من أكثر المواضيع التي تصلني فيها مطالبات للتوعية حولها ، هو موضوع الحسد والنميمة وكذلك الكراهية والحقد المدفون في قلوب بعض البشر ، والمتابع اليوم في الشأن المجتمعي سيلمس هذا الحال الحزين عند بعض الناس ، ولكن هذا لا يعني أن المجتمع يخلو من أهل الخير ، بل بالعكس هناك نماذج وشواهد كثيرة لأصحاب القلوب النقية المحبة للسلام والخير للجميع ، إلا أن الواقع المر يقول أن بعض البشر يحمل قلوب مريضة تحسد وتغار من كل نعمة تحصل عليها غيرها ، وما يزيد المشهد ألماً عندما يأتي هذا الغل والحقد من القريب للشخص قبل الغريب ، وبالتالي يحدث نتيجة ذلك البغض والخصام والخلاف والقطيعة في العلاقات بين الأفراد ، عندما ينعم الله على إنسان ( ترقية في الوظيفة - محبة الناس - نجاح في مشروع - فوز في مسابقة - تميز في موهبة - ...الخ ) فإن ذلك لا يجلب السعادة عند البعض ، ولا يتبعها دعاء أو ذكر لله ، كذلك الوضع في الأعمال الخيرية والتطوعية التي يقوم بها أصحاب الخير ، يقابلها البعض بنية سيئة وتشويه لسمعة فاعل الخير ، مع أنها لا تسبب للناقد ضرر ولا لحياة المجتمع ، وهذا النوع من البشر ينطبق عليهم المثل القائل لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب ، فلا هم بادروا بعمل الخير ولا تركوا أصحاب الخير في حالهم ، لذلك نجد اليوم كثير من الناس متخوف من القيام بأي مبادرة خيرية أو تطوعية ، خوفاً من هذه الفئة التي ابتلاها الله بنفوس مريضة وقلوب سقيمة والعياذ بالله.
أعزائي من أهم الأسباب التي وصل إليها أولئك البشر لهذا الحال هو ضعف الإيمان في قلوبهم ، ونسوا أو تناسوا أن الرازق والواهب لكل النعم هو الله سبحانه وتعالى ، كذلك ضعف الإيمان أشغل بعض البشر في محاسبة الآخرين على ما يقومون به من أعمال أو تصرفات وكأنهم يعلمون ما تخفي الصدور من نوايا ، هناك علاقات بين الأخوة في العائلة الواحدة وفي بيئة العمل وكذلك في صداقات الحياة ، انتهت بخصومات وقطع التواصل بسبب انعدام هذه الروح الإيمانية المحبة للخير والسعادة للجميع عند بعض الناس ، بعض الأفراد يشتكي من العلاقات ذات الوجهين ، التي تمدحهم وتمجدهم وتثني عليهم في حضورهم ، وفي غيابهم تقوم بالنهش في لحومهم فتغتابهم بذكر العيوب التي سترها الله ، وتنمهم في محاولة لإيقاع الفتنة مع الأخرين من خلال نقل الكلام وتحويره بهدف خلق العداوة والخصومة .
وعليه نذكر أنفسنا والأخرين بأن الحياة قصيرة ولسنا مخلدون فيها ، ومن الجميل أن نقضي هذه الفترة البسيطة في سعادة ومحبة مع الجميع ، وأن نفرح لفرحهم ونحزن لأحزانهم ، وأن يكون لدينا قناعة وإيمان بأن تقسيم النعم علينا هو بأمر الله تعالى ، وأن نبتعد عن دور الحسيب والرقيب لتصرفات وأعمال البشر ، وأن نحسن الظن في نوايا الآخرين ، وأن نترك محاسبة ذلك للمولى سبحانه ، علينا أن نكون دعاة خير ومحبة وتعايش وسلام في هذه الحياة ، وأن نترك تصرفات وأعمال الخلق للخالق ، فمن راقب الناس مات هما وفاز باللذة الجسور ، فهنيئاً لأصحاب القلوب الجميلة التي تحب لغيرها ما تحبه لنفسها ، التي تحسن الظن في الآخرين وتدعو لها بالخير .
حميد بن فاضل الشبلي
Humaid.fadhil@yahoo.com
الخميس:-2019/9/5م
https://www.omandaily.om/?p=726236