الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
يوسف ورضوان في شارع الرشيد
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="كلكامش" data-source="post: 111115" data-attributes="member: 1042"><p>شارع الرشيد.. شارع عريق عتيق يخترق قلب بغداد القديمة وهو الذي كان في حقبة ما شريانها ووريدها. فبعد عشرات السنين رحل صانعو مجد هذا الشارع الكهل وانما قيمة المكان من قيمة مخلوقاته، ولم يخلص لشارع الرشيد إلا أصحاب مكتباته في سوق السراي وشارع المتنبي وأصحاب مقاهيه وبعض من عشاقه القلائل. </p><p>ومن بين أشهر عشاق الرشيد.. يوسف الاسكافي الذي يعد دكانه أطول عمراً من عدة حكومات برؤسائها ووزرائها وأحزابها. </p><p>يوسف مهنته اسكافي محنك إلا ان موهبته الغناء النادر.. غناء المقامات الصعبة، وليوسف صوت رنان لا يقدره حق قدره إلا رضوان الكناس، ورضوان هذا عازف قانون كلاسيكي معتق له مع أنين يوسف صولات وجولات اهتزت لها الرؤوس طرباً وكان شيخ المشجعين لموهبتهما.. عباس الترف.. أبو فرات.. زعيم زبائن مقهى الجزيرة.. كان يمدهما بشعر المواويل وينثر عليهما الدنانير ودموعه تنسكب وهو يشتم الحكومة. </p><p>ألقى العم رضوان مكنسته الطويلة جانباً وهو يتهالك على كرسي مخضرم في دكان الاسكافي يوسف رفيق الطفولة والشباب وراح يقرأ موالاً شجياً غير آبه بضجيج مطرقة يوسف فوق المسامير والأحذية ثم أطلق زفرة كأنها انزلاق مسمار أعوج بين المطرقة والسندان. </p><p>ـ من يصدق يا يوسف ان يستحيل شارع الزهور إلى مستودع للنفايات؟ </p><p>ـ من يصدق؟.. بل من لا يصدق؟. </p><p>ـ من يصدق بأن عندليب الكرخ والرصافة ينتهي به المطاف إلى اسكافي بائس؟ </p><p>ـ ومن يصدق ان ساحر القانون رضوان تتوجه الليالي كناساً للزبالة؟ </p><p>ـ كفاك عويلاً وبكاء على الاطلال يا رجل.. حدثني حديثاً ساراً.. حدثني عن أحلامك. </p><p>ـ ذكرتني.. حلمت البارحة حلماً عجيباً يا يوسف.. حلمت ان شارع الرشيد العتيق هذا ثارت ثائرته وحمل رصيفيه الأيمن والأيسر وهاجر في عتمة الليل. </p><p>ـ هاجر.. أسمعت أو رأيت شارعاً يهاجر؟ </p><p>ـ نعم بعيني تلك وتلك.. تصور أتيته فجراً وأنا أحمل مكنستي فلم أجده.. لم أجد الشارع الذي صاحبته أربعين عاما؟ </p><p>ـ وماذا وجدت مكانه؟ </p><p>ـ لا تقل لي.. وجدت كهوفاً من الصخور والوحل الأسود ومواكب من الجرذان والقطط المتوحشة وحيوانات أخرى لا أعرف أسماءها ومعارك ضارية بينما يفترس القوي منها الأضعف ولا وجود لأي إنسان إنسان في تلك الواقعة. </p><p>ـ يا له من حلم يقبض النفس ما أفلح من أسماك رضوان. </p><p>ـ أتشتمني.. أتريدني أن أحلم على مزاجك.. حدثني أنت بماذا حلمت؟ </p><p>ـ أنا لم أحلم يا صديقي بل أحمل لك بشرى سارة عظيمة.. فقد جاءني الى هنا فرات..! </p><p>ـ فرات ابن عباس الترف؟ </p><p>ـ نعم. </p><p>ـ مستحيل! </p><p>ـ وقال لي: ان عباس الترف خرج من السجن. </p><p>ـ أبعد ثلاثين سنة خرج أبو فرات وهو حي يرزق؟ </p><p>ـ نعم والأكثر من هذا أننا لم نزل في ذاكرته، وقد تسلم مبنى خان مرجان التراثي العريق، وأعاد ترميم صالة غناء المقام العراقي.. والخميس القادم سيعتلي مسرحه مغني المقام يوسف أفندي وعازف القانون رضوان باشا.. </p><p>ـ سيغمى عليّ.. سأجري في زوايا.. الرشيد.. عاري الصدر .. أتمزح يا يوسف؟ </p><p>ـ قل يوسف بيك.. ولماذا أمزح خذ هذه بطاقة الدعوة. </p><p>ـ يا بركاتك يارب.. رعاك الله يا أبا فرات.. بشرك الله بالخير يا يوسف أفندي.. </p><p>ـ فرجت يا رضوان وقد جعل أبو فرات خان مرجان فندقاً بخمسة نجوم. </p><p>ـ ان نجمة واحدة تكفينا يا باشا. </p><p>ـ سنقدم لهم كل مساء فقرة منوعة من الغناء الأصيل المهجور. </p><p>ولكن بأي آلة سنعزف؟ </p><p>ـ ما بك يا رضوان.. أنعزف لهم بالمطرقة والمكنسة.. دوزن قانونك وانفض عنه الغبار.. </p><p>ـ والجمهور من أين سنأتي بالجمهور وقد خطفوه منا عن بكرة أبيه؟ </p><p>ـ ان كان لنا جمهور فسيعرف طريقنا يا رضوان. </p><p>* * * </p><p>ـ في المساء، تأنق يوسف ورضوان وعادا شابين بملابسهما الكلاسيكية المنقرضة، ودخلا والبخور يملأ ثنايا خان مرجان وعبق التاريخ يشع من لوحاته الخمسينية وتقدم لهما شخصان قدما لهما الزهور وقاداهما الى غرفة الإدارة الأنيقة حيث يجلس مدير خان مرجان ـ عباس الترف أبو فرات ـ الذي نهض من كرسيه يعرج وفمه منحرف قليلاً وعصاه ترتجف في يده، ودخل الثلاثة بنوبة من البكاء. </p><p>ـ الحمد لله على سلامتك. </p><p>ـ لعن الله السياسة وأهلها. </p><p>ـ أمد الله بعمرك أيها الوفي الأصيل. </p><p>ـ يا لسخرية القدر.. أأنت فعلاً أبو فرات؟ </p><p>ـ نعم يا أحبائي.. لقد أكلت ضواري السجون ثلاثة أرباعي؟ </p><p>ـ إذن فأنت ربع من أبي فرات؟ </p><p>ـ الحمد لله على كل شيء.. بهذا الربع المتبقي سأعيد ترميم خان مرجان وأعيد لكما وللفن الأصيل اعتباره. </p><p>رفع رضوان ويوسف أيديهما للسماء/ يارب أدم لنا هذا الربع المتبقي ولا تفجعنا ثانية!</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="كلكامش, post: 111115, member: 1042"] شارع الرشيد.. شارع عريق عتيق يخترق قلب بغداد القديمة وهو الذي كان في حقبة ما شريانها ووريدها. فبعد عشرات السنين رحل صانعو مجد هذا الشارع الكهل وانما قيمة المكان من قيمة مخلوقاته، ولم يخلص لشارع الرشيد إلا أصحاب مكتباته في سوق السراي وشارع المتنبي وأصحاب مقاهيه وبعض من عشاقه القلائل. ومن بين أشهر عشاق الرشيد.. يوسف الاسكافي الذي يعد دكانه أطول عمراً من عدة حكومات برؤسائها ووزرائها وأحزابها. يوسف مهنته اسكافي محنك إلا ان موهبته الغناء النادر.. غناء المقامات الصعبة، وليوسف صوت رنان لا يقدره حق قدره إلا رضوان الكناس، ورضوان هذا عازف قانون كلاسيكي معتق له مع أنين يوسف صولات وجولات اهتزت لها الرؤوس طرباً وكان شيخ المشجعين لموهبتهما.. عباس الترف.. أبو فرات.. زعيم زبائن مقهى الجزيرة.. كان يمدهما بشعر المواويل وينثر عليهما الدنانير ودموعه تنسكب وهو يشتم الحكومة. ألقى العم رضوان مكنسته الطويلة جانباً وهو يتهالك على كرسي مخضرم في دكان الاسكافي يوسف رفيق الطفولة والشباب وراح يقرأ موالاً شجياً غير آبه بضجيج مطرقة يوسف فوق المسامير والأحذية ثم أطلق زفرة كأنها انزلاق مسمار أعوج بين المطرقة والسندان. ـ من يصدق يا يوسف ان يستحيل شارع الزهور إلى مستودع للنفايات؟ ـ من يصدق؟.. بل من لا يصدق؟. ـ من يصدق بأن عندليب الكرخ والرصافة ينتهي به المطاف إلى اسكافي بائس؟ ـ ومن يصدق ان ساحر القانون رضوان تتوجه الليالي كناساً للزبالة؟ ـ كفاك عويلاً وبكاء على الاطلال يا رجل.. حدثني حديثاً ساراً.. حدثني عن أحلامك. ـ ذكرتني.. حلمت البارحة حلماً عجيباً يا يوسف.. حلمت ان شارع الرشيد العتيق هذا ثارت ثائرته وحمل رصيفيه الأيمن والأيسر وهاجر في عتمة الليل. ـ هاجر.. أسمعت أو رأيت شارعاً يهاجر؟ ـ نعم بعيني تلك وتلك.. تصور أتيته فجراً وأنا أحمل مكنستي فلم أجده.. لم أجد الشارع الذي صاحبته أربعين عاما؟ ـ وماذا وجدت مكانه؟ ـ لا تقل لي.. وجدت كهوفاً من الصخور والوحل الأسود ومواكب من الجرذان والقطط المتوحشة وحيوانات أخرى لا أعرف أسماءها ومعارك ضارية بينما يفترس القوي منها الأضعف ولا وجود لأي إنسان إنسان في تلك الواقعة. ـ يا له من حلم يقبض النفس ما أفلح من أسماك رضوان. ـ أتشتمني.. أتريدني أن أحلم على مزاجك.. حدثني أنت بماذا حلمت؟ ـ أنا لم أحلم يا صديقي بل أحمل لك بشرى سارة عظيمة.. فقد جاءني الى هنا فرات..! ـ فرات ابن عباس الترف؟ ـ نعم. ـ مستحيل! ـ وقال لي: ان عباس الترف خرج من السجن. ـ أبعد ثلاثين سنة خرج أبو فرات وهو حي يرزق؟ ـ نعم والأكثر من هذا أننا لم نزل في ذاكرته، وقد تسلم مبنى خان مرجان التراثي العريق، وأعاد ترميم صالة غناء المقام العراقي.. والخميس القادم سيعتلي مسرحه مغني المقام يوسف أفندي وعازف القانون رضوان باشا.. ـ سيغمى عليّ.. سأجري في زوايا.. الرشيد.. عاري الصدر .. أتمزح يا يوسف؟ ـ قل يوسف بيك.. ولماذا أمزح خذ هذه بطاقة الدعوة. ـ يا بركاتك يارب.. رعاك الله يا أبا فرات.. بشرك الله بالخير يا يوسف أفندي.. ـ فرجت يا رضوان وقد جعل أبو فرات خان مرجان فندقاً بخمسة نجوم. ـ ان نجمة واحدة تكفينا يا باشا. ـ سنقدم لهم كل مساء فقرة منوعة من الغناء الأصيل المهجور. ولكن بأي آلة سنعزف؟ ـ ما بك يا رضوان.. أنعزف لهم بالمطرقة والمكنسة.. دوزن قانونك وانفض عنه الغبار.. ـ والجمهور من أين سنأتي بالجمهور وقد خطفوه منا عن بكرة أبيه؟ ـ ان كان لنا جمهور فسيعرف طريقنا يا رضوان. * * * ـ في المساء، تأنق يوسف ورضوان وعادا شابين بملابسهما الكلاسيكية المنقرضة، ودخلا والبخور يملأ ثنايا خان مرجان وعبق التاريخ يشع من لوحاته الخمسينية وتقدم لهما شخصان قدما لهما الزهور وقاداهما الى غرفة الإدارة الأنيقة حيث يجلس مدير خان مرجان ـ عباس الترف أبو فرات ـ الذي نهض من كرسيه يعرج وفمه منحرف قليلاً وعصاه ترتجف في يده، ودخل الثلاثة بنوبة من البكاء. ـ الحمد لله على سلامتك. ـ لعن الله السياسة وأهلها. ـ أمد الله بعمرك أيها الوفي الأصيل. ـ يا لسخرية القدر.. أأنت فعلاً أبو فرات؟ ـ نعم يا أحبائي.. لقد أكلت ضواري السجون ثلاثة أرباعي؟ ـ إذن فأنت ربع من أبي فرات؟ ـ الحمد لله على كل شيء.. بهذا الربع المتبقي سأعيد ترميم خان مرجان وأعيد لكما وللفن الأصيل اعتباره. رفع رضوان ويوسف أيديهما للسماء/ يارب أدم لنا هذا الربع المتبقي ولا تفجعنا ثانية! [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
يوسف ورضوان في شارع الرشيد
أعلى