(الكعبي)
¬°•| مُِشْرٍفَ سابق|•°¬
نماذج من الخاشعين
مما يعين على الخشوع في الصلاة: التعرُّف على حال بعض الخاشعين، المتبتِّلين، المفلحين، لنقارن بين حالهم وحالنا، ولنعرف البون الشاسع، والفرق الواسع، بين ما نحن فيه وبين ما كان عليه سلف هذه الأمة، عسى أن يكون ذلك دافعاً لنا وحافزاً للاقتداء بهم، والسير على طريقهم، والتشبه بما كانوا عليه، فإن التشبه بالرجال فلاح ونجاح، وسبب لحبهم وإن كنا لسنا منهم، كما قال الإمام الورع الشافعي رحمه الله:
أحب الصاحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سواءً في البضاعة
ونحن نقول بل هو من أئمة الصالحين.
[1] سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: فهو إمام الخاشعين، وأتقى خلق الله أجمعين في الصلاة خاصة، حيث جُعلت قرة عينه فيها، ولهذا كان يقول لبلال: ((أرحنا بها يا بلال))، وكان إذا حَزَبَه أمر فزع إليها.
عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل" [شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم لابن كثير: 109]، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: "يا رسول الله، أراك شبتَ"، قال: ((أشيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)). [المصدر السابق].
[2] أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كان أبو بكر رضي الله عنه رجلاً رقيقاً، أسيفاً، كثير البكاء من خشية الله في الصلاة خاصة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: ((مروا أبا بكر أن يصلي بالناس. فقلت: "يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف حزين يغلب عليه الحزن والخوف من خشية الله]، وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس ـ من شدة البكاء ـ فلو أمرت عمر" الحديث.
[3] عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رغم شدته في الحق كان كثير البكاء، وكان يُسمع نشيجه في آخر الصفوف، قال عبيد الله بن شداد [من كبار وخيار التابعين] رحمه الله: "سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف، يقرأ: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) [صحيح البخاري في الأذان رقم: 713]، وقال عبد الله بن عيسى: كان في وجه عمر خطان أسودان من البكاء. [البخاري تعليقاً في الأذان باب إذا بكى الإمام: 2/206].
[4] عثمان بن عفان رضي الله عنه: ذلكم الخليفة الراشد، والشيخ القانت، وقيل هو المراد بالقانت في قوله تعالى: (أمَّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) [سورة الزمر: 9].
[5] علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان كثير التفكر والخوف والبكاء من خشية الله عز وجل، كما وصفه ضرار لمعاوية رضي الله عنه: "كان غزير الدمعة، طويل الفكرة..".
[6] سعد بن معاذ رضي الله عنه: كان من الخاشعين المخبتين في صلاتهم، عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سعد بن معاذ: "ثلاث أنا فيهن رجل ـ يعني كما ينبغي ـ وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس، ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل، ولا كنتُ في صلاة قط فشغلت نفسي بشيء غيرها حتى أقضيها، ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول ويقال لها، حتى أنصرف" [الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر: 2/169-170]، قال سعيد بن المسيب: "هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي".
[7] عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: كان من الخاشعين الخاضعين في صلاتهم، روى الذهبي في ترجمته [سير أعلام النبلاء: 3/369-370] عدداً من الآثار تدل على ذلك، منها:
قال مجاهد: "كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود"، وحدَّث أن أبا بكر رضي الله عنه كان كذلك.
قال ثابت البناني: "كنت أمر بابن الزبير، وهو خلف المقام يصلي كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك".
وروى يوسف بن الماجشون عن الثقة بسنده، قال: "قسَّم ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال، فليلة هو قائم يصلي حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح".
وعن مسلم بن ينَّاف قال: ركع ابن الزبير يوماً ركعة فقرأنا بالبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة وما رفع رأسه ".
وعن عمرو بن دينار قال: "كان ابن الزبير يصلي في الحِجْر، والمنجنيق يصُبُّ ثوبه ـ أي حِجْره ـ فما يلتفت" يعني لما حاصروه.
وقال ابن المنكدر: "لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن تصفقه الريح، وحجر المنجنيق يقع هاهنا".
وعن أبي إسحاق قال: "ما رأيت أحداً أعظم سجدة بين عينيه من ابن الزبير".
وعن عمر بن قيس عن أمه أنها دخلت على ابن الزبير بيته، فإذا هو يصلي، فسقطت حية على ابنه هشام فصاحوا: "الحية، الحية"، ثم رموها، فما قطع صلاته.
[8] عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: ما دخل وقت صلاة حتى أشتاق إليها، وما أقيمت صلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء.[ المصدر السابق ص 164].
[9] مسلم بن يسار[فقيه تابعي توفى 100هـ] رحمه الله، قال الذهبي [السير: 14/512]: قال غيلان بن جرير: "كان مسلم بن يسار إذا صلى كأنه ثوب ملقى". وقال ابن شوذب: "كان مسلم بن يسار يقول لأهله إذا دخل في الصلاة: تحدثوا فلست أسمع حديثكم". وروي أنه وقع حريق في داره وأطفئ، فلما ذكر ذلك له، قال: "ما شعرت".
[10] محمد بن نصر المروزي[مات 294هـ]رحمه الله، قال الذهبي: وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم: "ما رأيت أحسن صلاة من محمد بن نصر، كان الذباب ـ النحل ـ يقع على أذنه، فيسيل الدم، ولا يذبه عن نفسه، ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته، وخشوعه، وهيئته للصلاة، كان يضع ذقنه على صدره، فينتصب كأنه خشبة منصوبة، وكان من أحسن الناس خَلْقاً كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، وعلى خديه كالورد، ولحيته بيضاء".
وقال أبو بكر الصِّبغي: "فأما ابن نصر، فما رأيت أحسن صلاة منه، ولقد بلغني أن زنبوراً قعد على جبهته، فسال الدم على وجهه ولم يتحرك".[السير: 14/36-37].
[11] محمد بن سيرين رحمه الله: كان إذا قام في الصلاة ذهب دم وجهه، خوفاً من الله عز وجل وفرقاً منه.
[12] عامر العنبري رحمه الله: قال: "لأن تختلف الخناجر بين كتفي أحب إليَّ من أن أتفكر في شيء من أمر الدنيا وأنا في الصلاة".
[13] سعيد بن معاذ رحمه الله، قال: "ما صليت صلاة قط فحدثت نفسي فيها بشيء من أمر الدنيا حتى أنصرف".
نكتفي بهذا القدر من التمثيل لخشوع السلف في صلاتهم، ففيه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً.
فعليك أخي المسلم أن تُحكم صلاتك وأن تنصح لإخوانك فيها، فإنها أول فريضة فرضت، وآخر دينك، وآخر ما وصى به نبيك، تكن من الفائزين، الناجين، المستثنين في قوله تعالى: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) [سورة البقرة: 45]؛ فقد عاب الله الجميع وذمهم، ونسبهم إلى اللؤم، والهلع، الجزع، والمنع للخير، إلا المصلين، المداومين، المحافظين، الخاشعين في صلاتهم، فقال: (إن الإنسان خلق هلوعاً. إذا مسه الشر جزوعاً. وإذا مسه الخير منوعاً. إلا المصلين. الذين هم على صلاتهم دائمون)، إلى قوله: (والذين هم على صلاتهم يحافظون. أولئك في جنات مكرمون).
واعلم أخي الكريم كذلك أن المحسن الخاشع في صلاته شريك المسيء في صلاته إذا لم ينهه وينصحه، ولهذا جاء في الحديث: ((ويل للعالم من الجاهل إذا لم يعلمه)) [أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أنس]، وذلك لأن الخطيئة إذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة، أما إذا خفيت فلم تضر إلا صاحبها.
واللهَ أسأل أن يجعلنا وإياكم من الراكعين، الساجدين، الخاشعين، الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وسلم تسليماً كثيراً.
مما يعين على الخشوع في الصلاة: التعرُّف على حال بعض الخاشعين، المتبتِّلين، المفلحين، لنقارن بين حالهم وحالنا، ولنعرف البون الشاسع، والفرق الواسع، بين ما نحن فيه وبين ما كان عليه سلف هذه الأمة، عسى أن يكون ذلك دافعاً لنا وحافزاً للاقتداء بهم، والسير على طريقهم، والتشبه بما كانوا عليه، فإن التشبه بالرجال فلاح ونجاح، وسبب لحبهم وإن كنا لسنا منهم، كما قال الإمام الورع الشافعي رحمه الله:
أحب الصاحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سواءً في البضاعة
ونحن نقول بل هو من أئمة الصالحين.
[1] سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: فهو إمام الخاشعين، وأتقى خلق الله أجمعين في الصلاة خاصة، حيث جُعلت قرة عينه فيها، ولهذا كان يقول لبلال: ((أرحنا بها يا بلال))، وكان إذا حَزَبَه أمر فزع إليها.
عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل" [شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم لابن كثير: 109]، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: "يا رسول الله، أراك شبتَ"، قال: ((أشيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)). [المصدر السابق].
[2] أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كان أبو بكر رضي الله عنه رجلاً رقيقاً، أسيفاً، كثير البكاء من خشية الله في الصلاة خاصة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: ((مروا أبا بكر أن يصلي بالناس. فقلت: "يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف حزين يغلب عليه الحزن والخوف من خشية الله]، وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس ـ من شدة البكاء ـ فلو أمرت عمر" الحديث.
[3] عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رغم شدته في الحق كان كثير البكاء، وكان يُسمع نشيجه في آخر الصفوف، قال عبيد الله بن شداد [من كبار وخيار التابعين] رحمه الله: "سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف، يقرأ: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) [صحيح البخاري في الأذان رقم: 713]، وقال عبد الله بن عيسى: كان في وجه عمر خطان أسودان من البكاء. [البخاري تعليقاً في الأذان باب إذا بكى الإمام: 2/206].
[4] عثمان بن عفان رضي الله عنه: ذلكم الخليفة الراشد، والشيخ القانت، وقيل هو المراد بالقانت في قوله تعالى: (أمَّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) [سورة الزمر: 9].
[5] علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان كثير التفكر والخوف والبكاء من خشية الله عز وجل، كما وصفه ضرار لمعاوية رضي الله عنه: "كان غزير الدمعة، طويل الفكرة..".
[6] سعد بن معاذ رضي الله عنه: كان من الخاشعين المخبتين في صلاتهم، عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سعد بن معاذ: "ثلاث أنا فيهن رجل ـ يعني كما ينبغي ـ وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس، ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل، ولا كنتُ في صلاة قط فشغلت نفسي بشيء غيرها حتى أقضيها، ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول ويقال لها، حتى أنصرف" [الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر: 2/169-170]، قال سعيد بن المسيب: "هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي".
[7] عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: كان من الخاشعين الخاضعين في صلاتهم، روى الذهبي في ترجمته [سير أعلام النبلاء: 3/369-370] عدداً من الآثار تدل على ذلك، منها:
قال مجاهد: "كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود"، وحدَّث أن أبا بكر رضي الله عنه كان كذلك.
قال ثابت البناني: "كنت أمر بابن الزبير، وهو خلف المقام يصلي كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك".
وروى يوسف بن الماجشون عن الثقة بسنده، قال: "قسَّم ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال، فليلة هو قائم يصلي حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح".
وعن مسلم بن ينَّاف قال: ركع ابن الزبير يوماً ركعة فقرأنا بالبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة وما رفع رأسه ".
وعن عمرو بن دينار قال: "كان ابن الزبير يصلي في الحِجْر، والمنجنيق يصُبُّ ثوبه ـ أي حِجْره ـ فما يلتفت" يعني لما حاصروه.
وقال ابن المنكدر: "لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن تصفقه الريح، وحجر المنجنيق يقع هاهنا".
وعن أبي إسحاق قال: "ما رأيت أحداً أعظم سجدة بين عينيه من ابن الزبير".
وعن عمر بن قيس عن أمه أنها دخلت على ابن الزبير بيته، فإذا هو يصلي، فسقطت حية على ابنه هشام فصاحوا: "الحية، الحية"، ثم رموها، فما قطع صلاته.
[8] عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: ما دخل وقت صلاة حتى أشتاق إليها، وما أقيمت صلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء.[ المصدر السابق ص 164].
[9] مسلم بن يسار[فقيه تابعي توفى 100هـ] رحمه الله، قال الذهبي [السير: 14/512]: قال غيلان بن جرير: "كان مسلم بن يسار إذا صلى كأنه ثوب ملقى". وقال ابن شوذب: "كان مسلم بن يسار يقول لأهله إذا دخل في الصلاة: تحدثوا فلست أسمع حديثكم". وروي أنه وقع حريق في داره وأطفئ، فلما ذكر ذلك له، قال: "ما شعرت".
[10] محمد بن نصر المروزي[مات 294هـ]رحمه الله، قال الذهبي: وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم: "ما رأيت أحسن صلاة من محمد بن نصر، كان الذباب ـ النحل ـ يقع على أذنه، فيسيل الدم، ولا يذبه عن نفسه، ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته، وخشوعه، وهيئته للصلاة، كان يضع ذقنه على صدره، فينتصب كأنه خشبة منصوبة، وكان من أحسن الناس خَلْقاً كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، وعلى خديه كالورد، ولحيته بيضاء".
وقال أبو بكر الصِّبغي: "فأما ابن نصر، فما رأيت أحسن صلاة منه، ولقد بلغني أن زنبوراً قعد على جبهته، فسال الدم على وجهه ولم يتحرك".[السير: 14/36-37].
[11] محمد بن سيرين رحمه الله: كان إذا قام في الصلاة ذهب دم وجهه، خوفاً من الله عز وجل وفرقاً منه.
[12] عامر العنبري رحمه الله: قال: "لأن تختلف الخناجر بين كتفي أحب إليَّ من أن أتفكر في شيء من أمر الدنيا وأنا في الصلاة".
[13] سعيد بن معاذ رحمه الله، قال: "ما صليت صلاة قط فحدثت نفسي فيها بشيء من أمر الدنيا حتى أنصرف".
نكتفي بهذا القدر من التمثيل لخشوع السلف في صلاتهم، ففيه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً.
فعليك أخي المسلم أن تُحكم صلاتك وأن تنصح لإخوانك فيها، فإنها أول فريضة فرضت، وآخر دينك، وآخر ما وصى به نبيك، تكن من الفائزين، الناجين، المستثنين في قوله تعالى: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) [سورة البقرة: 45]؛ فقد عاب الله الجميع وذمهم، ونسبهم إلى اللؤم، والهلع، الجزع، والمنع للخير، إلا المصلين، المداومين، المحافظين، الخاشعين في صلاتهم، فقال: (إن الإنسان خلق هلوعاً. إذا مسه الشر جزوعاً. وإذا مسه الخير منوعاً. إلا المصلين. الذين هم على صلاتهم دائمون)، إلى قوله: (والذين هم على صلاتهم يحافظون. أولئك في جنات مكرمون).
واعلم أخي الكريم كذلك أن المحسن الخاشع في صلاته شريك المسيء في صلاته إذا لم ينهه وينصحه، ولهذا جاء في الحديث: ((ويل للعالم من الجاهل إذا لم يعلمه)) [أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أنس]، وذلك لأن الخطيئة إذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة، أما إذا خفيت فلم تضر إلا صاحبها.
واللهَ أسأل أن يجعلنا وإياكم من الراكعين، الساجدين، الخاشعين، الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وسلم تسليماً كثيراً.