كوافيرة
وجدت أمي وقد أبقت لي شيئاً أحبه كثيراً، يسمونه الكامي، وهو لبن مطبوخ يحلّونه بالسمن ويأكلونه مع الرطب، وهناك لا تسأل من أين هذا، لأنه خلال اليوم الواحد سيطرق بابك الكثيرون كل منهم يهديك شيئاً، هذا يهديك رطب، وهذا سمن، وهذا لبن، وهلمّ جرّا........أمي تعودت أن تحمل معها من دبي قطع الثياب والسمك المجفف والعطور لتهديها لهم بدورها.
بعد أن ملأت بطني من الكامي والرطب حملت طاسة الطين متجهاً لنخل بن عمران، ونخل بن عمران بستان وارف الظل، به النخيل الباسقات وأشجار الليمون المتشابكة وأشجار المانجو الزاهية على مجرى الماء.
في نخل بن عمران تقيم امرأة اسمها سلمى، وهي مختصة بتزيين النساء، ولها عريش وخيمة، وهي كما تسميه النساء اليوم في دبي الكوافيرة، فهي خبيرة في تصفيف الشعر ومشطه. عندما وصلت تلقتني مجموعة من النساء خارج العريش، أخذت إحداهن عني الطاسة وسألتني عن اسمي واسم أبي، ولمّا لم تعرف اسم أبي سألتني عن اسم أمي.......قلت لها أمي "عايشة"......قالت إحداهن من ورائها "عايشة راعية البحر"......منذ ذلك اليوم عرفت أنهم يسموننا "رعاة البحر".
تلطفت بي المرأة وأخرجت لي من جيب ثوبها ثمرتي مانجو، ثم طلبت منّي أن أجلس على باب البستان وأمنع أي أحد من الدخول لأن العروس تتزين في العريش.