيلة الشيخ متعب الطيار إذا سلم على سماحة الشيخ قال له سماحته: من ؟ فيقول متعب الطيار، فيقول: متعب من ؟ فيقول: متعب أعداء الله، فيقول سماحته: نعم، نعم.


الذوق المرهف والأدب الجم عند سماحة الشيخ:

سماحة الشيخ ذو نفس شفافة مرهفة، وأدب جم رفيع، وقد مر شيء من ذلك عند الحديث عن صفاته، فهو رحمه الله لا يجرح شعور أحد، ولا يواجه الناس بما يكرهون، كما أن أدبه لا يفارقه سواء في بيته مع أهله، أو مع موظفيه، أو مع زائريه، أو مراجعيه، أو مع من يتحدث معه عبر الهاتف، وسواء كان ذلك في السفر أو الحضر، أو حالة الصحة أو المرض وإليك طرفاً ونماذج من هذا القبيل:
1_ من ذوقه ورهافة حسه أنه إذا شعر بضيق من يعمل معه حاول إيناسه ومباسطته_كما مر_.
2_ وإذا دخل عليه أحد وهو على موعد قراءة مخصص لي، أو للدكتور محمد الشويعر أو غيرنا فإن الشيخ يرغب في استقبال الآتي وإكرامه، ولا يرغب_في الوقت نفسه_أن يضيع الوقت المخصص لي أو لغيري، لذا فإنني أراه يتحفز لا يدري ماذا يصنع؛ لأنه يريد أن يشعرني بأن الوقت لي، ولا يريد أن يؤخذ إلا بإذني أو إذن غيري ممن خصص له الوقت.
مع أنه يأمر على الجميع، ومع أن المعاملات والأوراق، والكتب كلها داخلة ضمن عمله.
فإذا أذن صاحب الوقت، أو قال للقادم: تفضل سُرَّ سماحته بذلك أيما سرور؛ لأنه أرضى الطرفين.
3_ ومن ذوقه رحمه الله أنه يراعي مشاعر الآخرين؛ ويسعى سعيه لإرضائهم وتطييب قلوبهم.
ولا أدل على ذلك من الدعوات الكثيرة التي توجه إليه فيجيب أصحابها مع ما كان عنده من الأعمال العظيمة التي تحتاج إلى أوقات بل أعمار لكي تقضى، وسيأتي طرف من ذلك عند الحديث عن إجابته للدعوات.
وهذه السجية لا تفارق سماحته حتى في حال مرضه، بل في آخر أيامه.
4_ ومن ذوقه رحمه الله أنه كان يلاطف من يأتون لزيارته، حتى في آخر أيامه؛ حيث يسألهم عن أحوالهم، وعن أهليهم؛ ليدخل السرور عليهم
بل كان يسألنا_نحن الموظفين_عن أهلينا، ويقول: لعلكم تتصلون بهم، وتطمئنون عليهم؛ لأننا في الطائف، وأهلينا في الرياض؛ فلم تكن هذه الأمور لتفوت على سماحته رحمه الله .
ومما يدل على ذوق سماحته المرهف أنه يتحمل الناس بألوانهم المختلفة، وهيئاتهم المتنوعة، وروائحهم التي لا تروق أحياناً، حيث إن بعضهم يقترب كثيراً من سماحته، بل ربما ضيق عليه النَّفَس وسماحة الشيخ لا ينهره ولا يوبخه، بل قصارى ما يكون من سماحته أن يقول له: ابتعد قليلاً.
6_ ومن عجائب مراعاته لشعور الآخرين، وحرصه على عدم تكدير صفوهم أنه في آخر ليلة جلسها للناس لم يدخل على الناس من باب المجلس الذي اعتاد أن يدخل عليهم معه.
وإنما دخل من باب المجلس النافذ إلى المجلس الذي يعد فيه الطعام؛ ذلك أنه أتى من داخل منزله على العربة يقوده ابنه الشيخ أحمد؛ ولما وصل إلى باب المجلس ترجَّل من العربة ومشى؛ ليري الناس أنه بخير وعافية؛ ليفرحوا بذلك، ويطمئنوا على صحته.
ولهذا لما رآه الناس تهللت وجوههم، وفرحوا أيما فرح_كما سيأتي وصف ذلك عند الحديث عن آخر أيام الشيخ_.
7_ ومن ذوقه المرهف وأدبه الجم أنه لا يمد رجله وعنده أحد، حتى ولو كانوا من مرافقيه، مع أن الأطباء قد أوصوه بأن يجعل متَّكَئاً يضع عليه رجله، بعد إصابته إثر سقوطه عليها عام 1414هـ.
8_ ومن ذوقه أنه إذا انتهى من غسل يديه بالصابونة الموجودة على المغسلة أراق عليها بعض الماء؛ حتى يزيل ما عليها من رغوة تطفو عليها؛ حتى إذا أراد استعمالها غيره وجدها نظيفة.
9_ ومن أدبه وذوقه أنه إذا شرب ماءً أعطى الذي عن يمينه ولو كان صغيراً، ولو لم يكن يعرفه.
10_ وإذا أراد أن يناول شيئاً لأحدٍ ناوله بيمينه، ونحن الموظفين معه إذا أراد أن يناولنا ورقة، أو سماعة الهاتف أو أي شيء آخر ناولنا إياه باليمين، ومع طول معاشرتنا له لا نذكر ولو مرة واحدة أنه ناولنا شيئاً بشماله.
وإذا كان أحد عن شماله وشق عليه أن يمد له باليمين وضع اليمين على الشمال وناول ما معه.
11_ ومن أدبه أنه إذا دخل بيته بعد درس الفجر، أو بعد أن يغادر مكتب البيت بعد استعراض المعاملات أنه يدخل بيته بسكينة، ورفق، وهدوء، لئلا يزعج نائماً.
وإذا وصل منزل الأسرة، وحاول فتح الباب ووجده مغلقاً طرقه برفق ولين، وربما جلس الدقائق وهو يحركه، ويطرقه بسكينة ولطف.
12_ وكان من أدبه أنه إذا مر بأحد وظن أنه نائم مشى بهدوء ورفق.
لكنه إذا مر بأحد، أو سمع أحداً والصلاة قد دخل وقتها تغيرت طريقته، فتراه يرفع صوته، ويقول: الصلاة الصلاة، أما سمعتم الأذان، توكلوا على الله.
13_ ومن أدبه وذوقه أنك لا تسمع منه كلمة نابية، أو غليظة، أو مشتملة على سوء أدب.

لا مطلق هُجْرَ الحديث إذا احتبى
فيهم ولا شرس السجية جاس


السخاء والجود وكرم الضيافة:

يكاد يُعْلَم في زمان سماحة الشيخ أحد أسخى، ولا أجود، ولا أكرم من سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز، وذلك في وجوه السخاء، وصوره المتعددة؛ فسماحته كريم في خلقه، جواد في صفحه وعفوه، سخي بعلمه، ووقته وراحته، ونومه، متلاف لماله في وجوه الخير المتعددة؛ من بذل، وصدقات، وإقراض ينتهي غالباً بالمسامحة.
والذي بيده ليس له ولو سئل ما سئل؛ فربما سئل مالاً فأعطاه، وربما أتته الهدية في المجلس فسأله أحد الحاضرين إياها فأعطاها إياه، بل كثيراً ما يبتدر من بجانبه بالهدية التي تقدم لسماحته، بل ربما سُئِل عباءته التي يلسبها فأعطاها من سأله إياها.
والحديث عن كرمه وسخائه وجوده يبدأ ولا ينتهي، وحسبنا في الأسطر التالية أن يكون الحديث عن صورة من هذه الصور، ألا وهي كرم ضيافته، وعنايته البالغة بمن يقدمون ضيوفاً عليه.
ومما يذكر في هذا الصدد_زيادة على ما مضى في صفحات ماضية_ما يلي:
1_ كان رحمه الله مجبولاً على حب الضيوف، والرغبة في استضافتهم منذ صغره.
2_ كان يوصي بشراء أحسن مافي السوق من الفاكهة، والتمر، والخضار، وسائر الأطعمة التي تقدم لضيوفه.
وقد أخبرني أكثر من شخص ممن كانوا يعملون لديه في شؤون مشتريات البيت بذلك، ويقولون: كان سماحته يأمرنا بشراء أحسن الأشياء، ويعتب علينا إذا اشترينا شيئاً متوسطاً؛ لعلمنا بأحوال سماحته المادية؛ فلا نحب أن نحمِّله مالا يطيق، ولكنه لا يرضى بذلك، ويقول: لا تَدنُ نفوسكم، إياكم أن تدنو نفوسكم، ولهذا يلحظ زواره لذة الطعام عنده مع خلوه من البذخ والكلفة.
3_ وكان يلح إلحاحاً شديداً إذا قدم عليه أحد أو سلم عليه، فكان يلح عليهم بأن يَحُلُّوا ضيوفاً عنده على الغداء، والعشاء، والمبيت، ولو طالت مدة إقامتهم، ولا يكاد يتخلص منه القادم إليه إلا بعد لأْي وجهد.
4_ وكان يُرَغِّبُ القادمين إليه بأن يتواصلوا معه في الزيارة، فيذكِّرهم بفضل الزيارة، والمحبة في الله، ويسوق لهم الآثار الواردة في ذلك؛ مما يبعثهم إلى مزيد من الزيارة؛ لأن بعضهم لا يرغب في الإثقال على سماحة الشيخ وإضاعة وقته؛ فإذا سمع منه ذلك انبعث إلى مزيد من الزيارات.
ولهذا لا يكاد يقدم أحد من أهل العلم، أو من معارف الشيخ إلى الطائف أو الرياض، أو مكة أو المدينة، ويعلم أن سماحته هناك إلا ويزوره، ويمكث عنده ما شاء الله أن يمكث، حتى إن غيره من أهل العلم في أي بلد من البلدان التي يكون سماحته موجوداً فيها يعذرون كل قادم إذا اعتذر عن قبول دعوتهم، وقال لهم: إنه عند سماحة الشيخ.
ولهذا لما توفي رحمه الله قال أحد العلماء لأحد القادمين: لا نعذركم الآن بعد وفاة سماحة الشيخ !
5_ وكان يحرص أشد الحرص على المواعيد التي يضربها لضيوفه، فكان يعطينا خبراً بذلك، ويقول: سيقدم علينا اليوم فلان من الناس، أو فلان من أهل العلم، ويتقدم للمجيء قبل ضيفه؛ ليكون في استقباله.
6_ لا يتلذذ بالأكل وحده، بل لا يجد أنسه إلا بالأكل مع الضيوف والفقراء، ولهذا لا يكاد سماحته يتناول غداءه أو عشاءه إلا ومعه أناس على المائدة.
7_ وكان يلاطف ضيوفه، بمحاسن كلامه، ولطيف ترحيبه.
ومن كلماته المعتادة لضيوفه قوله: حياكم الله، حيا الله الجميع، من الألفة ترك الكلفة.
8_ وكان لا يقوم من المائدة حتى يسأل عن ضيوفه: هل قاموا ؟ فإذا قيل له قاموا قام؛ كيلا يعجلهم بقيامه قبلهم، وإذا قام قال: كل براحته، لا تستعجلوا.
9_ وكان لا يتبرم من كثرة الضيوف، ولا تضيق نفسه إذا فاجأه الزائرون وهو لم يحسب حسابهم، بل يرحب بهم، ويلاطفهم، ويقول: حياكم الله، ويبارك الله في الطعام الذي يقدم، ولو لم يؤخذ حساب القادمين، وربما أمر بأن يحضر زيادة في الطعام.

كريم إذا ضاق اللئام فإنه
يضيق الفضاء الرحب في صدره الرحب

11_ وكان دائماً يسأل: عسى مانقص عليهم شيء، وإن قيل له: لا، فرح وتهلل، وحمد الله.
12_ وإذا قدم الضيوف من بعيد، ثم استضافهم وأكرمهم، وأرادوا توديعه_ألح عليهم بأن يمكثوا، وأن يتناولوا وجبة أخرى، وأن يبيتوا عنده؛ فلا يخلصوا منه إلا بعد أن يتأكد بأنهم مسافرون أو مرتبطون.
بل إذا قالوا: إنهم مرتبطون، قال: ألا يمكن أن تتخلصوا من ارتباطكم ؟ ألا تهاتفون صاحب الارتباط، وتعتذروا منه ؟
13_ وإذا كان مُجْهداً، أو لم يكن له رغبة في الطعام_جلس مع ضيوفه؛ إيناساً لهم، وتطييباً لنفوسهم؛ خصوصاً إذا رغبوا في ذلك.
14_ وكان يفرح بالقادم إليه ولو لم يعرفه من قبل، خصوصاً إذا قدم من بعيد، أو لمصلحة عامة.
15_ وكان يرفع من شأن ضيوفه، ويعلي من منزلتهم، ولو لم يكونوا كباراً، ولو لم تكن لهم مكانة اجتماعية.
16_ ومن لطائف كرمه أنه إذا قدم عليه قادم وهو في السيارة أخذ يتحفز، ويتحرك ويدعو القادم للركوب معه، ولو كان المكان ضيقاً، لكن سماحته يريه أنه محب لصحبته، أو أن يأمر أحد السائقين التابعين للرئاسة ليوصله، أو أن يأخذ سيارة للأجرة؛ لتنْقُل من يأتون إليه إذا كانوا كثيرين.
17_ وكان يراعي مشاعر ضيوفه، ولا يرضى أن يهانوا بحضرته.


يتبع
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
مؤلفاته وآثاره العلمية

لقد أثرى الشيخ - حفظه الله - المكتبة الإسلامية بمؤلفات عديدة، قيمة في بابها، واضحة العبارات رصينة في أسلوبها، تطرق فيها إلى جوانب من العلوم الشرعية، والقضايا الاجتماعية والواقعية، وذلك من أجل إبراء الذمة، ونصح الأمة، وبيان الحق لها، وتحذيرها من الباطل والضلال وأسبابهما، وكتب سماحته ومؤلفاته زاخرة بالعلم الشرعي، من الأدلة الواضحة من كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأقوال الأئمة المرضيين من السلف الصالحين، ومن سار على نهجهم من أئمة الدين، فنجد من سماحته - رعاه الله - أنه قد كتب في العقيدة الإسلامية بأنواعها وأقسامها المختلفة، ونبه إلى البدع والمنكرات، وألف في الفقه وأصوله وقواعده، وفي العبادات والمعاملات والبيوع المحرمة، وكتب في الحديث وأصوله ومصطلحاته، وفي الأذكار وفوائدها .
وفي التراجم، وعن المرأة المسلمة ودورها في بناء المجتمع، وإنقاذها من براثن الكفر والشبه الضالة، وفي التشريع والجهاد في سبيل الله، وفي فضل الدعوة إلى الله، ومسئولية الشباب المسلم، وفي الحض على الزواج المبكر، كما أنه كتب كتبا تدفع المطاعن والشبهات في الدين، وكتب في الغزو الفكري، والقومية العربية، والحداثة الشعرية . فهذه الكتب المتنوعة يجمعها صدق النصيحة، مع صدق العبارة، مع الأسلوب الواضح المفهوم لخاصة الناس وعامتهم، فنفع الله بهذه المؤلفات نفعا عظيما، حتى أن كثيرا منها قد ترجم لعدة لغات ؛ لكي يستفاد منه أشد الاستفادة، حتى أنني رأيت بعض كتب سماحته - في أدغال أفريقيا - وهي وصلت إلى كل بقعة من العالم الإسلامي ويحكي لي بعض الدكاترة المصريين: أنه رأى في معرض الكتاب الدولي في القاهرة صفا طويلا "أي طابورا" فاستغرب لهذا المنظر الغريب، والأمر العجين، فأخذه حب الاستطلاع إلى الوقوف مع الناس، فإذا به يفاجأ بأن الصف من أجل أنه يوزع كتاب "التحذير من البدع" لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رعاه الله - يقول: فكبرت بأعلى صوتي وقلت: "جاء الحق وزهق الباطل" .
وهكذا - يهيئ الله لمن أخلص نيته، وأحسن قصده، القبول في جميع الأرض، وعند جميع طبقات العالم الإسلامي .
ومؤلفاته على النحو التالي:
أ- الرسائل الكبيرة والمتوسطة:
1- الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب .
2- الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس وسكون الأرض .
3- إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين .
4- الإمام محمد بن عبد الوهاب: دعوته وسيرته.
5- بيان معنى كلمة لا إله إلا الله .
6- التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة.
7- تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل .
8- ثلاثة رسائل:
أ- العقيدة الصحيحة وما يضادها .
ب- الدعوة إلى الله .
جـ- تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة إلى الشيخ أحمد .
9- رسالتان هامتان:
أ- وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها،
ب- الدعوة إلى الله سبحانه وأخلاق الدعاة .
10- الرسائل والفتاوى النسائية: اعتنى بجمعها ونشرها أحمد بن عثمان الشمري .
11- الفتاوى: ط مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية .
12- فتاوى إسلامية - ابن باز - ابن عثيمين - ابن جبرين .
13- فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة .
14- فتاوى المرأة لابن باز واللجنة الدائمة جمع وترتيب محمد المسند .
15- فتاوى مهمة تتعلق بالحج والعمرة .
16- فتاوى وتنبيهات ونصائح .
17- الفوائد الجلية في المباحث الفرضية،
18- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة أشرف على تجميعه وطبعه د . محمد بن سعد الشويعر . من ا - 12 طبعة دار الإفتاء .
19- مجموعة رسائل في الطهارة والصلاة والوضوء .
20- مجموعة الفتاوى والرسائل النسائية .
21- نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع .
22- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
23- وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها .
24- شرح ثلاثة الأصول .
ب- الرسائل الصغيرة
1- الأذكار التي تقال بعد الفراغ من الصلاة .
2- إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك .
3- التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله .
4- التحذير من البدع .
5- التحذير من القمار وشرب المسكر .
6- التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج .
7- تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار .
8- تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة للشيخ أحمد خادم الحرم النبوي .
9- ثلاث رسائل في الصلاة:
أ- كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم،
ب- وجوب أداء الصلاة في الجماعة،
جـ- أين يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع .
10- الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح .
11- الجواب المفيد في حكم التصوير .
12- حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات أو وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بما يتضمن تنقصه أو الطعن في رسالته، والرد على الرئيس أبي رقيبة فيما نسب إليه من ذلك .
13- حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار .
14- حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإشارة إليها بالحروف .
15- حكم الغناء .
16- حكم مقابلة المرأة للسائق والخادم .
17- خطر مشاركة الرجل للمرأة في ميدان عمله .
18- الدروس المهمة لعامة الأمة .
19- الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة .
20- رسالتان في الصلاة .
21- رسالتان موجزتان عن أحكام الزكاة والصيام .
22- رسالة عن حكم شرب الدخان .
23- رسالة في إعفاء اللحى .
24- رسالة في الجهاد .
25- رسالة في حكم السحر والكهانة .
26- رسالة في مسائل الحجاب والسفور .
27- رسالة في وجوب الصلاة جماعة .
28- رسائل في الطهارة والصلاة .
29- السفر إلى بلاد الكفرة .
30- العقيدة الصحيحة وما يضادها .
31- عوامل إصلاح المجتمع مع نصيحة مهمة عامة .
32- الغزو الفكري ووسائله .
33- فتاوى في حكم الغناء والإسبال وحلق اللحى والتصوير وشرب الدخان .
فتاوى ورسائل في الأفراح .
35- فضل الجهاد والمجاهدين .
36- كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم .
37- ماذا يجب عليكم شباب الإسلام .
38- مجموعة رسائل في الصلاة .
39- موقف اليهود من الإسلام .
40- نصيحة المسلمين وفتاوى بشأن الخدم والسائقين وخطرهم على الفرد والمجتمع .
41- نصيحة وتنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع .
42- هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم .
43- وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه .
44- في ظل الشريعة الإسلامية .
45- وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة .
46- دعوة للتوبة .
47- بيان لا إله إلا الله .
48- العلم وأخلاق أهله .
49- أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة .
50- أصول الإيمان .
51- لا دين حق إلا دين الإسلام .
52- التحذير من الإسراف والتبذير .
53- يا مسلم احذر تسلم .
54- بيان التوحيد .
55- السحر والخرافة .
56- الأجوبة المفيدة عن بعض رسائل العقيدة .
57- رسالة في التبرك والتوسل .
58- مسئولية طالب العلم .
59- إعصار التوحيد يحطم وثن الصوفية .
60- نصائح عامة .

يتبع
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
لقاءات صحفية

هنا

http://www.binbaz.org.sa/life/268


حياته العلمية والعملية

هنا

http://www.binbaz.org.sa/life/262


قصص ومواقف


هنا

http://www.binbaz.org.sa/life/264


لطائف ومتفرقات


هنا

http://www.binbaz.org.sa/life/267




الموضوع بأكملة منقول من موقع سماحة الوالد الإمام ابن باز رحمة الله تعالى قسم مسيرة عطاء


وهذا هو موقعه رحمه الله تعالى


http://www.binbaz.org.sa/
 

CR7

¬°•| βu βşɱą |•°¬
إنضم
26 ديسمبر 2007
المشاركات
15,618
العمر
33
الإقامة
☠ في أرض الله الواسعة ☠
طرح ولا احلى
جعله الله في ميزان حسناتك

وتستاهل التقييم^^
 

الموج العالي

¬°•| مُشْرفْ سابق |•°¬
إنضم
1 أكتوبر 2009
المشاركات
384
الإقامة
فقلب امي
رحمه الله واسكنه فسيح جناته..
عالم من العلماء الذين افتقدتهم الامه ..
الكلام في وصفه يطول بارك الله فيك ..
الموج العالي23 كان هنا..
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
طرح ولا احلى
جعله الله في ميزان حسناتك

وتستاهل التقييم^^


ردك الكريم هو الحلى نفسه

وجعلني وأياكم من يقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أصحابة رضوان الله عليه أجمعين ثم التابعين لهم بأحسان إلى يوم الدين ونحسب سماحة ابن باز رحمه الله تعالى منهم والله حسبة
 

البادي

¬°•| باحث ومفكر تراثي |•°¬
إنضم
15 نوفمبر 2007
المشاركات
107
الإقامة
في مكتبتي
رحمه الله واسكنه فسيح جناته..
عالم من العلماء الذين افتقدتهم الامه ..
الكلام في وصفه يطول بارك الله فيك ..
الموج العالي23 كان هنا..


اللهم آمين

الإمام الحجه الولد المربي ابن باز رحمه الله تعالى من علماء الأمة المجتهدين

وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: ابن عساكر - المصدر: معجم الشيوخ - الصفحة أو الرقم: 2/1057
خلاصة الدرجة: صحيح


وجزاكم الله خير
 
أعلى