مرتجل أشعاري

[عتيق بن راشد الفلاسي]

هذه الصفحة خاصة بمتفرق أشعاري المرتجلة خارج قوالب القصيد، وهي شبيهة بصفحة خواطري " فلاسيات"...أغرس فيها شوارد هذا المرتجل ماسلف منه، وما هو حديث الولادة بمقتضى الحالة، والظرف الشعوري ..أثبتها هنا بين أروقة هذا المنتدى الحبيب القريب من حسي، والصرح الثقافي العامر والذي وجدت في مقيله إغضاءة الجفن، وقرة العين..


قرِّبوني من صداها علَّني
أعلن السرَّ على مرمى الصدى
واسألوها هل لمكلوم إذا
ضخَّ نزفاً من هُميسات حُدا
واطلبوها وقفةً من غير أَنْ
ترحمَ الحال إذا الحال بدا

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لا يُعرفُ الحُرُّ إلا في مناجزةٍ
تُبدي الجوارحَ من دوّارة الحَجَلِ
الحرُّ يأْنَفُ ظهرَ الأرضِ مفتَرشاً
حنى يصافحَ شأْوَ السحْبِ في عجَلِ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

نكره الخُلْفَ لميثاقٍ مضى
غير أن الصبر قد ضاق بنا
كم أقمنا عند أعتاب الهوى
أين كنتم! قد مضى العمرُ هنا​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

ريّانةَ العود الرطيب تدللي
ودعي التعقّلَ في الغرام وأَقبلي
العمر ولى في تقصٍّ ذاهبٍ
والقلب يرقص في الشباب المُقبلِ
لا تَحرمي روحَ الربيعِ مريعها
اليوم يذهبُ في عِداد الأولِ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

ليالٍ بين "ديرةَ" و "الجميرا"
تقضّى عُرسُها مثل الرجاءِ
أفاقتْ بعد سكرتها نهاراً
بشمس البَيْنِ أو وَضَحِ التنائي
نسائمُها مهاد السعد مني
فيا ويلاه من درْك الشقاءِ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

نادتْ كؤوسي أين رشفُكِ لهفةً
يامَنْ سُقيتِ دمي بكأسٍ ساحرِ
لا تبعدي نَهَمَ اللُّمى عن زفرتي
كم قدْ شربتُ من النمير الفاترِ
لولا مُدامي ما تَعَبَّدكِ الهوى
حتى ثمِلتِ على الهَزِيعِ الآخرِ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

راضٍ فلو قسم الزمانُ لمُنْيتي
رؤيا خيالكِ ما استعضتُ بآخرِ
ما أصعبَ التبديلَ في سنن الهوى
القلبُ مقدورٌ وليس بقادرِ
لمْ أدرِ قبل ودادكمْ يا سادتي
ما الحبُّ حتى صار قيدَ الآسرِ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لِمَ أنسى عند رؤياكِ الوجودْ
عجباً فيكِ يقاصيني الشرودْ
أنتِ يا زين البرايا طلعةٌ
معدِنٌ يندرُ في تلك الحشودْ
ياضحوك المبسم القاني إذا
نَدَّ ورداً واصطفاني في الهجودْ
أنا من حبك عاينتُ الدُّنا
جنةً يحلو بسقياها الخلودْ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

رجائي أن يوافينَي حبيبي
مصادفةً فيدهشه حضوري
قضيت الليلَ في نجواه شعراً
إلى أنْ أجهشتْ مني سطوري
يسامرني بأنظارٍ توالتْ
تسيرُ إليَّ في دفقِ الخريرِ
أمير الحسن في نظري فمهما
تواضعَ زاد من شغفي المَطيرِ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

فديتك من حبيب لو بدالـي
أوفيّه الحيـاة و لا أبالـي
فديتُك مرسما أهدى صباحي
عذيب الشهد أو قُبَلَ الدلالِ
فديتُك يا ملاك الحرف لما
تطل عليّ في حلك الليالي
​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

يامن أنـال إذا جلسـت بفيئـه
مالم ينله علـى العـلا القمـران
بالأمس كدت من الصبابة والجوى
أطوي إليـك مسافتـي وزمانـي
​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

أوّاهُ من ليلٍ يطول معذبا
ومن اشتياق ليس يرحم خاطري
لو كنتِ ليلى لافتدتْ مجنونها
إني لأربو فوق ما في العامريْ
مجنونها شفَّ الغرامُ صوابَه
وأصاب حبُّكِ كلَّ جرحٍ غائرِ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

همومي منك بل أنت الهمومُ
وسقمي منك يا طول السقامِ
أثرت لغيرتي نارا تلظتْ
إذ استوعبت غيريَ في الزحامِ
يحيط كلامك الشعرا مدحا
فتبدين التحية بالسلام
وأسطع بينهم كالبرق يسري
بودق الشعر أو عذب الكلام
أحلّي جيدك الغالي بقول
يراه الكل تغريد الحمامِ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

قرب الأحبة مثل الغوث نقصده
لو طم بحر من الأهول والكربِ
فأسعدي النفس يا ذكرى أبجلها
بكل قول من الأقوال محتسبِ
يا دوحة الشعر أصنافا نصافحها
عند القوافي وعند الرسم في الكتب
بمجمع الشعر كم نشدو فنذكركم
كأن شمسا عن المنظوم لم تغبِ
إذا صفا الليل هلَّ الشعر مبتدرا
من خافقيكم يضيء الكون كالشهب
لا تحسبيني إذا غنيت منتشيا
بل ذاك أني بكم أختال كالقضُبِ

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

كتبت إحدى الشاعرات قائلة:
لولا الفضيلة كنت في صخب الهوى=وهما يبيع الوهم للأتباع
حولي جياع الحرف تأكل من فمي= بوح الأنوثة في الهوى الخدّاع
قيل العقوا شهد الحروف بثغرها= عسلا يبيح لذائد الإمتاع
والثم :مباح لثمها وعناقها=أنثى يكال صواعها بالصاع
حقا خلقت من الضلوع وإنني =لم أنتقص ضلعا من الأضلاع
حقا خلقت من الضلوع وإنما =ما كنتني بدعا من الأنواع

ورددت عليها مرتجلا:

بُوحي بطهرك فوق صوت الداعي
ودعي الفضيلة مثل نصح الراعي
ماقلتِ إلا الحق في زمن يرى
أعلى الأمور مراتع الإشباع
أوّاه من هذا النشيد فإنه
أرسى السفائن في ذرا الأضلاع
نادى فأبدى فوق ما تبدي النهى
والعقل قيد الشرع للأتباع
وفيت من نبع البيان فأينعت
تلك الثمار مفاتن الأنواع
بالله لو كتب الزمان تآلفا
مابين حرفينا فإني الساعي​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

عذرا فماكان القصيد إذاعة
لكنه ترنيمة الإرجاع
عاينت حرفك فاحتواني سيبه
حتى غرقت برنة الإيقاع
لا استطيع لما أراه تكتما
من رقية نفثت على أوجاعي
يا من كسوت الشعرخير نصيحة
ني ظمئتُ فأمطري أصقاعي​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

رحماك ذا الصمت أذكى القلب نيرانا
وهيج البال حتى عاد حيرانا
مالي أشاطر في مدح لك القمرا
إذ صار يعلو بنور منك هيمانا
أحب فيك من الأشواق أكتمها
والشوق منك يحيل البوح كتمانا
لولاك أنتِ لما ناديت قافية
ولا جعلت شعاع البدر حيرانا
ولا سريت على نجم أصرفه
ولا تركت ظلام الليل سكرانا
أبيت أرقب مرسالا يصافحني
فأضرب الكف فوق الكفّ خسرانا​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

لا تقولي سنعودْ
ربما عدنا ولكنْ بعد تضييع العهودْ
أغلق الليل على سر الهوى
بابه القاتم من طول الهجودْ
لا تقولي يا حياتي هل لنا من فرصةٍ
كيف يحيا هالكٌ طيّ اللحودْ
لا تقولي حبنا فوق المحنْ
كم تحدينا الرزايا والسدودْ
أخلف الحظ رؤانا فانثنتْ
تضرب الكف على ربع الخدودْ

*****
قلتِ لي مرة : حبيبي سنعودْ
نبدأ الدنيا غناء من جديدْ
نبدأ الفرحة من جديدْ
ومن جديد إلى جديدْ
لا تقل لي قد مضى العمر وولى
لا تصدقْ كذْبة البعد العنيدْ
نحن من سألنا الليل يبقى ، وطلبنا الحب ألا يا حبيبي لا يبيدْ
لا تطع يوما دعاوى المستحيلْ
وامحُ من صميم حبنا نقطة الموت الحصيدْ
واقتربْ مني فلا عاشتْ قلوب هدّها طول الصدودْ
لا لا يا حبيبي لا تقل لا لن نعودْ
سنعودْ
سوف يرويك ربيعي دنة المزن الرغيدْ
لن تنشد الأرض مقيلا
لن تنادي النجمة السكرى تناغيك السعودْ
كلما تهت اختيالا بين أنفاسي ترى
يا حبيبي كيف تغفو فوق صدري كالوليدْ

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

القصد أنت وأنت روح قصائدي
والشعر أنت نسجت منه قلائدي
والعمر أنت أبنت فيه مقاصدي
حتام تنكر يا ظلوم نحيبي
******
الشعر قبلك لم يكن في خاطري
إلا توهم وهْمِ طيف زائرِ
فأتيتَ تحيي فيه نبع سرائري
وتديمه دِيَمَ السحاب الماطرِ
أتهون أشعاري عليك حبيبي!!
*******

فلِمَنْ أغني كل يوم ياتُرى
ولِمَنْ أغرّدُ يا حياتي في الورى
ولمَنْ بكائي بل لمن ضحكي يُرى
ولمن لمن قل لي أبيت على السُّرى
من غير ذكرك شاغلي محبوبي !!

******
نثري وأشعاري جراحاتي لديكْ
وجميع أشعاري طوارق ناظركْ
ما ضل بيتٌ عنك دونكَ أو إليكْ
فعلام تتركها تناشد مقلتيكْ
هبْها جنتْ يوماً فشدّتْ معصميكْ
أتنيلها منك الجفاءَ حبيبي

*******

هبْني أسأتُ فما جناية أحرفي
وهل العدالة في قرارٍ مجحفِ
أنْ ترحم الأحجار دمع تخوفي
عطفتْ وسالت بالدموع الذرّفِ
وبقسوة الأيام جاء حبيبي

******

لو شئتُ أنْ أشكو شكوت بأدمعي
ظلم الهوى لكنْ عصيت توجعي
وكتمت مابي فاستوى في مسمعي
رجع النحيب أو انتحاب المرجع
وجفوت منك لذيذ نوم المضجع
وبعدتُّ لكنْ عزّ ذاك حبيبي

 

[ألمـــاس]

حينما يأتي الأديب ببعض مختاراته الشعرية .. وتكون جميعها منحوتةً شكلاً هو الكمال بعينة .. جامعة لنتاج إبداعه الأدبي الظاهر جلياً .. ويضعها بين أيدينا .. يدرك القارئ حين يتأنى في القراءة أنه أمام منجم هو الثروة بعينها .

وحين يصبح ارتجال الشعر فطرة في نفس الأديب وتتشكل هذه الفطرة كالسحابة تهمي إبداعاً لتروي يباس واقعنا الأدبي الماحل نوعاً ما .. ونحن نقف على هذا الواقع ننتظر بشغف هطول زخات الشعر الندية التي تداعب شغاف القلب وتلامس الروح لتزهر بها صفحات الأدب وتورق بها مساحات شاسعة من الفكر الخلاق .. ندرك وبلا نقاش أننا أمام رمز من رموز الأدب العربي الأصيل الذي جاء إلينا ممتطياً صهوة الحرف .. متوشحاً رداء الكلمة .. حاملاً إلينا قناديل الشعر والنثر لتضيء صفحاتنا .

مبدعنا الرائع .. لديك قوة جبارة في استخدام المجاز سواء كان تشبيهاً أم استعارة .. وقدرة هائلة على الإتيان بالصناعة اللفظية من تورية وطباق .. وتعبير قوي متين يؤثر في نفسية القارئ .

لله درك كيف طوعت اللغة في خدمة التعبير عن عواطفك ومقاصدك وأفكارك .. حتى انسابت كجدول رقراق مر على مدائن الحب والشوق والهجر والعتاب فسقاها وروّاها حتى تبدت وتثنت حسناً وجمالاً .. وكعادتي دوماً أقف احتراماً وأصفق إعجاباً بهذا الإبداع . ​