غريب الدار
¬°•| مشرف سابق|•°¬
القبس الكويتية -إعداد: رزان عدنان /
عندما تدخل الفروع المخصصة للنساء في بنك دبي الإسلامي تشعر، كأنك في منتجع أو فندق فخم أكثر من كونها مؤسسات مالية. إذ تشاهد النساء يجلسن في احدى قاعات فرع تابع للبنك وهن يتصفحن المجلات ويأكلن التمر ويحتسين القهوة بفناجين من ذهب.
وترى منهن من ترتدي العباءة السوداء، وأخريات سيدات أعمال، والقسم الآخر من المقيمات الصينيات يرتدين تنانير قصيرة. وجميع الموجودين في هذا الفرع هم من النساء بدءاً من أمين الصندوق والمصرفيين والمديرين الأثرياء وانتهاء بالعميلات.
وفي السعودية، تتواجد المصارف الخاصة بالنساء فقط منذ عقود، الأمر الذي يعكس نوعاً ما ثروة النساء السعوديات، إلى جانب الموقف المحافظ تجاههن كثريات بحاجة لمن يحميهن.
وشهدت الأعوام القليلة الماضية انتشار الشركات الاستثمارية والمصارف الخاصة بالنساء في الشرق الأوسط. وتزايدت نسبة النساء العربيات المتعلمات وأصبح تواجدهن في كل مكان كموظفات أمراً شائعاً، خصوصاً انهن يبحثن عن الاستقلالية المالية.
استثمار الأصول
في الخليج، وبعد تدفق الثروات الناتجة عن الازدهار الذي تعيشه المنطقة بسبب النفط والغاز، بدأت النساء يتطلعن لاستثمار اصولهن في ادوات اكثر تطورا من التقليدية مثل المصارف والعقار.
علاوة على هذا، يتميز سوق الكويت للاوراق المالية بوجود طابق خاص للنساء، وخلال فترة ازدهار الاسهم العربية عام 2006، خصصت بورصة دبي اماكن معينة للنساء، تتوافر فيها خدمة وجبات طعام خفيفة وقهوة.
وفي السعودية تتزايد اعداد النساء اللائي يتداولن في البورصة عبر الانترنت.
تقول عضو مجلس ادارة صندوق «فرصة» الخاص بالمستثمرات من النساء فقط شمسة نور علي راشد: «النساء اصبحن اكثر انخراطا في ادارة ثرواتهن».
ونتيجة لذلك، ساهم مصرفيون ومديرون جدد في تعزيز الثورة النسائية الحديثة.
واخذت شركات استثمارية مثل «ميريل لينش» وبنوك خاصة مثل كلاريدين ليو تستهدف المليونيرات الخليجيات، ووفرت بعض هذه المؤسسات مستشارات من النساء لعميلاتهن. كذلك لجأت البنوك العربية المحلية الى طرح خدمات خاصة بسيدات الاعمال والنساء الثريات، اذ اصدرت بطاقات ائتمانية وقروضا للسيارات والشقق.
لكن ما سر الاهتمام بتقديم جميع هذه الخدمات للنساء وتوفير منتجات خاصة بهن؟ تجيب فلورنس عيد الشريك في شركة صندوق التحوط الاميركي لمنطقة الشرق الاوسط بانتيرا كابيتال مانجمينت «ان المفاهيم التي تدعو للتطور بدأت تدخل مجتمع الشرق الاوسط، واخذت تنادي بالتحرر».
ومما لا شك فيه ان الصناعة المالية لا ترتبط بالاولويات الاجتماعية، وانما التجارية.
ويعلق على هذا الامر المدير العام في شركة بريدج بارتنرز لادارة الثروات في دبي غراهام بيل ان الامر لا يتعلق بتحرير المرأة، وانما المال.
بعيداً عن الصورة
وكانت مجلة «ميد» قد ذكرت ان النساء الخليجيات يملكن 246 مليار دولار، ومن المتوقع ان تزداد ثرواتهن لتصل الى 385 مليار دولار في عام 2011.
وفي السعودية، تملك النساء ثلث حسابات الوساطة و40 في المائة من الشركات التي تديرها العائلات، ولو انه غالبا ما تكون هذه السيدات شريكات بعيدات عن الصورة.
ففي دراسة اجريت عام 2007 اعدتها المؤسسة المالية الدولية احدى اذرع البنك الدولي، وجدت ان ثلث النساء اللائي يملكن مؤسسات في الامارات العربية المتحدة يحققن مكاسب اكثر من 100 الف دولار سنويا، في حين ان 13 في المائة من النساء الاميركيات يملكن شركات.
ورغم الصورة السلبية التي تظهرها وسائل الاعلام عن النساء عن انهن مخلوقات مدللة فإن النساء العربيات يتعاملن بذكاء شديد مع الامور المالية.
وكانت مؤسسة باركليز لادارة الثروات وجدت في دراسة اعدتها العام الماضي ان النساء العربيات الاكثر ثقة في العالم بالاستثمار في الصناديق ومعلوماتهن في العقار وخطط التقاعد اكثر ضمانا من غيرهن.
ولعل من افضل الامثلة التي يجب ذكرها عن سيدات الاعمال العربيات هي رئيس بنك «غلف ون انفستمنت» ناهد طاهر، ومها الغنيم رئيسة بيت التمويل العالمي.
وتقول عيد انه خلال تواجدها في منتصف الثمانينات بالجامعة الاميركية في بيروت كان حوالي 15 في المائة من الطلاب الذين يدرسون الشؤون المالية نساء، وعندما عادت لتدرّس في عام 2000 وجدت ان اكثر من نصف الطلاب من النساء.
وهناك من النساء من تعلمت الشؤون التجارية والمالية من نفسها، وابرز مثال على ذلك، خالدة ميرزا التي بدأت بيع الرخام، وهي سيدة متزوجة ولديها اربعة اولاد.لكنها سرعان ما علمت نفسها قواعد التجارة، من خلال قراءتها ومتابعتها للكتب والمجلات. واليوم تملك خالدة شركة عقارية وتعطي نصائح مجانية للنساء عن ادوات الاستثمار.
في التاريخ
الى هذا، تملك المستثمرات العربيات تاريخاً طويلاً. فزوجة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم – خديجة – رضي الله عنها – كانت تاجرة ثرية في مكة.
اضافة الى هذا، عندما كان الاقتصاد الخليجي يعتمد في السابق على صيد السمك واللؤلؤ فقط، غالباً ما كانت النساء تقوم بالشؤون التجارية وينبن عن ازواجهن في فترة غيابهم بحثاً عن رزقهم.
اما اليوم، فتملك النساء الخليجيات الكثير من الاصول السائلة، ويعود جزء من هذه الثروة الى قانون الوراثة الموجودة في الشريعة الاسلامية. اذ تحض مبادئ الاسلام على انفاق الرجل على زوجته وعائلته، حتى ولو كانت ثرية، وان مالها ملك لها. من جهة اخرى، وبالنسبة للشركات الاستثمارية، تعد السعودية اكبر غنيمة لها، اذ تقدر الحسابات المصرفية للسيدات هناك بنحو 11 مليار دولار. الا ان القوانين المشددة والمقيدة في المملكة العربية السعودية تفرز صعوبات اكبر ايضاً. على سبيل المثال، تمت دعوة مدير ثري ذات مرة لالقاء محاضرة عن الاستثمار في قصر سعودي وكان قلقاً طوال الجلسة من ان يلقي القبض عليه مطوع او رجل شرطة لانه جالس وحيداً بين 40 امرأة!
ومع ذلك، تقول رولا دشتي، وهي اول امرأة يتم انتخابها كرئيس للجمعية الاقتصادية الكويتية «لا يوجد تعصب ضد استثمارات المرأة».
سيطرة الرجال
تعاني بعض النساء الخليجيات الثريات من استحواذ أقاربهن من الرجال، اما اخوتها أو والدها على أموالها والتصرف به وفق ما يرونه مناسبا، والذي لا يكون كذلك في معظم الأحوال. وفي هذا الصدد يقول بيل ان أميرة سعودية طلبت منه في احدى المرات تنظيم بعض ورش عمل استثمارية، ووجد خلال هذه الورش الكثير من الغضب والسخط من قبل المشاركات. وقالت بعضهن انها ورثت مالا من والدها، ولم يكن لديها القدرة على التصرف في أموالها أو تحقيق بعض الاستثمارات الخاصة. واضاف بيل ان الكثيرات منهن يملكن المال، لكن لم يقدم اليهن احد نصيحة، وقد يكون والد احداهن أو اخوها صادقا لكنه مستثمر غبي، أو قد يكون مستثمرا رائعا لكنه نذل. لكن من جانبها، ابتكرت شركات مالية طريقة لتجذب النساء الثريات من خلال توظيف عدد أكبر من النساء لديها. على سبيل المثال، اطلقت بريدج بارتنرز»«بيت الاستثمار للسيدات» لاستهداف النساء السعوديات. لكن كما هو المفتاح الاساسي للتعاطي مع العملاء الرجال من خلال تقديم منتجات مالية متكاملة، كذلك هو الحال مع النساء.
اذ انه عندما سألت احدى الشركات الاستثمارية دشتي عن افضل طريقة لتسوق خدماتها للنساء، اجابت باختصار« «اذهبوا الى قواعد «البيزنس» الأولى، وستعرفون انه في حال كان هناك منتج جيد، فستشتريه المرأة».
...................................................................................................