سجين القلم
¬°•| مراقب سابق|•°¬
ساعات الاحتضار هي الساعات الأخيرة من عمر الإنسان ،
الذي حدده الله لكل مخلوق ، وهي من أقسى الساعات وأشدها
في حياته ، وهي ساعات لم يبعث أحد بعد الموت ليحدثنا عن
تفاصيلها وآلامها ومعاناتها ، ويكفينا لمعرفة ذلك ، أن خير الخلق
وخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم كان عند احتضاره وهو يمسح العرق عن
جبينه : ( إن للموت سكرات ) ،
يحدث هذا لخير الخلق فكيف بمن هو دونه ؟ ! !
هي ساعات يزول فيها خوف المحتضر من كل شيء ،
الخوف على النفس ، والخوف على الرزق ، والخوف من المستقبل ،
والخوف من الإنسان ، والخوف بجميع أنواعه المزيفة .
ذلك الخوف الذي كان يمنعه من النطق بالحقيقة التي
يؤمن بها ، ومن الكلمة التي كان يعتقد بها ، ومن الفعل الذي
كان يعلم صوابه . يزول هذا الخوف ويبقى خوف واحد
يلازمه في تلك الساعات ، وهو الخوف الحقيقي ،
والذي أمر به الإنسان ، ألا وهو الخوف من الله .
وعندما يستسلم المحتضر للموت الذي يأكل جسده رويدا رويدا
، وهو وأحباؤه يرونه يلتهم هذا الجسد ، وهم صامتون لا يستطيعون إيقاف
مسيرته : ( فلولا إذا بلغت الحلقوم . وأنتم حينئذ تنظرون . ونحن أقرب إليه منكم ولكن
لا تبصرون . فلولا إن كنتم غير مدينين . ترجعونها إن كنتم صادقين ) . "
الواقعة : 83 : 87 " وتأكد نزول الموت لا محالة
: ( وظن أنه الفراق ) واستيقن انتفاء أسباب الخوف من غيره
، وهو في مثل هذه الساعات ، ينطق بالكلمات الأخيرة
، والتي تكون مجردة من كل أنواع الموانع التي تعكر صفوها
. وبخاصة إذا خرجت تلك الكلمات من الذين قضوا حياتهم في خدمة
ربهم واتباع سنة رسولهم صلى الله عليه وسلم ،
فتكون كلماتهم نبراسا ينير الدرب للثابتين من بعدهم على هذه الجادة .
كلمات أبي بكر
عندما استسلم الصديق للموت ، قال موصيا الخليفة من بعده
عمر بن الخطاب ( رضي الله عنهما ) :
( اعلم أن لله عز وجل في النهار حقا لا يقبله في الليل ،
واعلم أن لله عز وجل في الليل حقا لا يقبله في النهار ،
واعلم أنه لا تقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة ،
واعلم أن الله عز وجل ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم ،
فيقول القائل : أين يقع عملي من عمل هؤلاء ؟
وذلك أن الله عز وجل تجاوز عن سيئ أعمالهم فلم يثربه .
واعلم أن الله عز وجل ذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم ،
ويقول قائل : أنا خير من هؤلاء عملا ، وذلك أن الله عز
وجل رد عليهم أحسن أعمالهم فلم يقبله .
واعلم أن الله عز وجل أنزل آية الرخاء عند آية الشدة ،
وآية الشدة عند آية الرخاء ، ليكون المؤمن راغبا راهبا لئلا
يلقي بيده إلى التهلكة ، ولا يتمنى على الله إلا الحق .
واعلم إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم
الحق في الدنيا ، وثقل ذلك عليهم .
واعلم إنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم
الباطل في الدنيا ، وخفة ذلك عليهم . فإن أنت قبلت وصيتي
هذه فلا يكون شيء أحب إليك من الموت ،
ولا بد من لقائه ، وإن أنت ضيعت وصيتي هذه فلا يكونن
غائب أبغض إليك من الموت ) .
إنه يعرض على خليفته من بعده في كلماته الخيرة المنهج
الإيماني الذي يجب أن يتبعه إذا أراد النجاح في قيادة الأمة ،
ونجاح الأمة في قيادة الآخرين . والذي لخصه في ستة ركائز
إيمانية جامعة : ـ
الركيزة الأولى : أوقات العبادة
الركيزة الثانية : الاهتمام بالفرائض
الركيزة الثالثة : ترك القنوط
الركيزة الرابعة : الاغترار ومحقرات الذنوب
الركيزة الخامسة : الخوف والرجاء
الركيزة السادسة : استشعار ميزان الآخرة
وفي وصيته الأخيرة ( الركيزة السادسة ) يكشف له السر في ثقل الموازين
يوم القيامة بأنه لا يكمن فقط باتباع الحق ،
بل باستشعار ثقل الأمانة الملقاة على عواتقهم ، هذا الثقل
الذي يتمثل بالخوف من عدم القبول ، والخوف من الخاتمة
، والخوف من عذاب القبر ، والخوف من أهوال
القيامة بما فيها السؤال والبعث والصراط والحساب
والميزان والنار وغيرها ، هذا الاستشعار بثقل التبعة
مع اتباعهم للحق ، هو الذي يثقل موازينهم يوم القيامة .
بينما يظهر السر في خفة موازين الآخرين الذين اتبعوا
الباطل بأنهم كانوا يستصغرون ذنوبهم ويستخفون بها ،
فأدى ذلك إلى التجرؤ على فعل المزيد مما يغضب الله ،
مما أدى إلى خفة موازينهم يوم القيامة ودخولهم من بعد ذلك في النار .
( منقول من كتاب : واحات الإيمان ، للشيخ عبد الحميد البلالي )
الذي حدده الله لكل مخلوق ، وهي من أقسى الساعات وأشدها
في حياته ، وهي ساعات لم يبعث أحد بعد الموت ليحدثنا عن
تفاصيلها وآلامها ومعاناتها ، ويكفينا لمعرفة ذلك ، أن خير الخلق
وخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم كان عند احتضاره وهو يمسح العرق عن
جبينه : ( إن للموت سكرات ) ،
يحدث هذا لخير الخلق فكيف بمن هو دونه ؟ ! !
هي ساعات يزول فيها خوف المحتضر من كل شيء ،
الخوف على النفس ، والخوف على الرزق ، والخوف من المستقبل ،
والخوف من الإنسان ، والخوف بجميع أنواعه المزيفة .
ذلك الخوف الذي كان يمنعه من النطق بالحقيقة التي
يؤمن بها ، ومن الكلمة التي كان يعتقد بها ، ومن الفعل الذي
كان يعلم صوابه . يزول هذا الخوف ويبقى خوف واحد
يلازمه في تلك الساعات ، وهو الخوف الحقيقي ،
والذي أمر به الإنسان ، ألا وهو الخوف من الله .
وعندما يستسلم المحتضر للموت الذي يأكل جسده رويدا رويدا
، وهو وأحباؤه يرونه يلتهم هذا الجسد ، وهم صامتون لا يستطيعون إيقاف
مسيرته : ( فلولا إذا بلغت الحلقوم . وأنتم حينئذ تنظرون . ونحن أقرب إليه منكم ولكن
لا تبصرون . فلولا إن كنتم غير مدينين . ترجعونها إن كنتم صادقين ) . "
الواقعة : 83 : 87 " وتأكد نزول الموت لا محالة
: ( وظن أنه الفراق ) واستيقن انتفاء أسباب الخوف من غيره
، وهو في مثل هذه الساعات ، ينطق بالكلمات الأخيرة
، والتي تكون مجردة من كل أنواع الموانع التي تعكر صفوها
. وبخاصة إذا خرجت تلك الكلمات من الذين قضوا حياتهم في خدمة
ربهم واتباع سنة رسولهم صلى الله عليه وسلم ،
فتكون كلماتهم نبراسا ينير الدرب للثابتين من بعدهم على هذه الجادة .
كلمات أبي بكر
عندما استسلم الصديق للموت ، قال موصيا الخليفة من بعده
عمر بن الخطاب ( رضي الله عنهما ) :
( اعلم أن لله عز وجل في النهار حقا لا يقبله في الليل ،
واعلم أن لله عز وجل في الليل حقا لا يقبله في النهار ،
واعلم أنه لا تقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة ،
واعلم أن الله عز وجل ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم ،
فيقول القائل : أين يقع عملي من عمل هؤلاء ؟
وذلك أن الله عز وجل تجاوز عن سيئ أعمالهم فلم يثربه .
واعلم أن الله عز وجل ذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم ،
ويقول قائل : أنا خير من هؤلاء عملا ، وذلك أن الله عز
وجل رد عليهم أحسن أعمالهم فلم يقبله .
واعلم أن الله عز وجل أنزل آية الرخاء عند آية الشدة ،
وآية الشدة عند آية الرخاء ، ليكون المؤمن راغبا راهبا لئلا
يلقي بيده إلى التهلكة ، ولا يتمنى على الله إلا الحق .
واعلم إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم
الحق في الدنيا ، وثقل ذلك عليهم .
واعلم إنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم
الباطل في الدنيا ، وخفة ذلك عليهم . فإن أنت قبلت وصيتي
هذه فلا يكون شيء أحب إليك من الموت ،
ولا بد من لقائه ، وإن أنت ضيعت وصيتي هذه فلا يكونن
غائب أبغض إليك من الموت ) .
إنه يعرض على خليفته من بعده في كلماته الخيرة المنهج
الإيماني الذي يجب أن يتبعه إذا أراد النجاح في قيادة الأمة ،
ونجاح الأمة في قيادة الآخرين . والذي لخصه في ستة ركائز
إيمانية جامعة : ـ
الركيزة الأولى : أوقات العبادة
الركيزة الثانية : الاهتمام بالفرائض
الركيزة الثالثة : ترك القنوط
الركيزة الرابعة : الاغترار ومحقرات الذنوب
الركيزة الخامسة : الخوف والرجاء
الركيزة السادسة : استشعار ميزان الآخرة
وفي وصيته الأخيرة ( الركيزة السادسة ) يكشف له السر في ثقل الموازين
يوم القيامة بأنه لا يكمن فقط باتباع الحق ،
بل باستشعار ثقل الأمانة الملقاة على عواتقهم ، هذا الثقل
الذي يتمثل بالخوف من عدم القبول ، والخوف من الخاتمة
، والخوف من عذاب القبر ، والخوف من أهوال
القيامة بما فيها السؤال والبعث والصراط والحساب
والميزان والنار وغيرها ، هذا الاستشعار بثقل التبعة
مع اتباعهم للحق ، هو الذي يثقل موازينهم يوم القيامة .
بينما يظهر السر في خفة موازين الآخرين الذين اتبعوا
الباطل بأنهم كانوا يستصغرون ذنوبهم ويستخفون بها ،
فأدى ذلك إلى التجرؤ على فعل المزيد مما يغضب الله ،
مما أدى إلى خفة موازينهم يوم القيامة ودخولهم من بعد ذلك في النار .
( منقول من كتاب : واحات الإيمان ، للشيخ عبد الحميد البلالي )