آيات بها عبرة

شوق ظبيان

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
16 نوفمبر 2010
المشاركات
267
الإقامة
في قلوب المحبين
بسم الله الرحمن الرحيم

من سيرة الفضيل بن عياض - رحمه الله -


الحمد لله وبعد ،
إن سير العلماء مما يبعث الهمم على الاقتداء بهم ، ومن العلماء الذين سارت الركبان بسيرته الفضيل بن عياض - رحمه الله - .

ومن الوقفات العجيبة في سيرة هذا الإمام قصة توبته .

قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/423) :
قال أبو عمار الحسين بن حُريث ، عن الفضل بن موسى قال : كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبِيوَرْد وسَرخس ، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينما هو يرتقي الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ ..." [ الحديد : 16] فلما سمعها ، قال : بلى يارب ، قد آن ، فرجع ، فآواه الليل إلى خَرِبة ، فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم : نرحل ، وقال بعضهم : حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا .

قال ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا ، يخافوني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني قد تبت إليك ، وجعلت توبتي مُجاورة البيت الحرام .

قال الإمام الذهبي تعليقا على القصة :
وبكل حال : فالشرك أعظم من قطع الطريق ، وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة . فنواصي العباد بيد الله ، وهو يضل من يشاء ، ويهدي إليه من أناب .

....................................
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد:16]


- موقف للفضيل مع هارون الرشيد :
عباس الدوري:حدثنا محمد بن عبدالله الأنباري ،قال:سمعت فضيلا يقول:
لما قدم هارون الرشيد الى مكة قعد في الحِجْر هو وولده ،وقوم من الهاشمين ، وأحضروا المشايخ ،فبعثوا إليّ فأردت أن لا أذهب ،فاستشرت جاري ،فقال:
اذهب لعله يريد أن تعظه ،فدخلت المسجد ،فلما صرت إلى الحجر،قلت لأدناهم:
أيكم أمير المؤمنين ؟ فأشار اليه،فقلت:السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله
وبركاته ،فرد علي ،وقال:اقعد ،ثم قال:إنما دعوناك لتحدثنا بشيء ،وتعظنا ،
فأقبلت عليه ،فقلت:يا حسن الوجه ،حساب الخلق كلهم عليك .
فجعل يبكي ويشهق ،فرددت عليه ،وهو يبكي ،حتى جاء الخادم فحملوني
وأخرجوني ،وقال:اذهب بسلام .

قال الذهبي (8/440):
وعنه:يا مسكين ،أنت مسيءٌ وترى أنك محسن ،وأنت جاهل وترى أنك عالم ،
وتبخل وترى أنك كريم ،وأحمق وترى أنك عاقل،أجلك قصير،وأملك طويل .

قلت ( الذهبي ) : إي والله ، صدق ، وأنت ظالم وترى أنك مظلوم ، وآكل للحرام وترى أنك متورع ، وفاسق وتعتقد أنك عدل ، وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله .

- رسالة ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض:
روى الحافظ ابن عساكر عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال:
أملي عليَّ عبد اللّه بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وأنشدها إلى الفضيل
بن عياض في سنة سبعين ومائة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبَّار خيل اللّه في * أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب اللّه ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب
قال:فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام ،فلما قرأه ذرفت
عيناه وقال:صدق أبو عبد الرحمن ونصحني ،ثم قال:أنت ممن يكتب الحديث ؟
قال:قلت:نعم ،قال:فاكتب هذا الحديث كراء حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا ،
وأملى عليّ الفضيل بن عياض:
حدثنا منصور بن المعتمر،عن أبي صالح ،عن أبي هريرة أن رجلاً قال:
يا رسول اللّه علِّمني عملاً أنال به ثواب المجاهدين في سبيل اللّه ،فقال:
"هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر،وتصوم فلا تفطر؟"فقال:يا رسول اللّه
أنا أضعف من أن أستطيع ذلك ،ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم:
" فوالذي نفسي بيده لو طُوِّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله ،
أوما علمت أن الفرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له بذلك الحسنات ؟!"
الحديث رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب الجهاد والسير .

والله اعلم

 
أعلى