فيما مضى كنت أنا طفلا بريئا لا يبالى بالزمان .. وكان الليل فى قلبى سبيلا للأمان .. وكان الفل و الياسمين لحياتى يملآن .. فيما مضى كنت أنا قلبا بلا إنسان .. فحين كبرت قد علمت ما أسوأ الإنسان .. فيما مضى كانت الأيام تجرى مثل موج بلا شطآن .. وكنت احتضن الحياة وما أحوجنى للأحضان .. فيما مضى كان الغد أمنية واليوم حلم والأمس مات بلا أكفان .. فيما مضى كانت عيون الفجر تنادينى أن أحصد البسمات فى البستان .. و أن أزرع النغمات والألحان .. فيما مضى كنت أظن الماء موفورا للظمآن .. بلا دمع بلا حقد بلا أحزان .. فيما مضى خدعونى فقالوا أن الخير يأتى بخير و أن الشر يأتى بشر و أن العدل موجود كالميزان .. وحين كبرت قد أدركت أن الميزان له كفتان .. فتبا لهذا الميزان .. فيما مضى وفى بعض الأحيان .. قد وهمت أن الميلاد و الموت محطتان .. بينهما يسير قطار الحياة بلا قضبان .. فهل يوجد قطر بلا قضبان ؟ كل هذا فيما مضى لكنى كبرت الآن .. لكنى أدركت الآن .. أن الشجر قد يكون بلا أغصان .. و أن القمر ليس اله العشق و إنما حجر صوان .. والليل بات يخيفنى والفجر لم يعد يعلوه الآذان .. و أن العدل و الحق كذبتان .. و أن القوة هى الميزان .. إني كبرت الآن .. إني أدركت الآن .. لأنى أصبحت إنسان .. وفيما مضى .. كنت قلبا بلا إنسان .. وحين كبرت قد علمت ما أسوأ أن أكون إنسان . . .