ما حكم قول: فلان شهيد؟
الجواب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون على وجهين:
أحدهما: أن تقيد بوصف، مثل أن يقال: كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن مات بالطاعون فهو شهيد، ونحو ذلك، فهذا جائز كما جاءت به النصوص، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعني بقولنا: -جائز- أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقاً لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول لشخص بعينه: "إنه شهيد"، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك، وقد ترجم البخاري -رحمه الله- لهذا بقوله: "باب لا يقال: فلان شهيد" قال في الفتح 90/6: "أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم: فلان شهيد، ومات فلان شهيداً ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات في سبيل الله"، أو قُتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر".أ.هـ. كلامه.
ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم به، وشرط كون الإنسان شهيداً أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى ذلك: "مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله"، وقال: "والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً اللون لون الدم، والريح ريح المسك" (رواهما البخاري من حديث أبي هريرة).
ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك، ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن.
والرجاء مرتبة بين المرتبتين، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولاً في الجهاد في سبيل الله دُفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يُغسل ويُكفَّن ويصلى عليه.
ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة، وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة، فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالوصف أو بالشخص، وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق، لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما سبق، وهذا كاف في منقبته، وعلمه عند خالقه سبحانه وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثالث - باب المناهي اللفظية.
الجواب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون على وجهين:
أحدهما: أن تقيد بوصف، مثل أن يقال: كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن مات بالطاعون فهو شهيد، ونحو ذلك، فهذا جائز كما جاءت به النصوص، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعني بقولنا: -جائز- أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقاً لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول لشخص بعينه: "إنه شهيد"، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك، وقد ترجم البخاري -رحمه الله- لهذا بقوله: "باب لا يقال: فلان شهيد" قال في الفتح 90/6: "أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم: فلان شهيد، ومات فلان شهيداً ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات في سبيل الله"، أو قُتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر".أ.هـ. كلامه.
ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم به، وشرط كون الإنسان شهيداً أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى ذلك: "مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله"، وقال: "والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً اللون لون الدم، والريح ريح المسك" (رواهما البخاري من حديث أبي هريرة).
ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك، ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن.
والرجاء مرتبة بين المرتبتين، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولاً في الجهاد في سبيل الله دُفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يُغسل ويُكفَّن ويصلى عليه.
ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة، وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة، فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالوصف أو بالشخص، وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق، لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما سبق، وهذا كاف في منقبته، وعلمه عند خالقه سبحانه وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثالث - باب المناهي اللفظية.