لقد ساءتني الأخبار وكذلك التغريدات والرسائل المتداولة التي وجدتها وأنا أتصفح الشبكة العنكبوتية ، حول إغلاق بعض المكتبات المتخصصة في بيع الكتب والمجلدات الأدبية ، وكذلك في إعلانات البعض الأخر لعمليات التصفية للكتب الموجودة لديهم من أجل الشروع في غلق تلك المكتبات ، كما لا أُخفيكم حزني الشديد لمشروع ( مكتبة رواق الكتب ) في ولاية عبري ، وهي خاصة لأحد الأصدقاء الأعزاء الذي عكف على تشييد هذا المشروع منذ سنوات طويلة ، وإذا بهذا الحلم يبدأ في الانهيار ، وخصوصا أن هذه المكتبة تحمل لأكثر من 1500 عنوان كتاب ، كان مصيرها التصفية النهائية لهذه الثروة من الكتب القيمة والتي بيعت بنصف ثمنها ، ومن رواق الكتب إلى مكتبة ( موقع وصايا ) وهو من المواقع الإلكترونية الشهيرة في السلطنة ، المتخصص في بيع الكتب العالمية المختلفة وله زبائنه منذ فترة طويلة ، وجدته كذلك ينشر ( إعلان تصفية )في صدد التوقف بالموقع الذي لم يذكر الأسباب لهذا التوجه ، ومن هناك نمر على ( مكتبة أراجيح ) التي أكملت أكثر من 6 أشهر بلا نشاط ، حيث تعتبر كذلك من المواقع الإلكترونية الشهيرة في السلطنة المتخصصة في رفد الثقافة وتوفير الكتب المتنوعة ، كما أن هناك مكتبات ومواقع الكترونية أخرى لا يسع الوقت لذكرها جميعا ، وجدتها قد اتخذت نفس القرار من خلال تجميد نشاطها الثقافي والتجاري الخاص بالكتب والمجلدات ، والحقيقة أن هذا مؤشر خطير في تناقص أعداد المكتبات من الساحة الثقافية في المجتمع العماني ، لذلك لو افترضنا أن السنة تم إغلاق خمس أو ست مكتبات ، فكم سيصل العدد خلال السنوات الخمس القادمة إذا لم نعالج أسباب تفاقم هذه المشكلة ، وكلنا يشاهد ويلتمس تميز المجتمعات الأخرى باسماء المكتبات المشهورة في مدن تلك الدول ، التي كان لها الأثر في ازدهار الحركة الثقافية والأدبية من خلال ثبات ونشاط تلك المكتبات ، الذي يدفعنا لطرح تساؤل حول الأسباب التي أدت إلى هذا التوقف والإغلاق لعدد من تلك المواقع ، لذلك تواصلت مع بعض أصحاب تلك المكتبات والمواقع الإلكترونية ، الذين أبدوا أسفهم لهذا المصير الذي أجبروا عليه ، وقد وجدت أن أول الأسباب من وجهة نظرهم هو عدم وجود من يحتضن ويتابع أحوال المكتبات سواء من الجهات الحكومية والخاصة أو الأهلية إلا ما ندر ، كذلك ضعف القراءة للكتب في المجتمع من ضمن الأسباب ، وخاصة عند فئة الشباب الذين استبدلوها بالألعاب الإلكترونية والهواتف النقالة ، كذلك عدم تنظيم معارض يتم الدعوة للمكتبات لعرض الكتب التي لديها ، كما تعاني المكتبات من صعوبة المنافسة مع المراكز التجارية الكبرى المسموح لها ببيع القرطاسية والكتب ، مع العلم وحسب إفادة بعض أصحاب المكتبات أنهم يواجهون صعوبة في الحصول على مثل هذه التصاريح الخاصة بمنفذ بيع الكتب ، فكيف سمح لهذه المراكز بنشاط بيع الكتب والقرطاسية مع وجود مكتبات متخصصة في هذا المجال ، كما أن تشجيع الأسرة لابنائها لقرأءة الكتب بدأ في الاضمحلال وحلت مكانها الالعاب واجهزة اللعب والترفيه .
وختاما لهذا الموضوع نحمل أمنيات وآمال ورسالة من أصحاب المكتبات ، للمؤسسات الحكومية والخاصة المعنية بموضوع الثقافة والقراءة ، ونخص بالذكر وزارة الاعلام ووزارة الثقافة ووزارة الشؤون الرياضية والجمعيات الاهلية العمانية المعنية بالكتاب والثقافة والقراءة ، في الوقوف مع الشباب العماني الذي يدير مشروع مكتبات الكتب ، من خلال اعداد خطة انقاذ من خطر الاغلاق ، في اشراك هذه المكتبات في المعارض المختلفة ، وتسهيل عملية المشاركة فيما يخص الاجراءت والرسوم، خوفا من تضاعف أعداد الباحثين عن العمل إذا ما تم تسريح موظفي تلك المكتبات ، كما ندعو وزارة التربية والتعليم في تشجيع مدارس السلطنة بعمل رحلات للمكتبات المتخصصة في موضوع الكتب والمجلدات ، لتعويد الناشئة على المطالعة والقراءة ، ولتنشيط الدورة الدموية في حياة هذه المكتبات ، كما لا ننسى دور المعاهد والجامعات المختلفة في دعوة هذه المكتبات لعمل معارض لبيع الكتب مع توفير خصومات للطلبة بهدف زيادة معدل ثقافة القراءة لدى هذه الفئة من الشباب البالغة ، مع التذكير مرة أخرى للمؤسسات المعنية بمتابعة هذا الموضوع السابق ذكرها ، أن لا تترك هذا الموضوع يمر مرور الكرام دون أن نسمع لها حراك في دراسة هذه المشكلة والالتقاء مع ممثلي المكتبات لوضع حل عاجل لهذه القضية .
د.حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com
https://www.omandaily.om/?p=733130