غريب الدار
¬°•| مشرف سابق|•°¬
بقلم - ريم محمد أسعد
منذ أيام اتصل أحد الصحافيين طالباًً وجهة نظري في "صناديق الاستثمار الإسلامية" سائلاً عن الفائدة الاقتصادية التي تعود منها على المجتمع. لم أفهم مغزى السؤال في البداية فسألته ما يقصد "بالفائدة العائدة على المجتمع من الصناديق الإسلامية" فكرر سؤاله مرة أخرى.
وطالما أن السائل طرح سؤالاً قد يعتبره المختصون سؤالاً لا ينم عن فهم بمجال الاستثمار الإسلامي إلا أنني استنتجت أن السؤال نفسه لا بد أنه يدور بخلد الفرد العادي، وهو سؤال بديهي بسيط ولكن غابت الإجابة عنه. رحت أفسر له كالآتي:
أولا: صناعة الاستثمار الإسلامي هي صناعة عملية بحتة تهدف إلى الربح المباشر ولكنها تتجنب ما اتفق على حرمانيته اقتصاديا من شركات ومؤسسات ونسب مالية. فمثلا ينقسم الحظر الشرعي للاستثمار في الأسهم إلى نوعين: حظر القطاع (وهو القطاعات المحرمة شرعاً مثل صناعة التبغ والقمار والكحول وغيرها) والآخر هو حظر نسب الفائدة والدين بحيث يحظر الاستثمار في شركات تزيد فيها نسبة الربح من الفائدة على نسبة معينة أو تزيد قيمة خصومها والديون عليها على 33 في المائة تقريباً. هذه بشكل عام هي الضوابط الشرعية التي أجمع عليها أغلب الفقهاء الماليين (ربما تغيرت النسب قليلاً أو تم تحديثها). إذن بأخذ هذا المفهوم في الاعتبار يكون من الأولى تغيير مسمى "الاستثمار الإسلامي" واستبداله بلفظ "الاستثمار بالضوابط الشرعية" أو شيء من هذا القبيل.
ثانياً: بناءً على التعريف السابق فإن العائد الاقتصادي الإنساني للمنتجات المصرفية "الإسلامية المعاصرة" لا يرتبط بالضرورة بالدول الإسلامية ولا الاستثمار فيما له علاقة أو منفعة للمسلمين فهو مجرد عملية "تنقية" للمنتجات الموجودة أصلاً من الشوائب الربوية والمحرمة شرعاً.
ثالثاً: عندما نريد معرفة الفائدة من أي صندوق استثماري (شرعي أو تقليدي فينبغي لنا طرح سؤال رئيسي: "ما الهدف من الاستثمار" أو "فيم يستثمر الصندوق".
إذن فالمسألة ليست إنسانية أو اجتماعية، وأبرز دليل على ذلك أن مهندسي صناعة الصناديق والمنتجات الاستثمارية الإسلامية في الغرب هم من غير المسلمين ولكنهم يستعينون بعلماء الشريعة للتأكد من شرعية المنتج. هذا مختصر بسيط عن صناديق الاستثمار الإسلامية. وبالمناسبة توجد بالغرب كذلك أنواع من الاستثمارات والصناديق التي تلتزم "بضوابط أخلاقية" تسمى Socially Responsible Investing أو Green investing وتتبنى هذه الصناديق أهدافاً إنسانية أو بيئية أو اجتماعية ... إلخ.
وأستطرد في حديثي مع السائل لأذكره بأن لو كان الهدف من الاستثمار الإسلامي هو نفع المجتمعات الإسلامية حقاً فإن الأمر لا يحتاج إلى منتجات وصناديق معقدة أو خبرات مالية عبقرية وإنما يحتاج إلى روح وضمير يهدف في جوهره إلى خدمة المجتمع الإسلامي، وليس من دليل أوضح من قطاع الإعلام - على سبيل المثال - الذي غزته القنوات الفاضحة والهابطة, التي تسهم في إسراع نمو مجتمعاتنا إلى الوراء وأغلب مساهميها من مسلمين أثرياء للأسف.
توجد أمثلة استثمارية عديدة وفي قطاعات مختلفة لا تعود بفائدة على الإسلام أو أهله ولكني أكتفي بهذا القدر. إذن فالسؤال الصحيح هو: كيف يخدم رأس المال الإسلامي الإسلام وأهله؟
والله الموفق
* نقلاً عن صحيفة الاقتصادية .