[ود]
¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
أسعد بن طارق: سكة الحديد ستأخذ السلطنة إلى مرحلة جديدة من النماء والتطور بتوجيهات جلالة السلطان
الأحد, 15 سبتمبر/أيلول 2013 15:17
- الفطيسي: الحكومة ستمول البنية الأساسيّة للمشروع.. ودراسة إمكانية فتح المجال للقطاع الخاص في مرحلة التشغيل
- محاور المشروع تتمثل في الفكر والرؤية وتصميم وتنفيذ البنية الأساسية وتشغيل القطارات وبناء القدرات الوطنية وإشراك القطاع الخاص والمجتمع
- مدير المشروع: ندرس مع "دول التعاون" التوسع في نقل الركاب
- دراسات جيولوجية مكثفة للأراضي التي يمر عليها القطار.. وخطط لتحديد مواقع المحطات
- آليات لربط قطاعات النقل المختلفة بسكة الحديد
الرؤية- سمية النبهانية
تصوير- راشد الكندي
أبرز صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد ممثل جلالة السلطان، التأثيرات الإيجابية الكبيرة المتوقعة لمشروع سكة الحديد على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للسلطنة.
وقال سموه في تصريح عقب رعايته أمس افتتاح أعمال ندوة "الفرص الاستثمارية في مشروع سكة الحديد": "إنّ المشروع يمثل نقلة نوعية للسلطنة على عدد من الأصعدة، ويأخذ البلاد إلى مرحلة جديدة". مؤكدًا سموه أنّ عمان جاهزة لمثل هذه المشاريع ولديها السعة والرؤية المستقبلية الواضحة في ظل وجود الموانئ البحرية الجديدة والمطارات والخطط السياحية. كما أنّ لدى الجهات الحكومية التوجيه والمساندة من جلالة السلطان - حفظه الله ورعاه-.
وردًا على سؤال "الرؤية " حول إمكانيّة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في تمويل مشروع سكة الحديد، نظرا إلى تكلفته العالية، قال سموه: أؤيد أن يمول جزء من هذا المشروع عبر صناديق عمانية ومن مستثمرين عمانيين، مستدركا سموه: ولكن هذا قرار يعود للحكومة، مقترحًا سموه أن يقسم تمويل المشروع بين الحكومة والقطاع الخاص.
من جانبه أكّد معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات أنّ تمويل مشروع سكة الحديد في مرحلة البنية الأساسية سيكون من قبل الحكومة، مشيرا إلى أنّ الجهات المعنية تدرس إمكانية إسناد الجانب التشغيلي للقطاع الخاص، أو يكون بالشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي.
وحول تجربة المنطقة في مثل هذه المشاريع، ومدى تأثيره على تنافسية السلطنة، أكد معاليه أنّ تجربة دول الخليج مازالت حديثة، وهناك مجال كبير للتنافس، ليس فقط على مستوى الخليج، بل حتى أفريقيا والهند سيكون لها دور في ذلك، موضحا أنّ أي استثمار يضخ في هذا المشروع، لن يكون للسلطنة وحسب، بل حتى خارج السلطنة.
أعمال الندوة
وكانت أعمال ندوة "الفرص الاستثمارية في مشروع سكة الحديد" قد انطلقت أمس في قصر البستان تحت رعاية صاحب السمو السيد أسعد بن طارق بن تيمور آل سعيد ممثل جلالة السلطان، وبحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي الوزراء والمستشارين والمكرمين وعدد من أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى وأصحاب السعادة وكلاء الوزارات وعدد من ممثلي الجهات الحكومية والخاصة.
وألقى معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات كلمة في حفل الافتتاح، أوضح فيها وجود خطط لإنشاء أكثر من 40 ألف كلم من سكك الحديد في المستقبل المنظور، بجانب خطط تطوير بعيدة المدى، باستثمارات تقدر بأكثر من 100 مليار ريال عماني لدول الخليج، مشيرا إلى أنّ ذلك لا يشكل بيئة استقطاب للشركات المنفذة والمصنعين والعقول البشرية ورؤوس الأموال في المنطقة فحسب، وإنما يمثل فرصة سانحة لبناء اقتصاد صلب ومتين قادر على أن يغير ملامح الناتج المحلي لأي دولة متى ما استثمرت ووظفت هذه الفرص التوظيف الصحيح.
وتابع معاليه: لقد جاءت فكرة إقامة هذه الندوة لتكون إنطلاقةً على المسار الصحيح نحو قراءة مخطط بناء قطاع سكة الحديد بالسلطنة وما يوفره من فرص وإمكانيات هائلة.
واستطرد: لقد شهدت دول المنطقة تطوراً كبيراً في تنوع وتكامل منظومة النقل لديها سواءً في الطرق أوالموانئ أو المطارات وكان الغائب الأبرز سكة الحديد، ولكن هذه الصورة بدأت في التغير حيث إنّ المنطقة الآن تمثل السوق الأسرع نموًا لقطاع السكة الحديد في العالم وذلك بدلالة المؤشرات الحالية
وأضاف أنّ الحكومة تريد من مشروع السكة بالسلطنة أن يتخطى مفهوم "المشروع" وينتقل ليكون مخططاً اقتصادياً شاملاً يغير من خارطة الناتج المحلي في السلطنة، ويدفع بموقع عمان التجاري في المنطقة وخارجها إلى الصدارة، وهذه هي رؤية الجهات المعنية لهذا المشروع.
وأشار معاليه إلى أن وزارة النقل والاتصالات بدأت بجدية وهمة في ترجمة هذا الطموح، لافتا الى أن مشروع سكة الحديد في السلطنة تطور نوعي في العام 2013 من خلال تحول المشروع من كيانه التقليدي كمشروع فني يتمثل في مناقصات وتصميم وتنفيذ، إلى إعادة صياغته ليكون مشروعاً متكاملاً يمثل لبنة أساسية وعصباً في النمو المستدام للناتج المحلي للسلطنة.
محاور إستراتيجية
وقال معالي أحمد الفطيسي: لقد تمثلت إعادة صياغة المشروع في انبثاق خمسة محاور كل منها يمثل مشروعا بحد ذاته، ويتطلب جهدا والتزامًا كبيرين لضمان الوصول إلى الأهداف التي ترقى إلى تحقيق الرؤية والطموح المنشود، وهذه المحاور تتمثل في المحور الإستراتيجي للمشروع (الفكر والرؤية)، حيث أنّه من المعلوم أنّ المشروع يعتبر جزءاً لا يتجزء من منظومة سكة حديد دول المجلس، وهذا بحد ذاته يمثل بعداً اقتصادياً واجتماعياً هاماً، إلا أنّ ثمة سؤال كان لا بد من الإجابة عليه وهو: ماذا نريد نحن في السلطنة من هذا المشروع، وأين موقعه على خارطة الناتج القومي المحلي؟.
وقال معاليه: إننا نؤمن بحتمية التنويع في مصادر الدخل القومي وضرورة إيجاد مصادر دخل بديلة ومستدامة للحفاظ على النمو الذي تمتعت به السلطنة عبر العقود الماضية فقد نظرنا، إلى موقع السلطنة الجغرافي، وإلى ما حققته من تطور في منظومة النقل والبنى الأساسية، وتساءلنا، كيف يمكن أن نوظف هذه المقومات في خدمة تنوع مصادر الدخل، وقمنا بالاستعانة بالخبرات والتطبيقات في دول مختلفة وذات طبيعة مشابهة، وجاء الجواب بإمكانية توظيف هذه الأصول فيما لو تمّ خلق منظومة متكاملة فعالة من شأنها تغيير الملامح اللوجستية والتجارية في هذا الجزء من العالم، وجعل عُمان ليست بوابة المنطقة فحسب، بل وتهيئتها لتكون حلقة وصل تجارية بين الشرق والغرب.
وزاد وزير النقل والاتصالات أنّ المحور الثاني يتمثل في تصميم وتنفيذ البنية الأساسية،حيثقامت الوزراة في هذا الجانب برسم إطار تنفيذ واضح وباشرت العمل بخطى حثيثة. وبدأت مرحلة تصميم الشبكة والتي تغطي السلطنة وتربط الموانئ بالمنطقة، وجار الآن اختيار استشاري إدارة المشروع، وستبدأ الوزارة قريباً مرحلة تأهيل شركات التنفيذ، حيث تهدف الوزارة على إسناد أول عقد تنفيذ في الربع الأخير من 2014م، وبذلك تشغيل أول خط في السكة في 2018. ويتمثل المحور الثالث في تشغيل وصيانة القطارات، حيث إنّ الوزراةبصدد دراسة الخيارات الإستراتيجية للتشغيل مستعينة بخبرات عالمية، وتتمثل هذه الخيارات في إمّا أن تقوم الشركة العمانية للقطارات بالتشغيل المباشر أو بالتحالف مع شركاء إستراتيجيين أو منح ترخيص أو تراخيص لمشغلين عالميين، ومن المتوقع الوصول إلى النموذج الأفضل في منتصف 2014.
وأشار معاليه إلى أنّ مصوغات الاختيار ستكون جاهزية التشغيل في 2018 من حيث الجوانب الفنية والتنظيمية ووجود كادر عماني مؤهل وقادر على الانطلاقة من اليوم الأول للتشغيل، هذا بالإضافة إلى الجوانب الأخرى والتي من بينها ضمان الفاعلية والتنافسية والقدرة التسويقية.
وأضاف قائلا: أمّا المحور الرابع فيتمثل في بناء القدرات الوطنية، حيث يمثل هذا المحور من المشروع ركيزة أساسية للتنمية، إذ ننظر إليه باعتبار أننا نبني قطاعاً لأجيال قادمة. لهذا فقد بدأنا مبكّرًا في إعداد خطةً متكاملة لبناء هذه القدرات، إيمانًا منّا بأهمية هذه الخطوة وضروريتها، ليصبح العماني كامل الجاهزية والتمكّن، تأهيلاً وتدريبًا وفاعليةً، في مختلف التخصصات، الأمر الذي سيمكّنه فيما بعد من المساهمة في قيادة هذا المشروع الوطني منذ اليوم الأول للتشغيل الفعلي، وكما لاحظتم الأسبوع الفائت فقد بدأنا الخطوات الملموسة على الأرض بإعلان رغبتنا في استقطاب 50 مهندساً كدفعة أولى وسنقوم بتدريبهم وصقلهم ببرامج على أعلى المستويات المهنية ليكونوا نواة بناء هذا القطاع. أمّا على صعيد بناء العمالة المهرة فلقد بدأنا في وضع لبِنات أولية لهذا الجانب، آخذين في الاعتبار الخبرات العالمية في هذا المجال والتي على ضوئها وضعنا خطوط رئيسية لمركز تطوير تخصصي يعنى بالتدريب والبحوث التطبيقية تكون مخرجاته على مستوى عالي من الاحترافية، ويقوم بإعداد وتبني خطة إستراتيجية متكاملة لبناء تنمية الموارد البشرية للقطاع، وإننا نأمل أن يكون مركزاً ريادياً على المستوى الإقليمي يشار إليه بالبنان في المنطقة يغطي السوق المحلي ويصدر فائض الكفاءات للخارج.
وكذلك، المحور الخامس والمتمثل في البعد الاقتصادي والتجاري وإشراك القطاع الخاص والمجتمع، وأوضح معاليه أنّ هذا البعد هو عبارة عن رحلة عمل دؤوبة تتكامل وتدعم البعد الأول، وهو المحور الإستراتيجي. وقال في كلمته: وإيماناً منا بهذا المحور، فقد تبنينا شعار" كل ريال يصرف في مشروع القطار يبقى في عُمان"، وكلي ثقة أنّه قابل للتحقيق فيما لو تضافرت جهودنا جميعا وأعني هنا ليس الشركة العمانية للقطارات والجهات الحكومية فحسب، وإنّما قطاع المال والأعمال في السلطنة، إذ نتشارك جميعا في المسئولية للقيام بدورنا الأساسي في بناء الوطن وتوفير البيئة الخصبة، وسنعمل يداً بيد لبناء هذا المسار، وتحقيق الطموح، حيث إنّه من بين أهدافنا هنا تحويل محطات القطارات إلى مناطق تمركز تجارية إقليمية وصناعات ذات قيمة مضافة، وتحويل عمان لتكون منطقة جذب، وأن تكون الوجهة المفضلة لدى الخطوط الملاحية والمسافرين. وحرصاً منا على أهميّة هذا المحور فإننا سنقوم بتعيين متخصصين للدفع بالجانب التجاري والاستثماري للمشروع.
وبيّن معاليه أنّ الندوة تهدف إلى تعزيز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية في هذا المشروع الوطني الكبير. وقال معاليه إنّ منظومة النقل اليوم تمثّل العصب الحيوي لأي اقتصادٍ عصري، وأنّ تطوير هذه المنظومة وتكاملها والتأكيد على توفر البدائل وتعزيز فرص التنافسية أمرٌ لا بدَّ منه إذا ما أردنا أن نحجز لأنفسنا مكانًا في الصدارة.
حلقات النقاش
وتضمّنت ورقة العمل الرئيسية مناقشة التأثير الاجتماعي والاقتصادي لمشاريع السكك الحديدية، حيث تمّ استعراض عروض تتناول كيف أنّ سكة الحديد تستطيع تغيير الملامح الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وتضمن العرض الأول استعراض دور السكك الحديدية كمحفز للتنمية الاقتصادية، وقوة السكك الحديدية لخلق فرص عمل ودعم النمو الاقتصادي - دراسة حالة، بجانب كيف السكك الحديدية يمكن أن تكون أكثر فعالية في تقديم هذه الأهداف. حيث أكّد في ورقة العمل أنّ فتح السكك الحديدية من شأنه تعزيز القطاعات الصناعية والتصديرية، بجانب تعزيز النمو الاقتصادي، والمساهمة في ربط الدول المجاورة. كما أنه يخلق صناعة جديدة بالنسبة للاقتصاد ومع العمالة والمهارات المرتبطة.
فيما ناقشت الورقة الثانية مساهمة إنشاء السكك الحديدية في إثراء نمو البلد، والتي قدمها ويليم مكويليم شريك بجرانت ثورنتون للمحاماة في المملكة المتحدة. وسلطت ورقة العمل الضوء على التحديات التي تواجهها هذه الصناعة، مشيرا إلى أنّ تعرف السلطنة على هذه التحديات يجعلها مستعدة للتصدي لها. كما أنّ وزارة النقل أعربت عن حاجتها للخبرات، مما يجعلها مستعدة لمعالجة هذا التحدي قبل الدخول في عملية التشغيل.
وقال إنّ الانطلاق في مشروع بنى تحتية كبير يكلف مئات الآلاف من مليارات الدولارات، كما أنّ هناك الكثير من الخبرات العالمية التي يجب معرفة كيفية الوصول إليها. كذلك، يجب تحليل ودراسة ما نملك من إمكانيات وكيف يمكن الوصول إلى ما نتطلع إليه. وكيف يمكن تحسين هذا النوع من المشاريع الضخمة لتحقيق الرفاهية الاقتصادية للمواطن.
وتابع مكويليم قائلا: نحن نبحث عن مجموعات مختلفة ترتبط بنظم سكة الحديد من أجل مستقبل زاهر لهذا المشروع، ويجب أن تكون للحكومة نظرة واسعة لمعرفة العناصر المشتركة بين تجارب الدول وبين ما يمكن أن نطبقه.
وزاد إنّ الحكومة مهتمة بشكل كبير بهذا المشروع، وهذا جلي من خلال بحثها المكثف والمبكر للتجارب الأخرى في هذا المجال، مشيرا إلى أهمية ربط وزارة النقل رؤيتها وجهودها مع الجهات الأخرى بما يتساير مع الرؤية المستقبلية للسلطنة.
واستعرض مكويليم عددًا من التجارب الناجحة والمتمثلة في برنامج رابط بين المدن "IEP"، والذي يعد أسطول من القطارات في بريطانيا، حيث حقق نجاحًا يفوق التوقعات، وتمّ تنفيذه بشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص. ووفر مئات فرص العمل. وكذلك برنامج "Thameslink" والذي يهدف إلى تخفيف زحام السير في بريطانيا، حيث ينقل نحو 20% من الركاب في بريطانيا، وتمّ استبدال السكك الحديدية القديمة، وتسريع عملية النقل، مما كلف الدولة مبالغ ضخمة.
وأخيرًا، تجربة ترتبط باستحداث مركز تميز "crossrail" عن طريق بناء أنفاق بطول 42 كيلومترا، وتمّ استحداث أكاديمية للبناء تحت الأرض. وتمّ التسويق للمشروع بشكل كبير جدًا، كما تمّ توفير فرص وظيفية ضخمة، وخلق فرص للشركات الصغيرة والمتوسطة.
تفاصيل المشروع.. وتحديات التضاريس
فيما استعرضت ورقة العمل الثالثة تفاصيل مشروع سكة الحديد في السلطنة، حيث إنّ إجمالي طول المشروع يبلغ 2244 كلم، وينقسم إلى 9 قطاعات، ويربط الحدود العمانية مع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مسقط، كجزء من شبكة السكك الحديدية الخليجية، وإلى الأجزاء الجنوبية من البلاد في ميناء الدقم، وميناء صلالة، وإلى الحدود اليمنية.
كما أنّ المسار المزدوج وغير المكهرب يستمر مع السكك الحديدية الملحومة. كما سيكون هناك الشحن ونقل الركاب، حيث ستصل السرعة القصوى إلى120 كلم/ الساعة لقطارات الشحن و220 كلم/ الساعة لقطارات الركاب، بتصميم ممر يصل إلى 350 كلم/ الساعة.
وتضم السلطنة الكثير من الجبال، مما يستوجب دراسة طبيعة هذه الأراضي، ودراسة الأثر الديناميكي، وإجراءات إخلاء المواطنين المقيمين على الخطوط التي ستمر بها السكك الحديدية. بجانب إيجاد حلول لتحركات الرمال في المناطق الصحراوية التي يمر فيها القطار. ويكون النظر في ذلك إلى دور الشركات العاملة في هذه المناطق لإيجاد المعالجات الأنسب بالنظر إلى تجارب الدول الأخرى. كما دعت الورقة إلى إيجاد آلية لربط قطاعات النقل الأخرى بسكك الحديد.
أطروحات ومناقشات
وتطرقت المناقشات إلى العديد من القضايا الآنية، ومسألة التوظيف والدور الذي يمكن أن تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما تمّ استعراض فرص الأعمال التجارية في مشروع سكة الحديد في السلطنة.
ورأى مناقشون أنّ هذا المشروع يعزز الموقع اللوجستي للسلطنة. كما أنّه يجتذب الكثير من الصناعات المتعلقة به، وسيخلق المشروع شراكات إستراتيجية يستفيد منها العمانيون خاصة في تنمية رأس المال البشري، إضافة إلى تعزيز مكامن النقل في السلطنة كالموانئ والطرق والمطارات مما سيؤدي إلى خلق آلاف الوظائف.
وحول التنسيق في العمل بين شبكة سكة الحديد الخليجية، والشبكة الوطنية، وهل تعمل هاتان الشبكتان يدًا بيد في خطة واحدة بناءً على الجدول الزمني المتوقع الانتهاء منه بحلول 2018، تمّ التوضيح أنّ كل ما تمّ تقديمه سيغطي الشبكة الوطنية، كما أنّ معظم هذه الأرقام تتعرض بالشبكة الإجمالية لدول التعاون الخليجي. والحكومة ملتزمة بفترة 2018، والتي تكون فيها قد أنجزت القسم الأكبر من العمل.
وقد تمّ حشد جميع الموارد البشرية للبدء بعملية التصميم، كما يجري العمل على إرساء عقود مع الشركات المتعاقدة، وبعد ذلك سوف تبدأ عملية التنفيذ. وفي العام 2018 سيصل القطار إلى ولاية صحار.
وردًا على تساؤل أحد الحضور حول عدم مرور مسار سكة الحديد بجزيرة مصيرة رغم أهميتها، أجاب عبدالرحمن الحاتمي مدير مشروع سكة الحديد قائلا: فيما يتعلق بالخطة الرئيسية وكيف يمكن لسكة الحديد أن تساهم في التقدم الإجمالي للسلطنة، فنحن نحاول أن نخدم كافة القطاعات، في القسم الأول من المشروع وهو الجزء الإستراتيجي، وهناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به بالتعاون مع المجلس الأعلى للتخطيط والمتعلق بالتنمية الاجمالية والتي من خلالها سنعمل على تعزيز الزراعة والسياحة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، وهذا الأمر سيتم التطرق إليه بشكل تدريجي خلال الفترة القادمة. أمّا بالنسبة للتخطيط المدني، فمن أسباب هذه الندوة هو تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكانت هناك دراسة قد أجريت بهدف تعزيز تخطيط المدن، وهذا المشروع يستمر على مدى عامين ويجب التخطيط لأماكن محطات القطار، وكيف يمكن أن نطور الأعمال التجارية وكذلك الاعتبارات الاجتماعيّة في طريقة وضع مسار سكة الحديد، وهي أمور موضوعة في الاعتبار وفي الخطة.
دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
وحول إمكانية إسناد بعض الأعمال في المشروع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أجاب أحد مسؤولي شركة تنمية نفط عمان قائلا: إنّ المشاريع الصغيرة يمكن استحداثها وإسنادها، فمثلا تمكن قطاع النفط والغاز من التعامل مع المتعاقدين، وبهذه المقاربة تمكنا من جذب مشاريع صغيرة. وقد عملت شركة تنمية نفط عمان في هذا الإطار، والأساس في هذا الموضوع هو العمل عن كثب، فالبعض يفتقد إلى المهارات الضرورية والقدرات، ومن المهم العمل معهم يدًا بيد، وتدريب الموارد البشرية بشكل مستمر، وفي الكثير الأحيان يجب مساعدة هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على رفع كفاءتها. ولقد أنشأت تنمية نفط عمان استراتيجية جديدة، تقضي بإنشاء بعض الشركات التي يمتلكها القطاع الخاص والعام، وقد كانت تجربة ناجحة، ولدينا أمثلة ناجحة جدًا من المجتمع المحلي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي تمكّنت من التوسّع خارج السلطنة مما يدل على نجاح تجربة تنمية نفط عمان. وكل ذلك يتطلب شراكة وثقة.
جذب الركاب
وردًا على مداخلة لأحد الحضور تساءل على إمكانيات المشروع في جذب الركاب بجانب عمليات الشحن، قال عبد الرحمن الحاتمي: تعمل الحكومة مع دول مجلس التعاون الخليجي على هذا المجال، حيث إننا نتناقش مع دول المجلس من أجل القيام بدراسة تبحث زيادة عدد الركاب، وكيف يمكن أن نقوم بتغيير المشهد العام للركاب على مستوى مجلس التعاون الخليجي. ونحن ننظر إلى قطارات فائقة السرعة والتي تربط مدن الخليج، وسنقوم بدراسة في هذا الخصوص على مستوى دول الخليج.
فيما تساءل أحد الحضور إن كانت المناقصات التي ستطرح ستشمل الشركات المحلية أم أنّها ستقتصر على الشركات الأجنبية؟
وأجابه مدير المشروع قائلا: بطبيعة الحال الخبرة الحالية تكمن في يد الشركات الأجنبية، وسوف تطرح مناقصات عامة تحتاج إلى خبرات عالية، ولكن ذلك لا يعني أن نستثني العقود المحلية، فهناك فرص كبيرة للشركات العمانية للمشاركة سواء كمقاولين أساسيين أو مقاولين من الباطن.
فيما تساءل آخر حول إمكانية إبقاء كل ريال يصرف على المشروع في السلطنة، من خلال إعطاء الشركات العمانية عقودًا كبيرة في المشروع وإلزام الشركات الأجنبية بالدخول في شراكات استراتيجية مع الشركات المحلية.. وتمّت الإجابة على ذلك من قبل أحد المشاركين بالقول: إن لم نكن جديين في هذا المشروع، فلن ننجح، وعلى القطاع الخاص أن يأخذ المبادرة ويطلق قدراته التنموية والإبداعية في هذا المشروع، وهذا الأمر ينطبق على مستوى إدارة المخاطر، والتوقعات عالية جدًا في هذا الصدد، ليس فقط على مستوى الهندسة المدنية بل حتى التصنيع، والخدمات الهندسية والصيانة والعمليات والتشغيل وغيره. وهناك فرص هائلة للقطاع الخاص ولابد أن ينتهزها في توفير الخدمات والأشغال؛ وألا يركز على هذه المرحلة فحسب، بل يعتبرها الانطلاقة لفرص استثمارية أكبر.
وحول الفرص الاستثمارية في المشروع على مستوى الضيافة والقطاع الفندقي، أجاب أحد المشاركين بأنه من الأمور التي لابد أن تؤخذ في الحسبان هو أنّ التصميم يبدأ الآن، وهذه هي البداية لهذه الرحلة الطويلة، ويجب أن ندرس كيف يؤثر المشروع على المدن العمانية، وذلك ما يرغب القطاع الخاص في رؤيته يتحقق، وحتى الآن تكمن الفرص في دعم بناء المشروع، من خلال التمويل؛ شرط توفر القواعد والمشاركة الحقيقية من قبل القطاع الخاص، بالإضافة إلى ضمانات الاستدامة ما بعد مرحلة الإنتاج خاصة في توفير وتأهيل الموارد البشرية.
ويرى عبد الرحمن الحاتمي مدير المشروع أنّ هناك فرصًا كبيرة في هذا المشروع، يمكن للقطاع الخاص أن يساهم فيها، حيث إنّ مشاريع بهذا الحجم يمكن أن تشكل نماذج مثالية لمشاركة القطاع الخاص والعام لتعزيز التنمية المستدامة.
الأحد, 15 سبتمبر/أيلول 2013 15:17
- الفطيسي: الحكومة ستمول البنية الأساسيّة للمشروع.. ودراسة إمكانية فتح المجال للقطاع الخاص في مرحلة التشغيل
- محاور المشروع تتمثل في الفكر والرؤية وتصميم وتنفيذ البنية الأساسية وتشغيل القطارات وبناء القدرات الوطنية وإشراك القطاع الخاص والمجتمع
- مدير المشروع: ندرس مع "دول التعاون" التوسع في نقل الركاب
- دراسات جيولوجية مكثفة للأراضي التي يمر عليها القطار.. وخطط لتحديد مواقع المحطات
- آليات لربط قطاعات النقل المختلفة بسكة الحديد
الرؤية- سمية النبهانية
تصوير- راشد الكندي
أبرز صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد ممثل جلالة السلطان، التأثيرات الإيجابية الكبيرة المتوقعة لمشروع سكة الحديد على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للسلطنة.
وقال سموه في تصريح عقب رعايته أمس افتتاح أعمال ندوة "الفرص الاستثمارية في مشروع سكة الحديد": "إنّ المشروع يمثل نقلة نوعية للسلطنة على عدد من الأصعدة، ويأخذ البلاد إلى مرحلة جديدة". مؤكدًا سموه أنّ عمان جاهزة لمثل هذه المشاريع ولديها السعة والرؤية المستقبلية الواضحة في ظل وجود الموانئ البحرية الجديدة والمطارات والخطط السياحية. كما أنّ لدى الجهات الحكومية التوجيه والمساندة من جلالة السلطان - حفظه الله ورعاه-.
وردًا على سؤال "الرؤية " حول إمكانيّة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في تمويل مشروع سكة الحديد، نظرا إلى تكلفته العالية، قال سموه: أؤيد أن يمول جزء من هذا المشروع عبر صناديق عمانية ومن مستثمرين عمانيين، مستدركا سموه: ولكن هذا قرار يعود للحكومة، مقترحًا سموه أن يقسم تمويل المشروع بين الحكومة والقطاع الخاص.
من جانبه أكّد معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات أنّ تمويل مشروع سكة الحديد في مرحلة البنية الأساسية سيكون من قبل الحكومة، مشيرا إلى أنّ الجهات المعنية تدرس إمكانية إسناد الجانب التشغيلي للقطاع الخاص، أو يكون بالشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي.
وحول تجربة المنطقة في مثل هذه المشاريع، ومدى تأثيره على تنافسية السلطنة، أكد معاليه أنّ تجربة دول الخليج مازالت حديثة، وهناك مجال كبير للتنافس، ليس فقط على مستوى الخليج، بل حتى أفريقيا والهند سيكون لها دور في ذلك، موضحا أنّ أي استثمار يضخ في هذا المشروع، لن يكون للسلطنة وحسب، بل حتى خارج السلطنة.
أعمال الندوة
وكانت أعمال ندوة "الفرص الاستثمارية في مشروع سكة الحديد" قد انطلقت أمس في قصر البستان تحت رعاية صاحب السمو السيد أسعد بن طارق بن تيمور آل سعيد ممثل جلالة السلطان، وبحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي الوزراء والمستشارين والمكرمين وعدد من أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى وأصحاب السعادة وكلاء الوزارات وعدد من ممثلي الجهات الحكومية والخاصة.
وألقى معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات كلمة في حفل الافتتاح، أوضح فيها وجود خطط لإنشاء أكثر من 40 ألف كلم من سكك الحديد في المستقبل المنظور، بجانب خطط تطوير بعيدة المدى، باستثمارات تقدر بأكثر من 100 مليار ريال عماني لدول الخليج، مشيرا إلى أنّ ذلك لا يشكل بيئة استقطاب للشركات المنفذة والمصنعين والعقول البشرية ورؤوس الأموال في المنطقة فحسب، وإنما يمثل فرصة سانحة لبناء اقتصاد صلب ومتين قادر على أن يغير ملامح الناتج المحلي لأي دولة متى ما استثمرت ووظفت هذه الفرص التوظيف الصحيح.
وتابع معاليه: لقد جاءت فكرة إقامة هذه الندوة لتكون إنطلاقةً على المسار الصحيح نحو قراءة مخطط بناء قطاع سكة الحديد بالسلطنة وما يوفره من فرص وإمكانيات هائلة.
واستطرد: لقد شهدت دول المنطقة تطوراً كبيراً في تنوع وتكامل منظومة النقل لديها سواءً في الطرق أوالموانئ أو المطارات وكان الغائب الأبرز سكة الحديد، ولكن هذه الصورة بدأت في التغير حيث إنّ المنطقة الآن تمثل السوق الأسرع نموًا لقطاع السكة الحديد في العالم وذلك بدلالة المؤشرات الحالية
وأضاف أنّ الحكومة تريد من مشروع السكة بالسلطنة أن يتخطى مفهوم "المشروع" وينتقل ليكون مخططاً اقتصادياً شاملاً يغير من خارطة الناتج المحلي في السلطنة، ويدفع بموقع عمان التجاري في المنطقة وخارجها إلى الصدارة، وهذه هي رؤية الجهات المعنية لهذا المشروع.
وأشار معاليه إلى أن وزارة النقل والاتصالات بدأت بجدية وهمة في ترجمة هذا الطموح، لافتا الى أن مشروع سكة الحديد في السلطنة تطور نوعي في العام 2013 من خلال تحول المشروع من كيانه التقليدي كمشروع فني يتمثل في مناقصات وتصميم وتنفيذ، إلى إعادة صياغته ليكون مشروعاً متكاملاً يمثل لبنة أساسية وعصباً في النمو المستدام للناتج المحلي للسلطنة.
محاور إستراتيجية
وقال معالي أحمد الفطيسي: لقد تمثلت إعادة صياغة المشروع في انبثاق خمسة محاور كل منها يمثل مشروعا بحد ذاته، ويتطلب جهدا والتزامًا كبيرين لضمان الوصول إلى الأهداف التي ترقى إلى تحقيق الرؤية والطموح المنشود، وهذه المحاور تتمثل في المحور الإستراتيجي للمشروع (الفكر والرؤية)، حيث أنّه من المعلوم أنّ المشروع يعتبر جزءاً لا يتجزء من منظومة سكة حديد دول المجلس، وهذا بحد ذاته يمثل بعداً اقتصادياً واجتماعياً هاماً، إلا أنّ ثمة سؤال كان لا بد من الإجابة عليه وهو: ماذا نريد نحن في السلطنة من هذا المشروع، وأين موقعه على خارطة الناتج القومي المحلي؟.
وقال معاليه: إننا نؤمن بحتمية التنويع في مصادر الدخل القومي وضرورة إيجاد مصادر دخل بديلة ومستدامة للحفاظ على النمو الذي تمتعت به السلطنة عبر العقود الماضية فقد نظرنا، إلى موقع السلطنة الجغرافي، وإلى ما حققته من تطور في منظومة النقل والبنى الأساسية، وتساءلنا، كيف يمكن أن نوظف هذه المقومات في خدمة تنوع مصادر الدخل، وقمنا بالاستعانة بالخبرات والتطبيقات في دول مختلفة وذات طبيعة مشابهة، وجاء الجواب بإمكانية توظيف هذه الأصول فيما لو تمّ خلق منظومة متكاملة فعالة من شأنها تغيير الملامح اللوجستية والتجارية في هذا الجزء من العالم، وجعل عُمان ليست بوابة المنطقة فحسب، بل وتهيئتها لتكون حلقة وصل تجارية بين الشرق والغرب.
وزاد وزير النقل والاتصالات أنّ المحور الثاني يتمثل في تصميم وتنفيذ البنية الأساسية،حيثقامت الوزراة في هذا الجانب برسم إطار تنفيذ واضح وباشرت العمل بخطى حثيثة. وبدأت مرحلة تصميم الشبكة والتي تغطي السلطنة وتربط الموانئ بالمنطقة، وجار الآن اختيار استشاري إدارة المشروع، وستبدأ الوزارة قريباً مرحلة تأهيل شركات التنفيذ، حيث تهدف الوزارة على إسناد أول عقد تنفيذ في الربع الأخير من 2014م، وبذلك تشغيل أول خط في السكة في 2018. ويتمثل المحور الثالث في تشغيل وصيانة القطارات، حيث إنّ الوزراةبصدد دراسة الخيارات الإستراتيجية للتشغيل مستعينة بخبرات عالمية، وتتمثل هذه الخيارات في إمّا أن تقوم الشركة العمانية للقطارات بالتشغيل المباشر أو بالتحالف مع شركاء إستراتيجيين أو منح ترخيص أو تراخيص لمشغلين عالميين، ومن المتوقع الوصول إلى النموذج الأفضل في منتصف 2014.
وأشار معاليه إلى أنّ مصوغات الاختيار ستكون جاهزية التشغيل في 2018 من حيث الجوانب الفنية والتنظيمية ووجود كادر عماني مؤهل وقادر على الانطلاقة من اليوم الأول للتشغيل، هذا بالإضافة إلى الجوانب الأخرى والتي من بينها ضمان الفاعلية والتنافسية والقدرة التسويقية.
وأضاف قائلا: أمّا المحور الرابع فيتمثل في بناء القدرات الوطنية، حيث يمثل هذا المحور من المشروع ركيزة أساسية للتنمية، إذ ننظر إليه باعتبار أننا نبني قطاعاً لأجيال قادمة. لهذا فقد بدأنا مبكّرًا في إعداد خطةً متكاملة لبناء هذه القدرات، إيمانًا منّا بأهمية هذه الخطوة وضروريتها، ليصبح العماني كامل الجاهزية والتمكّن، تأهيلاً وتدريبًا وفاعليةً، في مختلف التخصصات، الأمر الذي سيمكّنه فيما بعد من المساهمة في قيادة هذا المشروع الوطني منذ اليوم الأول للتشغيل الفعلي، وكما لاحظتم الأسبوع الفائت فقد بدأنا الخطوات الملموسة على الأرض بإعلان رغبتنا في استقطاب 50 مهندساً كدفعة أولى وسنقوم بتدريبهم وصقلهم ببرامج على أعلى المستويات المهنية ليكونوا نواة بناء هذا القطاع. أمّا على صعيد بناء العمالة المهرة فلقد بدأنا في وضع لبِنات أولية لهذا الجانب، آخذين في الاعتبار الخبرات العالمية في هذا المجال والتي على ضوئها وضعنا خطوط رئيسية لمركز تطوير تخصصي يعنى بالتدريب والبحوث التطبيقية تكون مخرجاته على مستوى عالي من الاحترافية، ويقوم بإعداد وتبني خطة إستراتيجية متكاملة لبناء تنمية الموارد البشرية للقطاع، وإننا نأمل أن يكون مركزاً ريادياً على المستوى الإقليمي يشار إليه بالبنان في المنطقة يغطي السوق المحلي ويصدر فائض الكفاءات للخارج.
وكذلك، المحور الخامس والمتمثل في البعد الاقتصادي والتجاري وإشراك القطاع الخاص والمجتمع، وأوضح معاليه أنّ هذا البعد هو عبارة عن رحلة عمل دؤوبة تتكامل وتدعم البعد الأول، وهو المحور الإستراتيجي. وقال في كلمته: وإيماناً منا بهذا المحور، فقد تبنينا شعار" كل ريال يصرف في مشروع القطار يبقى في عُمان"، وكلي ثقة أنّه قابل للتحقيق فيما لو تضافرت جهودنا جميعا وأعني هنا ليس الشركة العمانية للقطارات والجهات الحكومية فحسب، وإنّما قطاع المال والأعمال في السلطنة، إذ نتشارك جميعا في المسئولية للقيام بدورنا الأساسي في بناء الوطن وتوفير البيئة الخصبة، وسنعمل يداً بيد لبناء هذا المسار، وتحقيق الطموح، حيث إنّه من بين أهدافنا هنا تحويل محطات القطارات إلى مناطق تمركز تجارية إقليمية وصناعات ذات قيمة مضافة، وتحويل عمان لتكون منطقة جذب، وأن تكون الوجهة المفضلة لدى الخطوط الملاحية والمسافرين. وحرصاً منا على أهميّة هذا المحور فإننا سنقوم بتعيين متخصصين للدفع بالجانب التجاري والاستثماري للمشروع.
وبيّن معاليه أنّ الندوة تهدف إلى تعزيز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية في هذا المشروع الوطني الكبير. وقال معاليه إنّ منظومة النقل اليوم تمثّل العصب الحيوي لأي اقتصادٍ عصري، وأنّ تطوير هذه المنظومة وتكاملها والتأكيد على توفر البدائل وتعزيز فرص التنافسية أمرٌ لا بدَّ منه إذا ما أردنا أن نحجز لأنفسنا مكانًا في الصدارة.
حلقات النقاش
وتضمّنت ورقة العمل الرئيسية مناقشة التأثير الاجتماعي والاقتصادي لمشاريع السكك الحديدية، حيث تمّ استعراض عروض تتناول كيف أنّ سكة الحديد تستطيع تغيير الملامح الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وتضمن العرض الأول استعراض دور السكك الحديدية كمحفز للتنمية الاقتصادية، وقوة السكك الحديدية لخلق فرص عمل ودعم النمو الاقتصادي - دراسة حالة، بجانب كيف السكك الحديدية يمكن أن تكون أكثر فعالية في تقديم هذه الأهداف. حيث أكّد في ورقة العمل أنّ فتح السكك الحديدية من شأنه تعزيز القطاعات الصناعية والتصديرية، بجانب تعزيز النمو الاقتصادي، والمساهمة في ربط الدول المجاورة. كما أنه يخلق صناعة جديدة بالنسبة للاقتصاد ومع العمالة والمهارات المرتبطة.
فيما ناقشت الورقة الثانية مساهمة إنشاء السكك الحديدية في إثراء نمو البلد، والتي قدمها ويليم مكويليم شريك بجرانت ثورنتون للمحاماة في المملكة المتحدة. وسلطت ورقة العمل الضوء على التحديات التي تواجهها هذه الصناعة، مشيرا إلى أنّ تعرف السلطنة على هذه التحديات يجعلها مستعدة للتصدي لها. كما أنّ وزارة النقل أعربت عن حاجتها للخبرات، مما يجعلها مستعدة لمعالجة هذا التحدي قبل الدخول في عملية التشغيل.
وقال إنّ الانطلاق في مشروع بنى تحتية كبير يكلف مئات الآلاف من مليارات الدولارات، كما أنّ هناك الكثير من الخبرات العالمية التي يجب معرفة كيفية الوصول إليها. كذلك، يجب تحليل ودراسة ما نملك من إمكانيات وكيف يمكن الوصول إلى ما نتطلع إليه. وكيف يمكن تحسين هذا النوع من المشاريع الضخمة لتحقيق الرفاهية الاقتصادية للمواطن.
وتابع مكويليم قائلا: نحن نبحث عن مجموعات مختلفة ترتبط بنظم سكة الحديد من أجل مستقبل زاهر لهذا المشروع، ويجب أن تكون للحكومة نظرة واسعة لمعرفة العناصر المشتركة بين تجارب الدول وبين ما يمكن أن نطبقه.
وزاد إنّ الحكومة مهتمة بشكل كبير بهذا المشروع، وهذا جلي من خلال بحثها المكثف والمبكر للتجارب الأخرى في هذا المجال، مشيرا إلى أهمية ربط وزارة النقل رؤيتها وجهودها مع الجهات الأخرى بما يتساير مع الرؤية المستقبلية للسلطنة.
واستعرض مكويليم عددًا من التجارب الناجحة والمتمثلة في برنامج رابط بين المدن "IEP"، والذي يعد أسطول من القطارات في بريطانيا، حيث حقق نجاحًا يفوق التوقعات، وتمّ تنفيذه بشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص. ووفر مئات فرص العمل. وكذلك برنامج "Thameslink" والذي يهدف إلى تخفيف زحام السير في بريطانيا، حيث ينقل نحو 20% من الركاب في بريطانيا، وتمّ استبدال السكك الحديدية القديمة، وتسريع عملية النقل، مما كلف الدولة مبالغ ضخمة.
وأخيرًا، تجربة ترتبط باستحداث مركز تميز "crossrail" عن طريق بناء أنفاق بطول 42 كيلومترا، وتمّ استحداث أكاديمية للبناء تحت الأرض. وتمّ التسويق للمشروع بشكل كبير جدًا، كما تمّ توفير فرص وظيفية ضخمة، وخلق فرص للشركات الصغيرة والمتوسطة.
تفاصيل المشروع.. وتحديات التضاريس
فيما استعرضت ورقة العمل الثالثة تفاصيل مشروع سكة الحديد في السلطنة، حيث إنّ إجمالي طول المشروع يبلغ 2244 كلم، وينقسم إلى 9 قطاعات، ويربط الحدود العمانية مع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مسقط، كجزء من شبكة السكك الحديدية الخليجية، وإلى الأجزاء الجنوبية من البلاد في ميناء الدقم، وميناء صلالة، وإلى الحدود اليمنية.
كما أنّ المسار المزدوج وغير المكهرب يستمر مع السكك الحديدية الملحومة. كما سيكون هناك الشحن ونقل الركاب، حيث ستصل السرعة القصوى إلى120 كلم/ الساعة لقطارات الشحن و220 كلم/ الساعة لقطارات الركاب، بتصميم ممر يصل إلى 350 كلم/ الساعة.
وتضم السلطنة الكثير من الجبال، مما يستوجب دراسة طبيعة هذه الأراضي، ودراسة الأثر الديناميكي، وإجراءات إخلاء المواطنين المقيمين على الخطوط التي ستمر بها السكك الحديدية. بجانب إيجاد حلول لتحركات الرمال في المناطق الصحراوية التي يمر فيها القطار. ويكون النظر في ذلك إلى دور الشركات العاملة في هذه المناطق لإيجاد المعالجات الأنسب بالنظر إلى تجارب الدول الأخرى. كما دعت الورقة إلى إيجاد آلية لربط قطاعات النقل الأخرى بسكك الحديد.
أطروحات ومناقشات
وتطرقت المناقشات إلى العديد من القضايا الآنية، ومسألة التوظيف والدور الذي يمكن أن تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما تمّ استعراض فرص الأعمال التجارية في مشروع سكة الحديد في السلطنة.
ورأى مناقشون أنّ هذا المشروع يعزز الموقع اللوجستي للسلطنة. كما أنّه يجتذب الكثير من الصناعات المتعلقة به، وسيخلق المشروع شراكات إستراتيجية يستفيد منها العمانيون خاصة في تنمية رأس المال البشري، إضافة إلى تعزيز مكامن النقل في السلطنة كالموانئ والطرق والمطارات مما سيؤدي إلى خلق آلاف الوظائف.
وحول التنسيق في العمل بين شبكة سكة الحديد الخليجية، والشبكة الوطنية، وهل تعمل هاتان الشبكتان يدًا بيد في خطة واحدة بناءً على الجدول الزمني المتوقع الانتهاء منه بحلول 2018، تمّ التوضيح أنّ كل ما تمّ تقديمه سيغطي الشبكة الوطنية، كما أنّ معظم هذه الأرقام تتعرض بالشبكة الإجمالية لدول التعاون الخليجي. والحكومة ملتزمة بفترة 2018، والتي تكون فيها قد أنجزت القسم الأكبر من العمل.
وقد تمّ حشد جميع الموارد البشرية للبدء بعملية التصميم، كما يجري العمل على إرساء عقود مع الشركات المتعاقدة، وبعد ذلك سوف تبدأ عملية التنفيذ. وفي العام 2018 سيصل القطار إلى ولاية صحار.
وردًا على تساؤل أحد الحضور حول عدم مرور مسار سكة الحديد بجزيرة مصيرة رغم أهميتها، أجاب عبدالرحمن الحاتمي مدير مشروع سكة الحديد قائلا: فيما يتعلق بالخطة الرئيسية وكيف يمكن لسكة الحديد أن تساهم في التقدم الإجمالي للسلطنة، فنحن نحاول أن نخدم كافة القطاعات، في القسم الأول من المشروع وهو الجزء الإستراتيجي، وهناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به بالتعاون مع المجلس الأعلى للتخطيط والمتعلق بالتنمية الاجمالية والتي من خلالها سنعمل على تعزيز الزراعة والسياحة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، وهذا الأمر سيتم التطرق إليه بشكل تدريجي خلال الفترة القادمة. أمّا بالنسبة للتخطيط المدني، فمن أسباب هذه الندوة هو تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكانت هناك دراسة قد أجريت بهدف تعزيز تخطيط المدن، وهذا المشروع يستمر على مدى عامين ويجب التخطيط لأماكن محطات القطار، وكيف يمكن أن نطور الأعمال التجارية وكذلك الاعتبارات الاجتماعيّة في طريقة وضع مسار سكة الحديد، وهي أمور موضوعة في الاعتبار وفي الخطة.
دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
وحول إمكانية إسناد بعض الأعمال في المشروع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أجاب أحد مسؤولي شركة تنمية نفط عمان قائلا: إنّ المشاريع الصغيرة يمكن استحداثها وإسنادها، فمثلا تمكن قطاع النفط والغاز من التعامل مع المتعاقدين، وبهذه المقاربة تمكنا من جذب مشاريع صغيرة. وقد عملت شركة تنمية نفط عمان في هذا الإطار، والأساس في هذا الموضوع هو العمل عن كثب، فالبعض يفتقد إلى المهارات الضرورية والقدرات، ومن المهم العمل معهم يدًا بيد، وتدريب الموارد البشرية بشكل مستمر، وفي الكثير الأحيان يجب مساعدة هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على رفع كفاءتها. ولقد أنشأت تنمية نفط عمان استراتيجية جديدة، تقضي بإنشاء بعض الشركات التي يمتلكها القطاع الخاص والعام، وقد كانت تجربة ناجحة، ولدينا أمثلة ناجحة جدًا من المجتمع المحلي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي تمكّنت من التوسّع خارج السلطنة مما يدل على نجاح تجربة تنمية نفط عمان. وكل ذلك يتطلب شراكة وثقة.
جذب الركاب
وردًا على مداخلة لأحد الحضور تساءل على إمكانيات المشروع في جذب الركاب بجانب عمليات الشحن، قال عبد الرحمن الحاتمي: تعمل الحكومة مع دول مجلس التعاون الخليجي على هذا المجال، حيث إننا نتناقش مع دول المجلس من أجل القيام بدراسة تبحث زيادة عدد الركاب، وكيف يمكن أن نقوم بتغيير المشهد العام للركاب على مستوى مجلس التعاون الخليجي. ونحن ننظر إلى قطارات فائقة السرعة والتي تربط مدن الخليج، وسنقوم بدراسة في هذا الخصوص على مستوى دول الخليج.
فيما تساءل أحد الحضور إن كانت المناقصات التي ستطرح ستشمل الشركات المحلية أم أنّها ستقتصر على الشركات الأجنبية؟
وأجابه مدير المشروع قائلا: بطبيعة الحال الخبرة الحالية تكمن في يد الشركات الأجنبية، وسوف تطرح مناقصات عامة تحتاج إلى خبرات عالية، ولكن ذلك لا يعني أن نستثني العقود المحلية، فهناك فرص كبيرة للشركات العمانية للمشاركة سواء كمقاولين أساسيين أو مقاولين من الباطن.
فيما تساءل آخر حول إمكانية إبقاء كل ريال يصرف على المشروع في السلطنة، من خلال إعطاء الشركات العمانية عقودًا كبيرة في المشروع وإلزام الشركات الأجنبية بالدخول في شراكات استراتيجية مع الشركات المحلية.. وتمّت الإجابة على ذلك من قبل أحد المشاركين بالقول: إن لم نكن جديين في هذا المشروع، فلن ننجح، وعلى القطاع الخاص أن يأخذ المبادرة ويطلق قدراته التنموية والإبداعية في هذا المشروع، وهذا الأمر ينطبق على مستوى إدارة المخاطر، والتوقعات عالية جدًا في هذا الصدد، ليس فقط على مستوى الهندسة المدنية بل حتى التصنيع، والخدمات الهندسية والصيانة والعمليات والتشغيل وغيره. وهناك فرص هائلة للقطاع الخاص ولابد أن ينتهزها في توفير الخدمات والأشغال؛ وألا يركز على هذه المرحلة فحسب، بل يعتبرها الانطلاقة لفرص استثمارية أكبر.
وحول الفرص الاستثمارية في المشروع على مستوى الضيافة والقطاع الفندقي، أجاب أحد المشاركين بأنه من الأمور التي لابد أن تؤخذ في الحسبان هو أنّ التصميم يبدأ الآن، وهذه هي البداية لهذه الرحلة الطويلة، ويجب أن ندرس كيف يؤثر المشروع على المدن العمانية، وذلك ما يرغب القطاع الخاص في رؤيته يتحقق، وحتى الآن تكمن الفرص في دعم بناء المشروع، من خلال التمويل؛ شرط توفر القواعد والمشاركة الحقيقية من قبل القطاع الخاص، بالإضافة إلى ضمانات الاستدامة ما بعد مرحلة الإنتاج خاصة في توفير وتأهيل الموارد البشرية.
ويرى عبد الرحمن الحاتمي مدير المشروع أنّ هناك فرصًا كبيرة في هذا المشروع، يمكن للقطاع الخاص أن يساهم فيها، حيث إنّ مشاريع بهذا الحجم يمكن أن تشكل نماذج مثالية لمشاركة القطاع الخاص والعام لتعزيز التنمية المستدامة.