سلامة العزيزية
¬°•| مشرفة سابقة |•°¬
الخليلي مخاطبا الكوادر الدينية:اجتماع المؤمنين يؤدي إلى التكامل والتفاهم
الثلاثاء, 20 مارس 2012
أكد أن همّ المؤمنين واحد وقلوبهم تنبض بمشاعر متفقة
كتب- سيف بن سالم الفضيلي
اختتمت أمس فعاليات ملتقى الكوادر الدينية الثاني (إتقان العمل..مرضاة للرب) تحت رعاية سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة بحضور المكرم زاهر بن عبدالله العبري وعدد من مسؤولي وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
وأكد سماحة الشيخ في كلمة ألقاها في ختام الملتقى على الكوادر الدينية بأن يتحملوا أمانة الدعوة إلى الله وأن يسيروا في طريقها.
وخاطبهم: واعلموا أن كل مسلم عليه أن يبلغ هداية الله تعالى إلى جميع الأمم بحيث لا ينحصر الجهد الذي يقوم به في مجتمعه أو في محيطه أو في إقليمه وإنما المسلم ميدانه واسع فالدنيا بأسرها هي ميدان المسلم يبلغ فيها دعوة الله سبحانه وتعالى وإنما يجب عليكم أن تتحملوا هذه الأمانة على بصيرة وأن تدعوا إلى الله تعالى وأنتم مدركون لما تدعون إليه ولما تقومون به من واجب.
وقد بدأ سماحته كلمته، بالحمد والثناء على الله جلت قدرته فالصلاة على نبيه المصطفى ثم خاطب المشاركين بقوله: فرصة سعيدة أن يجمعنا الله سبحانه وتعالى بهذا اللفيف الطيب الطاهر بهذه الجماعة المؤمنة بهذه الخلاصة المستخلصة من المجتمع بمن يكونون وفدا للعابدين إلى الله تعالى رب العالمين وبمن يدعون إلى الله تعالى على بصيرة مذكرا ومنذرا ومبشرا فهنيئا لكم هذا الاجتماع وما أحسن الاجتماع الذي يكون بين المؤمنين ليكون بينهم التكامل وليكون بينهم التفاهم وليزدادوا رباطا على رباطهم وحبا فوق حبهم والحمد لله تعالى على نعمه التي لا تحصى.
ويضيف: ولا ريب أن كل مؤمن موصول بالله سبحانه وتعالى ومعتز بصلته بخاتم النبيين سيدنا ونبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم يحمل هم هذا الدين ويحمل هم هذه الأمة أما حملة هم هذا الدين فلأن هذا الدين هو معقل السلامة ومناط الشرف وسبب الفوز في الدنيا وفي الآخرة وأما حمله لهم هذه الأمة فلأن المؤمنين جميعا همهم واحد وأمتهم أمة واحدة وقلوبهم تنبض بمشاعر واحدة وصلتهم بالله سبحانه وتعالى صلة واحدة فلذلك يجب أن يصدق على كل فرد من أفرادهم ما وصف به- النبي صلى الله عليه وسلم- الجماعة المؤمنة عندما قال: (ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
أواصر بينها القرآن
وبين سماحته، ومن المعلوم أن الجماعة المؤمنة تشد أواصر فيما بينها بحيث تربط بعضهم ببعض هذه الأواصر بينها القرآن الكريم عندما قال سبحانه (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) فمن الضرورة المحافظة على هذه الأواصر ليشتد الرباط الذي يربط بين قلوب عباد الله تعالى المؤمنين وانتم ترون أن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة بدأ بذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل ذكر إقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع أن إقام الصلاة تجسيد لأهم ركن عملي من أركان الإسلام فإن الصلاة هي أهم أركان الإسلام العملية وتأتي بعد العقيدة مباشرة وإيتاء الزكاة هو الركن المالي الاجتماعي من أركان الإسلام ولكن مع ذلك قدم الله سبحانه وتعالى ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ذكرهما وما ذلك إلا لأن الأمة هي أحوج ما تكون إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتصفو نفوسهم ولترتقي أفكارهم ولتترابط قلوبهم ولتتوحد مشاعرهم وليتعاونوا جميعا على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله وهذا كما بدأ الله سبحانه وتعالى بذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل ذكر الإيمان في قوله عز من قائل: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ذلك لأن الإيمان يحافظ عليه ويحافظ على نتائجه وثماره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه هي الوظيفة التي تحملها الأمة جميعا إذ يجب على الأمة جميعا أن تعيش من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ومعنى الآية الكريمة كونوا أمة هذا شأنها أي لتكون أمة هذا شأنها من جميع أفرادكم فمن هنا ليس للتبعيض وإنما هي للبيان فحاجة المجتمع المسلم إلى القيام بهذه الوظيفة من أهم الحاجات لأن استقامة أحوال المسلمين في الدنيا واستقامة دينهم أيضا لا تكون إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله على أن المسلمين جميعا حملوا أمانة القرآن كتاب الله سبحانه وتعالى الذي أنزله على قلب النبي- صلى الله عليه وسلم- النبي الخاتم لإخراج هذه الإنسانية من الظلمات إلى النور ومن الضلالة إلى الهدى ومن الفساد إلى الصلاح ومن التشتت إلى الاجتماع كل مسلم إنما يحمل أمانة القرآن وهذه الأمة لا تكون على شيء إلا عندما تحمل أمانة القرآن وعندما تقيم كتاب الله تعالى فيما بينها فالله سبحانه يخاطب أهل الكتاب بقوله: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ) وإذا كان أهل الكتاب ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والإنجيل فإن أمة القرآن أيضا ليست على شيء حتى تقيم القرآن الكريم عليها أن تقيمه في حياتها الفكرية بحيث تصدر عنه في تفكيرها واعتقادها وإيمانها وتقيمه في عباداتها بحيث تستمسك به في أمور عباداتها وتقيمه في معاشها بحيث تصدر عنه في كل جزئية من جزئية الأعمال المتعلقة بمعاشها وتقيمه في آدابها وعلومها وثقافتها بحيث تصدر عنه ولا ريب إن أثر القرآن الكريم في حياة هذه الأمة أثر لا يمكن أبدا أن يرقى إليه أثر أي شيء آخر فهو الذي حول هذه الأمة مما كانت عليه إلى ما صارت إليه جمع الله سبحانه وتعالى به الشتات وألف به بين القلوب ووحد به بين الصفوف حتى كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس.
لذلك كان على أهل القرآن أن يحرصوا على إقامة القرآن في حياتهم وأن يجسدوه في أخلاقهم وأعمالهم اقتداء برسول الله صلى- الله عليه وسلم- الذي كان خلقه القرآن كما قالت أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.
هداية القرآن
وقد انعكس هذا الخلق الرفيع الذي كان عليه صلوات الله وسلامه عليه على أصحابه رضي الله تعالى عنهم فكان كل واحد مهم يجسد هداية القرآن ويجسد أخلاق القرآن ويجسد الفكر القرآني في حياته ولذلك كان لهم ذلك التأثير العظيم في حياة هذه الأمة كان هذا القرآن الكريم يتصور في كل جزئية من جزئياته من أعمالهم وقد تسابقت الأمم إلى اتباع هذا الحق وقبول هذا الدين في ذلك الوقت الذي كان التواصل فيه صعبا غير ميسر وكانت وسائل الانتقال من مكان إلى مكان من أصعب الوسائل وكانت أيضا الكلمة لا تنقلها وسائل من قطر إلى قطر أو من مجتمع إلى مجتمع إلا تناقل الأفواه لها فحسب مع ذلك كان هذا التأثير العظيم بحيث فتحوا هذا العالم بل فتحوا القلوب أولا لأن القرآن الكريم تجسد في حياتهم فصدق عليهم أنهم أمة القرآن ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها لذلك على الجميع أن يحمل هذه الأمانة على أنكم مسؤولون عن البشر جميعا فهذه القطعان الضالة الحائرة من البشرية هي بحاجة إلى من يسوقها في سبيل الخير تحتاج إلى من يخرجها من هذه المآزق التي وقعت فيها تحتاج إلى من يبصرها بالباب الذي تخرج والطريق الذي تسلكه ولا يقوم بذلك إلا المؤمنون الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية إبلاغ هداية القرآن إلى الناس لأن هذه المسؤولية كانت مسؤولية النبي صلى الله عليه وسلم وصارت مسؤولية جميع أتباعه فالله تعالى يقول للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى صحبه (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) قد كانت هذه المسؤولية مسؤولية صعبة لأن طريق الدعوة لم يكن مفروشا بالورود والياسمين إنما كان مفروشا بالجمر وأشواك القتات ولكن اجتازه دعاة وفي مقدمتهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مع صعوبته حتى وصلوا إلى الغاية التي آذنهم الله سبحانه وتعالى بها عندما أخبرهم عن أحوال المرسلين من قبل فقد قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، نعم أولئك هم الأكرمون الذين هم أرسخ الناس في الإيمان قدما وأمضاهم في الحق شكيمة وأشدهم عليه عزيمة هم وصلوا إلى مشارفة اليأس من هول ما كانوا يلقون ثم اجتازوا هذه المرحلة إلى مرحلة جني ثمار هذه الدعوة التي كانوا يدعون إليها ويدعون بها فآتاهم الله تعالى النصر وهكذا مكن لهم في الأرض وهكذا المؤمنون الآن هم بحاجة إلى أن يلوحوا في وسط هذه الدياجير المدلهمة بهذه المشاعل مشاعل الهداية مشاعل هداية القرآن وهداية الهدي النبوي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.
يجب على المؤمن أن يتحمل هذه الأمانة وأن يسير في هذا الطريق وأنتم بحمد الله الخلاصة المستخلصة في هذا المجتمع فشقوا طريقكم واعلموا أن كل مسلم عليه أن يبلغ هداية الله تعالى إلى جميع الأمم بحيث لا ينحصر الجهد الذي يقوم به في مجتمعه أو في محيطه أو في إقليمه وإنما المسلم ميدانه واسع فالدنيا بأسرها هي ميدان المسلم يبلغ فيها دعوة الله سبحانه وتعالى وإنما يجب عليكم أن تتحملوا هذه الأمانة على بصيرة وان تدعو إلى الله تعالى وأنتم مدركون لما تدعون إليه ولما تقومون به من واجب.
تطبيق ما تعلم
وفي كلمته للمشاركين قال رئيس اللجنة المنظمة المستشار العلمي بمكتب معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية محمد بن سعيد المعمري والتي ألقاها أمام المشاركين من الكوادر الدينية للملتقى دعا جميع الكوادر الدينية الى أن يطبقوا ما تعلموه وعرفوه من هذا الملتقى في مجتمعهم كل حسب اختصاصه، كما قال انه على كل شخص أن يتقي الله في ربه وأن يعزز مفهوم الرقابة الذاتية بداخله، ونعلم أنه إذا كان نطاق البشر وأجهزتهم لا تصل إلينا فإن الله سبحانه وتعالى يصل إلينا ومطلع على أعمالنا جميعها، وأن أي تقصير يصدر من الشخص فإنه يتحمل وزره بنفسه (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ).
وتحدث المعمري عما أثير من البعض حول إقامة هذا الملتقى في هذا المكان بالذات وأن القائمين عليه يسعون لنشر الفتنة وغيرها من الأمور التي نخشى الله عليها ونخشى أن نفعلها، وحتى نبرئ أنفسنا من هذه الأقاويل فإنني أحيطكم علما أننا أقمنا هذا الملتقى في هذا المكان وفقا لنقاط وأمور تخدم الأهداف المنشودة من هذا الملتقى. فالملتقى السابق كان ولله الحمد ناجحا ولكن كانت تشوبه بعض من الملاحظات وقد وقفنا عليها جميعا وعزمنا على أن نتفاداها في هذا الملتقى . فإقامة هذا الملتقى كانت بطريقة رسمية وقمنا بإصدار بيان بأننا بصدد إقامة ملتقى وفيه كذا وكذا والعدد كذا، وتقدم للوزارة عرضان منها منتجع بر الجصة وشركة أخرى وتم إرساء المناقصة لمنتجع بر الجصة وفقا لما تم توفيره لنا من الأشياء التي نريدها ولم تستطع شركات أخرى توفير ما نتطلبه.
وقال: كما ذكرت ذلك في الفوجين السابقين وأذكره لكم حاليا بأننا لم نأت بكم من أجل أن نفتن أحدا في دينه ولا في عقيدته ولا في أخلاقه، فهذا المكان مكانٌ عام ويرتاده من يرتاده ومن يشاء أن يدخل فيه والفتنة حاصلة في هذا المكان و في غيره والمؤمن يظل مؤمنا إن أراد سواء هنا أو في غيره .
وشدد على انه يجب أن لا نحقر أنفسنا و ذواتنا، بل يجب علينا أن نحترمها ونثق بها ونوطنها للمجاهدة والدعوة الخيّرة للإسلام، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام نهانا بأن لا نحقر أنفسنا، ويجب علينا أن نتقرب أكثر من الناس وندعوهم ولا نبتعد عنهم، فدعوة النبي عليه السلام لم تكن سهلة وميسرة وإنما كانت شاقة وصعبة وتكبد فيها النبي الكريم المرارة وتحمل الأذى، فعلينا أن نبدأ من الآن العمل ثم العمل المتواصل في جميع القطاعات .
كلمة المشاركين
كما ألقى رئيس الوفد الكويتي جمال الأقعس كلمة المشاركين شكر من خلالها القائمين على الملتقى لما قدموه من جهد، وأكد على تحصيلهم المفيد من فعاليات الملتقى من خلال محاضراته وحواراته وحلقات العمل التي أقميت فيه.
بعد ذلك قدم المشارك عبدالقادر الكمالي مقاطع من منظومة شعرية لأحد مشايخ العلم العمانيين.
ومن ثم قدم المنشد أنور العاصمي نشيدا إسلاميا رائعا نال استحسان الجميع بكلماته وأدائه وصوته الشجي.
وفي ختام الحفل قدم سماحة الشيخ الجليل هدايا تذكارية للوفد الكويتي، كما تم تسليم شهادات المشاركة وهدايا من نسخ المصحف الشريف (المصحف العماني.
أكد أن همّ المؤمنين واحد وقلوبهم تنبض بمشاعر متفقة
كتب- سيف بن سالم الفضيلي
اختتمت أمس فعاليات ملتقى الكوادر الدينية الثاني (إتقان العمل..مرضاة للرب) تحت رعاية سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة بحضور المكرم زاهر بن عبدالله العبري وعدد من مسؤولي وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
وأكد سماحة الشيخ في كلمة ألقاها في ختام الملتقى على الكوادر الدينية بأن يتحملوا أمانة الدعوة إلى الله وأن يسيروا في طريقها.
وخاطبهم: واعلموا أن كل مسلم عليه أن يبلغ هداية الله تعالى إلى جميع الأمم بحيث لا ينحصر الجهد الذي يقوم به في مجتمعه أو في محيطه أو في إقليمه وإنما المسلم ميدانه واسع فالدنيا بأسرها هي ميدان المسلم يبلغ فيها دعوة الله سبحانه وتعالى وإنما يجب عليكم أن تتحملوا هذه الأمانة على بصيرة وأن تدعوا إلى الله تعالى وأنتم مدركون لما تدعون إليه ولما تقومون به من واجب.
وقد بدأ سماحته كلمته، بالحمد والثناء على الله جلت قدرته فالصلاة على نبيه المصطفى ثم خاطب المشاركين بقوله: فرصة سعيدة أن يجمعنا الله سبحانه وتعالى بهذا اللفيف الطيب الطاهر بهذه الجماعة المؤمنة بهذه الخلاصة المستخلصة من المجتمع بمن يكونون وفدا للعابدين إلى الله تعالى رب العالمين وبمن يدعون إلى الله تعالى على بصيرة مذكرا ومنذرا ومبشرا فهنيئا لكم هذا الاجتماع وما أحسن الاجتماع الذي يكون بين المؤمنين ليكون بينهم التكامل وليكون بينهم التفاهم وليزدادوا رباطا على رباطهم وحبا فوق حبهم والحمد لله تعالى على نعمه التي لا تحصى.
ويضيف: ولا ريب أن كل مؤمن موصول بالله سبحانه وتعالى ومعتز بصلته بخاتم النبيين سيدنا ونبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم يحمل هم هذا الدين ويحمل هم هذه الأمة أما حملة هم هذا الدين فلأن هذا الدين هو معقل السلامة ومناط الشرف وسبب الفوز في الدنيا وفي الآخرة وأما حمله لهم هذه الأمة فلأن المؤمنين جميعا همهم واحد وأمتهم أمة واحدة وقلوبهم تنبض بمشاعر واحدة وصلتهم بالله سبحانه وتعالى صلة واحدة فلذلك يجب أن يصدق على كل فرد من أفرادهم ما وصف به- النبي صلى الله عليه وسلم- الجماعة المؤمنة عندما قال: (ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
أواصر بينها القرآن
وبين سماحته، ومن المعلوم أن الجماعة المؤمنة تشد أواصر فيما بينها بحيث تربط بعضهم ببعض هذه الأواصر بينها القرآن الكريم عندما قال سبحانه (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) فمن الضرورة المحافظة على هذه الأواصر ليشتد الرباط الذي يربط بين قلوب عباد الله تعالى المؤمنين وانتم ترون أن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة بدأ بذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل ذكر إقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع أن إقام الصلاة تجسيد لأهم ركن عملي من أركان الإسلام فإن الصلاة هي أهم أركان الإسلام العملية وتأتي بعد العقيدة مباشرة وإيتاء الزكاة هو الركن المالي الاجتماعي من أركان الإسلام ولكن مع ذلك قدم الله سبحانه وتعالى ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ذكرهما وما ذلك إلا لأن الأمة هي أحوج ما تكون إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتصفو نفوسهم ولترتقي أفكارهم ولتترابط قلوبهم ولتتوحد مشاعرهم وليتعاونوا جميعا على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله وهذا كما بدأ الله سبحانه وتعالى بذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل ذكر الإيمان في قوله عز من قائل: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ذلك لأن الإيمان يحافظ عليه ويحافظ على نتائجه وثماره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه هي الوظيفة التي تحملها الأمة جميعا إذ يجب على الأمة جميعا أن تعيش من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ومعنى الآية الكريمة كونوا أمة هذا شأنها أي لتكون أمة هذا شأنها من جميع أفرادكم فمن هنا ليس للتبعيض وإنما هي للبيان فحاجة المجتمع المسلم إلى القيام بهذه الوظيفة من أهم الحاجات لأن استقامة أحوال المسلمين في الدنيا واستقامة دينهم أيضا لا تكون إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله على أن المسلمين جميعا حملوا أمانة القرآن كتاب الله سبحانه وتعالى الذي أنزله على قلب النبي- صلى الله عليه وسلم- النبي الخاتم لإخراج هذه الإنسانية من الظلمات إلى النور ومن الضلالة إلى الهدى ومن الفساد إلى الصلاح ومن التشتت إلى الاجتماع كل مسلم إنما يحمل أمانة القرآن وهذه الأمة لا تكون على شيء إلا عندما تحمل أمانة القرآن وعندما تقيم كتاب الله تعالى فيما بينها فالله سبحانه يخاطب أهل الكتاب بقوله: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ) وإذا كان أهل الكتاب ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والإنجيل فإن أمة القرآن أيضا ليست على شيء حتى تقيم القرآن الكريم عليها أن تقيمه في حياتها الفكرية بحيث تصدر عنه في تفكيرها واعتقادها وإيمانها وتقيمه في عباداتها بحيث تستمسك به في أمور عباداتها وتقيمه في معاشها بحيث تصدر عنه في كل جزئية من جزئية الأعمال المتعلقة بمعاشها وتقيمه في آدابها وعلومها وثقافتها بحيث تصدر عنه ولا ريب إن أثر القرآن الكريم في حياة هذه الأمة أثر لا يمكن أبدا أن يرقى إليه أثر أي شيء آخر فهو الذي حول هذه الأمة مما كانت عليه إلى ما صارت إليه جمع الله سبحانه وتعالى به الشتات وألف به بين القلوب ووحد به بين الصفوف حتى كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس.
لذلك كان على أهل القرآن أن يحرصوا على إقامة القرآن في حياتهم وأن يجسدوه في أخلاقهم وأعمالهم اقتداء برسول الله صلى- الله عليه وسلم- الذي كان خلقه القرآن كما قالت أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.
هداية القرآن
وقد انعكس هذا الخلق الرفيع الذي كان عليه صلوات الله وسلامه عليه على أصحابه رضي الله تعالى عنهم فكان كل واحد مهم يجسد هداية القرآن ويجسد أخلاق القرآن ويجسد الفكر القرآني في حياته ولذلك كان لهم ذلك التأثير العظيم في حياة هذه الأمة كان هذا القرآن الكريم يتصور في كل جزئية من جزئياته من أعمالهم وقد تسابقت الأمم إلى اتباع هذا الحق وقبول هذا الدين في ذلك الوقت الذي كان التواصل فيه صعبا غير ميسر وكانت وسائل الانتقال من مكان إلى مكان من أصعب الوسائل وكانت أيضا الكلمة لا تنقلها وسائل من قطر إلى قطر أو من مجتمع إلى مجتمع إلا تناقل الأفواه لها فحسب مع ذلك كان هذا التأثير العظيم بحيث فتحوا هذا العالم بل فتحوا القلوب أولا لأن القرآن الكريم تجسد في حياتهم فصدق عليهم أنهم أمة القرآن ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها لذلك على الجميع أن يحمل هذه الأمانة على أنكم مسؤولون عن البشر جميعا فهذه القطعان الضالة الحائرة من البشرية هي بحاجة إلى من يسوقها في سبيل الخير تحتاج إلى من يخرجها من هذه المآزق التي وقعت فيها تحتاج إلى من يبصرها بالباب الذي تخرج والطريق الذي تسلكه ولا يقوم بذلك إلا المؤمنون الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية إبلاغ هداية القرآن إلى الناس لأن هذه المسؤولية كانت مسؤولية النبي صلى الله عليه وسلم وصارت مسؤولية جميع أتباعه فالله تعالى يقول للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى صحبه (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) قد كانت هذه المسؤولية مسؤولية صعبة لأن طريق الدعوة لم يكن مفروشا بالورود والياسمين إنما كان مفروشا بالجمر وأشواك القتات ولكن اجتازه دعاة وفي مقدمتهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مع صعوبته حتى وصلوا إلى الغاية التي آذنهم الله سبحانه وتعالى بها عندما أخبرهم عن أحوال المرسلين من قبل فقد قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، نعم أولئك هم الأكرمون الذين هم أرسخ الناس في الإيمان قدما وأمضاهم في الحق شكيمة وأشدهم عليه عزيمة هم وصلوا إلى مشارفة اليأس من هول ما كانوا يلقون ثم اجتازوا هذه المرحلة إلى مرحلة جني ثمار هذه الدعوة التي كانوا يدعون إليها ويدعون بها فآتاهم الله تعالى النصر وهكذا مكن لهم في الأرض وهكذا المؤمنون الآن هم بحاجة إلى أن يلوحوا في وسط هذه الدياجير المدلهمة بهذه المشاعل مشاعل الهداية مشاعل هداية القرآن وهداية الهدي النبوي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.
يجب على المؤمن أن يتحمل هذه الأمانة وأن يسير في هذا الطريق وأنتم بحمد الله الخلاصة المستخلصة في هذا المجتمع فشقوا طريقكم واعلموا أن كل مسلم عليه أن يبلغ هداية الله تعالى إلى جميع الأمم بحيث لا ينحصر الجهد الذي يقوم به في مجتمعه أو في محيطه أو في إقليمه وإنما المسلم ميدانه واسع فالدنيا بأسرها هي ميدان المسلم يبلغ فيها دعوة الله سبحانه وتعالى وإنما يجب عليكم أن تتحملوا هذه الأمانة على بصيرة وان تدعو إلى الله تعالى وأنتم مدركون لما تدعون إليه ولما تقومون به من واجب.
تطبيق ما تعلم
وفي كلمته للمشاركين قال رئيس اللجنة المنظمة المستشار العلمي بمكتب معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية محمد بن سعيد المعمري والتي ألقاها أمام المشاركين من الكوادر الدينية للملتقى دعا جميع الكوادر الدينية الى أن يطبقوا ما تعلموه وعرفوه من هذا الملتقى في مجتمعهم كل حسب اختصاصه، كما قال انه على كل شخص أن يتقي الله في ربه وأن يعزز مفهوم الرقابة الذاتية بداخله، ونعلم أنه إذا كان نطاق البشر وأجهزتهم لا تصل إلينا فإن الله سبحانه وتعالى يصل إلينا ومطلع على أعمالنا جميعها، وأن أي تقصير يصدر من الشخص فإنه يتحمل وزره بنفسه (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ).
وتحدث المعمري عما أثير من البعض حول إقامة هذا الملتقى في هذا المكان بالذات وأن القائمين عليه يسعون لنشر الفتنة وغيرها من الأمور التي نخشى الله عليها ونخشى أن نفعلها، وحتى نبرئ أنفسنا من هذه الأقاويل فإنني أحيطكم علما أننا أقمنا هذا الملتقى في هذا المكان وفقا لنقاط وأمور تخدم الأهداف المنشودة من هذا الملتقى. فالملتقى السابق كان ولله الحمد ناجحا ولكن كانت تشوبه بعض من الملاحظات وقد وقفنا عليها جميعا وعزمنا على أن نتفاداها في هذا الملتقى . فإقامة هذا الملتقى كانت بطريقة رسمية وقمنا بإصدار بيان بأننا بصدد إقامة ملتقى وفيه كذا وكذا والعدد كذا، وتقدم للوزارة عرضان منها منتجع بر الجصة وشركة أخرى وتم إرساء المناقصة لمنتجع بر الجصة وفقا لما تم توفيره لنا من الأشياء التي نريدها ولم تستطع شركات أخرى توفير ما نتطلبه.
وقال: كما ذكرت ذلك في الفوجين السابقين وأذكره لكم حاليا بأننا لم نأت بكم من أجل أن نفتن أحدا في دينه ولا في عقيدته ولا في أخلاقه، فهذا المكان مكانٌ عام ويرتاده من يرتاده ومن يشاء أن يدخل فيه والفتنة حاصلة في هذا المكان و في غيره والمؤمن يظل مؤمنا إن أراد سواء هنا أو في غيره .
وشدد على انه يجب أن لا نحقر أنفسنا و ذواتنا، بل يجب علينا أن نحترمها ونثق بها ونوطنها للمجاهدة والدعوة الخيّرة للإسلام، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام نهانا بأن لا نحقر أنفسنا، ويجب علينا أن نتقرب أكثر من الناس وندعوهم ولا نبتعد عنهم، فدعوة النبي عليه السلام لم تكن سهلة وميسرة وإنما كانت شاقة وصعبة وتكبد فيها النبي الكريم المرارة وتحمل الأذى، فعلينا أن نبدأ من الآن العمل ثم العمل المتواصل في جميع القطاعات .
كلمة المشاركين
كما ألقى رئيس الوفد الكويتي جمال الأقعس كلمة المشاركين شكر من خلالها القائمين على الملتقى لما قدموه من جهد، وأكد على تحصيلهم المفيد من فعاليات الملتقى من خلال محاضراته وحواراته وحلقات العمل التي أقميت فيه.
بعد ذلك قدم المشارك عبدالقادر الكمالي مقاطع من منظومة شعرية لأحد مشايخ العلم العمانيين.
ومن ثم قدم المنشد أنور العاصمي نشيدا إسلاميا رائعا نال استحسان الجميع بكلماته وأدائه وصوته الشجي.
وفي ختام الحفل قدم سماحة الشيخ الجليل هدايا تذكارية للوفد الكويتي، كما تم تسليم شهادات المشاركة وهدايا من نسخ المصحف الشريف (المصحف العماني.