الحمد لله وصلى الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
السياسة التي اتبعها الخليفة الراشد رضوان الله عليه هي سياسة الرفقة والتؤدة، وهذا يحيلنا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لا يكون الرزق في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه. فسيدنا عمر كان حديث العهد بمن سبقوه من الخلفاء من أهل بيته، ولم يكن سهلا أن يعمل بالحق دفعة واحدة ونزع المظالم من الظالمين وردها إلى الفقراء والمعوزين من غير أن يتطاير الشرر وتستل السيوف ويحدث ما لا يحمد عقباه. ويعزز هذا ما نعمله من حرص أبي عبدالملك على حقن دماء المسلمين. هذا إذا علمنا مبلغ استياء ابناء عبدالملك(يزيد وهشام وغيرهم) الذي يرون أن الخلافة خرجت من ولد عبدالملك وتلقفها ابن عمهم عمر بن عبدالعزيز وحفيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبمناسبة القصة، تقول عمة عمر تلوم بني أمية لما جاؤوا يشتكون لها سياسة عمر: لوموا أنفسكم فقد عمدتم إلى عبدالعزيز فزوجتموه من آل عمر، فجاء بعمر.
والسائل (عبدالملك بن عمر) هو مثل أبيه وتوفي في حياته، رحمهما الله وتغمدهما بالرحمة. كان حريصا على إقامة الحق، وهو مثال الابن الصالح الذي لم تمنعه مكانة أبيه عمر من أن يذكره، ومن هنا نستفيد أن النصيحة لله ولرسوله ولأولي الأمر ولعامة المسلمين. هنا تتجلى عظمة الأب وحنان الأبوة في ذلكم الطاهر عمر وهو يبين لابنه الشاب الفتي أن التؤدة والرفقة هما السبيل لإقامة ما اعوج من سير الناس، والدولة لا يسوسها إلا عليم بأسبابها، بصير بمواطن علتها
خارج النص: لما دخل العباسيون دمشق وأعملوا فيها من الأعمال ما هو مبثوث في كتب التأريخ، نبشوا قبور بني أمية جميعها إلا قبر عمر رضي الله عنه، وفيه قال أبو جعفر المنصور: عسل خرج من زق خمر